أحبط الأمن التونسي صباح يوم الخميس 12سبتمبر/أيلول الجاري، في العاصمة تونس، محاولة اغتيال المعارض اليساري البارز والقيادي في الجبهة  الشعبية أحمد الصديق وألقت القبض على أربعة يشتبه بأنهم من الاسلاميين المتشددين.

وشاع في تونس خلال الفترة المنقضية تكرار التهديدات بالقتل لبعض الوجوه السياسية والاعلامية والنقابية والثقافية وحتى الناشطة في مجال حقوق الانسان.

أحبط الأمن التونسي صباح يوم الخميس 12سبتمبر/أيلول الجاري، في العاصمة تونس، محاولة اغتيال المعارض اليساري البارز والقيادي في الجبهة  الشعبية أحمد الصديق وألقت القبض على أربعة يشتبه بأنهم من الاسلاميين المتشددين.

وشاع في تونس خلال الفترة المنقضية تكرار التهديدات بالقتل لبعض الوجوه السياسية والاعلامية والنقابية والثقافية وحتى الناشطة في مجال حقوق الانسان.

وكانت وزارة الداخلية قد كشفت أن جماعة “انصار الشريعة” السلفية الجهادية التي صنفتها تونس “تنظيما ارهابيا” خططت لاغتيال نحو 20 “شخصية سياسية وإعلامية” من بينها احمد الصديق ومصطفى بن جعفر رئيس المجلس التأسيسي ووداد بوشماوي رئيسة منظمة أرباب العمل.

قائمة الموت

وأعلن مصطفى بن عمر المدير العام للأمن العمومي في مؤتمر صحفي أواخر شهر آب/اغسطس أن قائمة الاغتيالات التي خططت لها جماعة “أنصار الشريعة” تضم أيضا الطيب البكوش الأمين العام لحزب “نداء تونس” (أبرز حزب معارض في تونس) وإعلاميين معروفين في تونس منهم نوفل الورتاني وسفيان بن فرحات وهيثم المكي، والمفكرين محمد الطالبي وألفة يوسف، والمخرج السينمائي نوري بوزيد، ورجل الدين المعتدل الشيخ فريد الباجي إضافة الى الحبيب قزدغلي عميد كلية منوبة التي تحظر دخول طالبات منقبات الى قاعات الدروس.

وأفاد بن عمر ان اجهزة الامن التونسية احبطت عمليات اغتيال كانت تستهدف على الارجح خمس شخصيات بينها كمال مرجان آخر وزير دفاع في عهد الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي والذي يترأس اليوم حزبا آخر له خمسة مقاعد في المجلس التأسيسي.

وقال المدير العام للأمن العمومي ان وزارة الداخلية أحدثت “فرقا مختصة” لتأمين الشخصيات المستهدفة بالاغتيال.

وفي تصريح لـ “مراسلون” أكد الناطق باسم وزارة الداخلية محمد علي العروي ان “الحماية التي توفرها الأجهزة الأمنية تنقسم الى ثلاث انواع وهي الحماية اللصيقة والحماية عن طريق المرافقة وعبر الدوريات الامنية”.

وبخصوص اختيار الشخصيات التي يتم حمايتها قال العروي “هنالك شخصيات طلبت بنفسها الحماية اثر تهديدات وصلتها وأخرى بقرار من وزارة الداخلية على طريق المعلومات التي توفرها الاستخبارات”.

ومن جهة اخرى اكد الملحق الاعلامي لرئاسة الجمهورية شاكر بوعجيلة لـ “مراسلون” ان “الأمن الرئاسي يوفر الحماية للشخصيات التي تعمل صلب الدولة كرئيس الدولة المؤقت ورئيس المجلس التأسيسي ورئيس الحكومة وذلك اجراء طبيعي”. وقال “توجد شخصيات اخرى جاء قرار حمايتها بعد اغتيال المعارض اليساري شكري بلعيد في شباط/ فبراير الماضي”.

ومن ضمن هذه الشخصيات رئيس نداء تونس الباجي قائد السبسي والناطق الرسمي للجبهة الشعبية حمة الهمامي ورئيس حركة النهضة راشد الغنوشي والامين العام لاتحاد العام التونسي للشغل الحسين العباسي والقيادي في الحزب الجمهوري أحمد نجيب الشابي.

لين وسلبية

وكان نواب المجلس التأسيسي (البرلمان) طالبوا، إثر حادثة اغتيال المعارض شكري بلعيد بتوفير الحماية لمختلف الشخصيات الوطنية. وحملوا المسؤولية لوزارة الداخلية ولرئاسة الحكومة الذين تعاملوا “بلين وسلبية” مع مسالة انتشار السلاح في تونس حسب ما اكده بعض النواب في مداخلاتهم.

وصرح وزير الداخلية انذاك علي العريض “أن السلطات لا تستطيع توفير الحماية الشخصية للجميع”، مضيفا  أنه “يوجد اليوم في تونس طبقة سياسية واسعة وكبيرة تضم 150 حزبا إضافة إلى السياسيين غير الناشطين في أحزاب والحقوقيين والمنتمين للمجتمع المدني والنقابيين والإعلاميين ورجال الدولة وغيرهم”.

وأكد العريض أن “من الصعب توفير حماية لكل شخص تتكون من شخص أو اثنين معه، فضلا عن أن ذلك قد لا يوفر نسبة كبيرة من الضمانات للشخص المعني”.

وفي تونس يوجد هيكلان رسميان لتوفير الحماية الخاصة للشخصيات الرسمية التي توكل لها مهمة حمايتها. سلك أمن رئيس الدولة والشخصيات الرسمية وهو قوة خاصة مسلحة مسؤولة على أمن رئيس الدولة والشخصيات الرسمية. كما تحرص على حماية القصور والإقامات الرئاسية وتقوم بالمحافظة على النظام العام بالقصور والإقامات المذكورة وحيث ما وجد رئيس الدولة أو الشخصيات الرسمية المكلفة بحمايتها .

ويخضع إطارات وأعوان أمن رئيس الدولة والشخصيات الرسمية إلى السلطة المباشرة لرئيس الجمهورية ويباشرون مهامهم تحت إشراف رئيس الإدارة المكلف لهذا الغرض من قبل رئيس الجمهورية.

اما الهيكل الثاني فهو إدارة حماية الشخصيات والمنشآت ويوجد صلب الإدارة العامة لوحدات التدخل ويقوم بتأمين انعقاد المؤتمرات والندوات وحفلات الاستقبال بالنزل وبالمقرات الدبلوماسية، إضافة إلى تأمين الأعياد الدينية للأجانب بمدينة جربة وبتونس العاصمة (قرب المعابد اليهودية والكنائس المسيحية)، ومرافقة الشخصيات الأجنبية في تنقلاتها بمناسبة زيارات عمل لتونس.

لكن بعد حادثة اغتيال شكري بلعيد اجبرت وزارة الداخلية على تأمين حياة بعض الشخصيات السياسية والنقابية والاعلامية والحقوقية اثر تلقيهم تهديدات بالقتل.

الحماية تذهب وتعود

وقال الصحفي التونسي زياد الهاني لـ “مراسلون” بخصوص التهديدات التي وصلته، وحمايته من طرف وزارة الداخلية أنه لم يطلب أية حماية أمنية من وزارة الداخلية، وهي التي بادرت بتوفيرها له، بعد “الاعتراف المسجل في شهر آذار/مارس في المحكمة على رجل الأعمال فتحي دمق الموقوف في قضية شراء أسلحة وتكوين عصابة إجرامية استهدفت اغتيال عدد من النشطاء السياسيين والإعلاميين”.

وأوضح أن هذه الحماية توقفت في بداية شهر حزيران/ يونيو عندما ذهب إلى سوريا في مهمة صحفية وعادت الحماية مباشرة بعد اغتيال القيادي المعارض محمد البراهمي، دون تقديم أي تفسير لذلك، وهي متواصلة لحد الآن حسب قوله..

و أضاف ” التهديدات لا تخيفنا ولن نتخلى عن القيام بواجبنا في ممارسة عملنا بكل حرية وفي الدفاع عن حرية الإعلام التي تعتبر المكسب الوحيد الفعلي المتحقق للتونسيين بعد 14 كانون الثاني/ يناير 2011″.

وتحدثت الناشطة والمدونة لينا بن مهني الى “مراسلون” قائلة ” أنا لم أطلب حماية رغم التهديدات التي تصلني يوميا الى منزلي وعبر هاتفي الجوال منذ عامين، لكن وزارة الداخلية اعلمتني انني من الاشخاص المهددين بالتصفية الجسدية ولهذا قرروا فرض الحماية على جسدي عن طريق المرافقة وتوفير الحراسة على منزل عائلتي منذ 3 آب/اغسطس الماضي”.

و في سؤالنا هل أن مرافقة أعوان الحراسة تشكل عائقا في تحركاتها قالت بن مهني “لا أشعر بأي قلق فهم لا يشعرونني حتى بوجودهم مما يجعلني أتحرك بحرية وراحة”.

ودعا العروي الناطق باسم وزارة الداخلية، كل الشخصيات المحمية أو التي لا تحظى بالحماية على حد سواء بأن تقلل من حديثها إلى وسائل الاعلام حول موضوع الحماية “لأن مثل هذه المعلومات قد تساعد العناصر الارهابية على تسهيل مهمتها”.