الحكم مرة ثانية بسجن مغني الراب، علاء اليعقوبي المعروف بـ “ولد الكانز” وزميله أحمد بن أحمد المشهور بـ “كلاي ب ب جي” مدة عام وتسعة أشهر، يبين تواصل القطيعة والتوتر بين الأمنيين وبعض فناني الراب. يقول غازي المرابط محامي ولد الكانز لـ “مراسلون”، “قبل أسابيع اعتقلوا موكلي وزميله أثناء تنشيط حفل فني في اطار المهرجان الدولي لمدينة الحمامات (60 كلم عن العاصمة). وعمد أعوان الشرطة الى اقتحام المسرح والقاء القبض على الفنانين وتعنيفهما  داخل مركز الشرطة لأن الأغاني تضمنت حسب رأيهم “شتائم موجهة للمؤسسة الأمنية”.

الحكم مرة ثانية بسجن مغني الراب، علاء اليعقوبي المعروف بـ “ولد الكانز” وزميله أحمد بن أحمد المشهور بـ “كلاي ب ب جي” مدة عام وتسعة أشهر، يبين تواصل القطيعة والتوتر بين الأمنيين وبعض فناني الراب. يقول غازي المرابط محامي ولد الكانز لـ “مراسلون”، “قبل أسابيع اعتقلوا موكلي وزميله أثناء تنشيط حفل فني في اطار المهرجان الدولي لمدينة الحمامات (60 كلم عن العاصمة). وعمد أعوان الشرطة الى اقتحام المسرح والقاء القبض على الفنانين وتعنيفهما  داخل مركز الشرطة لأن الأغاني تضمنت حسب رأيهم “شتائم موجهة للمؤسسة الأمنية”.

وكانت محكمة الناحية بالحمامات قد وجهت ضد “ولد الكانز” و”كلاي ب ب جي” بتهمة ذم جانب موظف عمومي والاعتداء على الأخلاق الحميدة، وهي ذاتها التي كان حوكم من أجلها “ولد الكانز” في نيسان/ أبريل الماضي وقبل إسعافه بتأجيل تنفيذ عقوبة 6 أشهر في السجن.

واستغرب المحامي غازي المرابط، من التسرع في صدور الحكم الأخير غيابيا ضد موكليه، خاصة أنه لم يقع استدعاؤهما قانونيا. ويؤكد المرابط لـ “مراسلون” أنه علم بالحكم عبر وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي قبل التأكد من صحته بالاتصال مع المحكمة، وهو ما يعتبر خرقا واضحا للقانون فلا يمكن الحكم على متهم دون إعلامه بتحديد موعد جلسة المحاكمة.

ويضيف، “هذه العقوبة تثبت تواصل قمع الحريات والتعبير والإبداع في تونس. واستمرار الزج بالقضاء في الانتقام من معارضي الحكومة”.

وكان مغني الراب “ولد الكانز” قد أصدر قبل أشهر أغنية بعنوان “البوليسية كلاب”، انتفض ضدها كل الأمنيين وطالبوا بمحاكمته والتصدي للفنانين الناقدين لأداء وسلوك أعوان الشرطة. وقررت النقابة الوطنية لقوات الأمن الداخلي عدم تأمين حفلات لمغني الراب في المهرجانات الصيفية، وهو ما اعتبرته نقابة الفنانين المحترفين عقابا جماعيا.

هذا القرار أثار جدلا واسعا في صفوف المثقفين والمبدعين، خاصة بعد مقاطعة عرض الفكاهي محمد علي النهدي في سبيطلة لمجرد نقده لأداء وتصرفات الأمنيين، ثم ملاحقة زميله لطفي العبدلي قضائيا لذات الأسباب.

ففي 24 حزيران/ يوليو امتنع أعوان الشرطة عن الإشراف الأمني لحفل المغني “بنديرمان” في مدينة قابس (جنوب البلاد)، وتصدوا لحوالي 20 من زملائهم، حاولوا التمرد على القرار المذكور.

وأفاد بندرمان أنه سيمتنع عن دفع الضرائب وفواتير استهلاك الماء والكهرباء، إلى حين قيام الشرطة بواجبها اتجاه جماهير المهرجانات. ويوضّح في تصريح لـ “مراسلون”، “مرتبات موظفي وزارة الداخلية متأتية من الضرائب التي يدفعها المواطنون، وواجب أعوان وإطارات الأمن تأمين حياتهم في مختلف الفضاءات”.

ويضيف أن “هذا العقاب الجماعي يندرج ضمن الإجراءات القمعية التي كان ينتهجها الرئيس السابق زين العابدين بن علي”. و يتذكر أن أعوان الشرطة عمدوا في سهرته في مهرجان مدينة بنزرت شمال العاصمة، الى قطع التيار الكهربائي لإجباره على مغادرة المسرح.

لقد أدخله تضامنه مع ولد الكانز في دوامة الصراع مع الجهاز الأمني وإضافة اسمه إلى قائمة الفنانين المغضوب عليهم من طرف التنظيم النقابي لعناصر الأمن الداخلي. لكنه يقول “لا أنتمي إلى فناني الراب، وتضامني مع المغني ولد الكانز جاء من منطلق قناعتي بحرية التعبير. لا أتفق مع ما ورد في أغنيته الموجهة  للبوليس، لكن لا يجوز سجن فنان لم يحمل السلاح وعبر عن أرائه بالكلمات والموسيقى”.

وحول ما يحصل بين نقابات الامن والفنانين يقول الشاعر الناصر الرديسي لـ “مراسلون”، ” القرار الذي اتخذته نقابات الأمن بعدم تامين حفل الراب، قرار خطير تقف وراءه حسب اعتقادي أطراف تعمل على ضرب فن بعينة والإبداع ككل”. وأضاف أن قضية ولد الكانز جاءت في الوقت الذي كان الجميع ينتظر فيه مصالحة حقيقية بين الأمن والمواطن، “للأسف نجد عكس ذلك تماما من قبل جهاز بوليس عاد إلى الحملة الموجهة ليس ضد الفنانين فحسب بل طالت مثقفين وصحافيين رفضوا دخول بيت الطاعة لتمجيد أداء الحكومة”.

وتساءل الرديسي عن موقف سلطة الإشراف من هذا الانفلات الإداري الذي يتعارض مع واجبات أعوان الأمن. ويؤكد “نحن نجحنا كمثقفين في تسيير العروض المحاصرة وتامين سلامة أجساد جمهورنا وعقولنا وكل نبض فينا. لا خيار لنا غير ذلك، ولن نبقى مكتوفي الأيدي”.

وتمسكت النقابة الوطنية لقوات الأمن الداخلي بإلزام منظوييها بتطبيق القرار، الذي اعتبره ناطقها الرسمي شكري حمادة ردة فعل منطقية بعد تكرار الإساءة التي يوجهها مغني الراب لرجال الأمن في أغانيهم التي أثرت على نفسية أعوان وإطارات المؤسسة الأمنية ومست من كرامتهم وفق تقديره.

 

يقول حمادة لـ “مراسلون”، “مازلنا متشبثين بموقفنا ولن نتراجع عن قرار عدم تأمين حفلات الراب. وهذا القرار يندرج ضمن الدفاع عن حرمة وكرامة المؤسسة الأمنية ومنظوريها”.

ويصرح مصدر أمني (رفض الكشف عن اسمه)، أن النقابات الأمنية تجاوزت حدودها وصلاحياتها. واعتبر أن رفض تأمين حفلات الراب دون صدور قرار رسمي من الإدارة العامة للأمن الوطني، يعتبر رفضا لتطبيق التعليمات ويندرج ضمن تمرد الجندي على قائده. ويوضح ذات المصدر “آن الأوان للتفقدية العامة تطبيق القانون ضد المتمردين على التعليمات خاصة أن القرارات النقابية لم تعد محلّ إجماع وتوافق بين جميع الأمنيين. وأصبحت تهدد أمن البلاد وسلامة المواطن”.

عن هذه النقطة يقول المحامي غانم فتيريش “ليس من حق النقابات الأمنية منع موظفيها من القيام بواجبهم وتامين سلامة المواطنين بمناسبة عرض فني أو غيره. هذا واجبهم وصميم عملهم، نظرا إلى أن البلاد تعيش تحت وطأة قانون الطوارئ”.

ويرى أن رفض تأمين جميع حفلات مغني الراب “فيه حيف”، “فلا شيء يبرر العقوبات الجماعية التي طالت فنانين لا علاقة لهم بالخصومة الحاصلة بين الأمنيين وبعض الفانين، وبندرمان مثال على ذلك”.

ويؤكد فتريش في تصريحه لموقع “مراسلون”، أن الواجب المهني يفرض تأمين سلامة المواطنين بمناسبة هذه الحفلات. وما على الأمنيين إلا اللجوء إلى القضاء في صورة أي تعد عليهم سواء من فنانين أو غيرهم، وسيفصل القضاء بين الطرفين. 

ولم يقف العقاب الأمني والقضائي عند فناني الراب بل طال حتى محبي أغانيهم. فقد اعتقلت الشرطة ليلة 24 آب/  أغسطس الشاب أنور حافظ في ساحة باردو، على خلفية سماعه لأغنية ولد الكانز المشهورة “البوليسية كلاب” داخل سيارته. وتقول محاميته هدى باشا “موكلي وصديقه كانا يستمعان لأغنية ولد الكانز، ما أثار غضب أعوان الأمن المتواجدين في المكان، وانهالوا عليهما بالضرب، ثم اقتيادهما إلى مركز الشرطة وتلفيق تهم الاعتداء على موظف واستعمال حركات لا أخلاقية ضد أنور وإخلاء سبيل صديقه”.

ويزاول أنور حافظ (21 سنة) تعليمه في سويسرا، ويزور تونس مرة واحدة في السنة لقضاء العطلة الصيفية. وتطالب المحامية هدى باشا في تصريحها لموقع “مراسلون”، بعدم سماع الدعوى خاصة بعد تنازل عون الأمن عن القضية التي رفعها ضد موكلها. لكن المحكمة قضت بالحكم عليه 3 أشهر مع تأجيل التنفيذ .

وأدانت منظمة هيومن رايتس ووتش الحقوقية، الأحكام القضائية ضد “ولد الكانز” و”كلاي ب ب جي”. واعتبرت هذه الإجراءات الجزائية انتهاكا لحق المغنين في حرية التعبير. وأكدت أن الحكم على فنانين وصحافيين ومدونين بالسجن بسبب كلماتهم وصورهم الناقدة هو عمل لا يتناسب مع تونس الجديدة. كما جددت مطالبة السلطات التونسية بالتخلي عن هذه القوانين الموروثة عن الحقبة القمعية بدل استعمالها في إخماد الأصوات الناقدة.

وأعلنت وزارة الثقافة عن رفضها لسجن الفنانين على خلفية أغانيهم، لكن إعلانها جاء بعد فشلها أكثر من مرة في المصالحة بين الأمنيين وبعض الفنانين، مما وضع الوزير مهدي مبروك عرضة الاتهام بعجزه عن الدفاع عن حقوق المثقفين وحرية التعبير في البلاد، وفتح باب التساؤلات والتشكيك في قدرات الوزراء المستقلين في الحكومة على فرض قراراتهم، وخدمة جميع أفراد الشعب التونسي دون الرضوخ لأي أجندات حزبية. 

………………………………………….

تحديث بتاريخ 26 سبتمبر 2013

أصدرت محكمة الناحية في نابل (شمال تونس) اليوم الخميس 26 سبتمبر 2013 حكما يقضي بالسجن لمدة 6 اشهر مع النفاذ العاجل في حق مغني الراب ”كلاي بي بي جي” بتهمة التجاهر بما ينافي الحياء وهضم جانب موظف عمومي.

يذكر أنه صدر  يوم 29 أوت/أغسطس الماضي حكما غيابيا يقضي بسجن مغنيي الراب علاء الدين اليعقوبي المعروف باسم “ولد الكانز” وأحمد بن أحمد المعروف باسم “كلاي بي بي جي” بالسجن لمدة عام و9 أشهر مع النفاذ العاجل على خلفية اتهامها بالتجاهر بما ينافي الحياء وهضم جانب موظف عمومي.