علي بوزيد (70 عاماً) عانى كغيره من العقول الليبية أيام النظام السابق من التهميش ومحاربة النجومية، إلا أن المهندس الحاصل على دبلوم من معهد الكهرباء عام 1960، حصل على فرصته الذهبية أيام المملكة حين تم إيفاده إلى ألمانيا الغربية  ليحصل على شهادة الدبلوم  في صيانة الأجهزة  الالكترونية.

وتنفتح له أبواب متابعة تحصيله العلمي في عدة دول أخرى، حيث نال شهادة من بريطانيا في صيانة الأجهزة الالكترونية، وشارك في عدة دورات في اليابان، ودرس ببعض المعاهد الالكترونية  بالشرق الأوسط، ونفذ عدداً من الاختراعات المهمة منذ بداية مشواره العلمي وحتى اليوم.

علي بوزيد (70 عاماً) عانى كغيره من العقول الليبية أيام النظام السابق من التهميش ومحاربة النجومية، إلا أن المهندس الحاصل على دبلوم من معهد الكهرباء عام 1960، حصل على فرصته الذهبية أيام المملكة حين تم إيفاده إلى ألمانيا الغربية  ليحصل على شهادة الدبلوم  في صيانة الأجهزة  الالكترونية.

وتنفتح له أبواب متابعة تحصيله العلمي في عدة دول أخرى، حيث نال شهادة من بريطانيا في صيانة الأجهزة الالكترونية، وشارك في عدة دورات في اليابان، ودرس ببعض المعاهد الالكترونية  بالشرق الأوسط، ونفذ عدداً من الاختراعات المهمة منذ بداية مشواره العلمي وحتى اليوم.

لم تقف رحلة العائلة مع العلم عند علي، فقد ربى الأخير ابنه فادي (18 عاماً) على ذات الشغف، ليستلم الراية من أبيه ويبرز في مشاركاته مع المدرسة في مسابقات علمية عديدة، “مراسلون” استدعت حديث الذكريات مع علي وابنه، ضمن الحوار التالي.

مراسلون: متى وكيف بدأ مشوارك العلمي؟

علي بوزيد: بدأت تجاربي العلمية عام 1954 حينها كنت في العاشرة من عمري، وكنت مغرماً بمشاهدة الأفلام الغرائبية وأفلام الخيال العلمي والفضاء في دور السينما، ودفعني ذلك للبدء في عمل تجارب عشوائية صغيرة، أثمرت أولها عام 1955 حين حولت راديو والدي (ألتلفونكن) القديم إلى جهاز لاسلكي واتصلت بواسطته إلى مسافة 250 كم.

كنت أقوم بكافة تجاربي حين يكون والدي غائباً عن المنزل، وحولت غرفة نومي إلى معمل جمعت فيه أجهزة وقطع غيار من مخلفات الجيش الإيطالي، كنت أقوم بشرائها من مصروف المدرسة، إضافة إلى احتياجاتي من دوارق زجاجية وأجهزة اتصالات لاسلكية كانت تخص الجيش والمقرات.

في عام 1957 تعرضت لحادث إثر تجربة كيميائية خطيرة قمت بها، باستعمال حوامض نارية فتاكة مركزة المفعول من جير حي ومواد أخرى، وانفجرت المواد في وجهي ففقدت حينها بصري مؤقتاً، واصطحبني صديقي على دراجته إلى المستشفى، وخضعت للعلاج ومع مرور الزمن رجع  بصري شيئاً فشيئاً.

على إثر تلك الحادثة قام والدي بتكسير جميع الدوارق الزجاجية ودمر كل محتويات معملي الصغير، وبعد أن تركت التجارب الكيميائية دخلت مدرسة الصناعة والتجارة، وبمرور السنوات حصلت على  دبلوم في الكهرباء، وجمعت معلومات كثيرة في مجال الالكترونات من خارج المعهد، وركزت على أجهزة اللاسلكي والاتصالات.

كانت تلك أيام الطفولة، كيف انتقلت إلى النضوج والحياة العملية؟

بعد تخرجي عملت بمعمل تكرير النفط في مرسى البريقة، غربي بنغازي، في قسم التوزيع لمحطة الكهرباء، ومع ذلك لم أترك هوايتي وتجاربي، فصنعت عدة أجهزة في مجال الاتصالات، وقمت بتطوير بعض الأجهزة القديمة مثل الراديو وحولتها إلى أجهزة اتصالات ذات صمامات زجاجية.

في عهد المملكة حصلت على بعثة دراسية إلى ألمانيا الغربية، وكانت فرصة العمر لأتدرب على أساس سليم، وتحصلت على دبلوم في علم الالكترونات العملية والنظرية، ولكن بعد عودتي إلى الوطن لم أجد أي نوع من التشجيع، ففتحت ورشة لصيانة الأجهزة الالكترونية فيها معمل للتجارب وعملت بها لعدة سنوات.

لماذا غادرت ليبيا بعد ذلك؟

في عام 1970 اخترعت جهازاً يعمل بنظرية الهاتف النقال اليوم، مع جهاز استقبال وإرسال عبر الأقمار الصناعية (الستلايت) ومحطة إذاعة، شعرت بالفخر لأنني صاحب أول اختراع في هذا المجال، وتوقعت أن أحظى باهتمام فائق من الدولة، صحيفة الحقيقة آنذاك تحدثت عن عملي، ومنذ ظهور الاختراع في الصحف بعد سنة من انقلاب القذافي بدأت أجهزة الأمن تتعقبني، فجاءني أحد أصدقائي ونصحني بالهرب خارج ليبيا.

وبالفعل قاموا بمطاردتي ولكنني تمكنت من الهرب حتى تدبرت أمر جواز سفر مزور غادرت به إلى بريطانيا، وعملت هناك بأجر زهيد كمساعد مهندس صيانة في مصنع أجهزة الكترونية، وبعد فترة من العمل تعرفت على صاحب ورش صيانة الكترونية من دولة البحرين، كان يزور المصنع وأُعجب بعملي ودعاني للعمل لديه وحجز لي تذكرة السفر.

وهل سافرت فعلاً إلى البحرين؟

نعم، سافرت إلى البحرين وعملت هناك لفترة، ولكن حلمي كان دائماً يلح علي بضرورة الرحيل والبحث عن مكان أفضل، فغادرت إلى الكويت ثم العراق حيث فتحت ورشة الكترونات ببغداد، وكنت أسافر براً من بغداد إلى سوريا لشراء قطع الغيار.

لكنني لم أحتمل قسوة الجو والحياة في بغداد فقررت العودة إلى بريطانيا، واستقليت رحلة على الخطوط الجوية الانجليزية (B.A)، وفي الطريق إلى لندن هبطت الطائرة اضطراريا في مطار بيروت للتزود بالوقود، إلا أن بقاءنا هناك طال بسبب الوضع الأمني والحرب الأهلية.

وأثناء تصفحي لإحدى الصحف اليومية اللبنانية وجدت إعلاناً عن فرصة عمل بالتدريس في مجال الالكترونيات، فقمت بإجراء بعض الاتصالات والمقابلات وتم قبولي، حينها قررت العدول عن فكرة الرجوع إلى بريطانيا أو ليبيا، فمكثت في لبنان (11 سنة) عملت خلالها مدرساً في المعامل العملية لأكثر من جامعة، أطول مدة قضيتها بالجامعة العربية حيث تم إيفادي لتلقي عدة دورات قصيرة في اليابان عن طريق شركات لبنانية كنت أتعاون معها في الخدمات الالكترونية.

وهل انتهت رحلة التنقل عند هذا الحد؟

كانت تلك محطتي الأخيرة قبل ليبيا، فخلال بقائي في لبنان تزوجت من هناك وأصبحت لدي عائلة وأطفال، ولكن بعد الاجتياح الإسرائيلي لبيروت سنة 1982 قررت العودة إلى أرض الوطن، ورجعت معتقداَ بأن النظام قد يكون نسي موضوعي، وبعد وصولنا أنا وزوجتي وأولادي بشهر تقريباً هوجم بيت أهلي ليلاً، وقبض علي وحملوني إلى سجن 7 نيسان/ أبريل، وهناك قاموا بضربي وأنا مغمض العينين واتهموني بإهانة “القائد”، وبعد فترة قرروا إخلاء سبيلي وأعطوني ورقة من الأمن الداخلي بأنه كان مجرد تشابه أسماء.

وكيف استأنفت حياتك بعدها؟

بقيت أتنقل من عمل لآخر حتى قمت بفتح ورشة صيانة أجهزة إلكترونية في عام 2005، وتقدمت لمركز التكوين المهني لأعمل مدرساً هناك وأجريت مقابلة مع لجنة القبول وقبلت طلبي، ولكن بعد 15 يوماً أبلغوني بأن عمري لا يسمح بالعمل في المركز.

بعد حالة الإحباط التي ألمت بي استدعاني أحد الأصدقاء لأقوم بصيانة جهاز بمعهد المتفوقين، فذهبت وقمت بصيانته، عندها عرض علي العمل كمدرس في معمل الفيزياء والالكترونات العملية، فقبلت العقد وباشرت العمل بالمعهد لثلاث سنوات هي مدة العقد، وتفرغت بعدها لتدريب ابني الذي كان يبلغ من العمر وقتها (14 سنة).

ما أهم ما حققه ابنك فادي في مجال الاختراعات العلمية فادي?

 [ibimage==9393==Small_Image==none==self==null]

فادي بوزيد - عبقرية تسري في العروق 

فادي كان له معمل تجارب بالبيت منذ كان صغيراً، وقام بتجربة اختراع جهاز يقضى على الصراصير الصغيرة جدا التي تتواجد في البيوت والمطاعم العامة، والجهاز يعمل بدون مواد سامة، كما اخترع جهازاً لنقل أنابيب الغاز عبر درج

السلم للطوابق العالية يعمل يدوياً بدون تعب ويمكن إدخاله للمطبخ، وقد شارك باختراعاته في مسابقة على مستوى ليبيا بمدينة غدامس جنوب ليبيا بتاريخ 28/4/2009. والآن قام بمساعدتي في اختراع مصدر للطاقة الذاتية المتجددة، ينتج الكهرباء ويعمل ببطارية مائية قابلة للتطوير، وبإمكانها إضاءة المصابيح باستمرار لمدة شهر.

لمَ لم تحاول نشر مخترعاتك في وسائل الإعلام؟

منذ حوالي خمس سنوات عرضت تجربتي على عدد من الصحافيين والصحافيات في مدينة بنغازي، وقد أُحبطت من أول نقاش معهم نظراً لعدم تعاملهم الجدي مع الموضوع.