عرفت جبال هذه المنطقة دمارا كبيرا منذ انطلاق عمليات الانزال والقصف بالمدفعية لمكامن الارهاب وهو ما أدى إلى اندلاع حرائق كبرى اتت على جزء كبير من الغطاء النباتي والغابي، أدى إلى استنفار الجمعيات المدنية المهتمة بالبيئة وكذلك اتحاد الفلاحة والصيد البحري (المنظمة الفلاحية الأولى في تونس).

عرفت جبال هذه المنطقة دمارا كبيرا منذ انطلاق عمليات الانزال والقصف بالمدفعية لمكامن الارهاب وهو ما أدى إلى اندلاع حرائق كبرى اتت على جزء كبير من الغطاء النباتي والغابي، أدى إلى استنفار الجمعيات المدنية المهتمة بالبيئة وكذلك اتحاد الفلاحة والصيد البحري (المنظمة الفلاحية الأولى في تونس).

صيحة الفزع التى أطلقها اتحاد الفلاحين جاءت عقب توسع دائرة الحرائق لتشمل العديد من الجبال المتاخمة للشعانبي في كل من محافظات باجة والكاف وزغوان على امتداد الشريط الغربي للبلاد حيث قضت النيران وفق تقديرات وزارة الفلاحة على 700 هكتار من الغابات كما اتت الحرائق على جزء من المحصول الفلاحي.

الحرائق التي اندلعت في جبال الشعانبي الذي يعد المتنفس البيئي الأكبر والأهم في منطقة الوسط الغربي ونيران مدفعية قوات الجيش والأمن التونسي ساهمت بشكل فعال في الكشف عن مكامن الإرهاب، حيث أجبرت النيران الجماعات المسلحة من الفرار من الجبل الذي التهمته النيران، غير أن الارهابيين أنفسهم اعتمدوا نفس الطريقة في مواجهة قوات الأمن والجيش بعد أن عمدوا إلى إضرام الحرائق في مساحات هامة من جبال الطويرف بمحافظة الكاف وجبال سمامة في محافظة القصرين لتضليل القوات المسلحة ومنعها من ملاحقتهم وطمس كل المعالم التي قد تؤدي إلى كشف خططهم الارهابية.

التنوع الايكولوجي في خطر

رئيس المنظمة الفلاحية عبد المجيد الزار الذي دعا إلى ضرورة الإسراع في مقاومة كل أشكال الارهاب أشار إلى انعكاسات الحرائق التي شهدتها العديد من المناطق الفلاحية على الوضع الفلاحي عموما وعلى الغطاء النباتي والتنوع البيولوجي والحيواني مؤكدا على أن هذه الحرائق سرّعت بانقراض العديد من النباتات والحيوانات هذا إلى جانب خسارة العديد من أماكن العمل للفلاحين الذين كانوا يعيشون من الأنشطة المتعلقة بالغابات .

كما أكد الزار أن عودة الغابات التي احترقت ولا سيما منها غابات الشعانبي تتطلب نصف قرن لتعود من جديد، رغم أن امكانية عودتها بنفس المكونات التي كانت فيها صعب جدا لأن هناك نباتات وحيوانات نادرة جدا يصعب عودتها بعد انقراضها، مشيرا إلى أن فلاحي محافظة القصرين وغيرها من المحافظات التي تضم جيوب التوتر تضرروا جراء حرق الغابات.

كما أن الحرائق أدت الى هروب عدد من الحيوانات البرية كالخنازير مثلا الى القرى المجاورةهروبا من لهيب النيران، مما أسفر عن اتلاف بعض أنواع المنتجات الزراعية،  وهو ما أدى إلى خسائر فادحة ستؤثر حتما على اقتصاد تونس.

السياحة تخسر عاملاا متميزا

تداعيات الإرهاب على البيئة طال أيضا السياحة البيئية، حيث أكد كاتب عام جامعة وكالات الأسفار، ظافر لطيف أن السياحة التونسية خسرت بقصف الشعانبي والحرائق ركيزة أساسية في المنتوج السياحي باعتبار أن هذا الجبل الذي يضم محمية طبيعية يعد من أهم مسالك السياحة البيئية التي يقبل عليها عشاق السياحة الطبيعية وهواة الصيد، وهي من أهم المقومات السياحية ذات المردودية المالية العالية والتي تساهم بشكل كبير في تنشيط الحركة التجارية في المنطقة، هذا إلى جانب ما توفره السياحة البيئية في الشعانبي والقرى المحيطة به من أماكن شغل باستغلال المنتوج الغابي في الصناعات التقليدية القائمة أساسا على الخشب والفلين وغيرها.

الخسائر ستمتد على سنوات

وقد قال كاتب عام الجامعة التونسية لوكالات الأسفار أن المنطقة دفعت كثيرا ثمن القضاء على الارهاب وهو ما أيدته عدد من الجمعيات البيئية التي قالت إن الشعانبي وكل الجبال التي تضررت بالحرائق تحتاج إلى عشرات السنين حتى تستعيد عافيتها نسبيا، باعتبار أن هذه المحمية تعد من أكثر المناطق تنوعا على المستوى الايكولوجي، كما أن أهميتها تأتي من ثرائها بحيوانات نادرة جدا، فهي تحتوي على 24 فصيلة من الثديّات و16 نوعا من الزواحف والضفدعيات وما يزيد على 262 نوعا نباتيا.

ولعل غزال الجبل هو الأكثر تميزا بين الحيوانات البرية التي تعيش في أطراف الجبل، إذ يعد أكبر غزلان تونس حجما. كما ينتشر الخنزير الوحشي بكثرة في غابة الصنوبر الحلبي.
وتعيش في اطراف الشعانبي كذلك أنواع من الضباع والقطط المتوحشة والثعلب وابن آوى وزواحف عديدة، وقد أعيد الى الجبل في بداية الثمانينات  نوع نادر من الأروية (نوع من الخروف البري) كان اختفى من المنطقة منذ 1960.  كما تزور الجبال خلال فصل الربيع والخريف عدة أنواع من الطيور المهاجرة وأغلبها من الطيور الجارحة من نسور وصقور وبازات، وتوجد الشعانبي انواع نادرة من الحمام والسمان والهدهد وبرقش الأشجار، مما يجعلها قبلة لهوات الصيد البري من السواح الأجانب والخليجيين أساسا.

هذا إلى جانب احتوائها على نباتات يستخدمها سكان منطقة القصرين كمراع للماشية ويجد فيها منتجو العسل مكانا مناسبا لتربية النحل. الأمر الذي ساعد على خلق بعض المشاريع الزراعية فيها خلال السنوات الأخيرة التي سبقت الثورة، خاصة من قبل بعض الشباب. وقد أتت النيران مؤخرا على جزء  كبير من هذه المشاريع، كما أتلفت عددا كبيرا من غابات الصنوبر الحلبي والعرعار والتي تعرف بصعوبة عودتها من جديد كما يتطلب نموها سنوات من الرعاية والعناية خاصة في ظل مناخ يعرف بالصعب بالجهة ، إضافة إلى البلوط الأخضر واكليل الجبل والحلفاء.
وتنمو في أطراف جبل الشعانبي أنواع من النباتات التي أتلفت نتيجة الحرائق تلك والتي تصدر بالعادة لاستخدامها في صناعة الأدوية من قبل المخابر العالمية ، فضلا عن أن الغابة كانت أحد العناصر الهامة في تنقية الهواء ومعالجة الاحتباس الحراري.

في البداية ثار سكان محافظة القصرين على الفقر والاستبداد، ولكن على من سيثورون الآن بعد أن دمر جزء كبير من مصادر دخلهم.