تقلد مهام منصبه لأول مرة في نيسان/ أبريل 2011، ولكن ما لبثت وأن تغيرت حكومة الدكتور عصام شرف، وأصبح الدكتور الجنزوري رئيسا للوزراء، فتمت إقالته، وتعيين اللواء السيد البرعي بدلا منه، إلا أنه ومع أحداث 30 حزيران/ يونيو وما تلاها من تغيرات عاد مرة أخرى إلى المحافظة ليكون بذلك هو المحافظ الأول في تاريخ المحافظة منذ ثورة 1952 الذي يتقلد منصب المحافظ مرتين. موقع “مراسلون” التقى اللواء إبراهيم حماد، وكان له الحوار الآتي معه.
“مراسلون”: بداية من وجهة نظركم، كيف تنظروا إلى 30 حزيران/ يونيو، وما تقييمكم لماحدث بعد هذا التاريخ؟
تقلد مهام منصبه لأول مرة في نيسان/ أبريل 2011، ولكن ما لبثت وأن تغيرت حكومة الدكتور عصام شرف، وأصبح الدكتور الجنزوري رئيسا للوزراء، فتمت إقالته، وتعيين اللواء السيد البرعي بدلا منه، إلا أنه ومع أحداث 30 حزيران/ يونيو وما تلاها من تغيرات عاد مرة أخرى إلى المحافظة ليكون بذلك هو المحافظ الأول في تاريخ المحافظة منذ ثورة 1952 الذي يتقلد منصب المحافظ مرتين. موقع “مراسلون” التقى اللواء إبراهيم حماد، وكان له الحوار الآتي معه.
“مراسلون”: بداية من وجهة نظركم، كيف تنظروا إلى 30 حزيران/ يونيو، وما تقييمكم لماحدث بعد هذا التاريخ؟
ابراهيم حماد: بلا شك أن 30 حزيران/ يونيو ثورة شعبية حماها الجيش المصري، فالشعب ساند في 1952 حركة الجيش والتي ترجمت بعد ذلك إلى ثورة، ولكن في 2011 و2013 الشعب قام بثورتين، وقام بعزل نظامين وتغيير الوضع السياسي، وخلال هذه السنوات طرأت متغيرات جديدة بالنسبة لمفاهيم الديمقراطية والحريات التي لم تكن موجودة في مصر ولا في المنطقة بأكملها.
أما بالنسبة للأحداث التي شهدتها مصر بصفة عامة بعد هذا التاريخ، فقد خرج 30 مليون مصري في 3 تموز/ يوليو إلى الشارع لرفض حكم الإخوان، الأمر الذي أدى بدوره إلى استجابة القوات المسلحة لمطالب الجماهير وهذا واجبهم تجاه شعبهم الأبي الأصيل. يأتي ذلك في الوقت الذي تساءل فيه الجانب الآخر لماذا تدخل الجيش المصري مع الشعب ضدهم، والإجابة على هذا التساؤل بسيطة، لأنه لو لم يتدخل الجيش مع الشعب لكنا دخلنا في نفق الحرب الأهلية، وكل الانتقادات التي توجه إلى الجيش فارغة من مضمونها. بالاضافة إلى أن الدولة المصرية بعد الثورة أصبحت فيها حريات فكرية واعتصامات ومسيرات، ولكن بشرط أن تكون سلمية، وبدأت بالفعل الاعتصامات بميداني رابعة العدوية والنهضة، واعتقدت الدولة أنها سلمية ولكن للأسف ما حدث كان عكس ذلك تماما ووجدنا أن الاعتصامات تحوي عناصر مسلحة وقيادات هذه الاعتصامات يحرضون على الإرهاب والاعتداء وحمل السلاح في مواجهة المجتمع والدولة.
هل نجحت الدولة في فض اعتصامي رابعة والنهضة دون وقوع خسائر كبيرة؟
نعم، بنسبة كبيرة، فهناك اعتصامات كثيرة على المستوى الدولي يحدث فيها صدامات بين الأمن والمعتصمين، وفي حال قيام المعتصمين بعمليات إتلاف أو شغب ينتج عن ذلك قتلى ومصابين. وكانت في مصر الحالة خاصة، حيث كانت هذه الاعتصامات مسلحة، وبذلك تحولت إلى الشكل العصابي والإجرامي وبالتالي فالتعامل معها في النهاية سوف يسفر عن أعداد كبيرة من القتلى والمصابين، لأن المعتصمين أنفسهم الذين يحملون السلاح ليس لديهم الدراية الكافية والتدريب الكافي على استخدام السلاح في أوساط المحيطين بهم من نساء وأطفال، وسيتسبب ذلك في قيامهم بقتل المعتصمين معهم.
ما حجم الخسائر التي تكبدتها المحافظة خلال الأحداث وما عدد المقبوض عليهم من أنصار الرئيس محمد مرسي؟
قدرت الخسائر المادية بحوالي 15 مليون جنية تقريبا أي ما يزيد على مليوني دولار أمريكي، من حرق للسيارات والمباني الحكومية والممتلكات الخاصة والكنائس أيضا، فضلا عن مصرع وجرح مدنيين وعسكريين. ويقدر عدد الملقي القبض عليهم بالعشرات ممن طلبت النيابة ضبطهم وإحضارهم دون استخدام إجراءات استثنائية.
قمت بتولي مسؤولية المحافظة عقب ثورة 25 كانون الثاني/ يناير وعدت إليها مرة أخرى عقب ثورة 30 حزيران/ يونيو، كما أسميتها، بماذا تفسر ذلك؟
عندما جئت في المرة الأولى إلى محافظة أسيوط في نيسان/ أبريل 2011 وحتى تركت مهام منصبي في آب/ أغسطس من العام نفسه، كنت أريد أن احتوي الشارع واحتوي كل القوى السياسية، وأنا مستعد اليوم أيضا أن أتعامل مع جميع القوى السياسية، ونحن كدولة وحكومة ليس لدينا نية لإقصاء أحد، ولو جاءني أحد من جماعة الإخوان أو الجماعة الإسلامية ممن لم يمسك سلاح أو يتورط في أعمال عنف ويده نظيفة من الدماء التي سالت، فأنا مستعد لاستقباله بكل رحابة صدر، ولا يوجد مشكلة بيننا، فكلنا مصريون بكل انتماءاتنا الفكرية، ولكننا لن نتصالح مع من حمل السلاح أو قام بالتحريض أو شارك أو ساعد في عمليات أسفرت عن نزيف لدماء المصريين ويجب أن يطبق عليه القانون.
هل نستطيع القول بأن تعيين أكثر من شخصية عسكرية برتبة لواء من الجيش والشرطة هو عودة لعسكرة الحياة السياسية في مصر؟
بالطبع لا، وهذا لم يحدث، خاصة وأن حركة المحافظين كان فيها مستشارين وأساتذة جامعة، وإنما كان الهدف من الاستعانة بهؤلاء في هذا التوقيت بسبب الانفلات الأمني الذي تشهده مصر، والمطالبة بعودة الاستقرار للدولة حتى يمكن تحقيق النهوض الاقتصادي، وانتشالها من الوضع المتردي الذي وضعها فيه النظام الإخواني.
لمحافظة أسيوط طبيعة خاصة، حيث تتمركز فيها الجماعة الإسلامية وفيها نسبة مرتفعة من الأقباط، كيف تتعامل مع هذه الطبيعة الخاصة؟
أشعر بارتياح شديد، لأنني أعرف طبيعة أسيوط جيدا، بسبب عملي. والتنوع الديني والثقافي الموجود في أسيوط لم يترجم أبدا بشكل يمثل وجود فوارق كبيرة بين المواطنين. مع العلم أن معدلات حوادث الثأر مرتفعة جدا في أسيوط مقارنة بباقي محافظات الجنوب، وهذا ما كنت أراه بحكم موقع عملي كمساعد لوزير الداخلية لمنطقة شمال ووسط الصعيد، حيث كنت أقوم بعمل مقارنات بين المحافظات من الفيوم وحتى سوهاج، وكانت أسيوط أعلى المحافظات في حوادث الثأر، ومن بين هذه الحالات كانت تحدث خلافات بين مسلمين وأقباط ولكنها لم تأخذ البعد الطائفي، ولم تساهم هذه الخلافات في تفجير فتنة طائفية، إلا في حالات محدودة للغاية. وعندما توليت منصب محافظ أسيوط في 2011، وجدت أن العلاقات بين المسلمين والأقباط جيدة جدا، ولا أعتقد أن ما حدث خلال الفترة الماضية ساهم فى زيادة الفجوة بين المسلمين والأقباط، ومن قام بحرق الكنائس مؤخرا كان يريد إشعال فتيل الفتنة بين الطرفين، وأعتقد أنه فشل فشلا ذريعا في تنفيذ مخططه.
تردد أن سبب اختيارك لشغل منصب محافظ في أسيوط هو معرفتك القوية بقيادات الجماعة الإسلامية وما قمت به من مبادرة لنبذ العنف في أواخر التسعينيات؟
ما قيل لي أن الأسايطة هم الذين طلبوا أن أتولى مسؤولية المحافظة، وأنا لا أستطيع أن أؤخر لهم طلبا، والأمر الثاني بالنسبة لمعرفتي القوية بالجماعة الإسلامية فأنا متوقع أن الأمور سوف تستقر، وستكون هناك مصالحة كاملة والكثير منهم بدأ في مراجعة نفسه. وأعلم أن هناك قيادات من الإخوان والجماعة الإسلامية بدأت في مراجعة نفسها ولا أريد ذكر أسمائهم، حيث كانت الرؤية غير واضحة أمامهم، وأنا مُصر على خروج الجميع لإعلان نبذ العنف وإلقاء السلاح.
هل يمكن التصالح مع رموز الإخوان من خلال مبادرة ثانية لنبذ العنف كالتي قمت بها مع الجماعة الإسلامية في التسعينيات؟
أنا أترك هذا الأمر إلى رئيس الدولة ورئيس الحكومة، ونحن نساهم بحكم موقعنا في ذلك، وهم لديهم الرؤية الأشمل لطريق المصالحة.
هل يمكن أن تعود الدولة الأمنية مرة أخرى وأن تنفذ حملات اعتقال للإسلاميين كما حدث في التسعينات أيام الرئيس السابق حسني مبارك؟
لا عودة للدولة الأمنية التي تعتمد على الاعتقالات والاستبداد وإجهاض الحريات، واليوم أصبح هذا المنهج هو العقيدة التي تدرس في كلية الشرطة، والدليل على ذلك موقف الضباط في ثورة 30 حزيران/ يونيو بعد اندماجهم مع الشعب، وهذا كان مهما للغاية لأن التلاحم ولّد نوعا من الوعي لدى الضباط بأن المتظاهر هو شقيقه أو صديقه أو جاره، وأن فرض حالة الطوارئ جاء نتيجة للهلع والخوف الذي عبر عنه الفريق السيسي بدقة شديدة في خطاباته، والدليل على عدم عودة دولة الاعتقالات أن كل من ضبط خلال العمليات الأخيرة لم يطبق عليه قانون الطوارئ أو يعتقل بقرار إداري، وإنما كان بإذن من النيابة العامة.
ما هي أهم أولوياتك خلال الفترة المقبل؟
توفير احتياجات المواطن هي أهم أولوياتي، وعلى رأسها توفير السلع الأساسية والتموينية.
كم من الوقت تحتاج مصر لاستعادة عافيتها؟
ستسترد مصر عافيتها في وقت قريب جدا، وبشكل أكثر وضوحا في غضون شهور قليلة جدا، لأن إرادة شعبها في هذا الاتجاه موحدة.