تنحدر بوشماوي رئيسة منظمة رجال الاعمال في تونس من عائلة ثرية، حصلت في حزيران/يونيو الماضي على جائزة أفضل امرأة صاحبة مؤسسة في العالم العربي، والتي يمنحها منتدى “دوفيل” لمجموعة الثمانية. لكن كفاءتها لم تحل دون وجود شائعات حولها.

لم تكن وداد بوشماوي اسم يعني الكثير للتونسيين قبل أيار/ مايو 2011 تاريخ توليها رئاسة اتحاد الصناعة والتجارة (اتحاد رجال الاعمال) بصفة استثنائية، وفي ظروف صعبة اتسمت بمناخ شعبي متشنّج كان يرى في رجال الأعمال شياطين وشرذمة فاسدة تحالفت مع نظام بن علي الدكتاتوري لنهب ثروات البلاد و”امتصاص” دم الشعب.

تنحدر بوشماوي رئيسة منظمة رجال الاعمال في تونس من عائلة ثرية، حصلت في حزيران/يونيو الماضي على جائزة أفضل امرأة صاحبة مؤسسة في العالم العربي، والتي يمنحها منتدى “دوفيل” لمجموعة الثمانية. لكن كفاءتها لم تحل دون وجود شائعات حولها.

لم تكن وداد بوشماوي اسم يعني الكثير للتونسيين قبل أيار/ مايو 2011 تاريخ توليها رئاسة اتحاد الصناعة والتجارة (اتحاد رجال الاعمال) بصفة استثنائية، وفي ظروف صعبة اتسمت بمناخ شعبي متشنّج كان يرى في رجال الأعمال شياطين وشرذمة فاسدة تحالفت مع نظام بن علي الدكتاتوري لنهب ثروات البلاد و”امتصاص” دم الشعب.

لكن جرأة وداد بوشماوي وشجاعتها في الإمساك بدفة منظمة الأعراف بعد أن كانت نائب رئيس منذ 2006، لفتت الأنظار اليها وجعلتها في دائرة الأضواء، وهي التي غامرت بأن تكون في موقع القرار في مجال غالبا ما يعتبر في كثير من البلدان “ممنوعا” على النساء وحكرا على الرجال.

لكن وداد بوشماوي تقول “عندما تحمّلت المسؤولية في رئاسة الاتحاد في تلك الظروف الصعبة لم يكن همّي البروز أو البحث عن الشهرة. كنت أريد أن أقوم بواجبي في انقاذ الاقتصاد التونسي من الانهيار في لحظة الثورة الحرجة والتي أربكتنا جميعا”.

أصدقاء وداد بوشماوي يؤكدون أنها امرأة لا تعترف بالمستحيل ولا تخشى المغامرة، وأن أكثر ما يميز شخصيتها هو رباطة الجأش وبرودة الأعصاب التي تتحلّى بها في الأوقات التي يكون كل من حولها متشنّجا أو مستاء. 

وهي تؤكّد لـ “مراسلون” أن هدوءها تستمّده “من ثقتي في نفسي دون غرور” والتي تمنحها القوة لتذليل الصعاب والتغلّب على العراقيل.

اعتراف دولي

لا تفضّل وداد بوشماوي الحديث كثيرا على حياتها الشخصيّة، وهي تقوم بكل ما في وسعها لإبعاد عائلتها عن الأضواء التي أصبحت مسلّطة عليها بشدة في الفترة الأخيرة.

تسرّ لـ “مراسلون” أنها تفتخر بانحدارها من مدينة قابس في الجنوب التونسي حيث ولدت سنة 1961، وأنها اختارت في دراستها التخصّص في مجال إدارة الأعمال حتى تكون منسجمة مع تخصّص العائلة في مجال المال والأعمال.

تملك عائلة هذه السيدة مجموعة “الهادي بوشماوي” التي لها استثمارات كبيرة في المجال الصناعي حيث تملك شركات هامة متخصّصة في التنقيب على الغاز والبترول في خليج قابس.

وساعدتها خبرتها على النجاح في عالم محفوف بالمخاطر ومحكوم بمعادلة الربح والخسارة.

في حزيران/ يونيو 2013 تحصلت رئيسة الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية وداد بوشماوى في لندن على جائزة أفضل امرأة صاحبة مؤسسة في العالم العربي والتي يمنحها منتدى “دوفيل” تقديرا للنساء العربيات اللاتي برزن بمساهمتهن في التنمية الاقتصادية لبلدانهن وقدراتهن على التأثير والإبداع.

و تقول بوشماوي أن الجائزة فاجأتها و أسعدتها كامرأة تونسية أولا، وكسيّدة أعمال ثانيا، و”لأن الاقتصاد التونسي يحتاج الى شحنات معنوية مماثلة”.  

بوشماوي التي ذاع صيتها محليا ودوليا في مجال المال والأعمال اختارتها كذلك المجلة الشهيرة “جون أفريك” منذ أسابيع قليلة ضمن قائمة الـ25 امرأة أعمال الأكثر تأثيرا في إفريقيا من الناحية الاقتصادية.

محاولات تشويه

نجاح بوشماوي وصعودها الصاروخي كشخصية وطنية يهتم الرأي العام التونسي بمتابعة أخبارها، أثار حولها الكثير من الاشاعات والأقاويل التي “قد تكون ضريبة ما أعيشه من نجاحات” حسب اعتقادها، فالرئيس الشرفي لجمعية القضاة التونسيين ورئيس المرصد التونسي لاستقلال القضاء أحمد الرحموني أثار منذ سنة زوبعة حول بوشماوي بمناسبة الحركة القضائية (الموعد السنوي لنقلة القضاة) عندما صرّح في ندوة صحفية أن وزير العدل قام بتعيين زوج وداد بوشماوي رئيسة الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة كوكيل جمهورية رغم “قلة كفاءته وتجربته”.

ولمّح الى أن الحكومة تجامل عائلة بوشماوي لضمان كسب ودّ رئيسة اتحاد الصناعة والتجارة التي تقود القوة الاقتصادية الأولى في البلاد وهي رجال الأعمال.

تقارير إعلامية كشفت بدورها تورط شركات عائلة بوشماوي في صفقات بترولية مشبوهة وفي الفساد المالي والإداري مع الأنظمة الديكتاتورية بكل من تونس والجزائر وليبيا وسوريا وبعض إمارات الخليج.

تحاول بوشماوي تفادي التعليق على هذه الاتهامات وغيرها، مؤكدة أن “الوقت ليس مناسبا للتراشق بالاتهامات بل هو وقت العمل والمصالحة الوطنية لتتفادى تونس كارثة الإفلاس المالي والسقوط الاقتصادي”.

كما لا تخفي بوشماوي استياءها من تعامل الحكومة مع ملف ما يعرف برجال الأعمال الفاسدين والمورّطين مع نظام بن علي. وهي لا تنفي أن رجال الأعمال كانوا عرضة للابتزاز من طرف السلطة قصد تسوية ملفاتهم.

وترى أنه “يجب تسوية ملف رجال الأعمال نهائيا حتى نضمن مناخا من المصالحة معهم يدفعهم نحو الاستثمار ودفع عجلة الاقتصاد “.

العصفور النادر

في ظل الأزمة السياسية التي تتخبّط فيها تونس اليوم، برز فجأة اسم وداد بوشماوي كأحد أبرز الشخصيات المرشحة من طرف جبهة الانقاذ الوطني لرئاسة الحكومة. وهي المعروف عنها بكونها شخصية مستقلة سياسيا عن كل الأحزاب. وتحظى باحترام الاتحاد العام التونسي للشغل (أكبر منظمة للعمال في تونس) الذي يلعب دورا هاما على الصعيد الوطني وجعل كل الأحزاب تلتف حوله في مواجهة حكم حركة النهضة.

وتعتبر المعارضة التونسية أن وداد بوشماوي قد تكون أكثر شخصية مناسبة لإدارة ما تبقى في عمر المرحلة الانتقالية الثانية وهي الوحيدة القادرة على انقاذ الاقتصاد التونسي الذي بدأ ينهار.

لكن وداد بوشماوي ورغم الطموح الذي عرفت به الاّ أنها فنّدت كل ما يقال بشأن ترشيحها لرئاسة الحكومة. مؤكدة رفضها لكل منصب سياسي وأن كل انشغالاتها الحالية منصبة على انقاذ الاقتصاد قائلة أنها “تفضّل البقاء بعيدا عن لعبة السياسية”.

لكن من يعرف بوشماوي عن قرب يؤكّد أنها إذا كانت رفضت اليوم أن تكون “العصفور النادر” الذي تبحث عنه أغلب الأحزاب لتعديل الحياة السياسية، الاّ أن ذلك لا ينفي إمكانية أن تكون هذه “المرأة الحديدية” كما يطلق عليها البعض، رئيسة للجمهورية التونسية في يوم ما .