فاجأ رئيس الحكومة التونسي علي العريض في 3 آب/ أغسطس الجاري أوساط المراقبين بإبقائه على قانون الارهاب الصادر زمن الرئيس المخلوع بن علي، ساري المفعول، مشيرا إلى أن القانون سيطبق بشكله الحالي إلى حين تعديله.

وبرر العريض قراره بالعمليات التي يقوم بها متشددون في جبل الشعانبي على حدود التونسية الجزائرية، وتستهدف عناصر من الجيش التونسي، فضلا عن عمليات إرهابية أخرى.

فاجأ رئيس الحكومة التونسي علي العريض في 3 آب/ أغسطس الجاري أوساط المراقبين بإبقائه على قانون الارهاب الصادر زمن الرئيس المخلوع بن علي، ساري المفعول، مشيرا إلى أن القانون سيطبق بشكله الحالي إلى حين تعديله.

وبرر العريض قراره بالعمليات التي يقوم بها متشددون في جبل الشعانبي على حدود التونسية الجزائرية، وتستهدف عناصر من الجيش التونسي، فضلا عن عمليات إرهابية أخرى.

وتعيش تونس خلال هذه الفترة على وقع أحداث من العنف أبرزها تلك التي جرت يوم 29 تموز/يوليو الماضي وأسفرت عن قتل ثمانية عسكريّين على يد مجموعة إسلامية متشددة متحصّنة بجبل الشعانبي بمحافظة القصرين، بعد أربعة أيام من اغتيال المعارض القومي محمّد البراهمي، إضافة إلى سريان أنباء عن وجود تحضير لاغتيالات تستهدف سياسيّين وإعلاميّين.

وكان النظام الرئيس السابق بن علي أقرّ قانون الإرهاب عدد 75 لسنة 2003 المؤرخ في 10 كانون اول/ديسمبر2003 المتعلق بمكافحة الإرهاب وغسل الأموال على خلفية أحداث 11 أيلول/سبتمبر 2011 في الولايات المتحدة الأميركية التي تبنّاها تنظيم القاعدة.

وتم استخدام هذا القانون بالأساس ضد الأشخاص المنتمين إلى جماعات سلفية تكفيرية كما تم استخدامه لأغراض سياسية بهدف قمع المعارضين خاصّة منهم الناشطين الإسلاميين بالأساس من حركة النهضة التي تقود البلاد في المرحلة الحاليّة.

يجب تطبيقه ولكن

يقول سامي الطريقي عضو المكتب السياسي لحركة النّهضة في تصريح لـ”مراسلون” إن الأمر لا يتعلّق برئيس الحكومة ولا غيره من السياسيّين بل بقانون موجود لم يقع تعليق العمل أو تعديله بغض النّظر عن الانتقادات الموجهة له من الجانب الحقوقي.

ويضيف “صحيح أن القانون صدر في فترة الاستبداد وبرّر به بن علي عدم دمقرطة المؤسّسات، ولكن نحن الآن في وضع آخر وإذا لم نتجنّد لمواجهة الإرهاب وواصلنا في نفس النهج من تبادل الاتهامات سنعطي فرصة للإرهاب لضرب الدّولة في مقتل، واغتيال الانتقال الديمقراطي”.

ويعتبر أنه لا يمكن الحديث عن إعادة العمل بقانون مكافحة الإرهاب من منطلق قانوني باعتبار أن القانون موجود ولم يقع تعليق العمل به. موضحا “ان الجدل بالأساس سياسي، نحن امام واقع إرهابي ولدينا قانون دعم المجهود الدولي لمكافحة الإرهاب وتبييض الاموال وفي حال ما حدثت أي حالة تستوجب العمل به فإن النيابة العموميّة مطالبة بتطبيقه”.

دعوة الى تنقيحه

وطالب الطريقي في المقابل بتنقيح الفصول المتعلّقة بحق الدّفاع وضمانات المحاكمة العادلة ومل ما يجعل القانون “مطّاطي” خاصّة فيما يخص مصطلح الإرهاب إذ يستوجب إيجاد تعريف دقيق له.

وبيّن لـ”مراسلون” أن “القانون به بعض الإخلالات والتجاوزات التي تمس بحقوق الإنسان ويمكن ان تؤدي إلى التعسّف في استعماله”، مطالبا بتنقيح بعض الفصول المتعلقة بالحريات قبل أن يضيف “لكن عموما أنا مع وجود هذا القانون خاصّة في هذه الفترة الحسّاسة لأن هناك جماعات تنتهج منهج الإرهاب وحسب التحقيقات الاوليّة معهم، دون تعذيب، فقد اعترفوا، وعلى الجميع تحمّل مسؤوليّات ما يحدث في البلاد”.

وتجدر الإشارة إلى أن الفصل الرابع من قانون الإرهاب يعطي صفة الإرهاب “لكل جريمة مهما كانت دوافعها، لها علاقة بمشروع فردي أو جماعي من شأنه ترويع شخص أو مجموعة من الأشخاص، أو بثّ الرعب بين السكان، وذلك بقصد التأثير على سياسة الدولة وحملها على القيام بعمل أو على الامتناع عن القيام به، أو الإخلال بالنظام العام”.

مغالطة من الحكومة

من جانبه أكّد رئيس حزب المجد عبد الوهاب الهاني أن هناك مغالطة كبيرة قامت بها حكومة العريّض حيث لم يقع تعليق العمل بهذا القانون بل هو لا يزال ساري المفعول، مشيرا إلى أن “القانون به إخلالات حقوقيّة صارخة وأنّه غير كفيل بمجابهة الخطر الإرهابي الذي يجتاح البلاد”.

وأضاف: “قلنا في عديد المرّات أن قانون الإرهاب أصدر في حقبة الاستبداد ولا يحترم حقوق الإنسان ولا تتوفّر فيه ضمانات المحاكمة العادلة وطالبنا بتعليق العمل به أو على الأقل تنقيح بعض الفصول التي تستبيح حقوق الإنسان وتضرب حق المتّهم في الدفاع والمحاكمة العادلة”.

ويرى الهاني أن الوضع الحالي في تونس “يستوجب أكثر من مجرّد قانون بل يتطلّب إستراتيجيّة وطنيّة شاملة لمكافحة الإرهاب تنطلق من الجانب الوقائي لتبلغ الطرق الكفيلة لمحاصرته عبر الخطط الأمنيّة النّاجعة وتجفيف المنابع من قبيل وضع شروط لبيع المواد التي يستعملها الإرهابيّون في صنع القنابل”.

وتجدر الإشارة الى أن السلطات التونسيّة تلاحق منذ كانون الاول/ديسمبر الماضي مجموعة تضم عشرات المقاتلين قدموا على انهم يرتبطون بتنظيم القاعدة في المغرب الاسلامي.

لا لقانون بن علي

ويدعو حقوقيون تونسيون وناشطون في الدفاع عن الحريات إلى حوار وطني يجمع كل الأطراف السياسيّة والحقوقيّة لصياغة قانون جديد يحمي من الإرهاب ويحترم حقوق الإنسان ويضمن محاكمات عادلة للمتهمين.

وتقول إيمان الطريقي رئيسة منظمة “حرية وإنصاف” في حديث لـ “مراسلون”: “نحن لا نقبل بقانون للإرهاب استعمله نظام بن علي القمعي، لا يجب العمل بقانون يعطي صلاحيات كبيرة للأمن ولا يحوي على ما يدل على احترام حقوق الإنسان ويحوي مصطلحات فضفاضة، فمثل هذه المصطلحات المطّاطة والقابلة للتّأويل أوصلتنا في عهد بن علي إلى إيقافات تعسفية وأعطت صلاحيات واسعة للسلطة الأمنية”.

وتعكف وزارة حقوق الإنسان والعدالة الانتقالية منذ فترة على صياغة قانون جديد قد يتضمن فصولا من قانون الإرهاب الذي أصدر في 10 كانون أول/ديسمبر 2003.

وكان وزير حقوق الإنسان والعدالة الانتقالية سمير ديلو (المحامي سابقا) قد تولى الدفاع عن الكثير من المحالين على القضاء بمقتضى قانون الإرهاب وذلك خلال حقبة حكم الرّئيس بن علي ومن بين هؤلاء المتهمين أبو عياض زعيم تنظيم أنصار الشريعة في تونس الملاحق اليوم من القضاءـ وقد ووجّه ديلو لقانون الارهاب آنذاك عديد الانتقادات.