مثلت صحيفة “أخبار الأدب” المصرية حالة فريدة في الصحافة المصرية والثقافية على وجه الخصوص، فهي الجريدة الثقافية الوحيدة المستمرة في الصدور المنتظم منذ عشرين عاما – صدرت 1993 – حيث تصدر من مؤسسة صحفية قومية “أخبار اليوم”، وهو ما جنبها مشاكل التمويل التي عادة ما تحاصر تجارب اصدار صحف ثقافية في مصر وفي الاغلب تقتلها، وأيضا سمح لها بالتجول في العالم العربي عبر شبكة توزيع المؤسسة.

مثلت صحيفة “أخبار الأدب” المصرية حالة فريدة في الصحافة المصرية والثقافية على وجه الخصوص، فهي الجريدة الثقافية الوحيدة المستمرة في الصدور المنتظم منذ عشرين عاما – صدرت 1993 – حيث تصدر من مؤسسة صحفية قومية “أخبار اليوم”، وهو ما جنبها مشاكل التمويل التي عادة ما تحاصر تجارب اصدار صحف ثقافية في مصر وفي الاغلب تقتلها، وأيضا سمح لها بالتجول في العالم العربي عبر شبكة توزيع المؤسسة.

أيضا تتمتع الجريدة بمجموعة من المحررين الثقافيين المتميزين على مستوى مصر والعالم العربي، كما أن معظمهم يمارس الكتابة الروائية والابداعية بشكل عام واستطاعوا تحقيق انجازات مشهودة في تلك المجالات إذ نالوا عددا من الجوائز الإبداعية في مصر وخارجها.

لعب جمال الغيطاني كأحد مؤسسي الجريدة وأول رئيس تحرير لها وأطولهم عمرا في المنصب – إذ أحيل إلى التقاعد في بداية كانون ثان/يناير 2011 قبل إندلاع أحداث الثورة بحوال عشرة أيام – مع مجموعة المحررين دورا في تشكيل شخصية الجريدة كمطبوعة تهتم بالحياة الثقافية في مصر وتحتفظ باستقلالية عن المؤسسة التي تصدرها، وايضا خلق جسور مع مثقفي العالم العربي.

ضد العسكر

ثم تأتي الثورة ليتشابك مصير الجريدة مع تحولات الثورة في مصر، خلف مصطفى عبد الله الغيطاني في رئاسة التحرير، الذي دفع المحررين بإمكانياته الصحفية المتواضعة إلى الثورة عليه وإعلانهم الإضراب عن العمل تحت رئاسته حتى يتم إقالته. وساعتها قام المحررون بترشيح عدد من الاسماء لتولي رئاسة التحرير، ونجحت ضغوطهم بالفعل في الإتيان بعبلة الرويني كرئيس للتحرير.

شهدت فترة الرويني – أيار/مايو 2011 حتى أيلول/سبتمبر 2012 – التي تزامنت مع فترة حكم المجلس العسكري لمصر تطورا في الجريدة على مستوى الشكل والمضمون إذ تمتعت الجريدة بغلاف وتصميم على مستوى فني عالٍ وتشابك أيضا مع الأحداث الحاصلة في تلك الفترة، وقد استعملت عدد من أغلفة الجريدة كبوسترات للمجموعات المناوئة ضد جرائم المجلس العسكري. وعلى مستوى الموضوعات التي قدمتها الجريدة كانت هناك محاولة لتقديم تحليل نقدي عميق للخطاب الرسمي والاعلامي والشعبوي الذي صاحب تلك الفترة، بالإضافة إلى التنديد المستمر بتجاوزات تلك الفترة.

عصر الإخوان

ولكن على ما يبدو لم تكن تلك النبرة هي المطلوبة في الفترة الجديدة التي بدأت مع تولي الرئيس محمد مرسي إدارة شئون البلاد فتم استبعاد عبلة الرويني من رئاسة التحرير بحجة وجود قواعد جديدة لاختيار رؤساء تحرير الصحف القومية، ولا تنطبق تلك الشروط على الرويني. ليأتي مجدي العفيفي – المجهول تماما بالنسبة للوسط الثقافي المصري – رئيسا لتحرير المطبوعة الثقافية الأشهر في مصر.

أصر العفيفي – القادم من سلطنة عمان بعد أكثر من خمسة وعشرين عاما قضاها في العمل هناك في مخالفة للشروط الجديدة تم التغاضي عنها من قبل النظام الجديد – منذ قدومه لأخبار الأدب على خفض سقف الحرية الذي صنعته الجريدة خلال الفترة السابقة، ودفع بالصحيفة لتصبح مجرد مطبوعة باهتة صحفيا، مسطحة ثقافيا، محافظة سياسيا وابداعيا.

وشهدت افتتاحياته نفاقا مفضوحا لحكام مصر الجدد، فنشر صورة خيرت الشاطر – نائب مرشد جماعة الأخوان المسلمين – أكثر من مرة على الغلاف داعيا إلى توليه رئاسة وزراء مصر “لكونه قادرا على استعادة روح مصر الثقافية”، وتساءل في إفتتاحية أخرى عن سر “تجاوز الافكار التنويرية لحسن البنا جدران الزمان والمكان”! وتعددت سقطاته المهنية إذ أدعى في أحد افتتاحياته أن كارل ماركس قد عاد للايمان في أواخر حياته واقترب من الاسلام!

تلك الطريقة في ادارة الصحيفة دفعت المحررين إلى الاعتراض عليه والتوقف عن العمل تقريبا منذ كانون ثان/يناير الماضي، ومؤخرا وبعد أحداث 30 يوليو/يونيو قام محررو الجريدة بطرد العفيفي – الذي قام بإجازة لمدة اسبوعين – وتولي شئون تحرير الصحيفة بطريقة جماعية وقاموا باصدار عددين – حتى هذه اللحظة – حمل العدد الأول عنوان “الخلاص” وأعلنوا ان الجريدة تدار بلا رئيس تحرير.

 

لقراءة شهادات محرري أخبار الأدب انقر هنا