تعززت مخاوف التونسيين من الارهاب بعد أن تمكنت الوحدات الأمنية في ساعة مبكرّة من يوم الأحد 4 آب/ أوت من القبض على 5 عناصر إرهابية مسلحة ووفاة عنصر سادس وذلك بعد مواجهات في منطقة الوردية بالضاحية الجنوبية للعاصمة.

لكن هذه المواجهات المسلحة سبقتها عدة تهديدات. فقد عثرت الشرطة في 2 آب/ أوت الماضي على صندوق صغير أمام بيت عقيد بالجيش الوطني بمنطقة المنزه التاسع بالعاصمة، كان يحتوي على رسالة تهديد بالقتل ورسائل مشفرة كتب عليها: “لا إله إلا الله” وعدد من عبارات التهديد للجيش والأمن للمطالبة بالانسحاب من جبل الشعانبي.

تعززت مخاوف التونسيين من الارهاب بعد أن تمكنت الوحدات الأمنية في ساعة مبكرّة من يوم الأحد 4 آب/ أوت من القبض على 5 عناصر إرهابية مسلحة ووفاة عنصر سادس وذلك بعد مواجهات في منطقة الوردية بالضاحية الجنوبية للعاصمة.

لكن هذه المواجهات المسلحة سبقتها عدة تهديدات. فقد عثرت الشرطة في 2 آب/ أوت الماضي على صندوق صغير أمام بيت عقيد بالجيش الوطني بمنطقة المنزه التاسع بالعاصمة، كان يحتوي على رسالة تهديد بالقتل ورسائل مشفرة كتب عليها: “لا إله إلا الله” وعدد من عبارات التهديد للجيش والأمن للمطالبة بالانسحاب من جبل الشعانبي.

ليسوا تنظيمات بل أفراد

 تواتر المحاولات الإرهابية في تونس، جعل بعض المتابعين للشأن التونسي يؤكد أن حادثة اغتيال محمد البراهمي والذي قتل بـ  14 طلقة نارية في 25 تموز/ يوليو امام بيته كانت بمثابة رسائل وجهتها هذه المجموعات الإرهابية إلى الجيش والأمن و”الترويكا” الحاكمة بصفة عامة.

وكشفت الشرطة التونسية في وقت سابق، ان هذه المجموعة نفسها هي التي استهدفت شكري بلعيد، السياسي المعارض الذي قتل أمام بيته بـ  8 رصاصات في 6 شباط/ فيفري2013.

بعد هذه الاغتيالات، أفاق الشارع التونسي على مشاهد مرعبة تمثلت في مقتل 8 عناصر من الجيش الوطني بجبل الشعانبي يوم 29 تموز/ يوليو، ثم جاءت محاولات استهداف الأمن من خلال وضع عبوة ناسفة تحت آلية للحرس الوطني بمنطقة حلق الوادي قبلها بأيام.

وبالرغم من تواتر العمليات الإرهابية في تونس، لم تعلن أي من الجهات مسؤوليتها عنها، وهو ما أكده سامي براهم، الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية وعضو في المعهد التونسي للدراسات الإستراتيجية، إذ يقول لـ “مراسلون”، “إن السلفية الجهادية في تونس ليس لها قيادات ولا هياكل ولا برامج واضحة”.

واعتبر أن منفذي أغلب المحاولات الإرهابية “هم مجرد أفراد من هذا التيار لخدمة أجندات معينة”.

أول عملية

وتعتبر حادثة تفجير الكنيس اليهودي بجربة أول عملية تستهدف مدنيين حصلت في تونس وكان ذلك في 11 نيسان/ أبريل 2002، حيث حمل هذا العمل بصمة تنظيم القاعدة.

في ذلك اليوم الدامي تم تحميل شاحنة لنقل الغاز الطبيعي بكمية من المتفجرات انفجرت امام الكنيس مما تسبب في مقتل 14 شخصا منهم 6 سياح ألمان و6 تونسيين وفرنسي وجرح ما يزيد عن 30 شخصا.

لكن الحديث عن خطر الإرهاب الراهن في تونس يذكر ايضا بـ “خلية سليمان” والتي أطلق عليها البعض الخلايا النائمة.

وكان أول اشتباك مسلح بين هذه الخلية والجهات الأمنية في 23 كانون الأول/ ديسمبر 2006، حيث وردت معلومات الى الجهات الأمنية تفيد بدخول 6 مسلحين إلى الأراضي التونسية عبر الحدود الجزائرية في أبريل/نيسان من العام نفسه. وقتل قائد الخلية لسعد ساسي، في المواجهات التي حصلت في الثالث من كانون الثاني/ يناير .2006

ويشار الى ان هذه المجموعة كانت تخطط لضرب منشآت حيوية ومصالح أجنبية واستهداف شخصيات تونسية وأجنبية ومحاولة قلب النظام القائم آنذاك وفق الرواية الرسميَّة، إلا أن مصادر في هيئة الدفاع تقول إنَّ خطط الجماعة لم تكن قد حققت أشواطًا كبيرة قبل مقتل أبرز عناصرها.

مجموعة سليمان

وبالرغم من إماطة اللثام عن اغلب المنتمين الى هذه الخلية والمقدر عددهم بـ (30) شخصا، لكن البعض  يحمل اليوم الحكومة التونسية مسؤولية الإفراج عن المتورطين في أحداث سليمان مباشرة بعد الثورة التونسية.

وفي هذا الصدد لا يستبعد فيصل الشريف، وهو محلل عسكري وخبير الإستراتيجي، ان يكون بعض المتورطين حاليا في قضايا الإرهاب من مجموعة سليمان، مشيرا الى انه بعد الثورة لم تتم تهيئة الإطار المناسب لإعادة إدماج هؤلاء في المجتمع، ولذلك لم يستبعد عودتهم الى “الفكر الظلامي وإلى حضن الإرهاب الذي نشأوا عليه”، حسب تعبيره.

لكن التحذيرات في تونس من خطر الإرهاب لم تكن فقط بسبب إطلاق سراح المتورطين في أحداث سليمان، بل أيضا بعد ان لوحظ تزايد انتماء الشباب التونسي للجماعات الإسلامية المتطرفة والتي توصف غالبا بـ “الارهابية”.

هذه المجموعات ظهرت بشكل جلّي مباشرة بعد اندلاع الثورة السورية حيث شجّعت الجماعات السلفية هؤلاء على الالتحاق بساحة الجهاد في سوريا، كما أكدت مقاطع فيديو على اليوتيوب وتقارير إعلامية أكثر من مرة وجود عدد من التونسيين في سوريا لمساندة جبهة النصرة، هذا بالإضافة الى الإعلان عن وجود عدد من القتلى التونسيين في سوريا.

آثار القاعدة

ويعتقد محللون أن توقيت تحرك المجموعات المسلحة ليس اعتباطيا، وعادة ما يكون مدروسا بدقة، إذ ان هذه المجموعات تستغل الظروف التي تمر بها البلاد.

وفي هذا الصدد يؤكد الشريف ان بعض هذه التحركات جاء مباشرة بعد أحداث سليانة  في تشرين الثاني/ نوفمبر 2012، حيث قامت “مجموعات ارهابية” بمحاولة التسلل الى بعض المناطق مباشرة بعد ان اندلعت موجة من الاحتجاجات الشعبية.

كما ان هذه المجموعات استغلت الإعلان عن الإضراب العام في 13 كانون الأول/ ديسمبر2012، حيث تم في جهة فرنانة من ولاية جندوبة، شمال غرب تونس اكتشاف شاحنة محملة بالأسلحة والقنابل اليدوية والخرائط.

وفي هذا الإطار يؤكد الشريف ان أبرز الجهات المعنية باقتناء الأسلحة هي “الجماعات الإرهابية” التي تنتمي إلى تنظيم “القاعدة”، مؤكدا انها عادة ما تقتني الأسلحة الخفيفة من نوع كلاشنكوف وقاذفات من نوع روكات وذلك لسهولة حملها، وبالإمكان حسب رأيه نقل ما بين 30 – 40 قطعة وتسريبها عبر الحدود من ليبيا إلى تونس.

وتشير بعض التقارير إلى وجود فائض كبير من الاسلحة بعد الحرب في ليبيا مما أدى إلى ترويج أكثر من مليون قطعة سلاح.

في وقت سابق، كان كارتر هام، القائد الأعلى للقوات الأمريكية في إفريقيا، قد حذر السلطات التونسية خلال زيارته الثالثة الى تونس وأثناء ندوة صحفية عقدت بمقر السفارة الأمريكية في آذار/ مارس 2013 من أن هناك كميات كبيرة من الأسلحة تم تهريبها من ليبيا باتجاه تونس، مشيرا الى ان القاعدة حاضرة في منطقة شمال إفريقيا، وأن تونس ليست بمعزل عمّا يحدث في مالي وغينيا.

وتشير كميات الأسلحة التي ظهرت في تونس في الأشهر الأخيرة، الى أن هذه الكميات المهربة لم تكن فقط للتخزين أو العبور بل ان جزء منها كان للقيام بعمليات نوعية في تونس.

وحسب رأي الملاحظين لم تعد تونس مجرد منطقة عبور، بل أصبحت نقطة استقرار للإرهابيين.

وفي هذا الصدد يقول علية العلاني، جامعي وباحث في القضايا الإستراتيجية والحركات الإسلامية وعضو في المكتب السياسي لحركة الديمقراطيين الاشتراكيين إن “الإرهاب بدأ يستقر في تونس ومقاومته ستتواصل، وربما ستتزيد وتيرته كلما اقتربنا من الانتخابات”.

واعتبر أن التحولات الإقليمية الأخيرة بعد حرب مالي وسقوط محمد مرسي أدخلت التيارات الجهادية في حالة من الخوف والرعب.

وتجدر الإشارة الى انه تم منذ بضعة أشهر في احد احياء قابس جنوب تونس العثور على مخزن للأسلحة المتطورة وعدد من الذخائر والمتفجرات والألغام وراجمات الصواريخ والصواريخ والقذائف والخراطيش والسترات الواقية من الرصاص والأزياء العسكرية واجهزة الاتصال اللاسلكي.

تهريب السلاح من ليبيا

ومباشرة بعد سقوط النظام الليبي السابق شهدت تونس محاولات عدة لتهريب السلاح بالإضافة الى عمليات التسلل الى الأراضي التونسية والتي حاول من خلالها مهربون التوغل في الجبال المتاخمة للحدود التونسية الجزائرية.

وتحدثت تقارير استخباراتية عن مخيمات للتدريب في منتصف 2011 على الحدود مع ليبيا، لكن السلطات التونسية نفت هذه المعلومات. ثم جاءت احداث الروحية في ولاية سليانة في الشمال التونسي لتؤكد وجود “جماعات إرهابية” تستهدف الجيش التونسي، كما تلتها مباشرة أحداث “بئر بن علي بن خليفة” التي شهدت مواجهات بين مسلحين وقوات الامن وأسفرت عن مقتل عدد منهم.