عقب عزل الرئيس مرسي في الثالث من تموز/يوليو بما يقرب من  ثلاث أسابيع قامت الحكومة الجديدة برئاسة الدكتور حازم الببلاوي بحلف اليمين أمام الرئيس المؤقت المستشار عدلي منصور تنفيذاً لخارطة الطريق التي أعلنت عنها القوات المسلحة المصرية بمشاورة القوى السياسية.

عقب عزل الرئيس مرسي في الثالث من تموز/يوليو بما يقرب من  ثلاث أسابيع قامت الحكومة الجديدة برئاسة الدكتور حازم الببلاوي بحلف اليمين أمام الرئيس المؤقت المستشار عدلي منصور تنفيذاً لخارطة الطريق التي أعلنت عنها القوات المسلحة المصرية بمشاورة القوى السياسية.

وجاء التشكيل الجديد للحكومة بوزارة جديدة لم يعرفها التاريخ الحديث المصري وهي “وزارة العدالة الإنتقالية والمصالحة الوطنية” كمحاولة من النظام لرأب الصدع والانشقاق السياسي. كما ضم التشكيل الجديد ثلاث حقائب وزارية تسلمها الأقباط، هم منير فخري عبد النور لوزارة الصناعة وجورج رمزي استينو وزير الدولة للبحث العلمي وليلى اسكندر وزيرة الدولة لشؤون البيئة. وثلاث حقائب اخرى للمرأة، هي درية شرف الدين وزيرة الاعلام ومها زين العابدين وزيرة الصحة وليلى اسكندر، إلا أن هذة النسبة الممثلة للأقباط والمرأة كانت محل خلاف من جانب المفكرين الأقباط والمهتمين بشئون المرأة.

“نشعر بالرضا”

رغم رفض كمال زاخر المفكر القبطى ومنسق التيار العلماني القبطى لفكرة “المحاصصة” التي تلجأ إليها بعض الدول في تشكيل حكوماتها إلا أنه عبّر عن شعوره بالرضا من تواجد ثلاث أقباط في التشكيل الوزاري لحكومة الدكتور حازم الببلاوي، قائلاً “المرحلة الإنتقالية التي نمر بها لا تحتاج منا سوى التركيز والتفكير في مستقبل مصر، ولا يجب أن نقيس نجاح الحكومة على أساس حجم مشاركة المرأة أو الأقباط بها ولا يصح لنا التفكير بهذه الطريقة، فالشئ الوحيد الذي يهمنا هو اختيار الدكتور حازم الببلاوي وزراء حكومته على أساس الكفاءات وأعتقد أنه نجح في هذا الامر”.

وأعرب زاخر عن سعادته لتواجد ثلاثة أقباط في حكومة الببلاوي ليست فقط لإمتلاكهم الخبرة والكفاءة التي تؤهلهم لتولي هذه المناصب فقط، بل “لإصلاح ما أفسده الرئيس المعزول محمد مرسي وجماعة الإخوان المسلمين التي كانت حريصة على إقصاء الأقباط من أي منصب سياسي”، حسبما قال.

واتفق المفكر والناشط القبطي جمال أسعد مع زاخر في رفضه لفكرة النسبة والكوتة للأقباط، مؤكداً أن اختيار الوزراء في حكومة حازم الببلاوي تم على أساس الكفاءة والنزاهة، ولكنه أكد أن تواجد ثلاث اقباط بعث الطمأنينة مرة أخرى إلى أقباط مصر بعد محاولات جماعة الإخوان المسلمين إقصائهم وإبعادهم عن أي مناصب سياسية.

ويقول: “تواجد ثلاث أقباط في حكومة الببلاوي كان محاولة للرد على غباء وشفوفينية جماعة الإخوان المسلمين، فبعد اندلاع ثورة 25 يناير كان هناك تصور بأن مشاركة الاقباط ذوي الكفاءات ستكون بشكل أكبر خاصة وأن عدد الوزراء الأقباط الذين تواجدوا في حكومات الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك لم تتجاوز الوزيرين وبالتالي تولي ثلاثة أقباط حقائب هامة كالبحث العلمي والتجارة والصناعة والبيئة مؤشر إيجابي يدعو للتفاؤل، فهذه الخطوة تتناسب بشدة مع مطلب العدالة الذي نادت به ثورتي 30 يونيو و 25 يناير”.
وطالب جمال أسعد “التأكيد على ضرورة أتباع الحكومة الشفافية والمصداقية والعلانية في التعامل مع الشعب المصري، وأن يتجنبوا الخطأ الفادح الذي وقعت به حكومة قنديل عندما لم تفصح عن مهام الحكومة وخطواتها القادمة”.

ويرى أسعد أن هناك تحديين أمام الحكومة الجديدة، الأول يتمثل في ملف الأمن و إعادة الأمان والقضاء على الفوضى و البلطجة، “لكنني واثق بأن الحكومة ستنجح في تخطي هذه الأزمة خاصة مع المصالحة التي تمت بين الجيش والشعب أثناء ثورة 30 يونيو”، أما  التحدى الثاني فهو يتعلق بالملف الإقتصادي، “ونجاح الحكومة هنا يتوقف على تواجد مساندة ليست فقط من خلال المؤسسات الوطنية ولكن عن طريق إجتهاد كل مواطن مصري وحرصه على التغيير ومساندة حكومته في الانتصار على أعداء مصر وعلى تجار الدين المتأسلمين”.

ثلاث وزيرات لا يكفين

وعلى الرغم من رضا المفكرين والنشطاء الأقباط من التشكيل الوزاري الجديد لحكومة الببلاوي والتي تضم ثلاثة أقباط إلا أن تواجد ثلاث نساء في هذه الحكومة لم يرضِ المؤسسات و الجمعيات الخاصة بحقوق المرأة.

وقالت جورجيت قليني عضو مجلس الشعب الأسبق “كنا نتوقع أن تولي حكومة الببلاوي خمس حقائب وزارية لسيدات مصر من ذوات الكفاءات والخبرات الضخمة وهذا هو ما نُشر بالفعل في العديد من الصحف القومية حيث ترددت العديد من الأخبار حول إسناد حقيبة وزارة الثقافة لدكتور إيناس عبد الدايم وأيضاً حقيبة وزارة البحث العلمي للمهندسة داليا السعدني، ولكننا فوجئنا باستبعادهما دون كشف الحكومة عن أسباب واضحة وهو الأمر الذي دفع الكثير للتوقع بأن حزب النور السلفي وبعض التيارات الدينية اعترضت على تواجدهما”.
ووصفت دكتور عزة سليمان مديرة مكتب مركز قضايا المرأة المصرية مشاركة المرأة في الحقائب الوزارية بـ “غير المشرفة أو المرضية”، مؤكدة أن وجود ثلاث سيدات فقط في التشكيل الوزاري شئ مخجل وتقول: “هذه النسبة ضئيلة جداً ولا تتناسب مع مطالب ثورتي 25 يناير و30 يونيو ولكن الشئ الغريب الذي أثار دهشتنا هو استبعاد دكتور إيناس عبد الدايم عن تولي منصب وزارة الثقافة، فهذا الامر غير مبشر على الإطلاق و يدل ان الحكومة تعاني من إرتباك و ضغوط شديدة”.

وزارة حديثة لحكومة جديدة  

واستحدثت حكومة الدكتور حازم الببلاوي وزارة جديدة تحت مسمى “وزارة العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية” والتى تم اختيار المستشار محمد أمين المهدى وزيرا لها، كمحاولة من جانب الحكومة الجديدة لرأب الصدع السياسي القائم ومحاولة إنهاء الشقاق السياسي.

وفي تصريحات صحفية قال المستشار محمد أمين المهدى وزير العدالة الانتقالية “أن المصالحة الوطنية هى السبيل الأول لاستقرار الشارع المصرى ووقف نزيف الدماء والعنف تمهيدا لتقدم البلاد، موضحاً أنه يمارس مهام عمله بشكل مؤقت فى مقر قصر الاتحادية، وأنه جار حاليا إعداد قانون يحدد مفهوم المصالحة الوطنية والعدالة الانتقالية”.

وأشار الوزير الجديد أن المصالحة التي يحتاج إليها المصريون الآن تحتاج إلى تضافر جميع مؤسسات الدولة للوصول إلى صيغة مناسبة للتصالح سواء مع رموز نظام مبارك أو مع قيادات الإخوان، مضيفا أنه معنى بملف المصالحة الوطنية منذ قيام ثورة يناير وكان الاتجاه فى البداية إلى إنشاء مفوضية، ولكن بعد تولى المستشار عدلى منصور رئاسة البلاد رأى أن الأمر يحتاج إلى وزارة كاملة للعمل على هذا الأمر. 
“هناك ثلاث خطوات لتنفيذ العدالة الانتقالية، أولاها المصارحة ثم المحاسبة وبعدهما تأتي المصالحة”،  هكذا يرى إيهاب الخراط، عضو الهيئة العليا للحزب المصري الديموقراطي، دور وزارة العدالة الانتقالية الجديدة، موضحاً أنه من الصعب أن تهدأ الأوضاع الحالية في مصر إلا بسيادة القانون واحترام حقوق الإنسان وتطبيق العدالة الانتقالية.

في المقابل اختلف المهندس أحمد بهاء شعبان، المنسق العام للجمعية الوطنية للتغيير، مع رؤية الخراط، حيث يرى الأول أن الدعوة لمصالحة وطنية هي حق يراد بها باطل، موضحاً أن جماعة الاخوان عملت ضد الشعب المصري، وعدد كبير من أعضائها متهم في قضايا عديدة، وبالتالي يجب تطبيق القانون وبحزم أولاً.

واختتم شعبان حديثة قائلاً “نوافق ونعطي الفرصة للشرفاء الذين لم تتلوث ايديهم بالدماء بالاندماج  مرة أخرى فى الحياة السياسية، ولكن غير ذلك سيعتبر جريمة في حق الشعب المصرى”.