أجرى مركز الشفافية الدولية استطلاع للرأي شمل نحو 1000 شخص في كل دولة من دول الربيع العربي. وأنجز التقرير في الفترة الممتدة ما بين أيلول/سبتمبر وآذار/مارس من العام الجاري وبين أن 80℅ من التونسيين المستجوبين يعتبرون أن نسبة الفساد والرشوة قد ارتفعت في تونس بعد الثورة. أما في مصر فرأى 64℅ من العينة المستجوبة أن الفساد قد ارتفع فيما يرى 46℅ فقط من الليبيين أن البلاد أصبحت أكثر فسادا.
أجرى مركز الشفافية الدولية استطلاع للرأي شمل نحو 1000 شخص في كل دولة من دول الربيع العربي. وأنجز التقرير في الفترة الممتدة ما بين أيلول/سبتمبر وآذار/مارس من العام الجاري وبين أن 80℅ من التونسيين المستجوبين يعتبرون أن نسبة الفساد والرشوة قد ارتفعت في تونس بعد الثورة. أما في مصر فرأى 64℅ من العينة المستجوبة أن الفساد قد ارتفع فيما يرى 46℅ فقط من الليبيين أن البلاد أصبحت أكثر فسادا.
ومن أبرز النتائج التي توصل إليها هذا المركز في استطلاعه الذي نُشر منذ أيام، أن الفساد والرشوة في الدول العربية خاصة دول الربيع العربي قد زادا منذ اندلاع الثورات بصفة كبيرة في الدول التي تحكمها الأحزاب ذات التوجه الديني.
الحكومة مسؤولة
منجي الرحوي عضو المجلس الوطني التأسيسي علق على نتائج الاستطلاع قائلا إن الحكومة تتحمل المسؤولية في انتشار ظاهرة الفساد والرشوة في البلاد لأنها لم تتمكن إلى حد اللحظة من وضع قوانين وآليات تساهم في التصدي لهذه الظاهرة ومقاومتها وإزالتها.
وقال عضو المجلس الوطني التأسيسي لـ “مراسلون”، “إن تعامل الحكومة مع ملفات رموز الفساد في النظام السابق ومع رجال الأعمال الذين وقع منعهم من السفر لم يكن جديا وأن هذه الظاهرة قد عُممت بعد الثورة ولم تعد حكرا على أشخاص معينين ولا يمكن القطع معها دون استئصالها”.
واتهم الرحوي حركة النهضة بالعمل على خلق ظاهرة جديدة وهي “الرشوة السياسية” من خلال تقديم تطمينات ووعود للأفراد والشخصيات بالحصول على مناصب مقابل اسداء خدمات لصالح الحزب الحاكم.
وفيما يتعلق بتأثيرات هذه الاستطلاعات على الوضع في البلاد، اعتبر عضو المجلس التأسيسي أن “الفساد والرشوة لهما تأثيرات اقتصادية كبيرة فالمستثمر الأجنبي يبحث عن مناخ أعمال شفاف وفي ظروف انتشار الفساد والرشوة يجد المستثمر نفسه أمام عراقيل مما يدفعه إلى عدم الائتمان على وضعه واستثماراته”.
خبير اقتصادي يٌحذّر
وجاء هذا الاستطلاع بعد تراجع ترتيب تونس في مؤشرات الرشوة العالمية من المركز 59 إلى المركز 75 في مؤشر الدول الأقل فسادا وتراجعت مصر أيضا من المركز 98 إلى المركز 118 وما أثار العديد من ردود الفعل حول دور وزارة الحوكمة ومقاومة الفساد في تونس.
من جانبه حذر د.محسن حسن الخبير الاقتصادي من أن ارتفاع الفساد والرشوة لها تداعيات اقتصاديّة كبيرة. وقال حسن لـ “مراسلون”، “في تونس يُقدر الخبراء أن الفساد يؤدي إلى حرماننا من نقطتي نمو نظرا للعلاقة الوطيدة بين النمو ودرجات الفساد”. مضيفا أن الظاهرة يتجاوز تأثيرها حدود الوطن لتمس بصورة البلاد بالخارج وتؤثر على مناخ الأعمال وإقبال الاستثمارات الخارجية.
ودعا الخبير الاقتصادي إلى ضرورة إصلاح الاقتصاد الذي يقوم أساسا على رفع المقدرة الشرائية للمواطن من خلال التقليص من الضغط الجبائي على الأفراد والترفيع في الأجور مع الترفيع في الإنتاج والإنتاجية بالإضافة إلى إصلاح مناخ الأعمال خاصة ما يتعلق بالجانب التشريعي وحياد الإدارة.
وقال حسن أن مثل هذه الاحصائيات يجب قراءتها بتأن وترو وذلك لثلاثة أسباب؛ وهي التعتيم الموجود قبل الثورة فيما يتعلق بالفساد الإداري والمالي، وتزايد المشاكل الاقتصادية بعد الثورة من خلال تراجع القدرة الشرائية وارتفاع الأسعار، إضافة إلى الفترة الانتقالية التي تمر بها بلدان الربيع العربي والتي تعرف بضعف مؤسسات الرقابة الحكومية وهو ما يؤدي مباشرة إلى ارتفاع مؤشرات الفساد والرشوة، على حد قول الخبير الاقتصادي.
المرة الأولى
وفي رده على اتهام الحكومة بالتستر على الفساد قال رئيس ديوان وزير الحوكمة ومقاومة الفساد هشام الحامي لـ “مراسلون”، “إن محاكمة الفاسدين ومقاضاتهم أمر يهم القضاء وليس من دور الوزارة، فهذه الأخيرة يقتصر دورها على دراسة ملفات الفساد وإرسالها إلى المحاكم للنظر فيها وأن الدور الأساسي لهذه الوزارة هو بناء دولة قانون فيها مؤسسات شفافة تعتمد على النجاعة والحوكمة الرشيدة”.
وأضاف الحامي أن وزارة الحوكمة ومقاومة الفساد بصدد تحضير عدة قوانين تتعلق بإصلاح منظومة الجباية وشفافية تمويل الأحزاب السياسية وتجريم الإثراء غير المشروع وحماية المبلغين عن الفساد. وأن تونس ستنظم المؤتمر العالمي للشفافية الدولية الذي ستحتضنه لأول مرة دولة عربية وافريقية تحت شعار “لا إفلات من العقاب”.
و فيما يتعلق بالاستبيان اعتبر رئيس ديوان وزير الحوكمة ومقاومة الفساد أن هذه المرة الأولى التي يجري فيها مركز الشفافية الدولية استطلاع رأي في تونس، وأن استجواب 1000 عينة هو “مسألة انطباعية بحتة”، خاصة وأن مناخ الحرية الذي تتميز به البلاد بعد الثورة ساهم في الكشف عن الفاسدين وهو أمر لم يتعود عليه المواطن التونسي من قبل حين كان الفساد عملية منظمة.
وعن تأثير الاستبيان على الوضع في تونس، أشار الحامي إلى أن استطلاعات الرأي ليست لها أية تأثيرات اقتصادية على البلاد، “فالمستثمرون الأجانب ينظرون بدرجة أولى إلى الاتفاقيات الدولية التي وقعت عليها تونس مثل الشفافية الجبائية والقوانين التي تحمي المستثمر وتعطيه حقوقه”.
وأكد أن عملية مسح النزاهة التي أجرتها تونس في جميع مؤسساتها للنظر في مواضع الفساد وإصلاح القوانين للحصول على إدارة نزيهة تلعب دورا مهما في كسب ثقة المستثمرين الأجانب.
ويؤكد خبراء أن هناك مؤشرات عديدة تبين انتشار ظاهرة الفساد والرشوة في تونس وسط صمت الحكومة. و كانت قضية شركة “يسر للتنمية”، وهي شركة تحيل في مجال الادخار المالي، خلفت كثير من الانتقادات للحكومة.
وفي هذا الاطار صرح الخبير الاقتصادي معز الجودي لوسائل إعلام تونسية أنه توجد تدخلات سياسية تساند عادل الدريدي (صاحب الشركة ومتواجد بالسجن) في الخفاء، وأضاف “إطلاق سراح الدريدي المرة الأولى بعد إيقافه أدى لتماديه وإيهام المنخرطين المودعين لأموالهم بقانونية نشاطه مادامت الدولة أفرجت عنه”.
وتجدر الاشارة إلى أن عملية استطلاع الرأي الذي أجراه مركز الشفافية الدولية، أجري قبل قضية التحيل لشركة “يسر” للتنمية، وكذلك قبل إطلاق سراح عدد من وزراء النظام السابق، وزيادة السخط على الحكومة لتساهلها في مقاومة ظاهرة الفساد.