شهدت فترة حكم الرئيس مرسي التي لم تتجاوز عاما العديد من الاعتداءات الطائفية والعنصرية، آخرها واقعة قتل وسحل أربعة من الشيعة في قرية أبو مسلم بالقرب من القاهرة. كما تخللها صدامات وفتن طائفية بين مسلمين وأقباط، إضافة إلى اعتداءات من قبل من نسبوا إلى التيار السلفي على الأضرحة والمزارات التي يحج إليها المتصوفة، لذلك لم يكن غريبا أن تعبر معظم هذه الطوائف عن ترحيبها برحيل مرسي في الثالث من تموز/ يوليو وما يمثله من مشروع الإسلام السياسي.

“فساد 30 سنة في سنة واحدة”

شهدت فترة حكم الرئيس مرسي التي لم تتجاوز عاما العديد من الاعتداءات الطائفية والعنصرية، آخرها واقعة قتل وسحل أربعة من الشيعة في قرية أبو مسلم بالقرب من القاهرة. كما تخللها صدامات وفتن طائفية بين مسلمين وأقباط، إضافة إلى اعتداءات من قبل من نسبوا إلى التيار السلفي على الأضرحة والمزارات التي يحج إليها المتصوفة، لذلك لم يكن غريبا أن تعبر معظم هذه الطوائف عن ترحيبها برحيل مرسي في الثالث من تموز/ يوليو وما يمثله من مشروع الإسلام السياسي.

“فساد 30 سنة في سنة واحدة”

الصوفيين ليسوا أقلية بالمعنى المعتاد، لكنهم عانوا الأمرين تحت حكم الإسلاميين، وتعرضت أضرحتهم ومزاراتهم لاعتداءات متكررة، مثل ما حدث في منطقة طلخا بمحافظة الدقهلية آخر العام الماضي، بسبب ما اعتبره بعض السلفيين إشراك في العقيدة.

الشيخ أحمد الصاوي، عضو المجلس الأعلى للطرق الصوفية من محافظة الفيوم يقول “كان يجب أن تكون ثورة 25 يناير.. ثورة على الفساد، ولكن للأسف إستغلتها جماعة الإخوان المسلمين لصالحها لأنها جماعة منظمة، وإستولت عليها. وما فعله الرئيس السابق محمد حسنى مبارك فى 30 عام من فساد، فعلوه هم فى عام واحد فقط”.

وأضاف “ان الشعب انتخب الدكتور محمد مرسى، ولكن جماعة الإخوان المسلمين هى التى كانت تحكم، وكان مرسي مندوبها فى رئاسة الجمهورية، وقد أساءت الجماعة للإسلام والدين والمسلمين جميعا لأنهم لم يتبعوا تعليمات النبى (ص) والكتاب، وأخلوا بتعليمات الدين الإسلامي”.

وطالب من أسماهم بالمتاجرين بالدين بأن “يتقوا الله ويبعدوا السياسة عن الدين ولا يخلطون بينهما”.

الصوفيون يعزون الخلل الذي وقع العامين الماضيين إلى السماح بإنشاء أحزاب دينية، فيقول “الصاوى”: “يجب على التعديلات الدستورية ألا تسمح بتكوين أحزاب على أساس ديني وألا يكون هناك شعارات دينية فى الأحزاب السياسية، وألا يزج بالدين فى السياسة”.

وأخذ يشدد على ضرورة أن يختار المصريين من يمثلهم فى الإنتخابات على أسس “موضوعية”، لأنه لا مجال للخطأ مرة أخرى، قائلا “إننا اكتشفنا من قبل بعد الاختيار على أساس ديني، أن هؤلاء تجار دين. ولكن الاختيار لابد أن يكون على أساس الكفاءة”.

لا للأحزاب الدينية

في الشهر الماضي حضر الرئيس السابق مرسي مؤتمرا عقد في استاد القاهرة تحت عنوان” نصرة سوريا”، وشارك فيه عدد من الشخصيات الإسلامية من مختلف ألوان الطيف. وترددت في المؤتمر دعوات طائفية تحث على عدم التسامح مع الآخر، على مسمع من مرسي وباقي الحضور.

بعدها بأيام وقعت حادثة أبو مسلم التي سحل فيها اربعة من الشيعة حتى الموت. لذلك لم يكن الشيعة من أبناء مصر بعيدين عن موجة 30حزيران/ يونيو الثورية التي أطاحت بحكم مرسي، مثلما أكد السيد الطاهر الهاشمي، عضو المجمع العالمي لآهل البيت عليهم السلام، والأمين العام لمشيخة الطريقة الهاشمية، والذى أشار إلى أنهم شاركوا فى الثورة ضد نظام حاول إقصاء كل من يخالفه.

وقال، “إن ما يطلق عليه الإسلام السياسي هو الإسلام الأموي، قد أثبت فشله من جميع الجوانب حيث تسبب فى تشويه صورة الإسلام. ولكن الإسلام المحمدى ليس فيه قتل وبغض ودماء، فهو ينطلق من النبى محمد، ورؤية على إبن أبى طالب، الذى قال عندما تذهب إلى مصر ستجد مسيحيين، عليك أن تساعدهم فى عباداتهم وأن تبنى لهم كنائسهم، وهذا هو الإسلام الذى نحن عليه، أما ما يعرضونه لا نعرف من أين جاؤوا به، فهو ليس إسلام، وانما رؤية بنى أمية”.

ورفض الهاشمى بشدة فكرة إستمرار قيام أحزاب على أساس ديني، وقال إن من خرب مصر هو قيام أحزاب دينية، لأن تقديم رؤية سياسية من خلال الدين، هو أمر مرفوض، فليس هناك أمن ولا أمان معهم، حسب قوله.

مشاركة قبطية

الأقباط بدورهم لم يكونوا معزولين عن أحداث ثورة 30 حزيران/يونيو، والتى أسفرت عن عزل محمد مرسى من منصبه، ولكنهم شاركوا فى التظاهرات الحاشدة بقوة فى كافة الميادين المصرية، مثلما يؤكد القمص روفائيل سامى، راعى كنيسة مارجرجس بمدينة طامية في محافظة الفيوم، والكاتب الصحفي في صحيفة “وطني” الأسبوعية، وقال، “لقد اجتمع أكثر من 20 مليون مواطن مصري فى شوارع مصر فى دائرة أوسع من أهل وعشيرة الرئيس السابق محمد مرسى”.

وتابع “لقد عين الرئيس السابق 17 محافظا إخوانيا وسعى إلى أخونة الدولة، مما دفع الملايين من المواطنين للخروج من أجل إسقاط مرسي، كما أنه لم يصدق فى وعد من وعوده الإنتخابية، وهو ما دفع من حوله للإستقالة وسحب دعمهم له سواء كانوا مستشاريه أو نوابه خلال ثلاثة أشهر، فضلا عن أنه ليس لديه خطة نهضوية للبلد، بل أدخلها فى نفق مظلم من الديون والقروض، ولم يوافق على اختيار رئيس وزراء ينقذ البلد اقتصاديا”.

وانتقد سامي ما أسماه محاولة الولايات المتحدة الأمريكية السيطرة على مصر، فى سياق رسم شرق أوسط جديد من خلالهم، وأكد على ضرورة ألا تكون هناك أحزاب دينية في مصر لأن الدين له قدسيته، فلا تتماشى السياسة مع الدين.

“إرادة شعبية تحترم”

“ثورة 30 حزيران/ يونيو هى مؤشر إلى أن المجتمع المصرى بلغ مرحلة جديدة من مسيرة تطوره”، تقول الدكتورة بسمة موسى، الناشطة الحقوقية ومن القيادات البهائية فى مصر.

وتابعت “في وقت من الأوقات تنمو مشاعر عدم الرضا عند الشعب نتيجة منعه من المشاركة الكاملة فى العمليات التى تقود مسار البلاد، وتصبح هناك رغبة لدى المواطنين بأن تتنازل السلطة عن مزيد من المسؤولية لهم لإدارة شؤون البلاد. والأحداث التى شهدتها مصر هي تجاوب لقوى تدفع الجنس البشرى نحو مكانة كبيرة لتصل إلى مجتمع العدل والإنصاف الذى ننشده”.

وأضافت “لابد أن يراعى فى الدستور الجديد عدم تأسيس أحزاب على أساس دينى، لأن الدين مكانه قلوب العباد، فهو فى كل مكان ليس له حدود أو دول ولا يستغنى عنه، لكن يجب عدم الخلط بين الدين والسياسة حيث أن الدين يغذى الروح أما إدارة البلاد فهى تعتنى بالحياة اليومية”.

القبائل العربية تستكمل دورها الثوري

وعلى الرغم من بعدهم عن مركز الأحداث وسكناهم في الصحراء إلا أن قبائل البدو أيدت بقوة عزل الرئيس السابق محمد مرسى، وقال علاء أبو جليل، عضو إئتلاف القبائل العربية بالفيوم، “القبائل العربية شاركت بقوة فى ثورة 30 حزيران/ يونيو، بإعتبارهم شريحة لا تنفصل عن الشعب المصرى، لأن مصر بلدنا، وما أصابها فى ظل حكم الأخوان كان له تأثيره السلبى على الحياة”.

وأضاف، “ما فعله النظام الحاكم جعله من المستحيل أن يستمر بهذه المهزلة، وأنه إستكمالا لدورنا الثورى من 1919، كنا نرى أن الواجب يحتم علينا أن ندافع عن مصر، ونحررها من مغتصبيها بإسم الدين الذى نشهد الله أنه برئ منهم ومن تجاوزتهم”.