هاجس المركزية التي ظل يعاني منها أبناء المناطق الليبية البعيدة عن المدن الكبرى، دفع زعماء قبليين ينتمون لقرى محيطة بمدينة طبرق (500 كم شرقي بنغازي)، لتدارس سحب تبعيتهم لمجلس المدينة والانضمام كلجان تسييرية للمجلس المحلي في امساعد، القرية الواقعة على الحدود الليبية المصرية والتابعة هي الأخرى لمجلس طبرق.

المناطق التي يسعى زعماؤها للانسحاب منها هي قرى قصر الجدي، الخشيبات، أم ركبة وبو فرجاني. والبادرة ليست الأولى فقد سبقتها محاولات كان آخرها في أيار/مايو 2012، لكنها قوبلت برفض شعبي من أبناء هذه القرى البالغ عددهم قرابة 10 آلاف نسمة.

هاجس المركزية التي ظل يعاني منها أبناء المناطق الليبية البعيدة عن المدن الكبرى، دفع زعماء قبليين ينتمون لقرى محيطة بمدينة طبرق (500 كم شرقي بنغازي)، لتدارس سحب تبعيتهم لمجلس المدينة والانضمام كلجان تسييرية للمجلس المحلي في امساعد، القرية الواقعة على الحدود الليبية المصرية والتابعة هي الأخرى لمجلس طبرق.

المناطق التي يسعى زعماؤها للانسحاب منها هي قرى قصر الجدي، الخشيبات، أم ركبة وبو فرجاني. والبادرة ليست الأولى فقد سبقتها محاولات كان آخرها في أيار/مايو 2012، لكنها قوبلت برفض شعبي من أبناء هذه القرى البالغ عددهم قرابة 10 آلاف نسمة.

حامد صالح ابوبكر من أهالي قرية قصر الجدي قال لـ” مراسلون” أنه يرفض ما ينوي الزعماء القبليون القيام به، فبحسب اعتقاده “فكرة الرجوع للمرابيع (مجالس الرجال) وتكريس القبلية في العملية السياسية مرفوضة”، ناهيك عن أن اللجنة التسييرية للقرية “منتخبة بشكل ديمقراطي في نيسان/أبريل 2011″، يقول ابو بكر.

بينما أرجع رئيس اللجنة التسييرية المنتخبة لقرية قصر الجدي، صالح بوعكوش ما ينوي الزعماء القيام به لـ “الأمية السياسية، وسيادة النفوذ العشائري وتصدر زعماء القبائل للواجهة السياسية دون دراية بأبعادها”، ما اعتبره” تعثراً حقيقياً في طريق التحول الديمقراطي”.

منطلق قبلي

بوعكوش أعرب لـ” مراسلون” عن استيائه من عدم مشاورتهم كلجنة مسؤولة في هذا الشأن، واصفاً المبادرة بـ”دكتاتورية الطرح”، وأضاف “الانفصال عن طبرق يأتي من منطلق قبلي صرف، وهو ما أثار امتعاض وغضب الشباب والثوار في المنطقة”.

واستطرد “إذا كان الانشقاق عن مدينة طبرق تحصيل حاصل، فالأجدر أن يكون قصر الجدي (الأكثر سكاناً حوالي 5000 نسمة) هو المجلس الرئيسي والمناطق الأخرى تتبعه، بما في ذلك امساعد، المنطقة الحدودية ذات المتناقضات السياسية، والتي يرتبط الوضع فيها بالعلاقات الدبلوماسية الليبية المصرية، ما سيكون على حساب المواطن في المنطقة”.

ويرى رئيس اللجنة أن قصر الجدي” قابعة على رقعة جغرافية أكبر، وتحتوي على أودية زراعية كبيرة وساحل كبير على البحر، بالإضافة إلى أنها لم تتبع عبر التاريخ الا لمدينة أكبر منها مثل طبرق”، وأعرب عن تخوفه في ذات السياق من أن” تتحول امساعد إلى منطقة عسكرية عند حدوث أي توتر في العلاقات بين ليبيا ومصر بسبب الحدود أو أي عرض آخر”.

تبعية مرهونة

من جانبه قال رئيس اللجنة التسييرية لقرية أم ركبة، ونيس مستور أن قرار الانفصال عن المجلس المحلي طبرق من عدمه والانضمام للمجلس المحلي في أمساعد هو “في يد أهلها”، في إشارة منه لتأييد أهالي أم ركبة ذات الـ 1700 نسمة لذلك القرار.

وأضاف “عُقد اجتماع سابق بين رئيس وأعضاء المجلس المحلي امساعد وأعيان ومشايخ من أهالي أم ركبة، وتم الاتفاق خلاله على انضمامنا لـ امساعد، لكن لا توجد أية ضمانات ولا يوجد أي إجراء رسمي من قبل الدولة بهذا الخصوص”.

وعن الجانب القانوني في انتقال القرية من تبعية طبرق لتبعية امساعد قال مستور” لم يطرح رأي قانوني في سياق الاجتماع، لكن تبعيتنا للمجلس المحلي في طبرق أصبحت رهينة تحديد موقف من تصفية إجراءاتنا القانونية، خاصة فيما يتعلق باستحقاقنا في ميزانية 2013 وتحصيلها من المجلس المحلي بطبرق”.

الناس تعاني

لكن محارب بدر، الكاتب والناشط السياسي من قرية قصر الجدي قال لـ” مراسلون” إن الانضمام للمجلس المحلي في امساعد يخدم سكان قريته بحكم قرب المسافة (90 كم)، من ناحية إتمام الإجراءات الإدارية وفي الحصول على وظائف وأعمال لأبنائها.

وأضاف “عند الانضمام إلى امساعد سيتم توزيع الميزانية المرصودة للمجلس بين كل القرى بشكل متساوٍ، بدون منافسة من مدينة بحجم طبرق تعداد سكانها كبير (120الف نسمة)، وحدودها الإدارية تصل حتى مدينة الجغبوب على الحدود الجنوبية مع مصر”.

وأكد على أن “الناس تعاني من بعد قٌراها عن مدينة طبرق، وترى مصلحتها في الانضمام لامساعد بحكم قرب المسافة”.

خدمات أفضل

ويربط مراقبون بين تجديد المطالبة بانضمام لجان تسييرية لقُرى بعينها، يجمعها امتداد قبلي واحد، ومؤتمر إعلان برقة إقليماً فيدرالياً الذي عقد في الأول من حزيران/يونيو الماضي، معتبرين الخطوة إجراءً استباقياً لضمان حصول تلك القرى على مقاعد في مجلس الإقليم الفيدرالي، التي يتوقعون أن يتم توزيعها من منظور جهوي في حال تشكيله.

وهو ما يؤكده شيخ قبلي حضر مؤتمر إعلان برقة إقليماً فيدرالياً – فضل عدم الإفصاح عن هويته – قائلا لـ “مراسلون”، إنه غير مقتنع بالإعلان لكنه حضر لغرض تسجيل الحضور فقط، وأنه لم يؤخذ برأيه فيما يتعلق بالبيان وإعلان استقلال الإقليم، ويبرر” ما يسري على باقي تركيبات المنطقة يسري علينا”.

99 بلدية

وكيل وزارة الحكم المحلي صالح سعيد قال لـ”مراسلون” إن الحديث عن الانضمام لمجلس امساعد “حديث قديم”، لأن امساعد مجلس محلي رئيسي منذ عام.

غير أنه قلل من أهمية الموضوع خاصة بعد قيام الحكومة بإصدار قرار بإنشاء 99 بلدية في ليبيا، وأنه لن يكون هناك حديث عن المركزية بعد تنفيذ هذا القرار.

سعيد أضاف “عند تشكيل المجالس المحلية لم يكن هناك قرار للتقسيم الإداري والحدود الجغرافية لكن قرار البلديات يتضمن فقرة تقول إن مجلس الوزراء سيصدر قراراً يتضمن الحدود والنطاق الجغرافي لكل بلدية”.

وفي ظل هذه التجاذبات والانتماءات المتضاربة التي تحكم أبناء تلك القرى بين القبيلة أوالقرية أوالمدينة التي يسكنون ضمن نطاقها الإداري، يبقى خيار أي الانتماءات أقوى هو خيار فردي، كما أن السعي وراء حظوظ أفضل سياسياً ومادياً وإدارياً هو ما يحرك شيوخ تلك المناطق، وإن ضلت بوصلتهم أحياناً.