“محافظة الإسكندرية ستشهد كارثة بيئية كبيرة، وسوف تتحول إلى بحور من الصرف الصحي، مما يهدد بسقوط المباني وحدوث هبوط أرضي، ما لم تتدخل الجهات المسؤولة بأسرع وقت لإنقاذ الثغر”، هكذا قال مصطفي حمزة، المسؤول الإعلامي بهيئة الصرف الصحي بالإسكندرية. على إثر ذلك أرسلت هيئة الصرف الصحي رسالة تحذيرية إلى مجلس الوزراء، ومازالت في انتظار تحرك الأخير.

“غلق محطة أبو بسيسة”

“محافظة الإسكندرية ستشهد كارثة بيئية كبيرة، وسوف تتحول إلى بحور من الصرف الصحي، مما يهدد بسقوط المباني وحدوث هبوط أرضي، ما لم تتدخل الجهات المسؤولة بأسرع وقت لإنقاذ الثغر”، هكذا قال مصطفي حمزة، المسؤول الإعلامي بهيئة الصرف الصحي بالإسكندرية. على إثر ذلك أرسلت هيئة الصرف الصحي رسالة تحذيرية إلى مجلس الوزراء، ومازالت في انتظار تحرك الأخير.

“غلق محطة أبو بسيسة”

يعود سبب الكارثة المتوقعة، كما يقول حمزة، إلى قيام أهالي منطقة “أبو بسيسة”  الكائنة بمنطقة العامرية غرب الإسكندرية قبل أسبوعين بغلق مدفن مخلفات الصرف الصحي المسمى مدفن المواد الصلبة “الحمأة”، والتي يتم تجميعها من جميع محطات معالجة مياه الصرف في المحافظة وعددها 22 محطة بالإضافة إلى 129 محطة رفع تخدم جميع أحياء المحافظة. إذ قام الأهالي بغلق الطريق المؤدي إلى المدفن، وتعدوا بالضرب على العاملين بالموقع وحطموا السيارات المحملة بتلك المواد الخطرة علي صحة المواطنين.

ما أقدم عليه الأهالي كان احتجاجا على عدم اهتمام المحافظة بتطوير أدوات التخلص من النفاية لتخفيف معاناة الأهالي، الذين يسكنون حول محطة أبو سيسة المخصصة لمعالجة مخلفات التنقية ودفنها. لكن اغلاق المدفن سيحول المحافظة إلى بحر من المياه الآسنة، لأنه سيؤدي إلى توقف محطات المعالجة التي تقوم بتنقية المياه وبجمع المخلفات على شكل مواد صلبة.

“الحكومة تتعمد قتلنا”

تقع منطقة أبو بسيسة في منطقة العامرية غرب محافظة الإسكندرية. شوارعها غارقة تماما بمياه الصرف الصحي، والقمامة تحوط منازلها من كل مكان، وأشجار الكافور موجودة بكثافة في تلك المنطقة، و مبانيها عبارة عن مساكن شعبية وبيوت أهالي، هذا هو المشهد المسيطر علي تلك المنطقة التي تأثرت بشكل كبير من جراء انفجار خطوط الصرف الصحي، بعد اغلاق الأهالي للطريق إلى محطة 9 ن.

يقول محمد أبو العلا، أحد سكان المنطقة،  أنهم لا يتحملون العيش وسط محطة “9ن” الخاصة بتفريغ مخلفات الصرف الصحي والتي تقع بقلب المنطقة السكانية التي يسكنون فيها، مؤكدا أنهم أصيبوا بأمراض حساسية الصدر والأزمات الصدرية والربو وأمراض الرمد من جراء حمل الحشرات الطائرة لتلك الفيروسات الناتجة عن مخلفات الصرف والحكومة تتعمد قتلنا وقتل أبنائنا، حسبما قال.

ويضيف أبو العلا قائلا “الأهالي قاموا بعمل تظاهرة أمام محطة “9ن” لكي يعلنوا رفضهم تشغيل تلك المحطة التي تفرم تلك المخلفات وتنبعث رائحتها الكريهة إلى داخل بيوتنا وتؤثر في صحة أولادنا وتصيبهم بالأمراض القاتلة وهم في سن صغيرة”.

ويوافقه في الرأي جمال صابر، عامل، وأحد السكان، ويضيف أن من جراء مخلفات تلك المحطة أصيب طفله حسام البالغ 8 سنوات بحساسية في الصدر نتيجة الرائحة الكريهة التي تدخل البيوت من قبل المحطة، مؤكدا أنه أرسل المئات من الشكاوى للمحافظ والمسؤولين لكن دون جدوى، “ثم يخرجون ويؤكدون أن المحطة لا تمثل ضرر علي المدينة”.

ويطالب الأهالي بسرعة نقل المحطة “9ن” من منطقة العامرية لكونها تؤثر بالسلب على صحة السكان، مؤكدين أنهم لن يسمحوا للعاملين بها العمل في تصريف المخلفات “حتى ولو على جثثهم”.

“الكارثة قادمة لا محالة”

لكن لماذا أقيمت محطة 9 ن في منطقة سكنية في المقام الأول؟ المهندس عبد المحسن مصطفي، رئيس هيئة الصرف الصحي بالإسكندرية، يقول إن محطة معالجة “الحمأة” (أي مخلفات الصرف الصحي) ودفنها، أُنشأت عام 1981، وأن الموقع تم اختياره بواسطة مكاتب خبرة عالمية من بين 18 موقع أخر وتم تفضيله بسبب انخفاضه عن سطح الأرض وابتعاده عن المياه الجوفية.

ويواصل مصطفي حديثه قائلا: “وفي ذلك التوقيت لم يكن بالموقع أي تجمعات سكانية، وبعد قيام الهيئة برصف الطريق بطول 10 كيلو متر من الطريق الصحراوي إلى الموقع وإدخال المرافق قام الأهالي بالزحف إلى المنطقة وقاموا بإنشاء مزارع للدواجن والأرانب حول الموقع وقاموا بالسكن والإقامة. أي أن الأهالي قدموا إلى المنطقة بعد إنشاء محطة ن 9”.

إلى ذلك حذر مصطفى من كارثة حقيقية، مؤكدا توقف محطات المعالجة، وانفجار 18 غرفة صرف صحي بشارع السكة الجديدة بمنطقة المنشية وسط الإسكندرية بسبب ضغط الغازات الناتجة من المخلفات.

الأصابع الخفية

مصطفي حمزة، يرى أن أصابع خفية وراء ثورة الأهالي بخصوص محطة “9ن” في هذا التوقيت الحرج. ويوجه الاتهام إلى تجار الأراضي وتجار الآثار الذين يحاولون بأي شكل من الإشكال إخلاء المنطقة من تلك المحطة وأيضا السكان، ثم يقومون بشرائها لعلمهم بأن تلك المنطقة أثرية ويقع في باطن أرضها مقابر أثرية ترجع للعصور الرومانية واليونانية وذلك بقصد السيطرة عليها.

ويشير حمزة، إلى أن وراء تلك الأزمة هولاء التجار وهم الذين نشروا شائعة أن المحطة تؤذي الأطفال والكبار بتلك الأمراض الصدرية والوبائية. ويقول “إن المحطة محاطة من كل مكان بأشجار الكافور المرتفعة بشكل كثيف جدا وذلك لتقليل نسب التلوث والقضاء على أي مصدر من مصادر التلوث البيئي، خاصة وأن المعروف عن شجر الكافور أنه قاتل للملوثات بسبب رائحته العطرة النفاذة وبالتالي لا يمكن أن يسبب ضررا للسكان أو الأهالي كما يشيعون”.

ويحذر حمزة من أن الكارثة لن تقف فقط عند تلك المنطقة، فانفجارات محطات المعالجة تتوالى يوما بعد يوما، والكارثة اقتربت من الوصول إلي خط بترول شركة سوميد وبترول الطائرات المتجه إلى مطار برج العرب وضغط الكهرباء مما ينذر بكارثة محققة.

الآثار تؤكد

طارق جميل، الخبير بهيئة الآثار بمحافظة الإسكندرية، يؤكد أن تلك الأزمة وتوالي انفجارات محطات الصرف الصحي أثرت على درجة هبوط الأرض، حيث أدى تعويم المياه الجوفية إلى تكرار معدلات الهبوط الأرضي مثل مناطق النبي دانيال والمنشية والازرايطة التي أصبحت تهبط بشكل دوري بسبب غرق الشوارع بمياه الصرف الصحي.

ويشير جميل، إلي تفاقم الأزمة وهبوط كافة الأراضي والشوارع بالمحافظة إذا لم يتم إنقاذ ومعالجة محطات الصرف الصحي فالمحافظة علي وشك الغرق وغرق الآثار وتاريخ المحافظة معها، مطالبا المسؤولين بسرعة التحرك أمام تلك الكارثة التاريخية.

ويختم مصطفي حمزة بقوله “إننا بصفتنا المسؤولين عن هيئة الصحي بالمحافظة قُمنا بعرض تلك الكارثة علي المستشار محمد عطا، محافظ الإسكندرية والدكتور حسن البرنس نائبة وكذلك اللواء أمين عز الدين، مدير أمن الإسكندرية، وذلك لتوفير الحماية للموقع والعاملين ولكن دون جدوى، إذ لم يتحرك ساكنا اتجاهنا والأزمة مازالت مستمرة”، مطالبا بإيجاد الحل الفوري من الدكتور هشام قنديل رئيس مجلس الوزراء.  

و من جانبنا حاولنا الاتصال بكل من المستشار محمد عطا، محافظ الإسكندرية والدكتور حسن البرنس، نائبه، إلا أنهما رفضا التعليق أو الرد بدعوى رفض التصريحات الإعلامية.