رغم حجم الخسارة المادية وفقدانه لأحد أعضاء جسمه إلا أن بريق الأمل لا يزال مشعا في عيون العريف الأول في الحرس التونسي شهاب العياري.

[ibimage==7313==Small_Image==none==self==null]

شهاب العياري

الشاب ذو الـ 23 عاما الذي خسر ساقه اليمنى في معارك مع المتشددين في جبل الشعانبي في القصرين (الوسط الغربي) استقبلنا في بيت أسرته المتواضع في قرية أولاد عيار من ولاية باجة (100 كلم تقريبا شمال غرب العاصمة)، واستحضر برباطة جأش الحادثة بكل تفاصيلها. فكان الحوار التالي:

رغم حجم الخسارة المادية وفقدانه لأحد أعضاء جسمه إلا أن بريق الأمل لا يزال مشعا في عيون العريف الأول في الحرس التونسي شهاب العياري.

[ibimage==7313==Small_Image==none==self==null]

شهاب العياري

الشاب ذو الـ 23 عاما الذي خسر ساقه اليمنى في معارك مع المتشددين في جبل الشعانبي في القصرين (الوسط الغربي) استقبلنا في بيت أسرته المتواضع في قرية أولاد عيار من ولاية باجة (100 كلم تقريبا شمال غرب العاصمة)، واستحضر برباطة جأش الحادثة بكل تفاصيلها. فكان الحوار التالي:

لو تصف لنا ما جرى بالضبط؟

كنت يوم 28 نيسان/ أفريل في زيارة خاطفة إلى مسقط رأسي عندما تلقيت مكالمة  استعجالية من رئيسي في العمل للالتحاق بثكنة “العوينة” العسكرية بالعاصمة، لتعزيز الجهود الأمنيّة بجبل الشعانبي.

في اليوم الموالي باشرت عملي، وأثناء عمليّة تمشيط مشتركة بين الحرس الوطني والجيش كنا بصدد البحث عن آثار الارهابيين بين الأشجار الكثيفة، وبحكم صعوبة التضاريس في المنطقة لم نكن ننتبه إلى الأرض، فقد كان تركيزنا منصبّا على أن تباغتنا هذه العناصر بطلقات نارية.

كان التدخّل في المقام الأوّل لأحد المسؤولين بالفرقة التي أنتمي إليها الذي تجاوز منطقة اللغم لكن شاء القدر أن تقع ساقي اليمنى على اللغم الأرضي الذي كان مدفونا ومخبأ بطريقة محترفة فانفجر ناسفا معه ساقي اليمنى في حدود أعلى حذائي العسكري. كما أصيبت ساقي الثانية بكسور بليغة كما طالت الشظايا احد زملائي الذي فقد كذلك عينه.

كيف عشت تلك اللحظات العصيبة؟

كنت ساعتها بين الوعي واللاوعي، لكني شاهدت بأم عيني كيف انفصلت ساقي عن بقية جسدي من قوة الانفجار. ولن أنسى ما حييت مشهد حذائي العسكري يتطاير بما بقي فيه من الساق المبتورة. لقد دخلت في حالة إغماء تامة بعد أن حلت فرق الاسعاف وحملتني إلى المستشفى المحلي بالمنطقة لتلقي الاسعافات الأولية وإنقاذ ما يمكن انقاذه من الساق اليسرى.

بعد العملية الجراحية، كان تصريحك لوسائل الاعلام صادما للبعض أكثر من الحادثة نفسها..

لقد قلت وأؤكد أنني مستعد للعودة إلي الجبل حتى لو كلفني ذلك ساقي الثانية حتى أساند زملائي في الذود عن الوطن وحتى لا ينزل الإرهاب من الجبال إلى المدن.

كلماتك تلك، تناقلتها كل وسائل الإعلام وشبكات التواصل الإجتماعي فهل قصدت بذلك إعطاء درس في الوطنية للنخب السياسية؟

لم أقصد بكلامي أي جهة معينة. أنا فقط أكدت عزمي على الاستبسال من أجل الدفاع عن أمن المواطنين من رحى الإرهاب التي لا تبقى ولا تذر أينما حلت.

لقد عدت الى أهلك الآن، وتستقبل العشرات من المواطنين والزملاء المتعاطفين معك فما هي أهم الرسائل التي تسعى الى توجيهها؟

أنا أصر في حديثي مع كل من يزورني وكذلك في تصريحاتي الاعلامية على أنني لا أريد أن أعيش في جبة الضحية. فالقضية اليوم أكبر بكثير من ساقي التي بترت. وأعتبر أن كل انسان معرض لحوادث الحياة. وما حصل لي ليس إلا حادثا عابرا، وأنا فخور بأنني قدمت للوطن جزءا من جسدي.  لكن المهم بالنسبة لي أن لا تؤثر الألغام على معنويات زملائي.

ما هي الرسالة التي تود توجيهها لزملائك؟

في كل اتصال أعرب لهم عن ثقتي في قدرتهم على السيطرة على المجرمين والإرهابيين الذين لن يقدروا على زعزعة أمننا. فزملائي أبطال وأسود لا تعرف الخوف والتراجع. وعلى الشعب التونسي أن يثق في رجال الأمن والجيش ويدعمهم حتى تزداد ثقتهم لمواجهة من يهدد أمن الوطن.

ما الذي تفكر في القيام به بعد أن تتماثل للشفاء؟

ج – أريد العودة مجددا لجبل الشعانبي لمواكبة الأحداث عن قرب. وأجدد تأكيدي على أن خسارتي لرجلي هي قربان من أجل الحفاظ عن أمن وسلامة تراب تونس وشعبه. بل أنني  لن أتردد في العودة إلى جبل الشعانبي لمواصلة القيام بواجبي ولو بساق واحدة إلى جانب زملائي.

لكنك لا زلت  لم تتماثل للشفاء بعد؟

بل أنا أشعر أنني أقوى من أي وقت مضى. صحيح أنني حاليا رهين الفراش، ولكنها مسألة وقت وسأعود إلى العمل ربما في خطة إدارية ولكني سأبقى ما حييت حاملا لبدلة ومبادئ العسكري. أنا فقط أنتظر تركيب ساق اصطناعية تخولني استعادة نسق حياتي بشكل طبيعي وسأبرهن للارهابيين أن الإعاقة ليست في جسمي بل في عقولهم التي خولت لهم التفكير في تفخيخ اللأرض واستهداف الأبرياء من ابناء بلدهم بدعوى الجهاد فتونس أمانة في أعناقنا ولن نسمح لهم باستباحتها.