يعيش كيرت ديبوف في القاهرة، حيث يمثل مجموعة تحالف الليبراليين والديمقراطيين في البرلمان الأوروبي. وهو المستشار السابق لرئيس الوزراء البلجيكي. وتعتبر مدونته التي تغطي مصر ما بعد الثورة نافذة على الأحداث في العالم العربي.

في الجزء الثاني من هذه المقابلة يؤكد البرلماني الأوروبي أن الديمقراطية ليست مجرد انتخابات بل هي بالأساس “حماية الحريات والأقليات”، محذرا من اضطرابات اجتماعية على غرار ما يحصل في تركيا إذا ما مارس الإسلاميون سطوتهم على المجتمع الليبي.

يعيش كيرت ديبوف في القاهرة، حيث يمثل مجموعة تحالف الليبراليين والديمقراطيين في البرلمان الأوروبي. وهو المستشار السابق لرئيس الوزراء البلجيكي. وتعتبر مدونته التي تغطي مصر ما بعد الثورة نافذة على الأحداث في العالم العربي.

في الجزء الثاني من هذه المقابلة يؤكد البرلماني الأوروبي أن الديمقراطية ليست مجرد انتخابات بل هي بالأساس “حماية الحريات والأقليات”، محذرا من اضطرابات اجتماعية على غرار ما يحصل في تركيا إذا ما مارس الإسلاميون سطوتهم على المجتمع الليبي.

مراسلون: هل تعتقد أن الدول التي دعمت الليبيين للإطاحة بالقذافي قد ندمت على ما فعلته بسبب نتائج الوضع بعد الثورة؟

[ibimage==6961==Small_Image==none==self==null]

كيرت ديبوف

كيرت ديبوف: لا أعتقد ذلك، فجميعهم سعداء بأن هذا الدكتاتور الغاشم قد ولى. بالطبع كانوا يأملون بمزيد من الاستقرار، لكن أولئك الذين كانوا ضد التدخل هم أساساً الذين يقولون الآن أنهم كانوا على حق. وأعتقد أن هذا تفكير قصير النظر جداً.

هل لدى الاتحاد الأوروبي أي فكرة لحل مشكلة الهجرة غير الشرعية التي تفاقمت في ليبيا بعد الثورة، والتي أثرت في المقام الأول على أوروبا، وكذلك على ليبيا ودول الجوار الجنوبي؟

إن حل مشكلة الهجرة بسيط جداً: الاستثمار في الاستقرار والحوار في ليبيا. يجب أن يستثمر الاتحاد الأوروبي في السياسة والأمن الليبي مباشرة بعد الثورة. للأسف، لقد غادروا البلاد، كما فعلت الجهات الفاعلة الأخرى. فلأنهم لعبوا دوراً أساسياً في إسقاط القذافي، كان ينبغي أن يستخدموا هذه السلطة في حل بعض المشاكل الأمنية. وعدم فعل ذلك كان خطأً كبيراً.

إذا كان من الضروري إدخال قوات حفظ السلام إلى ليبيا، هل تعتقد أن المجتمع الدولي مستعد لذلك؟

يصعب التكهن برغبة المجتمع الدولي في الوقت الراهن. فمعظم الدول يركز حالياً على سوريا. وهذا بالطبع أمر ضروري، لكنه سيكون من الخطأ إهمال ما يجب القيام به في ليبيا.

يعتقد بعض الليبيين أن بعض الميليشيات المسلحة تتخذ هذه الثورة والجمهور الليبي بأسره رهينة لأنانيتهم وإيديولوجياتهم وأجندتهم الخفية “السوداء”، هل توافق على ذلك؟

لا أعرف عن أجندتهم، لكني أعرف أن تهديد برلمان منتخب (المؤتمر الوطني العام) بالتصويت لصالح قانون هو عكس ما قامت هذه الثورة الليبية من أجله. هذا ضد كل مبدأ أساسي للحرية والديمقراطية. ولذلك أجد ذلك محزناً جداً. عليهم أن يدركوا أن هذا ليس طريقاً لبناء ليبيا أفضل.

ما رأيك في قانون العزل السياسي، وما هو تعليقك حول بعض السياسيين والنشطاء والنواب الليبيين الذين يصرون على أن مثل هذا القانون طبق في الكثير من الدول مثل ألمانيا والولايات المتحدة؟

في الولايات المتحدة، كان قانون العزل جنوناً خالصاً ولم يدم طويلاً، أما ألمانيا فهي مثال أفضل. حاولت قوات الحلفاء تنفيذ قانون عزل كان له مقياس القانون الليبي الحالي. والواقع أنهم حجموا القانون، لأنهم يدركون أنه كان عبئاً على إعادة إعمار البلاد، وركزوا بدلاً من ذلك على الذين ارتكبوا جرائم.

كان كونراد أديناور، أحد الآباء المؤسسين للاتحاد الأوروبي، هو من قرر عودة جميع موظفي الخدمة المدنية إلى وظائفهم، باستثناء المجرمين. وأود أيضاً أن أقول إن ألمانيا النازية كانت آلة إبادة حيث قتلت أشخاص في معسكرات الاعتقال أكثر من سكان ليبيا كلهم. ومن الخطورة بمكان المقارنة بين الحالتين.

لقد تعلمنا الدرس نفسه في وسط وشرق أوروبا وبلدان يوغوسلافيا السابقة، حيث عدت للتو. إذا كنت ترغب في إعادة بناء بلادك بعد الدكتاتورية، لا يمكنك العمل بمفهوم العقوبة الجماعية لأن ذلك ظالم تماماً كالنظام الذي أسقطته. يجب أن تقدم المجرمين والجناة إلى العدالة وتستخدم الآخرين للمساعدة في نهوض البلاد مرة أخرى.

هل تعتقد أن قطر لديها أجندتها الخاصة في ليبيا عبر دعم جماعات بعينها (الإسلاميين) واستخدام وسيلتها الإعلامية لتشويه سمعة (محمود جبريل) وتحالفه الليبرالي؟

لا أعرف عن أجندة قطر، ولكن إذا كان هذا صحيحاً، فإنه خاطئ ومحزن. ينبغي أن يبذل المجتمع الدولي كل ما بوسعه لجمع الناس وليس لتفريقهم. ما نحتاجه الآن هو الحوار وليس التشهير.

ما حاولت أن أوضحه بمقالي هو أنه من الخطأ مهاجمة الناس التي لعبت دوراً مهماً في الثورة. أنا أركز على جبريل، لأنني كنت هناك عندما حدث ما حدث. لكن ذلك ينطبق على كثير من الأشخاص الجريئين والشجعان الذين خاطروا بحياتهم من أجل جعل ليبيا دولة حرة وديمقراطية. إن معاقبة هؤلاء الناس الآن ليس مجرد خطأ، إنه ظلم.

باعتقادك ما سبب كل هذه الحملة الإعلامية لمهاجمة جبريل، من مفتي ليبيا الذي يتهمه وحزبه بالإلحاد عشية الانتخابات، إلى القنوات التلفزيونية والمحطات الإذاعية والصحف التي تتبعه خطوة خطوة وتتهمه هو وحزبه بكافة المشاكل التي تحدث في ليبيا؟

طبيعي في حملة انتخابية أن يهاجم حزب ما الأحزاب الأخرى، لكن هذه الهجمات يجب أن تبقى ضمن حدود اللياقة. التقيت مع العديد من أعضاء تحالف القوى الوطنية وكانوا جميعاً يمارسون شعائرهم الدينية وصلواتهم، ولم ألتق بشخص ملحد بينهم. ولذلك فهذه كذبة. إذا هاجمت حزباً، هاجم محتوى برنامجه، وليس بالأكاذيب، وإذا أردت أن تكون ديمقراطياً، عليك أن تتماشى مع القواعد الديمقراطية.

هل تعتقد أن جبريل قادر على قيادة البلاد إلى مكان آمن؟

هناك عدد قليل من الأشخاص القادرين على قيادة ليبيا نحو مستقبل أفضل وأكثر أمناً، ومحمود جبريل بالتأكيد واحد منهم. ما أقدره في جبريل هو أنه حين كان في البرلمان الأوروبي لم يتحدث عن نفسه أو حزبه ولم يتهم الأحزاب الأخرى. لا، لم يتحدث إلا عن ليبيا وكيف أن البلاد بحاجة إلى الحوار من أجل المضي قدماً.

عملت لمدة خمس سنوات بوصفي أحد المستشارين السياسيين الرئيسيين لرئيس وزراء بلجيكا، والتقيت بالعديد من رؤساء الوزراء والرؤساء في جميع أنحاء العالم. إن القادرين على المضي ببلادهم قدماً هم فقط أولئك الذين يوحدون البلاد وليس من يحاولون تقسيمها.

الاتحاد الأوروبي ليس على علم تام بما يجري في ليبيا، وليس لبعثتهم في ليبيا فريق إعلامي، وهم يعتمدون أساساً على مؤسسات إعلامية يمتلكها أو يسيطر عليها الإسلاميون وتكتب وتبث معلومات وأخبار انتقائية فقط، ألا تعتقد أن هذا سوف يؤدي إلى عواقب سلبية وقرارات خاطئة يتخذها الاتحاد الأوروبي؟

لا أعتقد أن الاتحاد الأوروبي لا يدرك مدى تحيز وسائل الإعلام في ليبيا. هذه ليست مشكلة من الجانب الأوروبي، فمشكلته عدم وجود استراتيجية، وليس نقص المعلومات. ويرجع عدم وجود استراتيجية أساساً إلى أن الاتحاد الأوروبي يمر بمشاكل اقتصادية ويصب جهوده كلها لحلها.

هل صحيح أنك أرسلت المقال المترجم “القصة التي لم ترو عن محمود جبريل” لاثنين من المواقع الليبية على الإنترنت، وأنهما لم ينشراها؟ هل يمكنك تحديد هذين الموقعين؟ لقد رأينا هذه المادة على موقع “libyablog” وهو أساساً للمدونين؟ لماذا لم ترسلها إلى الصحف الليبية باللغة الإنجليزية مثل طرابلس بوست وليبيا هيرالد؟

أرسلت مقالي إلى ليبيا المستقبل وليبيا هيرالد ولم يجب أي منهما. أنا سعيد أن Libyablog  فعلت ذلك.

في رأيك، هل يعني الفوز في الانتخابات ديمقراطية حقيقية؟ وإذا أراد حزب فائز فرض قانون ينتهك حقوق الإنسان، هل لا تزال تسمى ديمقراطية وعلينا أن نحترم إرادة الشعب؟ هل يجب أن تكون الديمقراطية متسقة مع حقوق الإنسان؟

الديمقراطية بالطبع ليست مجرد انتخابات. الديمقراطية في الأساس هي حماية الحريات والأقليات. إنها نظام يجب أن يحمي الخراف من الذئاب. يحذر ألكسيس دو توكفيل في كتابه “الديمقراطية في أمريكا” عام 1835 من “ديكتاتورية الأغلبية”. وتلك بالضبط مشكلة ما يحدث الآن في مصر وتركيا وليبيا. فامتلاك أغلبية لا يخولك بفرض إرادتك على الأقلية، وبالتأكيد ليس بشأن مسائل أساسية مثل حقوق الإنسان. هذا أمر ضروري. إذا حاولت أن تفعل ذلك، ستواجه ثورة ثانية على غرار ما نراه في ساحة تقسيم اليوم.

كيف ترى مستقبل ليبيا؟

أنا متفائل، لأنني أومن بالشعب الليبي. إن الانتقال بعد أي ثورة عملية شاقة ومربكة، لكن كلما زرت ليبيا كنت أرى الكثير من الأشخاص المخلصين بحيث لا يمكنني إلا أن أومن أن التجربة الليبية ستنتهي على نحو جيد. والسؤال الوحيد هو كم من الوقت سيستغرق ذلك؟ كلما أسرع بدء حوار صادق بين جميع الأطراف، كلما أسرع وضع ليبيا على المسار الصحيح. وهذا ما شاهدته في كافة البلدان بعد الثورات. الأمر بسيط لهذه الدرجة.

اقرأ ايضا الجزء الاول من المقابلة:

القصة المخفية للحظر الجوي على ليبيا