صفير خشن يطلق فحيحه ماراً فوق البنايات والناس، ليهتز بعد ثوان قليلة كل شيء بما فيها القلوب والحناجر والخيال. كانت هذه طائرات حلف الناتو في حرب الـ 2011 بعد عسكرة الثورة وصدور القرارين 1970 و1973 لحماية المدنيين. طائرات تحلق عاليا لترمي صاروخاً هنا او هناك على أحد المقرات العسكرية المتوزعة بين الأحياء السكنية في وسط طرابلس.

شارع الجمهورية، أطول الشوارع الرئيسة في طرابلس، الذي يربط شرق المدينة بغربها، ويتوسط مناطق باب العزيزية، الصريم، طريق السور، سيدي خليفة وشارع الزاوية، تلقّى قدراً هاماً من مجمل صواريخ طائرات الحلف.

صفير خشن يطلق فحيحه ماراً فوق البنايات والناس، ليهتز بعد ثوان قليلة كل شيء بما فيها القلوب والحناجر والخيال. كانت هذه طائرات حلف الناتو في حرب الـ 2011 بعد عسكرة الثورة وصدور القرارين 1970 و1973 لحماية المدنيين. طائرات تحلق عاليا لترمي صاروخاً هنا او هناك على أحد المقرات العسكرية المتوزعة بين الأحياء السكنية في وسط طرابلس.

شارع الجمهورية، أطول الشوارع الرئيسة في طرابلس، الذي يربط شرق المدينة بغربها، ويتوسط مناطق باب العزيزية، الصريم، طريق السور، سيدي خليفة وشارع الزاوية، تلقّى قدراً هاماً من مجمل صواريخ طائرات الحلف.

في هذه المنطقة المكتظة بالبشر كانت أخطر مؤسسات النظام الجماهيري تحتل حيزاً كبيراً، ناهيك عن مقر القذافي، وتداعيات هذه الإقامة من حشد هائل. فقبل الثورة أصدر نظام القذافي قرارات “إزالة لغرض التطوير”، وهي كناية عن مشاريع هدم وإعادة بناء لمعظم مباني طرابلس، بدأت ولم تكتمل، كان غرضها إزاحة الشعب وتجفيف قلب طرابلس من قاطنيه، لتمنح المساحات الشاغرة لمعسكرات واستثمارات الوالد والأبناء وما يلزم من حاشية.

ففي شارع الجمهورية مثلا، استقر مبنى الأمن الداخلي يقابله مبنى الرقابة إلى الجنوب، وبشكل موازٍ يقع معسكر الـ 77 الشهير على مساحة عظيمة بجانب العرين (باب العزيزية). وبجانب المستشفى المركزي ومستشفى الحروق ومعهد جمال الدين الميلادي للموسيقى، ينتصب مقر الاستخبارات العسكرية.

على الطرف الثاني – في طريق السكة – يقع مقر الأمن الخارجي، ناهيك عن المقار الفتاكة المنتشرة على طول الشارع الرئيس؛ مكتب المعلومات، مكتب التوجيه الثوري بكل لوازمه من استوديو للتسجيل إلى أرشيف التحقيقات، مروراً بمثابة المدينة، وطبعاً المبنى الزجاجي للهيئة العامة للصحافة، دون أن ننسى بؤر التوتر التي شكلت مفصلاً هاماً في الصراع، محطات الوقود، وأكثر من خمسة عشر مئذنة، المستشفى المركزي (ابن النفيس)، وآلاف من الشبان والعاطلين والعائلات والبيوت المنهكة.

شارع الجمهورية عيّنة عن مناطق كثيرة من البلاد مضت الحرب فوق مجالها الجغرافي، ولهذا أردنا أن نتلمس الجبهات الداخلية لنفوس الناس الذين مرت بهم ومعهم الثورة وتداعياتها، لا ندري إلى أين..

المشهد اليوم ملتبس للغاية ومعسكر أكثر مما أردنا بكثير، ولمدة صارت تتأكد فيها مشاهد الحذاء العسكري واللباس المرقط حتى نخالها ستمضي بنا إلى آخر ما يمكن من هدنة مع ما خرجنا ضده.

لو كنت رئيسا

“لو كنت رئيس/ة منطقتك التي تسكنها، ضع تصورك/كِ لتكون أفضل .
أرجو ان يكون تصورك/كِ قابلاً للتطبيق وأن تأخذ/ي السؤال على محمل الجد”.

هكذا وزعنا السؤال مع شيء من الحماسة التي تأخذنا بعيداً عن الأخبار الباهتة أو المحبطة، حيث وبعد عامين لا أحد فعلاً يتحدث عن خطة قادمة مدنية متخلصة من مفردات الأمن والسلاح باعتبارها مسلمات. أطلقنا على هذا السؤال بداية الإجابة عن المستقبل والأفكار التي قد تترجم إلى مشاريع.

حاولنا الطواف به على رقعة أكبر من الأحلام الشخصية المتعلقة بخرابات بعضها أصلح جزء منه ليكون مستقراً لعسكر جدد، والمثال هنا معسكر الـ 77، وبعضها تحول إلى مكب للقمامة، وبؤر مواتية لكل أنواع الحشرات والسلوكيات، وللأسف مستقراً لبعض المواطنين وباب العزيزية خير دليل.. وجهنا السؤال ما أمكننا إلى مدن أخرى (اجزاء من المعسكر ذاته)، عبر المشاركين الذين اختاروا ألا يتجاهلوا فضولنا وربما طفولة الفكرة وسط لعب الكبار.

فليبيا وبعد عامين على رحيل القذافي لازالت ذاك الصندوق المغلق من الرمال، ونظام خيمة لم تطوى بعد، وأسلاك شائكة حول ما تبقى من سلاح وبشر.

العينة التي شاءت أن تضع أمامنا مشاريعها، كانت لديها ركيزة بناء اعتمدتها بشكل لافت، وهي المكتبات، ربما لتفسير الرغبة في التخلص من الجهل الذي يعتقد الليبيون أنه المسؤول عن تأخر البناء ولذا قلما خلا منها حلم.

هنا تنشر “مراسلون” الجزء الأول من إجابات المسؤولين الافتراضيين:

أريد الخروج من “الروتين الليبي”!

محمد سحيم- بنغازي

أحب أن تكون تسمية الأحياء والمناطق ولو بالمناصفة بين ملاكها القدماء وبين أسماء العلماء والمثقفين وأرباب النهضة والتنوير (من كل الجنسيات) بالإضافة إلى من جاؤوا باستقلال ليبيا ورجال الدين المشهود لهم بالطيبة والخير بالإضافة إلى بعض الشخصيات المميزة من جميع المجالات والمهن وبعض التسميات من تاريخنا على مر العصور.

أحب أن تجاورني في الحي الكثير من المقاهي ومكتبتين على الأقل ومسرح ودار سينما ومحطة للنقل العام.

أحب الخروج من دائرة “الروتين الليبي”، وأن تجد العائلة مكانها في الشارع وخارج الجدران دون أن تتوجس من كل أشكال الخطر.

أن تجد الأسر فسحة لممارسة الحياة والاستزادة ترفيهياً ومعرفياً. أن تقل مراقبة الناس لبعضهم وأن يثار الحديث عن هذه العادة السيئة وأن يتعلم الناس فكرة إرضاء ذواتهم بدل إرضاء أعين الناس. كلها أحلام قد لا تجيب على سؤالكم، لكن هذا هو جوابي!

سأنشئ فريق كشّافة

ب هـ- رفض تحديد المكان

لو كنت رئيسا حتى لجادة في اقصى ربوع ليبيا، لكانت المراكز الثقافية والمكتبات العامة أكثر ما يشغلني. مركز ثقافي لا تطرف فيه ولا وصاية. كل من يقرأ كتاب يناقشه مع رواد المركز. كما كنت سأعمل على إنشاء فريق كشافة وتشجيعه لأبعد حد ووضع جميع الامكانيات أمامه، فهو المؤسسة المدنية الناجحة لحد الآن.هناك الكثير والكثير.. وللأحلام بقية.

أحتاج الـ 90% الباقية!

“هاس”-  سوق الجمعة- طرابلس

انا من منطقة سوق الجمعة.. حجم البنية التحتية هنا لا يتجاوز 10% من الاحتياجات الفعلية، وبعد أكثر من عامين على الثورة كل ما خرجنا به لحد الآن كان نصب اشارة ضوئية في أحد الشوارع. نحتاج مستشفى ومركز صحي ومركز ثقافي ومركز تجاري محترم وصيانة طرق وبناء مدارس.. كما نحلم أن تكون لدينا مكتبة عصرية وراقية.

كنت لأجبرهم على زراعة شجرة!

سلمى مختار- بنغازي

لو كنت رئيسة منطقتي لحرصت على وجود منتديات ثقافية تلتقي فيها العائلات لتقرأ، و لحرصت على جذب النساء لهذه المنتديات، و لعملت حلقات نقاش لمناقشة الكتب التي تمت قراءتها، و لحرصت على وجود ساحات وحدائق صغيرة كمتنفس للمشي والهرولة، لحرصت على اجتماعات دورية لسكان المنطقة ليناقشوا فيها مشاكلهم أولاً بأول، ولأجبرت كل صاحب شرفة على زراعة الورود والنباتات، وأجبرت كل صاحب منزل على زراعة شجرة أمام منزله! ثم لحرصت على الاهتمام بالشباب الصغار المتسربين من التعليم ومحاولة جذبهم وإعادتهم للدراسة.

أشياء كثيرة ولكن تبدو كلها محض أحلام مستحيلة بالرغم من ضآلتها، ففي حي يعج بأكياس القمامة ومياه الصرف الصحي والطرق الترابية، أمام كل ذلك يبدو ما كُتب أعلاه مجرد حلم صعب بل شبه مستحيل بالنسبة لمنطقتي على الأقل.

المواطن “الصحّ”

صلاح الدين ابراهيم- بنغازي- حي الدولار

انا اسكن بحى الدولار. فى تصوري طي صفحة الماضي والسعي للمصالحة بين كل الناس، والابتعاد عن الأطماع الشخصية وتصفية الحسابات بين الناس والتخوين هو برنامجي الذي سأعمل على تنفيذه لو كنت رئيسا لمنطقتي. فمن لديه حق يأخذه بالقانون. الانسان بطبيعته تفاعل بين البيئة والوراثة، أي ينبغي التركيز على الأسرة والمجتمع الذي يعيش فيه.. باختصار شديد: تربية وتعليم صح يعني مواطن صح.

سأدعو إلى عصيان مدني!

عيسى عبد القيوم- بنغازي- الصابري

لو كنت رئيس منطقتي الصابري، سأدعو الناس الى عصيان مدني لإسقاط رموز عرقلة الدولة المدنية. فكل نقاط البداية التى قد اقترحها اجزم انها لن ترى النور فى ظل وجودهم.

هذا لو افترضنا أنها دولة..

ابراهيم راشد- بنغازي

هذا السؤال يفترض وجود الدولة أساسا، لكن في الحالة الليبية الاستثنائية (حيث لا دولة) ينبغي العمل أولا على تفعيل منظومة الأمن (الشرطة،الجيش)، وتفعيل منظومة العدل (القضاء)التي يفترض أن يقودها المحامون وخبراء القانون وليس المراهقون والمراهقات والمتعصبون دينيا وقبليا كما هو حادث عندنا، ومنظومة الخدمات (الحكومة،ومؤسسات الدولة،وإداراتها)، ومنظومة الحرية (الأعلام،الثقافة،الأدب،الفن،والترفيه).

أما اذا افترضنا أن الدولة قائمة و أن الأساسيات مفروغ منها فإن الحلم سيتغير كلياً بالنسبة لي، وسيتركز الحلم على بنائين: بناء الإنسان، والبناء المعماري”الجمالي” للمدن.

بناء الإنسان يكون بالتركيز على التعليم التفاعلي الناقد (بما في ذلك التعليم خارج المدرسة)، والتركيز على البناء الثقافي، وهنا يأتي دور الاهتمام بالإبداع ونشره، الدعاية له والتحريض عليه.

أما البناء المعماري فأتمنى أن نعيد بناء مدننا وفقاً لتصورات جمالية جديدة ومتطورة. أن تشاد فيها المسارح والملاعب، السينما و دور الأوبرا، المتاحف والأسواق والفنادق، أن تنتشر فيه الحدائق والمتنزهات وأن تنتعش السياحة.

أظن أن محيطنا البشع ساهم كثيرا في تكريس بشاعتنا وتخريب قدرتنا على اكتشاف الجمال فينا وفي غيرنا..

سأفتعل أزمة كبيرة!

أنور بزّع- طرابلس- قرجي

مرت بمنطقتنا ظروف سيئة أثناء فترة التحرير كما باقي المناطق الأخرى حيث لم يكن هناك لا مال ولا طعام ولا شراب ولا أمان ولا حتى كهرباء، ولكننا لم نشعر في أي لحظة بحاجتنا لتلك الأشياء لأننا وبكل بساطة تكاثفنا في تلك المرحلة مع بعضنا البعض ولم نترك المجال لتلك النواقص أن تتوغل بيننا وكنا حينها “بيت واحد كبير”لم ينقصه شيء.

بعد انقضاء تلك المرحلة عدنا كما كنا في السابق بيوت كثيرة مغلقة، ومتناثرة هنا وهناك.

سيكون أول أمر أفعله هو افتعال أزمة مشابهة لتلك الأزمة حتى أجعل تلك البيوت المتناثرة تعود لتصبح  “بيتا واحدا كبيرا” مرة أخرى.

تغيير معالم غريان

كريم العربي- غريان- الرابطة

لو كنت مسؤولا محليا عن غريان، كنت لأعمل على ثلاثة خطوط متوازية، الخط الأول يتمثل في تطوير الجهاز الإداري والقضاء على البيروقراطية بما يحقق أفضل خدمات في اقل زمن ممكن.

الخط الثاني هو النهوض بالصناعات التقليدية المعتمدة على الخام المحلي (صناعة الفخار مثلاً) والتوسع الأفقي والراسي في الزراعات التي تتناسب ومناخ غريان، خاصة أشجار الزيتون، إضافة إلى تنمية المشاريع الزراعية القائمة التي من شأنها أن تكون سلة غذاء للمنطقة الغربية بأسرها (مشروع الوادي الحي الزراعي مشروع ابو شيبة البعلي، مشروع ابو شيبة الحبوب، مشروع ابو شيبة الانتاجي، مشروع قدم الجبل، مشروع مرتفعات غريان..) كما سأعمل على إنشاء المزيد من السدود المائية لأهميتها في توفير المياه، كما سيكون الإنتاج الحيواني محل اهتمام، خاصة وأن المنطقة شبه رعوية قادرة على استيعاب عدد غير محدود من قطعان الماشية.

الخط الثالث، ربما يكون هو الأول من حيث الأهمية، ويتمثل في التنمية البشرية وذلك بتأهيل كل مكونات المجتمع بما يتناسب وإمكانياتهم الذهنية والبدنية معتمدا على تجارب المدارس الحديثة.

هذه هي الخطوط الرئيسة التي من شأنها ان تغير من معالم غريان حسب تصوري.

لباس موحد!

سليمان قشوط- طرابلس- غوط الشعال

منطقتي غوط الشعال هي ثالث اكبر حي في مدينة طرابلس حيث يقطن الحي حوالي 90 الف نسمة. منطقتي هي بوابة مدينة طرابلس الغربية وبها مداخل اهم الطرق الرئيسية بالمدينة.

تصوري فيما لو كنت مسؤولا عن منطقتي سيكون كالتالي: سأقوم ببناء منحوتات وتصاميم فنية عند مداخل الحي الرئيسية، وسأستغل هذا المعمار لكتابة عدد من الشعارات ذات العلاقة بالتنمية البشرية. سأقوم بتحويل مجمع الحيّ إلى مشفى كبير به كافة التخصصات كقسم للطوارئ وقسم للعناية والإنعاش وأفتح صيدلية مركزية كبيرة مدعومة من قبل شركات الادوية العامة والخاصة.

سألتفت الى المدارس المنتشرة في الحي والتي يقارب عددها 15 مدرسة. سأفرض طلاءً موحدا لها وزيا موحدا للتلاميذ الذكور والإناث والمدرسين، وسأحرص شخصيا على اختيار مدراء هذه المدارس مع المتابعة الدورية، وسأسن قانون كي تكون الدقائق الخمس الأولى من كل حصة للتربية والأخلاق وباقي الحصة للمنهج العلمي، وأعيد الحصص الثقافية كالمسرح والموسيقى والرياضة والمطالعة وأفرضها كحصص اساسية تدخل المجموع.

سأعيد ترتيب وصيانة السوق الشعبي الكبير المعروف بسوق القدس وتوفير مواصفات الامن والسلامة فيه وتطويره، وكذلك سأفعل مع السوق الكبير الحديث (السوق الاخضر سابقا). سأطور سوق الخضار الشعبي الذي يتخذ من ميدان عام مكانا له، وسأعمل على بناء مكان مخصص للسوق بشكل اكثر ملائمة وحداثة ونظافة.

سأقسم الحي الى اربع مناطق رئيسية ليكون لكل منطقة رقم ولكل شارع وزقاق منزل رقم، وسأعمل على انشاء سارية علم في ميدان عام كبير وستقوم فرقة الكشافة التابعة للحي بتحية هذا العلم مرتين في اليوم في الصباح وعند المساء.

سأقوم بمسح اجتماعي لكامل سكان الحي، وفتح بنك قروي خاص بالتنمية وإقراض الشباب ومساعدتهم في بداية مشاريعهم المستقلة، وسأعمل على تأسيس مجلس الحي او برلمان الحي ويتم انتخابه من المناطق الاربعة بحيث توزع المقاعد حسب التعداد السكاني للمناطق الاربعة وتكون مهمة هذا المجلس المنتخب النظر في شؤون الحي ووضع الخطط ووجهات النظر وأيضا مراقبة رئيس المنطقة المعين من قبل الدولة.

لو توفرت الفرصة.. ساعة للقراءة 

عبد المولى الشريف- الزاوية

الأحلام كثيرة ولكن اهم شيء يدور في ذهني الآن هو التركيز في الزاوية على العلوم الإنسانية والتنوير. ببساطة هو مشروع لـ “نادي قراءة” ينعقد واحدا في الشهر. يوم كامل، اصبوحات وأمسيات شعرية وحلقات نقاش حول موضوعات فكرية او أدبية. ولو توفرت الفرصة سيكون هناك ساعة للقراءة في ميدان الشهداء في الزاوية.

خطة إنقاذ اجتماعية

سارة محمد- طرابلس- شارع بلخير  

شارعي من عشوائيات طرابلس، ليس لأنه بني بطريقة عشوائية، بل فقط لأنه كل ما تبقى من طرابلس المدينة بعد رحيل الإيطاليين وتوارث هذه المنازل ثم رحيل مالكيها أيضا بدورهم بعد اغتنائهم.

لم يبق من شارعي سوى العائلات الفقيرة التي ورثت الفقر أبا عن جد، أو عائلات جاءت في الستينات والسبعينات من مصر للتعليم ثم حصلت على الجنسية، أو عائلات من أب ليبي و أم مغاربية، لذا فهو شارع مختلط و كوزموبليتاني.

لكن وعلى عكس كل المناطق المختلطة، لا يظهر هؤلاء المهاجرون ثقافتهم، بل يحاولون كثيرا أن يكونوا ليبيين أكثر من الليبيين أنفسهم، حتى لا يقال لأبنائهم “ابن الفوالة، بنت المغربية، أمه تونسية، عايدون، الخ”.

للأسف لا توجد إحصاءات، لكني أرى الشباب يتساقطون ببطء، فالمدمنون على المخدرات كثر في شارعي الطرابلسي، يذبلون في زوايا الشارع.. اليوم تراه بعكاز وغدا بكرسي متحرك، ثم يختفي، تسأل عنه إما مات لأنه كان متعاطيا، أو في السجن ..

هكذا شارعي الذي أعرفه ..البنات يتركن الدارسة مبكرا، ولأنه لا توجد احصاءات فإني لا أستطيع قول شيء عن نسبتهنّ، هل هي مرتفعة أم منخفضة، لكني ألحظ أن الكثيرات من مواليد منتصف التسعينات يتزوجن وبسرعة.

رؤيتي لهذا الشارع تتلخص في: بناء مركز شبابي أو دار شباب، العمل لاستيعاب البطالة ووقف التسرب المدرسي الذي أراه سببا رئيسيا في ارتفاع نسبة المجرمين و المدمنين.

كما لا بد لنا كخطوة اولى من إنشاء مركز دراسات والبدء في إعداد الدراسات المناسبة للإجابة على اسئلة من نوع: لماذا تتراجع انتاجية هذه الأزقة تعليميا؟ لماذا تنتشر المخدرات؟ لماذا تنعدم سياسية سكانية لتصنيف مثل هذه الأزقة بالمناطق الصعبة و التعامل معها بخطط إنقاذ اجتماعية ومحاولة إدماجها حتى لا تتحول إلى قنابل موقوتة، إما تطرف إجرامي أو تطرف قاعدي؟

سوق على مساحة أربعة هكتارات

(ح – ح)- أبي سليم- طرابلس

منطقتي بها تعداد سكاني أكثر مما في دولة قطر، و بها قمامة من انتاج هؤلاء البشر.. و بها مكب لقمامة طرابلس البالغ سكانها اكثر من 2 مليون.. و بها شوارع تحولت بالكامل إلى اسواق شعبية..بالمحصلة لدي بشر بكثافة + قمامة + فرص استثمار..

تصوري ان أطالب المجلس المحلي بإنفاق أكبر لجمع القمامة والتعاقد مع شركة عالمية لإعادة تصنيع القمامة خارج طرابلس بدل حرقها في ابي سليم.. وكذلك تخصيص 4 هكتار لإقامة سوق استثماري لا تزيد كلفته عن 40 مليون دينار منها 20 من الدولة و الباقي من رؤوس الاموال لاستيعاب الشباب وجعل ابي سليم مركزا تجاريا شعبيا لطرابلس و المدن المجاورة.