بعد مرور أكثر من عامين على إندلاع الثورة المصرية ووصول التيارات الإسلامية للحكم توقع الكثيرون أن يشهد موسم الدراما الرمضاني المقبل ظهور أعمال دينية تعبر عن توجهات التيارات السياسية الإسلامية التي وصلت للحكم، أو ظهور مسلسلات سياسية تتناول أحداث الثورة.

إلا أن خريطة الأعمال الدرامية للموسم الرمضاني المقبل لم تسجل أعمالا دينية أو سياسية خالصة، وتركزت أحداث الأعمال الدرامية المشاركة في سباق الدراما الرمضاني على القضايا الإجتماعية والمشاكل الإنسانية.

تراجع أعداد المسلسلات نظراً للظروف الاقتصادية  

بعد مرور أكثر من عامين على إندلاع الثورة المصرية ووصول التيارات الإسلامية للحكم توقع الكثيرون أن يشهد موسم الدراما الرمضاني المقبل ظهور أعمال دينية تعبر عن توجهات التيارات السياسية الإسلامية التي وصلت للحكم، أو ظهور مسلسلات سياسية تتناول أحداث الثورة.

إلا أن خريطة الأعمال الدرامية للموسم الرمضاني المقبل لم تسجل أعمالا دينية أو سياسية خالصة، وتركزت أحداث الأعمال الدرامية المشاركة في سباق الدراما الرمضاني على القضايا الإجتماعية والمشاكل الإنسانية.

تراجع أعداد المسلسلات نظراً للظروف الاقتصادية  

دفعت الأزمات الاقتصادية الراهنة في مصر شركات الإنتاج و صناع الدراما إلى تخفيض عدد المسلسلات المُنتجة خلال رمضان المقبل.

فقد وصل عدد المسلسلات المُعلن عنها هذا العام إلى نحو ثلاثين مسلسل، أي نصف عدد المسلسلات في رمضان الماضي الذي تجاوز الستون عملاً درامياً. وعلى الرغم من هذا التراجع في عدد الأعمال الدرامية إلا أن ميزانيات المسلسلات لم تتراجع، فهناك مسلسلات تشارك في السباق المقبل رصدت لها ميزانيات ضخمة بشكل غير مسبوق.
مسلسل “العراف” يأتي في مقدمة المسلسلات التي رصدت الشركة المنتجة له ميزانية ضخمة حيث وصلت تكاليف إنتاجه إلى 80 مليون جنيه.

ورغم تأكيد الكثير بأن هذه الميزانية تعد أعلى ميزانية رصدت لعمل تلفزيوني، إلا أن شركة الإنتاج ترى أن هذا الرقم غير مبالغ فيه خاصة وأن المسلسل يشارك في بطولته نجوم مثل عادل إمام وحسين فهمي وطلعت زكريا وشيرين.
العمل الدرامي الثاني الذي خُصص له ميزانية ضخمة هو مسلسل “حكاية حياة” والذي تخوض من خلاله غادة عبد الرازق سباق الدراما الرمضاني هذا العام. ويشاركها في بطولته الفنانة رزان مغربي و النجم خالد سليم.

أما مسلسل “خلف الله” للنجم نور الشريف فقد وصلت تكاليف إنتاجه إلى 25 مليون جنيه، وهو نفس المبلغ الذي خصصته الشركة المنتجة لمسلسل “الداعية” أما مسلسل “القاصرات” والذي يعود من خلاله الفنان صلاح السعدني إلى الدراما فقد وصلت ميزانيته إلى مبلغ 20 مليون جنيه.

أهم المسلسلات

مسلسل “العراف” والذي يخوض من خلاله الفنان عادل إمام سباق الدراما الرمضاني المقبل يأتي في مقدمة هذه المسلسلات التي يتوقع البعض أنها ستحظى بنسبة مشاهدة عالية وذلك لسببين، الأول يرجع إلى الشعبية الضخمة التي يحظى بها عادل إمام، والثاني يتعلق بمناقشة المسلسل لقضية مثيرة حيث تدور أحداثه حول نصاب محترف يخدمه الحظ ليحصل على أهم المناصب القيادية والسياسية في البلد، فيما تحاول ضحاياه الوصول إليه للحصول على أموالهم.  

مسلسل “العراف” لم يسلم من الشائعات حول وجود إسقاطات سياسية تضمن الهجوم على التيارات الإسلامية وطريقة نجاحها في الوصول للحكم بطريقة غير مباشرة، إلا أن الفنان حرص على نفي هذا الكلام مؤكداً أن مسلسله بريء من الأحداث السياسية.  

العمل الدرامي الثاني الذي يتوقع النقاد قبول المشاهدين لمتابعته هو مسلسل “الداعية” بسبب مناقشة المسلسل قضية تجارة بعض الأشخاص بالدين لتحقيق بعض المصالح السياسية، حيث يكشف المسلسل عن حقيقة بعض الدعاة الإسلاميين الذين يظهرون على القنوات الفضائية من أجل تكفير وتشهير بأشخاص يناضلون بشكل سلمي ويحاولون معارضة النظام.

“دنيا آسيا” هو المسلسل الثالث الذي سيشهد إقبالا كبيرا على مشاهدته والسبب أنه يمثل عودة قوية للفنانة منى زكي إلى شاشة الدراما. العمل يناقش قضية الظلم التي تتعرض له المرأة المصرية في المجتمع، ومحاولة البعض التقييد من حريته.

دعوات المقاطعة تطارد “النجوم الفلول”

ويشهد موسم الدراما الرمضاني المقبل مشاركة أكثر من فنان تواجد إسمه في القائمة السوداء التي أصدرها بعض الثوار بعد إندلاع الثورة، وتتهم الفنانين المعنيين بإنتمائهم للنظام السابق، وأطلقوا عليهم لقب “الفنانون الفلول”.

تأتي الفنانة إلهام شاهين في مقدمة الفنانين “الفلول” الذين يشاركون في السباق الرمضاني المقبل حيث تشارك في بطولة مسلسل “نظرية الجوافة” والذي تعرض مؤخراً لحملات لمقاطعته ليس فقط لمشاركة إلهام شاهين في بطولته ولكن لتواجد الفنانة سماح أنور و التي هاجمت الثوار بعنف ورفضت الإعتذار لهم.
الفنانة إلهام شاهين أكدت على عدم تخوفها من هذه الحملات وأوضحت أن من يقودها “قلة” وتقول: “أعتقد أن مساندة الجمهور والفنانين والإعلاميين لي خلال معركتي مع عبدلله بدر أكبر دليل بانني أمتلك جماهيرية ضخمة وأن آرائي السياسية لم ولن تؤثر عليّ وعلى نسبة مشاهدة أعمالي المقبلة”. معروف أن الداعية عبد الله بدر اتهم الفنانة بالدعارة، فأقامت عليه إلهام شاهين دعوى قضائية، وحكمت المحكمة لصالحها.

وتضيف شاهين: “أحاول مناقشة مشكلة خطيرة أصابت الشعب المصري بعد إندلاع الثورة وهي الإكتئاب الجماعي، فللأسف الأحداث السياسية الماسأوية أصابتنا بهذا المرض لنفسي الخطير، ولذلك قررت تناول هذه القضية من خلال المسلسل حيث أجسد دور طبيبة أمراض نفسية تقرر عمل دراسة ماجستير تكشف من خلالها عن طرق جديدة لعلاج المجتمع من مرض الإكتئاب”.    

أما الفنانة روجينا والتي أكدت على دعمها للنظام السابق أثناء أحداث ثورة 25 يناير فقررت خوض سباق الدراما من خلال بطولة مسلسلين وهما “حكاية حياة” و”نقطة ضعف”، فأكدت على إنزعاجها الشديد من مصطلح “النجوم الفلول” وتقول: “أعتقد أن بعد حالة التدهور التي تمر بها البلد وانهيار اقتصادها أدرك الجمهور بأن آرائي كانت صحيحة، فأنا كنت أعلم أن رحيل النظام السابق سيؤدي إلى فوضى عارمة في البلد، و لذلك أنا لا أشعر بالندم على ما قلته من قبل ولا أشعر بالخوف من حملات المقاطعة”.  

وعلى الرغم من أن مسلسل “الشك” يضم مجموعة من ألمع نجوم التمثيل وعلى رأسهم حسين فهمي ومي عز الدين وصابرين إلا أنه لم يسلم من حملات المقاطعة والسبب تواجد الفنانة السورية رغدة والتي تعد من أبرز مؤيدي نظام بشار الأسد في المسلسل.
مخرج المسلسل محمد النقلي أكد على عدم قلقه من هذه الدعوات والحملات التي تنادي بمقاطعة المسلسل ويقول: “أرفض هذه الحملات لأنني مؤمن بأن كل فنان له الحرية الكاملة في التعبير عن آرائه السياسية، فإذا واجه العمل أي انتقادات بسبب محتواه أو مشهد ما مثير، فهذا النقد مقبول أما إذا كان الأمر يتعلق بشيء شخصي يخص أحد الفنانين، فهذا الأمر لا يمكن قبوله”.

لماذا غابت المسلسلات الدينية والسياسية؟

وعلي الرغم من أن الموسم الرمضاني المقبل يعتبر هو العام الأول لسيطرة التيارات الإسلامية على الحكم، ولذا شهد توقعات بأن يرى رمضان المقبل عددا كبيرا من المسلسلات الدينية تماشياً مع تغير الخريطية السياسية في مصر، إلا أن الواقع جاء مخالفاً لهذه التوقعات.

الناقد الفني طارق الشناوي يري أن اختفاء المسلسلات التي تتناول أحداث الثورة أمر طبيعي ومتوقع خاصة وأن الساحة السياسية تشهد حالة من التخبط الشديد ويقول “إذا قُدم مسلسل سياسي يؤكد على نجاح الثورة في تحقيق أهدافها سوف يفقد العمل مصداقيته بسبب الأحداث المأسوية التي تشهدها البلاد، بالإضافة إلى تدهور الأحوال الإقتصادية، فهذه الأحداث جعلت فئات كثيرة تشعر بأن الثورة فشلت. وأعتقد إذا قام أحد المبدعين بتقديم مسلسل يؤكد على فشل الثورة ستصاب فئات أخرى بحالة من الإحباط خاصة وأنهم مازال لديهم أمل بأن الثورة ستنجح في التصدي للثورة المضادة، وستنجح في تحقيق أهدافها ولذلك هذه التناقضات دفعت المبدعين للإبتعاد عن السياسة في سيناريوهات أعمالهم الدرامية”.

ويضيف: “رغم غياب المسلسلات السياسية إلا أنني واثق بتواجد بعض الخطوط الدرامية التي تلقي الضوء على بعض الأحداث السياسية التي وقعت الفترة الأخيرة، ففي مسلسل خلف الله للفنان نور الشريف سنرى مشاهد تتحدث عن حملة تمرد أما في مسلسل الداعية سنجد خط درامي واضح يتحدث عن فكرة متاجرة البعض بالدين لتحقيق مصالح سياسية او شخصية”.

أما فيما يتعلق بالأسباب الخاصة باختفاء المسلسلات الدينية هذا العام فيقول: “أعتقد أن السبب وراء اختفاء هذه النوعية من الأعمال هو النجاح الضخم والغير متوقع الذي حققه مسلسل عمر بن الخطاب العام الماضي، فهذا العمل يُعد من أفضل الأعمال الدينية التي قدمت منذ سنوات طويلة، وأعتقد أن هذا النجاح دفع المبدعين للتراجع عن تقديم مسلسلات دينية خوفاً من عدم تحقيق نجاح مماثل”.

“الثورة لم تكتمل حتى نرى أعمالا عنها”

الناقدة الفنية خيرية البشلاوي اتفقت مع طارق الشناوي وتقول: “الثورة لم تكتمل حتى نرى مسلسلات سياسية تتناول أحداثها، فالثورة المصرية مازالت مستمرة خاصة وأن أهدافها لم تتحقق حتى الآن، فالثوار يواجهون أقوى ضربة من الثورة المضادة وأعتقد أن في ظل هذه الحالة المتناقضة المتخبطة أصبح من المستحيل تقديم مسلسلات سياسية”.

اقرأ أيضا على موقغ “مراسلون”:

رمضان 2012: عودة نجوم القائمة السوداء