“لم أتصور يوما ان أفقد مورد رزقي الوحيد وأتحول بين عشية و ضحاها من نادل في نزل إلى بائع متجول على الرصيف، يبيع كتبا دينية ومجلات طبخ وقصص أطفال وعطورات”. هكذا تحدث أحمد لـ “مراسلون” عن التحول الكبير الذي طرأ على حياته بعد الثورة.

أحمد الذي تجاوز الثلاثين بأربع سنوات، كان يحلم كباقي أبناء جيله بالنجاح والتنعم بحياة مستقرة. خال أن تعبه كاد ينتهي وسيحقق أمانيه بعد أن تحصل على الاجازة في اللغة الألمانية. لكن فشله مرات عديدة في اجتياز مناظرة الكفاءة لأستاذية التعليم الثانوي التي تخول له ممارسة مهنة التدريس، جعله يختار العمل في مجال السياحة.

“لم أتصور يوما ان أفقد مورد رزقي الوحيد وأتحول بين عشية و ضحاها من نادل في نزل إلى بائع متجول على الرصيف، يبيع كتبا دينية ومجلات طبخ وقصص أطفال وعطورات”. هكذا تحدث أحمد لـ “مراسلون” عن التحول الكبير الذي طرأ على حياته بعد الثورة.

أحمد الذي تجاوز الثلاثين بأربع سنوات، كان يحلم كباقي أبناء جيله بالنجاح والتنعم بحياة مستقرة. خال أن تعبه كاد ينتهي وسيحقق أمانيه بعد أن تحصل على الاجازة في اللغة الألمانية. لكن فشله مرات عديدة في اجتياز مناظرة الكفاءة لأستاذية التعليم الثانوي التي تخول له ممارسة مهنة التدريس، جعله يختار العمل في مجال السياحة.

“بما أنني أجيد ثلاث لغات أجنبية وأقطن في مدينة الحمامات السياحية سنحت لي الفرصة للعمل بأحد النزل بمرتب شهري جيد”، يقول بينما ينشغل بترتيب طاولته.

يصمت وكأنه يسترجع ذكرياته، ثم يتابع “تغيرت حياتي منذ أن عملت في قطاع السياحة في وقت وجيز، وتحسنت اوضاعي المادية، مما سهل عليّ تكوين أسرة صغيرة”.

فضلا عن المرتب الذي كان يتقاضاه، كان أحمد يحصل على بعض “الاكراميات” التي يجنيها من السياح مقابل خدماته، “وكانوا يغدقون علي الهدايا والمال تعبيرا عن الامتنان والشكر”.

لم يقع تسريح أحمد من العمل في الفندق لتقصير منه أو تهاون او خطأ اقترفه، لكن القطاع السياحي الذي يعمل به حوالى مليون تونسي، عرف تراجعاً غير مسبوق بمعدل 13 بالمئة في العام الماضي بالمقارنة مع سنوات ماقبل الثورة، الأمر الذي أدى إلى إغلاق العديد من الفنادق وتسريح المئات من العاملين فيها من بينهم أحمد.

وفي مدينة الحمامات حيث يعمل، “بدأت الأمور تتدهور منذ سنتين تقريبا لكثرة الاضرابات وانعدام الأمن وتعدد الجرائم باختلاف أنواعها”. ويضيف “إن محاولات البعض إثارة الشغب بشتى الطرق، انعكست سلبا على السياحة وغيرت صورة بلادنا  لدى السائح الاجنبي الذي أصبح حذرا وخائفا على سلامته”.

بعد ما آل إليه وضعه، رفض خريج الجامعة، الأب والزوج، أن يعيش عالة على أهله أو على أصهاره. فوجد أن بيع المجلات والكتب في الطريق العام لن يتطلب منه مالا كثيرا ولا رخصة، بل يكفيه طاولة وكتب وبعض العطور.

ويضيف الشاب الذي أصبح ملتحيا تماشيا مع مهنته الجديدة أنه عاد ليفكر في تدريس اللغة الألمانية، خاصة وأن مقاييس الانتداب قد تغيرت بعد الثورة وقيل أن زمن المحاباة والرشوة قد ولى وانقضى مع فترة حكم الرئيس السابق.

“تقدمت بطلب جديد إلى الادارة الجهوية للتعليم على أمل أن أظفر هذه المرّة بفرصة تدريس اللغة الالمانية مثلما حلمت دائما ولكن للأسف قوبل طلبي بالرفض فكان قراري بيع الكتب الدينية حاسما لا رجعة فيه”.

بعد صمت وكأنه يستحضر شريط حياته وما حصل له منذ إنهاء دراسته يختم أحمد حديثه مع “مراسلون” قائلا “لم أختر هذا العمل من تلقاء نفسي بل وحده القدر الذي فرضه عليّ، إن هذا ليس إلّا امتحانا من الله”. وفي مراوحة بين التشاؤم والتفاؤل وبينما يستعرض بضاعته في انتظار الزبائن يقول “سيأتي يوم أترك فيه هذا الرصيف”.

لكن متى؟ “لا أعلم”، يردّ، “فإمّا أن تتحسن الاوضاع وأعود إلى عملي في قطاع السياحة، أو أنجح في تحقيق حلمي في التدريس بأحد المعاهد ولو في إحدى المناطق النائية في أقصى البلاد”.