أثار قرار المحكمة الدستورية العليا بأحقية ضباط الجيش والشرطة التصويت في الانتخابات، وذلك في إطار ملاحظاتها المقدمة على قانوني ممارسة الحقوق السياسية والانتخابات قبل أسبوعين، أثار الكثير من الجدل والتساؤلات، فهل يندرج في إطار الحفاظ على حقوق الانسان التي تتيح حق التصويت لكل مواطن، ام يأتي في سياق الحسابات السياسية والصراع بين الإسلاميين وغيرهم على إحكام السيطرة على الدولة؟
“القرار كارثة”
أثار قرار المحكمة الدستورية العليا بأحقية ضباط الجيش والشرطة التصويت في الانتخابات، وذلك في إطار ملاحظاتها المقدمة على قانوني ممارسة الحقوق السياسية والانتخابات قبل أسبوعين، أثار الكثير من الجدل والتساؤلات، فهل يندرج في إطار الحفاظ على حقوق الانسان التي تتيح حق التصويت لكل مواطن، ام يأتي في سياق الحسابات السياسية والصراع بين الإسلاميين وغيرهم على إحكام السيطرة على الدولة؟
“القرار كارثة”
في البداية يقول الدكتور حسين زايد، نائب مجلس الشورى عن حزب الوسط (إسلامي معتدل)، إن قرار المحكمة الدستورية بالسماح للعسكريين والشرطيين بالتصويت في الانتخابات بمثابة “كارثة” على استقرار مؤسسات الدولة، لاسيما وإن ذلك القرار لم تشهده أي من الدساتير المصرية من قبل.
وبحسب زايد سيؤدي تطبيق مثل ذلك القرار حتما إلى اندلاع ما أطلق عليه”حرب” بين مؤسسات الدولة الثلاثة التشريعية والقضائية والتنفيذية.
زايد لا يرى أن في سماح عدد كبير من دول العالم لضباط الجيش والشرطة بالتصويت في الانتخابات حجة كافية. ويقول “الدول التي تسمح بذلك لديها من التاريخ الديمقراطي ما يؤهلها لذلك، إضافة إلى طبيعة الأنظمة في تلك الدول مختلفة، وبالتالي فان تطبيق تلك النوعية من القرارات في الوقت الراهن غير مقبول شكلا وموضوعا”.
كذلك يرى زايد أن مصر مازالت تعاني من ويلات القمع والديكتاتورية وأنها تمر بمرحلة انتقالية تجعل المؤسسة العسكرية والشرطية في وضع حرج حيث يحتاجها الوطن مستقرة ومتسقه مع ذاتها وتبعد عن الانحياز والخوض في الصراعات السياسية.
ويضيف “الحديث عن انتهاك حقوق الانسان في ذلك الشأن لا محل له من الاعراب حيث أن ترتيب الاولويات يقر بأن تبقى الأمور على ما هي عليه إلى أن تمر مصر من مرحلة عنق الزجاجة وأن تستقر كافة مؤسسات الدولة أولا ثم يتم التفكير والتدبير لإشراك الجيش والشرطة في الانتخابات”.
وحذر زايد من ان تكون تلك القرار الذي اتخذته المحكمة الدستورية راجعا إلى “محاولة الانتقام من مجلس الشوري بسبب وجود خلافات بين المؤسستين راجعا إلى مناقشة قانون السلطة القضائية”.
“بشرط ضمان الحيادية”
قرار المحكمة الدستورية أثار أسئلة لدى العسكريين. فاللواء العسكري يسري قنديل، يرى أن القرار له وجهان، أحدهما وجه ديمقراطي مبني على قاعدة أن لكل مواطن حق التصويت كفرد من أفراد المجتمع عليه من الواجبات والحقوق ما يتساوي مع باقي المواطنين في الدولة، وهو أمر معمول به في العديد من الدول مثل أمريكا. إلا أن القرار له وجه آخر يتعلق بحيادية المؤسسة العسكرية، فالقرار قد يجعل من الصعب منع تورط القوات المسلحة في الصراعات السياسية، حسبما قال قنديل.
وأشار قنديل إلى أن الانتصار للديمقراطية وإتاحة حق التصويت ينبغي أن يكون هو القرار الذي تتخذه المؤسسة العسكرية ولكن بعد وضع الكثير من الضوابط التي تنأى بها عن التورط في الصراعات السياسية.
واقترح قنديل العديد من الاليات ومنها أن يتم الانتخاب والتصويت في يوم مختلف عن أيام الانتخابات المتاحة لباقي المواطنين، وأن تضع المؤسسة العسكرية آليات وقواعد واضحة تمنع الدعاية داخل الثكنات والجهات التابعة للمؤسسة العسكرية، وأن يعلم كل ضباط القوات المسلحة أنه لكي يمارسوا حقهم في التصويت فعليهم عدم التأثير علي الناخبين بأي صورة من الصور.
عودة حق مسلوب
رجال الشرطة بدو أكثر حماسا لقرار المحكمة الدستورية. العميد أيمن منصف، نائب رئيس نادي الضباط، يقول إن قرار الدستورية ينبغي الالتزام به لاسيما وأنه يعيد حق مسلوب لآلاف من أبناء الشعب المصري الذين حُرموا من ممارسة حقهم الديمقراطي في التصويت في الانتخابات والمشاركة في اتخاذ القرارت المصيرية للوطن.
وتابع قائلا “هناك ضرورة لأن تعلي الدولة من حقوق الانسان، والصراعات السياسية التي يعتقد البعض أنها ستؤدي إلى تفتيت المؤسسة العسكرية والشرطية لا يمكن أن تتواجد بالشكل الذي يعتقده البعض”.
وأكد منصف أن ضباط الجيش والشرطة يعانون من كل ما يعاني منه المصريين في الفترة الراهنة، وأن للبعض منهم اتجاهات سياسية إلا أن ضوابط ومعايير المؤسسة التي ينتمي اليها تمنعه من ممارسة ذلك في عمله.
واعتبر منصف أن “وجود نادي ونقابة للضباط سيحميهم من محاولات توجيه أصواتهم عمدا لصالح اتجاه معين، وسيكون تصويتهم نموذجا في الديمقراطية والنزاهة”.
“القرار قد يصب في عكس مصلحة الإسلاميين”
لكن ما هي تبعات السماح للعسكريين ورجال الشرطة المشاركة في الانتخابات على العملية الانتخابية؟ أكرم الالفي، باحث بمركز الاهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية وصاحب دراسة هامة عن الكتل التصويتية، يقول إنه لا توجد دراسات حول الكتلة التصويتية للجيش والشرطة، إلا أن هناك معلومات متناثرة تؤكد أن نسبة الجيش والشرطة لا تتجاوز نسبة الـ1% من إجمالي الأصوات، وأن تأثيرها لا يتمثل في التأثير المادي الملموس في الأصوات ولكنها تقتصر علي التاثير المعنوي.
لكن الألفي بالرغم من ذلك يلاحظ أن القرار قد يصب في عكس مصلحة الإسلاميين، ويقول “الغالبية العظمي من المنتمين إلى المؤسسة العسكرية من محافظات الوجه البحري، وهم ينتمون ويميلون إلى العائلات الكبيرة التي ينتمي الغالبية العظمي منها إلى الحزب الوطني والنظام القديم والعسكريين، وبالتالي فإن أصواتهم ستذهب إلى تلك العائلات، وتأثيرهم المعنوي على المواطنين المحيطين بهم والأقارب سيوجه الكتل التصويتية لذلك الاتجاه، وفي أغلبه سيكون في عكس مصلحة الاسلاميين الذين بينهم وبين العسكر خلافات غير متناهية”.