سنية بن توميّة إحدى أشهر نواب حركة النهضة الاسلامية بالمجلس التأسيسي. كلما تكلمت كانت مداخلاتها محل تندّر وسخرية روّاد مواقع التّواصل الاجتماعي. ممّا جعل رئيس كتلتها يمنعها من التصريح لوسائل الإعلام دون إذنه، بسبب ما اعتبره تشويها لصورة الحركة، ولكنّها تحدّثت لـ”مراسلون”.

“مراسلون”: بالإضافة الى صفة النائبة في المجلس التأسيسي، من هي سنية بن توميّة؟

سنية بن توميّة إحدى أشهر نواب حركة النهضة الاسلامية بالمجلس التأسيسي. كلما تكلمت كانت مداخلاتها محل تندّر وسخرية روّاد مواقع التّواصل الاجتماعي. ممّا جعل رئيس كتلتها يمنعها من التصريح لوسائل الإعلام دون إذنه، بسبب ما اعتبره تشويها لصورة الحركة، ولكنّها تحدّثت لـ”مراسلون”.

“مراسلون”: بالإضافة الى صفة النائبة في المجلس التأسيسي، من هي سنية بن توميّة؟

بن تومية: سنية بن توميّة من مواليد 6 شباط/ فيفري 1976 في منطقة بمبلة بمحافظة المنستير، خرّيجة معهد الصحافة وعلوم الإخبار. تحصلت كذلك على الماجيستير في الشريعة وأصول الدّين وأتممت دراساتي العليا في التكنولوجيا الحديثة للإعلام والاتصال سنة 2001 . زوجي أصيل محافظة سيدي بوزيد وهو مهندس بوزارة الفلاحة. أنا أم لثلاث بنات، وقبل انتخابي كنائب في المجلس الوطني التأسيسي كنت أشتغل متصرّفة في وزارة الفلاحة والصيد البحري.

كيف انتميت لحركة النهضة الإسلاميّة؟

في حقيقة الامر كان انتمائي لحركة النهضة اضطرارا وليس اختيارا،  لأن أخي مناضل في حركة النهضة وسجين سياسي خلال عهدي بورقيبة و بن علي. وبالتالي كان جميع أفراد العائلة محسوبين على الحركة الإسلاميّة. وقد ارتديت الحجاب وانتميت فعليّا لحركة النهضة سنة 1989 وكنت حينها طالبة بالثانويّة، وتم انتزاع الحجاب مني غصبا سنة 1995 وتلقيت مساومات رخيصة. يعني إمّا انتزاع الحجاب ومواصلة الدراسة أو الانقطاع عنها.

وبما أن حركة النهضة تؤمن بالتعليم من المهد إلى اللّحد لكل مسلم ومسلمة ولا يتم هذا الواجب إلّا عبر تطبيق المنشور 108 لسنة 1981 الذي يمنع المرأة المحجّبة من دخول المؤسسات العموميّة والتربويّة، فقد اضطررت لنزعه. وبعد الثورة مباشرة عادت حركة النهضة الى النشاط العلني فارتديت الحجاب من جديد وانطلقت في النشاط معها.

كيف قررت الترشح لانتخابات المجلس التأسيسي؟

نحن في حركة النهضة نختلف عن بقيّة الأحزاب في هذه المسألة. نحن لا نترشّح بل نُرشّح. وبالنسبة لي وقع ترشيحي عن المكتب الجهوي بالمنستير وذلك لعديد الاعتبارات أهمّها التاريخ النضالي لعائلتي وخاصة أخي الذي حُرم من مواصلة دراسته عبر سجنه لمدّة 10 سنوات، بالتالي لم تتوفّر فيه المواصفات ليتم ترشيحه لذا وقع ترشيح أخته الصّغرى باعتباري مثقّفة ومتعلّمة إضافة لمبدأ التناصف الذي اعتمد في الانتخابات.

أصبحت من أشهر النوّاب في المجلس الوطني التأسيسي، كيف تفسرين ذلك؟

أنا لا أبحث عن الشهرة، مداخلاتي خلال الجلسات العامّة نابعة عن عقليّتي الإقتحاميّة، خاصة أن حركة النهضة لم تجد حظّها في المنابر الإعلاميّة، حيث ركز الإعلام بعد الثورة على المعارضة للتأثير على الرأي العام.

وعموما تدخلاتي لم تكن أكثر من بقيّة النواب، لكن إيماني بحرّية التعبير عميق، حيث أتقبّل برحابة صدر الرأي المخالف، وتدخّلاتي تكون دائما متعلّقة بالشأن العام لأني أؤمن أن السياسي يجب أن يكون له دراية بكل المجالات، كما أن كل ارائي موثّقة عبر الفيديو وكنت أنشرها حينيّا على صفحتي بالفيسبوك.

على ذكر صفحتك بالفيسبوك، عادة ما تثير مداخلاتك بالمجلس التأسيسي موجة سخريّة منك على مواقع التّواصل الاجتماعي خاصّة، ما رايك؟

ما يحصل هو أن مداخلاتي تقتطع من سياقها لجعلها تبدو تافهة وبدون معنى، فبعض الاطراف تكرّس جهودا لضربي وتشويهي. أنا إنسانة تلقائيّة جدّا ولا أتصنّع ابدا، ولكنّي في المقابل أدرس مداخلاتي جيّدا واطّلع على برنامج الجلسات المقبلة خلافا لبعض النوّاب الذين يأتون للأسف دون دراية بما سيتمّ نقاشه خلال الجلسة العامّة أو برنامج عملها لذلك اليوم.

حسب اعتقادك، من هي الاطراف التي تسعى لتشويهك؟

أنا أطالب من هذا المنبر الإعلامي بالكشف عن الصّفحات التي تقوم بتشويهي وللأسف اصبحت اشكّ، أقولها بكل مرارة، في أطراف من داخل الحركة الإسلاميّة كالسّلفيّين ومن داخل المجلس التأسيسي او حتى من طرف اعضاء الكتلة التي أنتمي إليها بالتأسيسي (النهضة) من منطلق الغيرة، مع أني أعلم أن جل نوّاب حركة النّهضة يحبّونني وانا أحترمهم.

لطالما قلت في تصريحاتك أنك صحافيّة، ما هي الوسائل الإعلاميّة التي عملت لحسابها؟

اشتغلت لمدّة 6 أشهر في جريدة “الفلاح” وهي صحيفة أسبوعيّة تابعة للإتحاد الوطني للفلاحة والصّيد البحري. ولي عشرات المقالات وكتاباتي كان يُتهافت عليها. كتبت كذلك في صحيفة “حقائق” عندما كانت مجلّة شهريّة إضافة إلى صحيفة “الخبير” وموقع “الحوار نات” وشبكة “مغاربيّة”.

باعتبارك تنحدرين من الميدان الإعلامي، لماذا  لم نرك تدافعين عن حرّيّة الإعلام أو الصحافيّين؟

للأسف الشديد وجدت صعوبات جمّة قبل الثورة في العمل بالميدان الصحفي لمجرّد انتمائي لعائلة نهضاويّة.  وبعد الثّورة وقع اختيار عضوة في المجلس التأسيسي من حزب مشارك في الترويكا لتشغل منصب مساعدة رئيس المجلس المكلّفة بالإعلام رغم بعدها عن ميدان الصحافة والاتصال. ولو كنت كُلّفت بدلها لكان لي مساحة أكبر في المنابر الإعلاميّة ولكنت الحلقة الرّابطة بين المجلس والصحافة. وبالتّالي لم يتوفّر لي الاطار الذي كان يمكنني من خلاله الدفاع عن الإعلام.

ومن خلال منصبك كنائب لم نرك تدافعين عن الإعلام في أي جلسة عامة؟

قلت أن الإطار غائب ولكنّي تدخّلت في عديد الجلسات العامّة للحديث في هذا الخصوص ودافعت في عديد المنابر الإعلاميّة عن حرّيّة الصّحافة والتّعبير والصّحافيّين. وقد كنت أوّل من بشّر بالإعلان عن ميلاد هيئة إصلاح القطاع السّمعي البصري في 3 أيار/ ماي الماضي وكنت من أشرس المدافعين عن تسريع إنشائها وهذا موثّق بالصّوت والصّورة. وتحدّثت كثيرا عن التأسيس لمفهوم جديد لإعلام مهني وحرّ في تونس.

خلاصة القول انّه كلّما سنحت لي الفرصة لم ادّخر جهدا في الدّفاع عن الإعلام، ولكن لا يجب ان نظلم النّائب. لم يقع حوار أو تخصيص جلسة عامّة للإعلام والصّحافة، فلا يمكنني مثلا الحديث عن الإعلام في جلسة مخصّصة لقانون الماليّة.

هل حدّ انتماؤك لحركة النّهضة من حرّية تعبيرك كإعلاميّة؟

قطعا لا، ويمكنكم الإطّلاع على مقالاتي في جريدة “الفجر” (صحيفة تصدرها حركة النّهضة) بعد الثّورة التي فُسحت لي المجال للتّعبير كما أريد رغم اختلاف الآراء داخل الحركة ممّا يدفعني لأكون مخالفة أحيانا لمواقف الكتلة.

كيف تفسّرين قرار رئيس كتلة النّهضة بالمجلس التأسيسي بمنعك من التصريحات والحوارات الإعلاميّة بتعلّة تشويهك لصورة الحركة؟

له الحق في ذلك باعتباره رئيس الكتلة، وحركة النّهضة لها هياكلها ونظامها الدّاخلي، وعلى جميع النوّاب الانضباط لقرارات رئيس كتلتها الغيور على الحركة في ظل التّشويه الذي أتعرّض له عبر إخراج مداخلاتي من سياقها، إضافة إلى ان قرار المنع ليس نهائي والدّليل هو الحوار الذي أجريه حاليّا مع “مراسلون”.

هل كانت هناك مواقف للحركة متعارضة مع مبادئك؟

لا، فمثلا كل ما يُروّج عن سعي حركة النّهضة لتدجين الإعلام مجرّد إدّعاءات جوفاء، فالنّهضة حزب ديمقراطي ويؤمن بحرّيّة الإعلام ودوره. وحتّى القيادات النهضويّة التي تهاجم الإعلام من حين لآخر لايمثّلون إلّا أنفسهم وليس التّوجّه العام للحركة.

هل كانت لك مواقف مدافعة عن حقوق المرأة ؟

بالنّسبة لي، النائبة في المجلس التأسيسي لا تمثل المرأة فقط، بل تمثّل كل المواطنين. أضف إلى ذلك أنّه لم تخصّص جلسة عامّة او نقاش داخل المجلس التأسيسي تتعلّق بحقوق المرأة. ولكن حضرت أشغال اللّجنة التي تُعنى بدسترة حقوق المرأة رغم أنّي لست عضوة بها، حرصا على ضمان وضع أفضل للمرأة وقد طالبت بتخصيص جلسة عامّة لدسترة حرّيّة لباس المرأة.

ما قصدك بحرّيّة لباس المرأة؟

يعني تمتّع المحجّبة والسافرة والمنقّبة بنفس الحقوق، وليس من منطلق ديني بل من منطلق حقوقي فلا أريد ان يُنتزع حجاب امرأة غصبا، أو تُنقّب أُخرى قسرا، فقط أريدها حرّة في اختيارها.

بالمناسبة ما رأيك في ظاهرة إلباس الفتيات الصّغيرات في تونس الحجاب؟

أرفضه تماما، لأن الإنسان يجب ان يكون ناضجا لتكون له القدرة على الاختيار وأنا ضد أي تدخّل ينتهك براءة الطّفولة.

لماذا لم تعارضي الفصل الذي كان يعتبر ان المرأة مكمّلة للرّجل في مسودّة الدّستور الاولى؟

لم تكن سوى مسودّة وكنت أعلم جيّدا انه سيقع تحويره، إضافة إلى أنّنا قلنا في حركة النهضة، بأن الدور متكامل بين المرأة والرّجل داخل الأسرة، بمعنى التّشارك المتساوي وليس المرأة مكمّلة للرّجل. يعني تكون المرأة شريك حقيقي داخل الأسرة كما الرّجل ولكل منهما دور يكمّل الآخر وهذا نستلهمه من صميم ديننا وأخلاقنا. وإذا كنّا سنعطي الحريّة الكاملة للمرأة يمكن ان تقوم بأشياء تتنافى وعادتنا وديننا كالتزوّج بامرأة مثلها.

ما رأيك بمنظّمة “فيمن”؟

لكل فرد الحق في التّعبير ولكن طريقة تعبيرهم واحتجاجهم منافية لديننا واخلاقنا وتقاليد مجتمعنا.

وقع تداول صورة لك في اجتماع للتّجمّع الدستوري (حزب الرئيس بن علي). هل كنت تنامين لهذا الحزب الذي قمع حركتك وشرّد أنصارها؟

يمكن أن اكذب وأقول أنها مفبركة ولكن أعترف ان هذه الصورة حقيقيّة ويجب وضعها في سياقها. فقد كنت أقوم في إطار عملي في صحيفة “الفلاح” بتغطية الأحداث الوطنيّة. وكنت أُكلّف بتغطية بعض ندوات حزب بن علي. وبحكم وجوب حفاظي على لقمة عيش ابنائي كنت أقوم بالتغطية. وأتحدى أن يوجد لي مقال يمتدح بن علي أو حزبه، وبعد ذلك وقعت دعوتي للانضمام للتّجمّع وحضور حلقات تكوين سياسي ولكنّي رفضت فوقع طردي من الصحيفة.

ما رأيك في قانون تحصين الثّورة؟

أنا في الحقيقة ضد العقاب الجماعي وفي المقبل يجب محاسبة من أجرموا في حق الشّعب التّونسي عبر قضاء عادل ونزيه. هذا رأيي الشّخصي ولكن خلال التّصويت عليه يجب أن امتثل لقرار كتلتي بالتأسيسي.