أطلقت المنظمة التونسية للدفاع عن التلميذ صيحة فزع من خلال تقرير أصدرته قبل فترة نبّهت من خلاله الى خطر الاستهداف التي تعيشه المعاهد والإعداديات من طرف التيارات الدينية المتشدّدة.
لكن الجمعية بعد أكثر من شهرين على صدور التقرير ما زالت تؤكد وقوع تلك الانتهاكات، وتحذر من “اغتصاب فكري” واعتداءات يقوم بها التيار السلفي في تونس بحق التلاميذ.
أطلقت المنظمة التونسية للدفاع عن التلميذ صيحة فزع من خلال تقرير أصدرته قبل فترة نبّهت من خلاله الى خطر الاستهداف التي تعيشه المعاهد والإعداديات من طرف التيارات الدينية المتشدّدة.
لكن الجمعية بعد أكثر من شهرين على صدور التقرير ما زالت تؤكد وقوع تلك الانتهاكات، وتحذر من “اغتصاب فكري” واعتداءات يقوم بها التيار السلفي في تونس بحق التلاميذ.
وفي هذا الصدد يقول رئيس المنظمة محمّد أمين الكريفي، وهو تلميذ في السنة الأخيرة من تعليمه الثانوي، في حديث مع “مراسلون” إن “أتباع التيار السلفي يحاولون التأثير على التلاميذ وحشو رؤوسهم بأفكار متعصّبة”.
وأضاف الكريفي أن منظمته التي حصلت على الترخيص قبل نحو عام، تلقت بلاغات من قبل بعض التلاميذ عن مضايقات تعرضوا لها، وأثناء التحقّق من صحة هذه البلاغات اكتشفت المنظمة “وجود عنف معنوي و زرع لأفكار التعصب والكراهية وتحريض على العنف ضدّ التلاميذ”.
خيمات دعوية
ويقول الكريفي إن “الخيمات الدعوية امام المعاهد تستفزّ التلاميذ وتثير خوفهم، حيث يعمد أنصار التيار السلفي إلى نصب خيمة أمام معهد ثانوي وإحضار مكبرات صوت وإلقاء محاضرات لنشر أفكار دينية متعصبة”.
وقررت وزارة الداخلية في شهر أيار/ مايو الماضي منع الخيام الدعوية غير المرخص لها بعدما تحولت إلى منابر لتكفير رجال الشرطة والجيش.
لكن الكريفي يؤكد أن الظاهرة مستمرة رغم المنع قائلا: “حسب التحقيقات قمنا برصد 30 خيمة دعوية تم نصبها امام المعاهد الثانوية من قبل جمعيات كجمعية الخير الإسلامية، جمعية الحكمة، نادي العلم و العمل، جمعية الدعوة والإحسان، جمعية النصيحة، وقد نصبت هذه الخيمات دون ترخيص”.
وينصب السلفيون الذين يرتدون ملابس أفغانية، خيامهم الدعوية خصوصًا فى الأسواق وأمام المدارس مستعملين مكبرات الصوت.
وكانت المنظمة سجلت بحسب تقاريرها العديد من “التجاوزات التي أثرت سلبا على التلاميذ وعلى سير الدروس”، على حد قول القائمين عليها. كما أكدت أن استعمال مكبرات صوت ضخمة “شكّل ضغط نفسي على التلاميذ و أفقدهم التركيز على الدرس وأجبرهم على سماع خطب دينية تحرّض على العنف وعلى وجوب الالتزام الديني”. إذ تدعو هذه الخيام الفتيات الى ارتداء النقاب والفتيان الى اطلاق اللحية، وتحذرهما من الاختلاط.
كما رصدت المنظمة بعض الخيمات الدعوية التي أقيمت ايام إجراء الامتحانات الدراسية مثل الخيمة الدعوية أمام معهد “حومة السوق” بجزيرة جربة، والتي استعمل فيها مكبرات صوت كبيرة الحجم، وهو ما أعاق التلاميذ عن التركيز في إنجاز الفروض.
منع الاختلاط
وقال محمّد أمين الكريفي أن من بين التجاوزات الاخرى التي تم تسجيلها في الخيمات الدعوية أمام المعاهد هي “إغراء التلميذ لسماع المحاضرة بتوزيع أوراق مالية من فئة 5 دنانير و علب عصير على التلاميذ”.
وتعتبر المنظمة أن هذه التجاوزات “خرق للفصل 19 من مجلة حماية الطفولة الذي يمنع ﺯﺭﻉ ﺃﻓﻜﺎﺭ ﺍﻟﺘﻌﺼّﺏ ﻭﺍﻟﻜﺭﺍﻫﻴﺔ و تحريض عن العنف و اعمال الترويع، و ذلك من خلال الترويج للعديد من الأفكار مثل الحجاب الشرعي و النقاب وتحريم الفيسبوك والموضة والغناء والمسلسلات”، حسب بيان لها.
و حسب التحقيقات التي قامت بها المنظمة فان حوالي 25 ألف تلميذا تقريبا وقع تعنيفهم معنويا و ماديا من قبل السلفين من خلال الخيمات الدعوية ورصدتها المنظمة .
عذاب القبر
من جانب آخر، سجلت المنظمة حوادث لمنع الاختلاط بين الجنسين كان ابطالها 11 أستاذا يميلون للخط السلفي من مختلف أنحاء الجمهورية، ويمنعون الاختلاط بين الإناث والذكور في داخل القسم.
ومن ضمن هؤلاء استاذ تعليم ثانوي في مادة التاريخ والجغرافيا بمعهد بني خلاد نابل (60 كلم شرق تونس)، وأستاذ في مادة الرياضيات بمدرسة إعدادية ابن سينا (في أحواز العاصمة).
واشارت المنظمة إلى أن بعض الأساتذة يقومون بمنع الاختلاط بين الإناث و الذكور في داخل القسم، إلى جانب التحدث باستمرار عن عذاب القبر “وهو ما يثير فزع التلاميذ”.
الأولياء مستاؤون
كثير من ذوي الطلاب عبرّوا عن غضبهم وسخطتهم على الوزارة التي لم تحرّك ساكنا تجاه ما يحدث مع اطفالهم، بحسب قولهم.
خديجة والدة لأحد التلاميذ في معهد حي الخضراء بالعاصمة، قالت لـ “مراسلون” إن “حي الخضراء بات مكانا محبّذا للنشاط السلفي وللخيمات الدعوية التي تنتشر في كل مكان كالفقاعات”. وتضيف أن ابنها الذي يدرس بهذا المعهد حدّثها بأن السلفيين يأتون الى باحة المعهد ويطلبون من التلاميذ الذكور إطالة اللّحية والالتزام الديني التام.
معهد حومة السوق بجزيرة جربة (500 كلم جنوب تونس)، كان أيضا من المعاهد المستهدفة طوال العام الدراسي من السلفيين حيث عمدوا عشرات المرّات إلى إقامة خيمات دعوية أمامه.
المرشد التربوي بالمعهد أكّد لموقع “مراسلون” أن ما يهم إدارة المعهد هو ما يحصل داخله لكن ما يحدث خارج أسوار المعهد هو من مسؤولية قوات الأمن. وأضاف “نحن كإدارة، وبحكم القانون، لا قدرة لنا على منع هذه الخيمات الدعوية بل هي من أنظار السّلطات الجهوية والمحلية”.
من دون تعليق
موقع “مراسلون” اتصل بوزارة التربية غير أن الملحق الصحفي بالوزارة امتنع عن الاجابة مؤكّدا أن “كل هياكل الوزارة منكبة في هذه الفترة على الإعداد الجيّد لامتحانات آخر السنة”، وأن ما يتداول هو “مبالغة من البعض لتهويل الأمور وخلق أزمة في الأوساط المدرسية”.
أما بخصوص بعض الأساتذة المخالفين للقانون والذين يستغلون حصص التدريس لتمرير رسائل مغايرة للبرامج التربوية، فقد توجه “مراسلون” بالسؤال إلى لسعد اليعقوبي الكاتب العام لنقابة التعليم الثانوي، لكنه لم يشأ التعليق على تصرفات هؤلاء المدرّسين.
وشدد اليعقوبي في تصريح مقتضب على أن “ما يهم اليوم هو إنجاح امتحانات آخر السنة الدراسية التي شارفت على الاختتام”، وقال “إذا كانت هناك خروقات أمام المعاهد فإن النقابة ستحرص أن لا يتكرر ذلك في السنة المقبلة”.
وصدم الرأي العام التونسي عندما اكتشف أنه يوجد أطفال في جحافل الجهاديين التونسيين التي اتجهت لخوض حربها “المقدّسة” في سوريا. وأن بعض هؤلاء الأطفال “استشهد” في ساحات الوغى السورية وهو لم يتجاوز العاشرة.
وتحدثت وسائل الاعلام في تونس عن مراهقات تونسيات جندن لجهاد من نوع خاصّ، انه جهاد النكاح، هذا الجهاد يفرض معاشرة أمير الجماعة ومن تقبل به تحصل على تذكرة العبور الى الفردوس المزعوم.
وتتهم أطراف معارضة وحقوقية الحكومة “بالتسامح” مع المجموعات المتطرفة، للتأثير على الاطفال والمراهقين عبر الخيمات الدعوية.