لا أحد يستطيع اليوم ان يحدد متى تنتهي كتابة الدستور ومتى تتكون الهيئة المستقلة للانتخابات ومتى ستجرى الانتخابات القادمة وبأي قانون انتخابي.
ويمثل اجراء الانتخابات العامة (تشريعية ورئاسية) من عدمه، وتحديد موعد نهائي لها، جوهر الخلاف بين الحكومة والمعارضة التي تدعمها مكونات المجتمع المدني.
اتهامات متبادلة
لا أحد يستطيع اليوم ان يحدد متى تنتهي كتابة الدستور ومتى تتكون الهيئة المستقلة للانتخابات ومتى ستجرى الانتخابات القادمة وبأي قانون انتخابي.
ويمثل اجراء الانتخابات العامة (تشريعية ورئاسية) من عدمه، وتحديد موعد نهائي لها، جوهر الخلاف بين الحكومة والمعارضة التي تدعمها مكونات المجتمع المدني.
اتهامات متبادلة
يتهم كمال الجندوبي رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات السابقة والتي أشرفت على تنظيم انتخابات تشرين أول/ اكتوبر 2011 صراحة المسؤولين في الدولة بأنهم يتعاملون مع قضية الانتخابات ببساطة وعدم جدية. وقال أن “كل المواعيد التي أعلنت عنها الترويكا في الفترة الماضية غير واقعية، وقد ثبت ذلك”.
وكان رؤساء الحكومة والجمهورية والمجلس التأسيسي أعلنوا عن مواعيد مختلفة لإنجاز الانتخابات، أول هذه المواعيد في شهر جوان/ حزيران الحالي، وآخرها في ديسمبر/كانون أول القادم.
و قال الجندوبي آنذاك أن هذه المواعيد غير واقعية. في غياب دستور يحدد طبيعة النظام السياسي، وقانون انتخابي وكذلك هيئة مستقلة للانتخابات.
من جهتها تساءلت رشيدة النيفر أستاذة القانون الدستوري عن طبيعة الاسباب التي اخرت صياغة الدستور والمصادقة عليه وعطلت تركيز الهيئة العليا المستقلة للانتخابات. “هل هي أسباب تقنية بحتة أم أن لها صلة بعدم توفر ارادة سياسية للتقدم نحو انهاء المرحلة الانتقالية والوصول الى انتخابات حرة وشفافة ونزيهة؟”، قالت في حديث مع “مراسلون”.
اما ممثلة جمعية “عتيد” التي اشرفت على مراقبة الانتخابات السابقة ليليا الرباعي، فقد قالت لـ “مراسلون” إن القضاء على العنف، وحياد الامن وحرية الصحافة واستقلال القضاء وحياد الادارة هي من الشروط الاساسية لإجراء انتخابات حرة وشفافة ونزيهة.
وحذرت مما أسمته “استغلال مؤسسات الدولة وتوظيف المؤسسة الامنية لصالح طرف سياسي على حساب آخر قبل الانتخابات وبعدها”.
ليس قبل 2014
كان كل من منصف المرزوقي رئيس الجمهورية ومصطفى بن جعفر رئيس المجلس التأسيسي، قد أعلنا سابقا ان اجراء الانتخابات سيكون في أواخر العام 2013. لكن جل أحزاب المعارضة شككت، بما في ذلك نجيب الشابي رئيس الحزب الجمهوري، الذي يجري حاليا مفاوضات الحوار الوطني مع احزاب الحكم، لتحديد خارطة طريق.
واعتبر الشابي أنه يجب أولا الاتفاق على الدستور وهيئة الانتخابات والقانون الانتخابي، ثم تحديد موعد الذي لن يكون برأيه قبل مارس/ آذار 2014، وهو موعد معقول جدا ، حسب قوله، خاصة بعد صدور قرار المحكمة الادارية القاضي بإيقاف اجراءات تكوين اللجنة المستقلة للانتخابات وهو ما يعني حسب رايه مدة زمنية اضافية قدرها ثلاثة اشهر. وقد عبر السيد مصطفى بن جعفر رئيس المجلس الوطني التأسيسي عن تفاجئه من تصريح السيد نجيب الشابي .
وكان اعضاء المجلس التأسيسي قد صادقوا على ميثاق اخلاقي يقضي بتحديد نهاية سنة 2013 موعدا للانتخابات وأيده الرؤساء الثلاث.
وتم الاتفاق منذ اسبوعين بين المشاركين في مؤتمر الحوار الوطني الذي تم برعاية الاتحاد التونسي للشغل على أن تجرى الانتخابات بعد ستة اشهر من تشكيل اللجنة المستقلة للانتخابات ومن بداية مباشرة عملها. ولكن اجراءات تشكيل اللجنة المستقلة للانتخابات تعرضت لعوائق قانونية.
واعتبر رئيس منظمة “عتيد” السيد معز بوراوي ان قرار المحكمة الادارية الصادر يوم 14 أيار/ ماي 2013 رغم “صوابه وحيادتيه” من شانه ان يؤدي الى تأجيل الانتخابات وهو ما قد يضع البلاد في مازق حقيقي لا تحتمله.
وقد ارجع هذا التأخير الى عدة اسباب لعل ابرزها عدم فتح أحزاب الحكم المجال امام الخبراء والمجتمع المدني للاستعانة بآرائهم ومقترحاتهم .
وتتهم المعارضة حركة النهضة مع شريكيها التكتل والمؤتمر بكونهم لا يسعون بجدية الى توفير مناخ ملائم وارساء ارضية قانونية ورصيد بشري ولوجستي لا جراء الانتخابات او لتحديد تاريخ واضح لها.
وفي هذا السياق صرح لمراسلون سمير بالطيب الناطق الرسمي باسم حزب المسار المعارض بانه “لا توجد رغبة حقيقية وصادقة لإنجاز انتخابات قريبا وان الاحزاب الحاكمة لن تحدد موعدا واضحا للانتخابات الا اذا تأكدت من انها ستفوز فيها وستضمن لها بقاءها في السلطة”.
ويفسر ذلك بان الترويكا الحاكمة لم تكن حاسمة في مواجهة العنف ومعاقبة الخارجين عن القانون وذلك حتى يتم تخويف التونسيين ويتخلفون عن المشاركة في الانتخابات القادمة في حين تصوت الاطراف التي تمارس العنف لفائدة النهضة وحلفائها.
وضع امني غير مشجع
غير أن رئيس كتلة حركة النهضة بالمجلس الوطني التأسيسي الصحبي عتيق يذهب إلى أنه لا يمكن تنظيم انتخابات في ظل وضع أمني متأزم.
ويعتبر ممثلو نقابات الامن التونسي انه من غير الممكن اجراء انتخابات نزيهة وشفافة في ظل عدم حياد المؤسسة الامنية وبقاءها رهن اوامر السلطة التنفيذية. مشددين على ضرورة الناي بالمنظومة الامنية عن كل اشكال التوظيف السياسي والحزبي والايديولوجي.
ويرى المراقبون سواء في تونس او في دول اخرى ان وصول الاسلاميين الى السلطة قد تم في لحظة تاريخية لم تكتمل فيها المراجعات الضرورية للفكر الاسلامي بمدرستيه السنية والشيعية، ولم يهضم اغلب المتبنين له مسالة التداول السلمي على السلطة وقبول نتائج الانتخابات .
ومما زاد في هذا الاعتقاد هو تصريح رضا بلحاج الناطق الرسمي لحزب التحرير( حزب اسلامي) بانه سيقلب الموازين السياسية في حالة صعود حزب ليبيرالي (حزب نداء تونس) الى الحكم .
لكن علي العريض رئيس الحكومة المؤقتة اعتبر ان الوضع الامني قد تحسن وانه بالإمكان التوصل الى اجراء انتخابات عامة متى تم احداث هيئة مستقلة للانتخابات وتم الانتهاء من كتابة الدستور وهي كلها امور تقنية واجرائية لا دخل للحكومة ولا للأحزاب الحاكمة فيها، حسب تعبيره.
وفي خضم كل هذا الغموض اعلن كل من الباجي قائد السبسي رئيس حزب نداء تونس ورئيس حكومة المرحلة الانتقالية الاولى ونجيب الشابي الحزب الجمهوري وحمادي الجبالي الامين العام لحركة النهضة (كمستقل) و محمد الهاشمي الحامدي عن حزب المحبة (العريضة الشعبية سابقا) عن نواياهم في الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة.
وتواصل اغلب الاحزاب بما فيها أحزاب الحكم حملاتها الانتخابية المبكرة، رغم عدم تحديد موعد الانتخابات.