دعت مجموعة من الشباب الليبيين الى تشكيل ناد للقراءة في طرابلس، بعد أن تعرفوا على بعضهم صدفة خلال حدث أقامته فتاة ليبية بمناسبة اليوم العالمي للكتاب بعنوان “كتاب لكل مقهى”.
واستوحت المجموعة فكرة تشكيل نادي القراءة من نشاط مماثل حدث في الهواء الطلق وسط شارع الحبيب بورقيبه في تونس ربيع العام الماضي.
دعت مجموعة من الشباب الليبيين الى تشكيل ناد للقراءة في طرابلس، بعد أن تعرفوا على بعضهم صدفة خلال حدث أقامته فتاة ليبية بمناسبة اليوم العالمي للكتاب بعنوان “كتاب لكل مقهى”.
واستوحت المجموعة فكرة تشكيل نادي القراءة من نشاط مماثل حدث في الهواء الطلق وسط شارع الحبيب بورقيبه في تونس ربيع العام الماضي.
في الوقت الذي كانت تنتشر فيه على صفحات فيس بوك صور فعاليات يوم القراءة في تونس نيسان/أبريل من العام الماضي، كان بدر الدين الورفلي يتناقش مع أصدقاء تعرف إليهم في حدث دعت إليه فتاة ليبية وأطلقت عليه اسم “كتاب لكل مقهى”، بمناسبة اليوم العالمي للكتاب، وخطر ببالهم أن يفعلوا شيئا مماثلاً في العاصمة الليبية طرابلس .
يقول الورفلي، طالب الطب البشري، “بدأت الفكرة في جلساتنا مع الأصدقاء وعبر صفحات موقع التواصل الاجتماعي الفيسبوك، ولخصناها في إنشاء ناد للقراءة، فتفاعلوا مع الفكرة بسرعة وعلى الفور بدأنا في التنفيذ”.
ويتابع طالب الطب “أسسنا أنا والصديقة إيمان الغول نادياً لهواة القراءة، واتفقنا على أن نقرأ كل أسبوع كتابا نختاره مسبقاً ثم نجتمع سوياً في النادي أيام السبت لمناقشة ما يحمله من أفكار”، ويضيف بفرح ظاهر “اجتماعاتنا الأسبوعية انتظمت وتزايد عدد الراغبين بالانضمام إلينا”.
محمد الزرقاني وهو أحد المترددين على النادي يقول “انضممت للنادي لأنه مثل فرصة جيدة لتبادل الآراء بين أعضائه والتأسيس لثقافة الحوار وحرية التعبير عن الرأي”.
أما زميلته راوية الككلي، 16 عاما، فتقول “في البداية اعتدت أن أتابع بصمت ما كان يدور من حوارات بين الأعضاء عبر صفحتهم على موقع الفيسبوك، ثم قررت الانضمام إليهم. إنه مكان رائع ومثالي لتطوير الذات وبناء الشخصية”.
لا مقر
“مزرعة الحيوانات” لجورج أوريل، “عزازيل” ليوسف زيدان و”فرسان بلا معركة” للكاتب الليبي الصادق النيهوم هي عناوين لكُتب قام بقراءتها والتحاور حولها أعضاء النادي الموزعين على الكراسي المتناثرة في جنبات القاعة التي تشهد نقاشات فكرية معمقة .
الأعضاء اشتكوا لـ “مراسلون” من عدم وجود مقر ثابت يجتمعون فيه، فبعد أن عقدوا جلستهم الأولى وسط حديقة عامة ثم تنقلوا بين عدة مقرات، حطوا الرحال بشكل مؤقت في واحد من المركز الثقافية التابعة لوزارة الثقافة، ثم أخيرا في المكتبة القومية المركزية .
الأعضاء وصفوا رحلة تنقلهم بين المقرات بالمتعبة خاصة أن أغلب المراكز الثقافية يغطيها الغبار ولا يتم استعمالها.
أحمد سمير الشارف، عضو مؤسس في النادي، يوضح “تلقينا وعوداً بمنحنا مقراً ولا زلنا ننتظر أن يفي بها أصحابها، فلا يوجد لدينا مقر رسمي للنادي لعدم توفر الإمكانيات المادية وعجز وزارة الثقافة عن توفيره بسبب حاجة الكثير من منظمات المجتمع المدني في البلاد التي تأسست بعد التحرير إلى مقار”.
انتشار الفكرة
إلا أن ذلك لم يمنع أن تنتشر الفكرة في أنحاء أخرى من البلاد التي تشهد حالة من الانفتاح بعد سقوط القذافي، فبعد عدة أشهر افتتح الطبيب سامي العابد بالتنسيق مع بدر وزملائه ناديا مشابهاً بمدينة صبراتة (80 كم غرب طرابلس)، كما قام طالب الطب البشري، نجيب الترهوني بالشيء ذاته في مدينة بنغازي شرق البلاد.
الترهوني يقول لـ “مراسلون”، “تعرفت على أعضاء نادي طرابلس وشاركتهم نقاشاتهم عبر السكايب، ولكنني لاحظت أن بعض المنضمين لهم على صفحتهم في الفيسبوك من سكان مدينتي فقررت الاتفاق معهم على أن نلتقي في جلسات دورية”.
ترحيب وزاري
من جانبه عبر وزير الثقافة الحبيب الأمين لـ “مراسلون” عن سعادته بالمنظمات الثقافية كنوادي القراءة التي تساهم – على حد تعبيره – في نشر المعرفة .
وأضاف الأمين الذي افتتحت وزارته عدداً من المراكز الثقافية في مدن ليبية عدة “أدعم هذه المنظمات من خلال وزارتي وأتمنى أن تعم جميع المدن نوادٍ ثقافية لأن مجتمعنا يحتاجها بعد عقود من التجهيل مارسها النظام السابق”.
تصريح الوزير لقي ترحيباً من أعضاء النادي الراغبين في تحويل ناديهم إلى هيئة رسمية مسجلة ومعتمدة من قبل وزارة الثقافة تحت مسمى “النواة،ـ نادي هواة القراءة”.
امنح كتابك حياة جديدة
ينخرط عدد من أعضاء نادي القراءة في نشاطات ثقافية لم تكن شائعة بشكل كبير زمن العقيد القذافي مع وجود نظام بوليسي يستشعر الخطر من التجمعات الشبابية .
كما هو الحال مع مهرجان الكتب المستعلمة الذي انطلق في طرابلس نيسان/ ابريل الفائت تحت شعار “امنح كتابك حياة جديدة”، ويقوم على جمع ما يتبرع به الناس من كتب مستعملة بدل ركنها في رفوف المنازل دون الاستفادة منها وذلك بغية إنشاء مكتبة متنقلة تجوب كل مدن ليبيا لإعارة الكتب.
من صُنع الثورة
الكاتبة نهلة العربي قالت لـ “مراسلون” إن الفكرة والرغبة في فتح نوادٍ ثقافية أحد نتائج الثورة، وما كانت لتتحقق في زمن القذافي لأسباب أمنية بالدرجة الأولى، فهي ستكون “مصدر شك وريبة” بالنسبة للنظام السابق والذي قد يوجه تهمة “الانتماء لتنظيم سري” لأصحابها، بحسب قولها.
العربي أضافت، أن أسبابا أخرى تتعلق بالبيئة والمحيط الاجتماعي الذي لم يكن يشجع أو يدعو إلى العمل الجماعي والالتزام به كانت وراء غياب هذه المبادرات.
موضحة أن الثورة صنعت نوعاً من الحراك الثقافي ومنحت الكثير من الأمل، مما عزز الحماس لإنشاء المشاريع والنوادي الثقافية، وصنعت مساحة من الحرية ليلتقي فيها محبو القراءة على اختلاف أعمارهم وخلفياتهم وجنسياتهم ومذاهبهم الفكرية للتحاور والنقاش .