الساعة الخامسة مساء، المكان محطة مترو كلية الزراعة بشبرا الخيمة. تجمع عدد من المواطنين ملامحهم توحي بأنهم طلبة وموظفون من أبناء الطبقة الوسطى، والتفوا حول شاب في العشرينيات من عمره، يمسك بيديه مجموعة من الاوراق وقع عليها بشعار حملة “تمرد”، تلك الحملة التي تهدف لسحب الثقة عن الرئيس المصري محمد مرسي، والتي أعلن عن تأسيسها مجموعة من شباب حركة “كفاية” الذين انشقوا عنها قبل الثورة ليكونوا مجموعة “شباب من أجل التغيير”.

الساعة الخامسة مساء، المكان محطة مترو كلية الزراعة بشبرا الخيمة. تجمع عدد من المواطنين ملامحهم توحي بأنهم طلبة وموظفون من أبناء الطبقة الوسطى، والتفوا حول شاب في العشرينيات من عمره، يمسك بيديه مجموعة من الاوراق وقع عليها بشعار حملة “تمرد”، تلك الحملة التي تهدف لسحب الثقة عن الرئيس المصري محمد مرسي، والتي أعلن عن تأسيسها مجموعة من شباب حركة “كفاية” الذين انشقوا عنها قبل الثورة ليكونوا مجموعة “شباب من أجل التغيير”.

[ibimage==6666==Small_Image==none==self==null]

نقاشات حول جدوة الحملة

مرزوق يجمع الإمضاءات

عندما تقترب تسمع صوته هادئا وبثقة يقول إن الثورة قامت لتحقق العيش والحرية والعدالة الاجتماعية، وإن كل هذا لم يتحقق حتى الآن.

إنه مايكل مرزوق أحد أعضاء حملة “تمرد” من حزب الدستور، الذي انهمك في نقاش بدأ هادئا ثم احتد بينه وبين رجل أربعيني رفض التوقيع على استمارة سحب الثقة من الدكتور محمد مرسي، ليتحول الامر إلى مناظرة بين الكثير من المؤيدين والقليل من الرافضين أو المحبطين والمشككين في هوية الشاب الذي حمل بجعبته الكثير من الانتقادات للدكتور محمد مرسي ونظام الاخوان المسلمين.

يروي مروزق رحلته اليومية في جمع التوقيعات والمعوقات التي تواجهه أثناء قيامه بتلك المهمة التطوعية، ويقول إنه منذ انطلاق حملة “تمرد”، نهاية شهر ابريل/ نيسان الماضي، وهو ينزل يوميا في ذلك التوقيت إلى أماكن التجمعات ليحصل هو وزملاؤه على أكبر قدر ممكن من التوقيعات على استمارة سحب الثقة لاستكمال العدد الذي أعلنت الحملة استهداف جمعه وهو 15 مليون توقيع. الحملة تخطط للإعلان عن العدد الذي نجحت في جمعه يوم 30 حزيران/ يونيو، وهو اليوم الذي سيشهد عدة فعاليات احتجاجية ضد الرئيس مرسي.

ثلاثة ملايين توقيع

[ibimage==6672==Small_Image==none==self==null]

توقيعات

ويبدو أن حملة تمرد دقت ناقوس الخطر لدى السلطة، فقد تمت محاولة اعتقال عدد من شباب الحملة في الصعيد، حسبما يقول مرزوق. وهو الأمر الذي أرجعه إلى قدرة الحملة الشبابية على تحدي ذلك التنظيم الضخم لجماعة الاخوان المسلمين.

فتلك الحملة على الرغم من حداثتها إلا أنها استطاعت أن تحصد عددا ليس بقليل من التوقيعات، تجاوز الثلاثة ملايين توقيع خلال الأسبوع الثاني من بدايتها، ووصل اليوم إلى 6 ملايين توقيع كما أعلنت الحملة من خلال موقعها الالكتروني.

لكن قيمة تلك التوقيعات لا تكمن فقط في عددها، فقيمتها الاساسية في أنها شملت المناطق الشعبية والريف والقرى والصعيد الذي يعتبره الاخوان المسلمين معقلا أساسيا لهم، وفقا لما قاله مرزوق.

انشغل مرزوق بنقاشات مع القادمين من محطة المترو عن أهمية التوقيع على استمارة سحب الثقة. خلال هذه النقاشات يؤكد على أنها حملة شعبية في الأساس أطلقها مجموعة من شباب حركة “كفاية”، وانضم إليها المئات بل الآلاف من أبناء الشعب المصري، وهو الأمر الذي أجبر القوى السياسية على السعي إليها والانضمام للحملة خشية أن تتجاوزها حركة الشارع المصري.

سجال على الهامش

لكن ليس كل من يسألهم مرزوق يوقعون على استمارة حملته. محمد صلاح، موظف بشركة غاز شبرا الخيمة، رفض للتوقيع على استمارة سحب الثقة. ويؤكد على أن هناك أزمة حقيقية في طرح تلك النوعية من الفاعليات أهمها أنها تهدد الشرعية التي جاءت عبر الصناديق وعبر الانتخابات التي شارك فيها الشعب المصري، بالاضافة إلى عدم انقضاء على وصول الدكتور محمد مرسي إلى الحكم، وبالتالي فإن التسرع بالحكم عليه ما هو إلا مزيد من الفوضى.

ويقول صلاح “الأزمة الأكبر هي غياب بديل حقيقي خلال الفترة الراهنة بين صفوف المعارضة، وهو الأمر الذي قد يضيع مصر نهائيا”. هنا تقاطعه مي حسين طالبة بكلية الاداب قسم الفلسفة جامعة عين شمس،  والتي هرولت إلى مرزوق لكي توقع علي الاستمارة بدون ان تفتح معه نقاشا، وبحماس الايام الاولى للثورة تقول “البعض يخشى من غياب البديل، لكن هل بلد به 85 مليون مواطن ليس بينهم رئيس يحقق مطالب الثورة ويأتي بحقوق الشهداء، ويوفر رغيف الخبز والكرامة، ويرجع لمصر هيبتها التي فقدتها”.

يقاطعها صلاح قائلا إنه مهما كانت الأمور فإنه الرئيس المنتخب الذي جاء بارادة الشعب المصري. فترد حسين قائلة “للصندوق حسابات أخرى منها الفقر والجهل والحاجة لجنيهات قليلة، بالاضافة إلى أن الاختيارات كانت محدودة أمام الشعب المصري، ناهيك عن انعدام الامن والفقر والبطالة التي نعانيها حاليا”.

ثم وجهت مي حسين سؤالا إلى صلاح حول ما إذا كان يأمن على زوجته الخروج بعد الساعة السابعة مساء من المنزل، بتردد كانت إجابته “بالطبع لا”، ولكنه يضيف بحسم أن تفاعلات القوى السياسية في الشارع هي السبب في انعدام الامن وإنهاك الشرطة. وأخيرا ينهي الحوار مايكل مرزوق مؤكدا أنه يحترم رأي كلا المتحدثين، ويمضي منشغلا بالقادمين الجدد.

تجرد ضد تمرد

حملة “تمرد” ليست هي الحملة الوحيدة التي تبحث عن موقعين. فردا على “تمرد” ظهرت حملة “تجرد” التي اعلنها الشيخ عاصم عبد الماجد في مواجهة حملة “تمرد” للقوي المدنية.

ومن جانبه قال أحمد شرف، منسق حملة “تجرد”، إن هناك محاولات لاشعال ونشر الفوضى في مصر خلال الفترة الراهنة، ومن بين تلك السلوكيات إعلان حملة “تمرد” التي تهدف إلى إسقاط الشرعية عن الرئيس مرسي الذي اختاره الشعب المصري ليكون أول رئيس مدني منتخب.

ويضيف “هذا الأمر الذي وضع العديد من المصريين أمام خيارين لا ثالث لهما: إما الصمت أمام تلك النوعية من السلوكيات، أو الرد بقوة عليها من خلال انتهاج ذات النهج وجمع توقيعات الشعب المصري على تجديد الثقة في الرئيس مرسي ورفض أي محاولات للانقلاب على الشرعية”.

ونفى شرف ما يردده البعض بأن النظام يخشى من تلك التوقيعات، مدللا على ذلك بعدم اتخاذ أي إجراءات في مواجهة من يقومون على الحملة، والاعتماد فقط على جمع توقيعات مماثلة ليكون الشعب المصري هو الفيصل في تلك التحركات.

ولفت شرف إلى أن حملة “تجرد” استطاعت حتي الان جمع ما يزيد عن ستة ملايين توقيع، وفقا للحملة. وقال “من المقرر أن يتم تفعيل الحملة في الشارع خلال الفترة المقبلة لنؤكد لكل من تسول له نفسه أن الشرعية لن ستقط إلا بانتخابات رئاسية في موعدها المحدد ووقتها يقول الشعب المصري فيخت كلمته”.

وانهى شرف حديثه بالتأكيد على أن الساحة السياسية مفتوحة للجميع، وأن هناك الكثير من المؤشرات التي تؤكد على أن الأرقام التي يتم إعلانها من قبل حملة “تمرد” مجرد حديث خال من الصحة، مدللا على ذلك بمليونية العودة للميدان قبل أسبوعين، والتي لم يشارك بها سوى العشرات على حسب قوله.  

صافرة إنذار

مايكل مرزوق رفض ما قاله شرف، مؤكدا على أن السلطة ترتعش من الحملة، مدللا على ذلك باحالة منسقها إلى نيابة أمن الدولة العليا طواريء ومواجهة أعضائها من خلال ميلشيات الاخوان في الجامعات. وأنهى مرزوق حديثه بالتأكيد على أن يوم 30 حزيران/ يونيو سيكون يوم الحسم للتأكيد على رغبة الشارع المصري في سحب الثقة وإسقاط النظام.

ومن جانبه استبعد الدكتور مصطفي كامل السيد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، أن تستطيع حملة “تمرد” علي جمع ما يزيد عن أربعة ملايين توقيع، نظرا لقلة عدد أعضاء الحملة، وغياب التنظيم، لاسيما وأن أعداد أعضاء حركة كفاية مجتمعين لم يتخطوا الـ 15 الف في وقت مجدها، بالإضافة إلى أن الحملة وفقا للارقام التي أعلنتها لم تصل بعد إلى محافظات الصعيد وأن مركزها في القاهرة ومحافظات الوجه البحري.

ولفت السيد، إلى أنه بالرغم من الشكوك حول قدرة حملة تمرد أن تجمع الـ15 مليون توقيع، إلا أنها تعتبر صافرة انذار لنظام الدكتور محمد مرسي بأن يعيد منهجية التعامل مع القوى السياسية ومع المواطن المصري.

وقال السيد “جماعة الاخوان المسلمين نجحت في التمكين في العديد من المناطق المحورية التي يمكن من خلالها الانقلاب على الحكم وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة ومن بينها وزارة العدل والداخلية والتنمية والادارة المحلية، وهو الامر الذي يجعل اجراء انتخابات رئاسية مبكرة أمرا قريب من المستحيل”.

الانقسام بين حملات معارضة للرئيس وجماعة الإخوان وأخرى مؤيدة لهما، هو حال الشارع المصري اليوم، ويبدو أنه لن يتغير حتى تعاود العملية السياسية حراكها.