في المرجى، إحدى قرى حيدرة من ولاية القصرين، يعتقد الأهالي بأن مياه البئر صالحة للشرب على الرغم من وجود الضفادع فيها، بل إنهم يؤكدون بحسب معلومات توارثوها عن أجدادهم أن الضفادع تساهم في تعقيم البئر من الاوساخ والجراثيم.
وفي وادي حيدرة، ليس بعيدا عن البئر، كانت مباركة تأخذ نصيبها من المياه بلهفة، كمن يخاف أن يداهمه الجفاف فجأة، فيما كان حمارها يشرب هو الآخر من الوادي نفسه ليروي عطشه.
في المرجى، إحدى قرى حيدرة من ولاية القصرين، يعتقد الأهالي بأن مياه البئر صالحة للشرب على الرغم من وجود الضفادع فيها، بل إنهم يؤكدون بحسب معلومات توارثوها عن أجدادهم أن الضفادع تساهم في تعقيم البئر من الاوساخ والجراثيم.
وفي وادي حيدرة، ليس بعيدا عن البئر، كانت مباركة تأخذ نصيبها من المياه بلهفة، كمن يخاف أن يداهمه الجفاف فجأة، فيما كان حمارها يشرب هو الآخر من الوادي نفسه ليروي عطشه.
“هذه المياه للحيوانات” هكذا استهلت مباركة كلامها. وكانت هذه الكلمات منطقية، فمياه الوادي غير صالحة للشرب. ولكن الغريب أن عائلتها كانت ومازالت تشرب من هذه المياه، وتضيف “مع مرور الوقت، اكتسبنا مناعة ضد أية أمراض قد تسببها “.
التهاب كبد فيروسي
معتمدية حيدرة من ولاية القصرين، ليست المكان الوحيد في تونس الذي يواجه صعوبات في توفير المياه الصالحة للشرب، فمازالت مناطق عدة تعيش على وقع مشقة التزود بالماء. ولازالت الشركة التونسية لاستغلال وتوزيع المياه عاجزة عن توفير مياه الشرب لهذه المناطق.
ويقول أهالي المنطقة أن المشاريع الخاصة يتوفير الماء- التي تشرف عليها الجمعيات المائية- أو الآبار السطحية والعميقة تكاد تحصى على أصابع اليد الواحدة.
طبيبة الصحة العمومية بحيدرة، سلوى مناعي، تؤكد على ضرورة اتخاذ كافة التدابير الصحية اللازمة، رغم عدم تسجيل أية حالات مرضية جراء استعمال مياه الآبار والوادي إلى حد الآن. ذلك أن “استعمال مياه غير معالجة، يؤدي إلى الإصابة بعدة أمراض من بينها مرض الكوليرا والحمى التيفية (التيفوئيد) والتهاب الكبد الفيروسي (البوصفير)”.
غير أن مصادر مطلعة بمستشفى حيدرة أعطت معلمومات مخالفة لما أدلت بها مناعي وأكدت أن بعض الأهالي مصابون بمرض التهاب الكبد الفيروسي جراء استعمال مياه الآبار والوادي.
خزانات غير مراقبة
محمد الخامس غرسلي، فني بمجمع الصحة العمومية بالقصرين، يشدد على أهمية التحاليل التي تقوم بها المختبرات للتأكد من جودة المياه التي توزعها الشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه بالقصرين ونقاط المياه العمومية (الآبار والعيون).
وينبه غرسلي إلى أن أغلب العينات المأخوذة من النقاط العمومية كانت غير مطابقة للمواصفات التونسية للماء الصالح للشرب، مشيرا إلى أن المشكلة تكمن في انعدام المراقبة على الخزانات والنقاط العمومية من قبل السلطات المعنية، حسب قوله.
كما أشار إلى مشكلة غياب مخبر فيزيوكيميائي يعنى بالبحث عن السموم بالمياه المتواجدة بالجهة، وهي وضعية من شأنها أن تساهم في تفاقم هذه المشاكل، حسب تقديره.
من جهته اعتبر عبد المنعم حاجي، مراقب صحي أول بالمصلحة الجهوية لحفظ الصحة أن هذا القطاع يعاني من غياب صيانة المعدات وقنوات المياه والحنفيات العمومية. كما أن انقطاع المياه لمدة طويلة في بعض المناطق يدفع بالمواطن إلى استعمال مياه من نقاط غير مهيأة للاستخدام البشري.
ويؤكد زميله شوقي هرماسي، على ضرورة استبدال هذه القنوات، قائلا “يجب أن تكون المسافة بين قنوات تصريف الصرف الصحي وقنوات توزيع مياه الشرب مترا واحدا على الأقل.
وأردف “اكتشفنا مؤخرا بان قنوات ماء الصرف الصحي وقنوات مياه الشرب محاذية لبعضها البعض، مما يتسبب في اختلاط هذه المياه إذا وقع كسر أو تسرب بالقنوات، فلا تستغرب إن فتحت الحنفية يوما ونزلت المياه الآسنة منها”.
وأكد الهرماسي في هذا الصدد أن “نسبة النيترات مرتفعة في أحد آبار مدينة حيدرة، أي أن مياه هذه البئر ليست مطابقة للمواصفات التونسية، ولكن الشركة التونسية لاستغلال وتوزيع المياه لازالت تستعملها، و السؤال المطروح هنا، لماذا استكملت الشركة الأشغال على هذه البئر بعد أن اكتشفت عدم مطابقة مياهها للمواصفات التونسية؟”.
الشركة تنفي
وفي تصريح لـ “مراسلون” نفى رئيس مصلحة الاستغلال بالشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه، رؤوف فرج، أي تقاعس أو لامبالاة من طرف الشركة.
وقال في هذا الصدد” لاحظنا، في معتمدية حيدرة، ارتفاع نسبة النيترات في أحد الآبار منذ عامين، فقمنا بحفر بئر جديدة بمنطقة الطباقة من نفس المعتمدية، وستكون هذه البئر حيز الاستخدام بعد ما يقارب الثمانية أشهر”.
أما عن مشكل انقطاع الماء المتواصل، فقد أكد فرج أن الشركة تبحث عن حل تمنع به سيناريو الصيف الماضي، ومن بين هذه الحلول، برمجة بئرين عميقتين لسنة 2013-2014 لتزويد مدينة القصرين بمياه الشرب.
ويؤكد سفيان العامري، الخبير في البيئة ورئيس الجمعية الجهوية لحماية البيئة بالقصرين، أن هناك عدد من المناطق في ولاية القصرين، تعاني من تلوث المياه، خاصة المناطق التي تعرف بغراسة الأشجار المثمرة، جراء الاستعمال المفرط للمبيدات الحشرية والأسمدة والأدوية.
معمل الحلفاء اكبر ملوث
كما أكد الخبير البيئي أن منطقة تالة المجاورة، والمعروفة بمقاطع الرخام، تعيش هي الأخرى على وقع تلوث مياهها، نظرا لاستعمال المواد المعدنية الثقيلة في قطاع الرخام.
وأضاف أن الحديث عن تلوث المياه في القصرين لا يكتمل دون التطرق لأكبر مصدر لهذه المشكلة، ألا وهو معمل عجين الحلفاء والورق، حسب قوله.
وكانت ولاية القصرين ومناطق أخرى في تونس شهدت عمليات قطع لمياه الشرب خلال الصيف الماضي، نظرا لكثرة الاستهلاك وتآكل قنوات التوزيع. الامر الذي تسبب في احتجاجات شعبية في هذه المناطق.
فيما تواصل الخالة مباركة التعامل مع مياه بئر الأجداد، باعتبارها الاصلح، سيما بوجود ضفادع داخلها تساعد على تعقيمها، كما تعتقد.