يتحدث صالح العقاب عن علاقة مصلحة الآثار بالبعثات الأجنبية التي تأتي باستمرار ومن دول مختلفة للتنقيب عن الآثار في ليبيا، وسعيها للاستفادة بأكبر قدر ممكن من هذه البعثات، كما يتحدث عن الآفاق المهمة لقطاع الآثار في إنعاش الاقتصاد الليبي.

نتابع بقية الحوار:

يتحدث صالح العقاب عن علاقة مصلحة الآثار بالبعثات الأجنبية التي تأتي باستمرار ومن دول مختلفة للتنقيب عن الآثار في ليبيا، وسعيها للاستفادة بأكبر قدر ممكن من هذه البعثات، كما يتحدث عن الآفاق المهمة لقطاع الآثار في إنعاش الاقتصاد الليبي.

نتابع بقية الحوار:

مراسلون: حدثت عمليات بناء عشوائي ووضع يد على مواقع أثرية مؤخراً، مثل موقع مدينة البيضاء الشهير “بلغراي” الذي به معبد إله الحرب عند الإغريق وسيطرت عليه عائلة بحجة أنه يقع في أرضها. ما الدور الذي قامت به المصلحة لحل مثل هذه الإشكالات؟

[ibimage==6523==Small_Image==none==self==null]

صالح العقاب

صالح العقاب: هذا حدث بعد التحرير مباشرة، لكن نشطاء المجتمع المدني وسكان المدينة وعاملين في مجال الآثار وأساتذة وطلبة جامعة البيضاء قاموا بمظاهرات استنكارية لهذا العمل وتم إيقافه فعلاً.

تعرضت مواقع الفن الصخري في منطقة أكاكوس للتشويه باستخدام بخاخة طلاء في عام 2008 من قبل أحد المخربين، ما حجم الضرر التي قد يحدثه مثل هذا الفعل، وكيف تمت معاقبة الفاعل؟

صدر هذا الفعل عن فاعل لا يعلم أن ما قام به يعد جريمة في حق وطنه وثقافنه وحضارته، تحقيقات الشرطة قادت إلى مرتكب الفعل لكن الحكم كان ليناً ولا يتناسب مع حجم الضرر الذي سببه.

قمنا بالتبليغ عن الحادثة فور وقوعها واتصلت بالعديد من الخبراء المختصين في مجال الفن الصخري وقدموا تقاريرهم بالخصوص، وفي كانون ثاني/ يناير 2010 قام فريق من اليونسكو بزيارة الموقع وتقييم حجم الضرر والبحث عن سبل لمعالجة التشويهات التي تعرض لها الموقع، وقامت المصلحة بتوفير حراسة ثابتة للمكان وذلك بالتعاقد مع مجموعة من سكان تلك المنطقة.

أحب أن أؤكد هنا أن تعاون المواطن وزيادة وعيه بقيمة هذا التراث الحضاري هي الحصن المنيع ضد تكرار مثل هذه الأعمال غير المسؤولة.

ما مدى صحة الخبر الذي تتناقله وسائل التواصل الاجتماعي عن تهديد اليونسكو بسحب مدينة شحات (قوريني) من قائمة مدن التراث العالمي (التي تضم 878 موقعاً تضم ممتلكات ثقافية وطبيعية)؟

شطب مدينة قوريني من قائمة مدن التراث العالمي وليس سحبها هو تهديد قديم وليس جديد، فعندما تقوم بتسجيل موقع لدى اليونسكو هناك جملة من المعايير التي يجب أن تحافظ عليها، فمثلاً يجب أن تقوم بكتابة تقارير عنها وتحدد فيها مسارات السياح ومنطقة حماية خارجية تسمي (upper zone).

نحن في مصلحة الآثار سلمنا الشهر الماضي تقريراً عن مدينة شحات ولا ننكر أن الوضع في المدينة يتعرض للتهديد نتيجة للبناء العشوائي.

هل هناك مساع لضم مدن ليبية أخرى لقائمة التراث العالمي؟

نحن نعمل على هذا وهناك إجراءات ومعايير معينة يجب تنفيذها كي تسجل في قائمة التراث العالمي وعلينا أن نضع مدنا على قائمة الإعلان، طلميثة يمكن أن تضاف كموقع تراث عالمي جديد، منطقة العوينات الشرقية بالكفرة، السراي الحمراء يمكن تسجيلها كمبنى منفرد، قوس ماركوس اوروليوس لايمكن تسجيله منفردا إلا إذا تمكنا من توفير المتطلبات الأخرى التي يشترطها اليونسكو لتسجيله.

ما مدى استفادة الدولة الليبية من بعثات الجامعات الأجنبية التي تأتي للتنقيب عن الآثار في تطوير العناصر الليبية العاملة بمجال الآثار؟

علاقتنا مع الجامعات في الدول الأخرى جيدة، فلدينا علاقات مع معظم الجامعات في العالم، من اليابان شرقاً إلى الولايات المتحدة غرباً، مروراً بمعظم الدول الأوربية، في السابق حاولنا أن نستفيد من هذه البعثات وإن لم يكن بالشكل الأمثل، وهذا يعود إلى أن نصوص الاتفاقيات التي نتعامل وفقها لم تصمم بشكل جيد حتى تتم الاستفادة بالشكل المطلوب.

نحاول الآن أن نستفيد من هذه البعثات في مجال التدريب والدراسة والنشر، ونريد أن نطور هذه العلاقة معها لنصل إلى درجة الشراكة.

هل توجد في الوقت الحالي برامج مع البعثات الأجنبية لترميم بعض المواقع الأثرية؟

نعم لدينا الآن مشروع مع جامعة “روما تري” الأثرية لعمل ترميمات وصيانة في لبدة الكبرى خاصة في “فيلا سيلين”، وهناك فريق من المعهد العالي الايطالي لترميم المواقع يتكون من 10 متخصصين في الترميم مع 10 شباب ليبين يتدربون معهم.

كما أن هناك تعاملاً مع البعثة الامريكية، وقد قامت المصلحة بتخريج أكثر من 75 متدرباً من مختلف المدن الليبية على المسح الأثري “جي بي أس”، وستكون هناك دورة في 19 أيار/ مايو القادم في عمليات التوثيق.

إلى أين وصل مشروع (إعلان شحات) الذي أعلنه نجل القذافي سيف الاسلام في مدينة شحات؟

الإعلان لم يصل إلى شئ لأنه ولد ميتاً، فالإعلان كان ينص على حماية المنطقة الشرقية وأن توقف فيها أعمال البناء والجرف. المشروع كفكرة يبدو جيداً لكنه لم يكن متصلاً بالناس، وهم كانوا متخوفين منه. لا نستطيع أن نقوم بمشروع ما لم يكن هناك دعم شعبي من الناس أنفسهم.

هل سنكتشف مدنا تاريخية جديدة في ليبيا؟

قد نكتشف ذلك في الوقت القريب، فمدينة بيسندا الأثرية (أبي كماش الحالية) تم اكتشافها سنة 2006، وهي إحدى المدن التي قام الفنيقيون بتأسيسها.  

هل قامت مصلحة الآثار بزيارة لمدينة مسلاتة ووثقت ما بها من آثار؟

الحقيقة أن مدينة مسلاتة بها مناطق زراعية، في الماضي القريب اكتشف باحث من تلك المنطقة موقعاً أثرياً لم يكتشف من قبل في مدينة العلوص القريبة من مسلاتة، وسوف يقوم بدراسة مستفيضة حوله في القريب العاجل.

سمعنا قبل سنوات أن هناك آثاراً يهودية وجدت في المنطقة الشرقية وتم إخفاؤها والتكتم عن الموضوع؟

لا معلومات لدي حول هذا الموضوع بالرغم من أن اليهود كانوا موجودين في القرن الرابع قبل الميلاد في ليبيا ولابد أن تكون لهم مخطوطات ومدونات، وأنا كمتخصص لم يصادفني من الآثار ماله علاقة باليهود في ليبيا.

اسم شحات “قورينا” ذُكر في التوراة والإنجيل، ما تعليقك؟

لا علم لدي، واسم قورينا قديم والمدينة أسست في القرن السابع قبل الميلاد.

ماذا عن الآثار الغارقة في ليبيا؟

نعم هناك آثار غارقة كثيرة في ليبيا، نسعى لتأسيس وحدة الآثار الغارقة وقد تم تعيين العديد من الشباب المهتم بالغطس والآثار في المصلحة، وقمنا بإيفاد أحدهم للتدريب في تونس وقد رجع وقام بعمليات تدريب ميداني في ليبيا، وسنقوم بإرسال شباب للتدريب في مالطا وأعتقد أن الآثار الغارقة ستمثل مواقع للتراث العالمي غير معروفة من قبل.

هل سيكون هناك فريق إعلامي لتوثيق ما سيتم اكتشافه خاصة الآثار الغارقة؟

نحن نتمنى ذلك، أعرف بشكل شخصي فريقاً مختصاً بالتصوير تحت الماء في المنطقة الشرقية ونتمنى أن نتعامل معه، أما نحن كمصلحة سنضع في اعتبارنا مثل هذه الأمور.

ماذا كان دور الإعلام في التعريف بالآثار والموروث الحضاري، لم نر أفلاماً وثائقية عن المدن الأثرية الليبية؟

استفاد الأجانب من آثارنا في إنتاج العديد من الأفلام الوثائقية، للأسف لدينا قصور وضعف في الكادر البشري، والإعلام مهم في نشر التوعية.

في الفترة الماضية عرض في متحف ليبيا ولأول مرة الفيلم الوثائقي “العلامة فوق الحجر، الصحراء المجهولة للرجال بدون اسم”، للإيطاليين ليوتشو روزا و انا فيراريو، والذي تم تصويره في الجنوب الليبي في جبال أكاكوس، الفلم كان رائعاً جداً، يجعل المواطن الليبي يفتخر ببلده وانتمائه إليه، وهو يبين أن مومياء عمرها أكثر من 6000 سنة وجدت في تلك المنطقة، وهي أقدم من المومياء المصرية، وحاز الفلم على 9 جوائز علمية وتم إنتاجه سنة 2006.