قرية القصر الإسلامية التي تعد واحدة من أقدم القرى الأثرية السياحية بمركز الداخلة في محافظة الوادي الجديد (600 كلم جنوب غرب القاهرة) تشكو من إهمال المسؤولين. مياه الصرف الصحي أغرقت عدد من الطرقات الرئيسية المؤدية للقرية وحاصرت منازل الأهالي المحيطة بها،  وأدى منسوب المياه الآسنة القادمة من محطة الصرف الرئيسية إلى غرق متحف التراث البيئي.

[ibimage==6480==Small_Image==none==self==null]

غرق الساقية أمام المتحف

قرية تراثية

قرية القصر الإسلامية التي تعد واحدة من أقدم القرى الأثرية السياحية بمركز الداخلة في محافظة الوادي الجديد (600 كلم جنوب غرب القاهرة) تشكو من إهمال المسؤولين. مياه الصرف الصحي أغرقت عدد من الطرقات الرئيسية المؤدية للقرية وحاصرت منازل الأهالي المحيطة بها،  وأدى منسوب المياه الآسنة القادمة من محطة الصرف الرئيسية إلى غرق متحف التراث البيئي.

[ibimage==6480==Small_Image==none==self==null]

غرق الساقية أمام المتحف

قرية تراثية

تقع قرية القصر الإسلامية على بعد 22 كم شمال مدينة موط وهي أول الأماكن التي استقبلت القبائل الإسلامية عند وصولها الى منطقة الواحات بصحراء مصر الغربية في العام 50 من الهجرة.

وتحتوي القرية على بقايا مسجد له مئذنة مكونة من ثلاث طوابق بارتفاع 21 مترا يرجع إلى القرن الأول الهجري، وكانت مزدهرة في العصر الأيوبي وفيها قصر الحاكم، ويوجد فيها عدة مساجد من العصر التركي والمملوكي وبوابة على شكل معبد للإله تحوت التي تستخدم حاليا كمدخل لأحد منازل القرية.

فكرة إنشاء المتحف

الخسارة التي تكبدتها القرية بفقدان متحفها التراثي لا تعوض، خصوصا بالنسبة لماهر عزالدين، 67 عاما، صاحب فكرة إنشاء المتحف.

عز الدين الذي التحق بكلية التربية قسم اللغة العربية بجامعة المنيا على الرغم من ميوله الفنية، راودته فكرة إنشاء المتحف في العام 1980 عندما عاد قريته، ففوجئ بتوافد السياح اللافت على القرية وسط أعداد المتاجرين بالتراث الواحاتي بالبيع لللاجانب بما قد يفقد الواحات تراثها على مدى قصير.

ويقول عز الدين “فكرت أن أقيم معرضا يحتوي على التراث الواحاتي ويحفظ ما تبقى. وبدأت فعليا منذ عام 1985 في جمع مقتنيات التراث الواحاتي عن طريق شرائه من المواطنين على حسابي الخاص والباقي إهداء من المهتمين بإحياء التراث حتى تم إنشاء المتحف عام 1988 وقام بافتتاحه الدكتور فاروق التلاوي محافظ الوادي الجديد آنذاك”.

مخطوطات نادرة

يجمع المتحف -الذي بُني من مادة الطوب اللبن ليحاكي منازل القرية التي ترجع الى نشأة قرية القصر في القرن الأول الهجري- مقتنيات منها ملابس لعصور مختلفة تمثل القيم والعادات التي كانت سائدة آنذاك بالإضافة إلى أدوات الزينة عند المرأة وأدوات الصيد وأدوات المنزل كعصارة الزيتون ومدقة الأرز والرحاية والفرن البلدي ومقتنيات من جهاز العروس في الـ300 سنة الأخيرة.

وجمع فوق هذا مراسلات تاريخية ومخطوطات نادرة من الشيخ المهدي السنوسي للشيخ محمد الموهوب، مبعوثه الخاص، لنشر الدين الإسلامي في الواحات. كما يضم المتحف وثائق من محكمة القصر الشرعية ترجع للعصر الأيوبي إضافة الى صور فوتوغرافية لكل مناحي الحياة بالمنطقة وساقية قديمة ترجع للعصر المملوكي، ونماذج حقيقة لمعيشة أهل الواحات قديما.

ويقول محمد على يماني، باحث فى التراث الواحاتي، إن المتحف يحكي قصة حياة أهل الواحات خلال فترات زمنية مختلفة ترجع الى ما قبل 300 عام، كما يرصد أحداث المنطقة في العصر الحديث، ويمثل دعوة هامة للحفاظ على البيئة والتراث الواحاتي وتنمية المنتجات اليدوية من الكليم والسجاد، ويشجع على استمرار الحرف التقليدية القديمة بترويج منتجاتها للسياح القادمين لزيارة قرية القصر الإسلامية، ويهتم المتحف بمساعدة الباحثين والدارسين للماجستير والدكتوراه في تاريخ الواحات ويقدم لهم كتب ووثائق وخرائط كما يساعد المتحف الزائرين على التعرف على المعالم الأثرية بالمنطقة.

متحف تحت مياه الصرف

لكن المتحف الذي بدأ كفكرة نبيلة للحفاظ على تراث المنطقة تحول إلى أرض خراب بسبب الإهمال. ويقول ماهر عز الدين “ضاع التراث الواحاتي ما بين الاندثار والإهمال، وغرق اليوم بمياه الصرف الصحي”.

ويوضح عز الدين أن سبب الغرق هو عطل فى موتور محطة الصرف الصحي في القرية منذ أكثر من 30 يوما مما أدى إلى رتفاع منسوب بركة الصرف الصحي مما تسبب فى غرق المتحف والساقية التي أمامه.

ويتراوح منسوب مياه الصرف بداخل المتحف بين 40 و50 سنتيمتر. وبالتالي دمرت الكثير من المقتنيات النادرة، وتم انتشال بعض مقتنيات المتحف، ثم قام عز الدين بتحرير المحضر رقم 767 إداري الداخلة لسنة 2013م وطلبت النيابة العامة معاينة الإدارة الهندسية للمتحف وكتابة التقرير الفنى.

إنقاذ ما يمكن إنقاذه

غرق المتحف سبب لماهر عز الدين صدمة كبيرة. وقام بجهود كبيرة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه. فوضع المقتنيات في بيته لحين الانتهاء من دراسة تطوير المتحف والانتهاء من إجراءات المعاينة الهندسية التي طلبتها النيابة العامة. كما تقدم ببلاغ إلى المحامي العام لنيابات الوادي الجديد لانتداب لجنة من الثقافة الجماهيرية لمعاينة غرق مقتنيات المتحف وتقديرها، والتي تعتبر قيمتها أغلى من جدران المبنى التي سقط جزء منها والباقي آيل للسقوط.

العشرات من أهالي قرية “القصر الإسلامية” بالوادي الجديد نظموا وقفة احتجاجية أمام المجلس المحلى الموجود بالقرية للمطالبة بإقالة المحافظ اعتراضا على الإهمال الذي تسبب فى غرق متحف التراث الشعبي في القرية بسبب مياه الصرف الصحي.

بادرة أمل

وفيما يبدو بداية لحل أزمة المتحف، أكد المهندس صبري نصر، رئيس الوحدة المحلية لقري القصر، أنه سيتم سحب مياه الصرف من المتحف، ويجري العمل حالياً على نقل تراب لردم برك المياه الآسنة لعمل سد ترابي يحول دون فيضان المياه مجددا.

وأشار المهندس صبري إلى أنه تم استخراج الشيك الخاص بإصلاح الموتور المعطل وسوف يتم إيفاد سيارة مأمورية للقاهرة لإحضاره وتركيبه وتنتهي مشكلة الصرف الصحي لحين يتم إعادة دراسة خطوط وموقع الصرف بالقرية.

فهل ستجد أزمة مياه الصرف طريقها إلى الحل ويعود متحف القصر لاستقبال زواره مرة أخرى؟ هذا ما ستكشف عنه الأيام القادمة.