لطالما نظر التونسيون إلى شركة فوسفات قفصة بالجنوب الغربي على أنها العامود الفقري لاقتصادهم،  خصوصا وأنها كانت تحتل المرتبة الخامسة عالميا في انتاج هذه المادة.

لكن “مملكة الفوسفات” كما يسميها البعض، سجلت في أعوام التغيير السياسي تراجعا كبيرا في الأرباح، فبلغت خسائرها بحسب إدارتها خلال عامي 2011-2012  ملياري دينار تونسي (الدينار يعادل 60 سنت امريكي).

وتعود تلك الخسائر بحسب الإدارة، إلى تعطل خطوط الإنتاج والتوزيع بسبب الحركات الاحتجاجية والاعتصامات التي يقوم بها اهالي المدينة مطالبة بإيجاد وظائف لهم.

لطالما نظر التونسيون إلى شركة فوسفات قفصة بالجنوب الغربي على أنها العامود الفقري لاقتصادهم،  خصوصا وأنها كانت تحتل المرتبة الخامسة عالميا في انتاج هذه المادة.

لكن “مملكة الفوسفات” كما يسميها البعض، سجلت في أعوام التغيير السياسي تراجعا كبيرا في الأرباح، فبلغت خسائرها بحسب إدارتها خلال عامي 2011-2012  ملياري دينار تونسي (الدينار يعادل 60 سنت امريكي).

وتعود تلك الخسائر بحسب الإدارة، إلى تعطل خطوط الإنتاج والتوزيع بسبب الحركات الاحتجاجية والاعتصامات التي يقوم بها اهالي المدينة مطالبة بإيجاد وظائف لهم.

الاعتصامات هي السبب

علي هوشاتي المسؤول الإعلامي لشركة فوسوفات قفصة  يقول لـ “مراسلون” ان إنتاج الفوسوفات تراجع  من 8 مليون طن سنة 2009 إلى 2.5 م طن في السنة الماضية.

ويعزو تراجع الانتاج إلى الاعتصامات المطالبة بالتشغيل في المنطقة، مضيفا أن الشركة لم تعد قادرة  على استيعاب المزيد من العمال.

 ووصل عدد عمال الشركة في العام الماضي إلى 14800 بعد أن كان 5000 عامل سنة 2010، لكن رغم ذلك تبقى انتظارات  ابناء المنطقة التي تعاني هشاشة الوضع الاجتماعي والبطالة أكبر، “لعدم تحمل الحكومة مسؤوليتها في التشغيل وتخليها عن دورها في الدفع بمنوال التنمية” حسب هوشاتي.

ويتابع ان كل تلك العوامل تدفع بالشباب المعطل عن العمل للاحتجاج بشتى الطرق للمطالبة بالتشغيل في الشركة التي أضحت أملهم الوحيد.

وكانت العديد من مراكز انتاج ونقل الفوسفات قد تعرضت للتوقف الجزئي او الكلي خلال العامين المنصرمين نتيجة اعتصامات يقوم بها شباب المنطقة للضغط على الشركة  لتشغيلهم، في مقابل صمت الحكومة والسلطات المحلية.

ويقول هوشاتي إن الحكومة “غير قادرة لعدم على إدارة الخلاف القائم بين الشركة ومحيطها الاجتماعي”، بل يزيد أنها “تساهم في تأجيج الوضع و تعطيل الشركة بتراخيها في التعاطي مع الأزمة”.

ويحذر علي هوشاتي من الهبوط الحاد في إنتاج الفوسفات الذي قد يدفع بالشركة للإرتهان لدى صندوق النقد الدولي مثلما حصل في سنة 1994، عندما طبقت الشرطة “برنامج الإصلاح الهيكلي” المملى من طرف الصندوق النقد الدولي، ما دفعها آنذاك إلى تسريح مئات العمال بغرض ضغط المصاريف، فمنحتهم تقاعدا مبكرا.

ويشير إلى أن شروط البنك الدولي هذه المرة ستكون “أكثر إجحافا” نيجة ضعف الحكومة وهشاشة الوضع الامني، مما قد يزيد الوضع تأزما.

غلق باب الحوار عمق الأزمة

في المقابل، تنفي القيادات النقابية أن تكون الحركات الاحتجاجية والاعتصامات سببا رئيسيا في تعطل الإنتاج. بل ترى أن غلق باب الحوار من طرف الحكومة والسلطات المحلية هو الذي يدفع بالشباب لمزيد من الاحتجاج.

النقابي عدنان حاجي، العضو في “المفاوضات الاجتماعية”، وهي منبر تفاوضي بين كل من الحكومة والاتحاد العام للشغل، يصف تعطّل شركة فوسفات قفصة بالوضع “الخطير”، باعتبار أن الازمة بدأت تخنق الشركة على حد وصفه، وتهددها بالانهيار.

لكنه يؤكد لـ “مراسلون” أن الحكومة تتحمل المسؤولية في ما يحصل لاعتمادها “سياسة اللامبالاة”، فهي على حد قوله “تفضل تعطل الإنتاج على إعطاء أهالي الجهة حقوقهم المشروعة”.

صالح الجديدي، عضو الفرع الجامعي لشركة فوسفات قفصة، يرى أن سنة 2013 ستكون “حاسمة” للشركة، لتستعيد توازنها وتخرج من الأزمة التي كانت الحكومة والشركة طرفين فيها.

ويعتبر ان الشركة نفسها تتحمل مسؤولية تردي اوضاعها لا فقط الحكومة. ويعطي مثالا على ذلك الاعباء التي ترهق ميزانيتها، نتيجة غياب الخطط الاستثمارية الحديثة.

فكلفة نقل طن واحدا مثلا من الفوسفات عبر السكة الحديدية تبلغ 5 دينار، لكن الشركة تقوم بنقله عبر الشاحنات بـ 24 دينارا. وهو فارق يدلّ، بحسب الجديدي، على تخلف الأساليب الانتاج والنقل في هذا الصرح الاقتصادي.

ويحمل نوفل معيوفة، عن نقابة المجمع الكيميائي التابع لشركة فوسفات قفصة،  المسؤولية كذلك للحكومة حيث يرى انها تتنكر للشعارات التي قامت عليها الثورة وهي “التشغيل و الكرامة”. ويرى انها ترفض  الاستماع إلى المواطنين مما دفع الشباب والأهالي  للاحتجاج المتواصل لتحقيق أهداف الثورة.

ويذهب الى أبعد من ذلك إذ يعتقد أن عدم سعي الحكومة لايجاد حلول، “هو مقدمة لتظهير الشركة في صورة المفلسة لتتمكن (الحكومة) من بيعها لاحقا”. ويرى ان هذه الحكومة “تلبي إملاءات صندوق النقد الدولي بالتوجه نحو الخصخصة واقتصاد السوق وبيع كل البلاد، وليس فقط شركة الفوسفات”.

وفي الوقت نفسه، يحمل معيوفة الشركة ايضا جانبا من المسؤولية، حيث يرى انها بالرغم من استقطابها لجزء هام من المعطلين لم تساهم في خلق حلول جذرية للتشغيل بل أثقلت كاهلها بمشاريع هجينة ليس لها مردودية. ويضيف “حتى الانتدابات الأخيرة كانت من نصيب الموالين لحركة النهضة”.

حراسة امنية

الحكومة من جهتها أكدت انها واعية بخطورة ما يجري في شركة فوسفات قفصة. وقد خصصت مجلسا وزاريا للنظر في كل الاشكالات العالقة. وأقر المجلس ضرورة توفير حراسة أمنية بمراكز الإنتاج.  

هذا المقترح لئن استحسنته الشركة ودعت إلى ضرورة تفعيله، فإن الطرف النقابي أجمع على رفضه. ورأى أن التدخل الامني سيزيد الوضع سوءا  ويمنع حق الاحتجاج و النضال الاجتماعي.

وقد أكدت الاطراف النقابية على ضرورة وضع خطة إنقاذ وحوار وطني يضم المجتمع المدني والحكومة والشركة للخروج من الأزمة.