الهاشمي الحامدي معارض تونسي من مواليد سيدي بوزيد جنوب تونس، ورئيس تيار العريضة الشعبية. أحدث حزبه مفاجأة كبرى، بحصوله على المرتبة الثانية في انتخابات تشرين أول/ اكتوبر 2011.

كان الحامدي أحد أعضاء حركة النهضة الإسلامية قبل أن يخرج منها بسبب خلافه مع زعيمها راشد الغنوشي ويتحول إلى سياسي مستقل. هو أيضًا كاتب واعلامي ورجل أعمال مالك قناة المستقلة الفضائية التي تبث من لندن منذ 1999. في هذا الحوار يتحدث عن تجربته القصيرة في البرلمان التونسي وأسباب اعتزاله الحياة السياسية.وهنا نص الحوار:

الهاشمي الحامدي معارض تونسي من مواليد سيدي بوزيد جنوب تونس، ورئيس تيار العريضة الشعبية. أحدث حزبه مفاجأة كبرى، بحصوله على المرتبة الثانية في انتخابات تشرين أول/ اكتوبر 2011.

كان الحامدي أحد أعضاء حركة النهضة الإسلامية قبل أن يخرج منها بسبب خلافه مع زعيمها راشد الغنوشي ويتحول إلى سياسي مستقل. هو أيضًا كاتب واعلامي ورجل أعمال مالك قناة المستقلة الفضائية التي تبث من لندن منذ 1999. في هذا الحوار يتحدث عن تجربته القصيرة في البرلمان التونسي وأسباب اعتزاله الحياة السياسية.وهنا نص الحوار:

“مراسلون”: كيف ترى إلى تجربتك السابقة مع حركة النهضة الاسلامية؟

الحامدي: ذكرى بعيدة، وإن كانت بعض آثارها باقية، مثل المنفى الطويل المستمر.

رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي كان يصفك قائلا إنك “مستقبل الحركة”..

لا فائدة من النبش كثيرا في دفاتر الماضي. في النتيجة، أعتقد أن الحياة خارج التنظيمات العقائدية أفضل.

أعلنت مؤخرا انك ستنسحب من الحياة السياسية. ماهي الاسباب الحقيقة؟

تحملت الكثير من الظلم في العامين الماضيين رغم ما حصلت عليه من نتائج مشرفة في انتخابات المجلس التأسيسي في تشرين اول/ اكتوبر 2011.  عانيت إقصاء سياسي وإعلامي متعمد، وغارة غير أخلاقية وغير مسبوقة على أصوات “العريضة الشعبية” ومقاعدها في البرلمان.

ظلم فترة ما بعد الثورة أكثر مرارة من ظلم ربع قرن من المنفى. لا يوجد في ارشيف الصحافة والسياسية التونسية مقال واحد أو تصريح سياسي ينتقد ما تعرضت له من ظلم وإقصاء. هذا يعني أن السياسة التونسية غابة ترتع فيها الذئاب. غابة لا عرف فيها ولا أخلاق. أحمد الله أنني غادرتها.

يرى بعض الملاحظين ان انسحابك مراوغة سياسية لرجوعك من باب آخر. ما تعليقك؟

أكره المراوغة ولا أجيدها حتى ولو حاولت. أنا صادق وجاد فيما أعلنته، ومبدئي في هذا الأمر: الحيلة في ترك الحيل، فالحياة أجمل كثيرا عندما ينسحب الإنسان من غابة الذئاب في تونس.

هل  تخليت عن حلمك للترشح لرئاسة الجمهورية؟

لم يكن حلمي أبدا أن أصبح رئيسا لتونس. ماذا سيضيف لي هذا المنصب غير مسؤوليات كبيرة وأخطار من كل نوع وأمانة ثقيلة في الدنيا والآخرة؟  أنا لا أبحث عن الشهرة والجاه والمال، عندي من كل هذا ما يكفيني والحمد لله. لا أريد المزيد.

كنت أريد المساهمة مع غيري من التونسيين في خدمة البلاد وشعبها، واقترحت برنامج “العريضة الشعبية” على الناس، للنهوض بحياة الفقراء. فماذا لقيت من غابة الذئاب، ومن يمرح فيها من ساسة وإعلاميين؟ لقيت السب والظلم والإقصاء. لقيت كراهية تعجز اللغة العربية عن وصفها. كل ذلك والمجتمع التونسي ساكت. لذلك قررت أن أرمي عناوين الرئاسة والسياسة في وجوه الذئاب. قلت لهم: خذوها واشبعوا بها. الحمد لله الذي لم يحوجني إليكم، وباعد بيني وبينكم عقودا من الزمن، وجعل بيني وبينكم أكثر من بحر.

وهل يمكنك ان تتخلى عن جنسيتك البريطانية للترشح للرئاسة؟

لو كانت الرئاسة حلمي لتخليت عن الجنسية البريطانية من أجلها. لقد عرضت على الجميع حلا وسطا، هو تمكين التونسيين مزدوجي الجنسية من حق الترشح، ثم إلزامهم بالتخلي عن الجنسية الثانية إذا فازوا. غير أن خصومي رفضوا هذا العرض. هؤلاء يحركهم دافع واحد هو إقصائي من الساحة السياسية. وأنا أهنئهم بتحقيق مرادهم.

لا أطلب الرئاسة ولن أحارب أحدا من أجلها. النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن طلب الرئاسة والإمارة. الأمر واضح وبسيط: قدمت “العريضة الشعبية” يوم 3 آذار/ مارس 2011 بطلب من عدد كبير من التونسيين. هم طلبوا مني الترشح لرئاسة الجمهورية وخدمة البلاد. لم أقدم نفسي كحزب، وإنما كمواطن يرغب في المساهمة في خدمة وطنه. الحزبية ليست شرطا لممارسة السياسة. وقد أيدني كثير من الناس.

إذا كان الشعب التونسي يريدني أن أخدمه ببرنامج العريضة الشعبية، فسأضحي وألبي الطلب من باب القيام بالواجب. وإذا رفضت الذئاب ذلك، ورضي الشعب، فهناك كثيرون في تونس يلهثون وراء الرئاسة والسلطة ويبيعون كل شيء من أجلها، بما في ذلك المبادئ والشعارات التي يتغنون بها في الظاهر.

هل صحيح أن حملتك الانتخابية الاخيرة ارتكزت على مهاجمة النهضة؟

ركزت حملتي الانتخابية السابقة على بيان إمكانية توفير التغطية الصحية المجانية لجميع الفقراء في تونس، وتخصيص أقل من مليار دولار واحد لصرف منحة شهرية لنصف مليون عاطل عن العمل. هذا ما كنت أرجو أن أخدم به بلادي، وفقراء بلادي بوجه خاص. وبما أنني منعت من ذلك، فإنني أفوض أمري إلى الله.

قلت ان لديك الكثير لتكشفه عن تاريخ وحاضر حركة النهضة. متى ستتحدث؟

بعد التحرر من أعباء السياسة التونسية والصراع اليومي مع الذئاب، سأعود لخدمة الناس عبر الصحافة والتأليف. سأبذل المزيد من الجهد للمساهمة قدر طاقتي في تحرير الفكر الإسلامي من آثار الخلافات الطائفية، وبيان حقيقة التوحيد كركيزة أساسية لحرية الإنسان، وسأحتفل بالشعر، وأغني للتقارب العربي، وأدعو للعدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان. هذا أفضل من أن أعيش سجينا في الجو الكريه الخانق لغابة الذئاب التونسية التي انسحبت منها. تلك صفحة طويتها وأريد نسيانها في أقرب وقت ممكن. 

تعيش تونس اليوم تهديدا ارهابيا حقيقيا بعد احداث جبل الشعانبي؟ لمن تحمل المسؤولية؟

أحمل المسؤولية لأجواء الكراهية والإقصاء التي تسود البلاد منذ فترة. قلت كثيرا للتونسيين إن بلادنا لا يناسبها التطرف السياسي العقائدي يمينا أو يسارا، وأن المصالحة الوطنية واجب، وتوحيد الصف، وتقديم مصلحة البلاد على الأحزاب من خلال تشكيل حكومة كفاءات وطنية تقود البلاد لغاية الانتخابات. فرفضوا قولي، ووجهت بالظلم والإقصاء، وأقصوني بالفعل.

ما رأيك في المرشحين لرئاسة الجمهورية؟

أجيب بسؤال: هل سمعتم أحدا منهم يقول إن ما تعرض له محمد الهاشمي الحامدي من ظلم وإقصاء عيب وأمر مدان؟ هل سمعت أحدا منهم يعبر، ولو من باب المجاملة، عن أسفه لحل حزب العريضة الشعبية، وحرمانه من الحديث في التلفزة الوطنية؟ لا أحد منهم نطق بكلمة حق واحدة في هذا الموضوع على الإطلاق. والمبدأ هنا هو “من ثمارهم تعرفونهم. لا تجنون من الشوك عنبا”.