هي صيدلانية وصاحبة شركة بيع أدوية فازت على رأس قائمة النهضة في دائرة تونس الثانية، التي لقبت ب”دائرة الموت” في انتخابات انتخابات تشرين الثاني/اكتوبر 2011. ففي هذه الدائرة ترشح عدد كبير من زعماء الأحزاب، ومثلت ورقة رابحة للإسلاميين بحضورها الخطابي في الاجتماعات العامة مقدمة صورة معتدلة لقوة سياسية لا ينفك خصومها يتهمونها بأنها تمثل تهديدا للحريات عامة ولحرية المرأة بشكل خاص.

“مراسلون” التقت سعاد عبد الرحيم وكان معها الحوار التالي:

هي صيدلانية وصاحبة شركة بيع أدوية فازت على رأس قائمة النهضة في دائرة تونس الثانية، التي لقبت ب”دائرة الموت” في انتخابات انتخابات تشرين الثاني/اكتوبر 2011. ففي هذه الدائرة ترشح عدد كبير من زعماء الأحزاب، ومثلت ورقة رابحة للإسلاميين بحضورها الخطابي في الاجتماعات العامة مقدمة صورة معتدلة لقوة سياسية لا ينفك خصومها يتهمونها بأنها تمثل تهديدا للحريات عامة ولحرية المرأة بشكل خاص.

“مراسلون” التقت سعاد عبد الرحيم وكان معها الحوار التالي:

خلال انتخابات المجلس التأسيسي قال البعض أن النهضة استعملت سعاد عبد الرحيم لبث رسائل طمأنة للنساء خاصة والتونسيّين جميعا باعتبار أنك غير محجبة، ما تعليقك؟

وجودي في انتخابات المجلس التأسيسي كان حدثا ولم يكن للتسويق. وترشّحت على رأس قائمة حركة النهضة في دائرة تونس 2 المعروفة بـ “دائرة الموت”، وكان التنافس صعبا باعتبار أن كل رؤساء الأحزاب السياسيّة ترشحوا في نفس الدائرة، وقبلت التحدّي ونجحت.

يمكن أن يكون وجودي عبارة عن رسائل مفادها أن حركة النهضة يمكن أن تتعامل مع من لا ينتمي إليها. ومع امرأة سافرة لأنها لن تفرض الحجاب وكنت عبارة عن ضمان حي من حركة النهضة للنساء السافرات، وللتونسيّين الذين كانوا متخوّفين من صعود الحركات الإسلاميّة، وهذا التخوّف مشروع فجميعنا نخاف من من لا نعرفه.

والإسلاميون لم يعتلوا السلطة من قبل، وربما السبب التصريحات المتفرّقة والمتضاربة لقيادات الحركة ولكنّها لا تعكس ضرورة التوجّه العام للحركة بل تدل على وجود عدّة تيّارات وزخم واختلاف فكري داخل حركة النهضة.

إذا تواجدي كان خيار استراتيجي للحركة لطمأنه الشارع التونسي أولا، وثانيا لتجنّب تقسيم المجتمع على أساس اللباس وربط الإسلام بالحجاب ولإثبات أن لدينا جميعا كتونسيّين قاسم مشترك وهو الهويّة، والدين لن يتحدّث باسمه أي حزب سياسي في تونس.

حركة النهضة أكبر كتلة تضم نساء داخل المجلس التأسيسي ولكنهن غير فاعلات على مستوى اتخاذ القرار داخل المجلس ومغيبات تقريبا، لماذا في تقديرك؟

ما يجب قوله ان المرأة متواجدة في الشأن العام من قبل ولكن فاعليّتها كانت محدودة، والآن تونس عاشت انتخابات اعتمدت مبدأ التناصف. ويمكن أن يكون اختيار نائبات النهضة كان على أساس معيّن ومن ثم تم اكتشاف أن أدائهن السياسي دون المطلوب. ولكن المستويات متفاوتة فمثلا هناك نائبات ذات مستوى عال وأخريات أتمنى أن يعوّضن برجال لمداخلتهن التي تشوّه صورة المرأة وتجعلها مهزلة.

وربما نائبات حزب النهضة يتميّزن بالانضباط لمؤسسات الحركة، أنا أغرّد خارج السرب احيانا، لأني لا أعترف بالانضباط الحزبي، فانا أقول وأعيد أني مستقلّة واعبّر عن رأيي بكل حرّية ولا أخشى لوم لائم وحتى لو كان ضد توجه الكتلة التي أنتمي إليها.

فالانضباط في العمل الحزبي يمكن ان يكون سلاح ذو حدين، فمن جهة يجعل الكتلة متماسكة وذات موقف واحد، ومن جهة أخرى يغيّب الأصوات التي أؤكّد انها ترتفع داخل اللجان، بمعنى أن نائبات الحركة اللواتي لا يظهرن خلال الجلسات العامة نراهم محاربات داخل اللجان.

هل توافقين الرأي القائل أن مبدأ التناصف، الذي تحدّثت عنه، ناضلت من أجله نساء حداثيات ويساريّات واستفادت منه نساء إسلاميّات؟

لا أستطيع الحكم عليهن إن كن ناشطات أم لا، ولكن ما أستطيع تأكيده أنه يوجد في صلب حركة النهضة مكتب مكلّف بالعمل النسوي في السنوات الأخيرة. وكما يعلم الجميع ضُربت النهضة كما ضُرب اليسار في السبعينات، وأنا لا يقلقني التوجّه الفكري أو التوجّه السياسي، فما يهمّني هو وضع المرأة ككل سواء بدفع من مناضلات يساريّات أم إسلاميّات.

أما بخصوص استفادة نساء إسلاميّات من تضحيات يساريّات، فهذه اللعبة الديمقراطيّة والسياسيّة وأشير إلى ان حركة النهضة أول الأحزاب التي قبلت مبدأ التناصف في الانتخابات.

لماذا لا نسمع أصوات نساء داخل الحركة يدافعن عن وضع المرأة ويسكتن عن تهميش دورهن في الحياة السياسيّة؟

على حد علمي هناك نائبات من حركة النهضة طالبن بتكثيف تواجد المرأة في الحكومة والمناصب العليا. وانتقدن بشراسة الحضور الضعيف للمرأة في التشكيلة الحكوميّة، ويرفعن أصواتهن للحصول على حجم أكبر من الحقوق.

ولكن، وفي المقابل هناك من لا يستسغن الدفاع عن المرأة، وبصفة عامة أقول أن نائبات ومناضلات حركة النهضة لا يمتلكن خبرة النساء الحداثيّات في التواصل العلني المباشر ولكن مع الوقت سيتمرسن في الاتصال والعمل السياسي والحقوقي، وأنا من جهتي أحضّهن على حضور الملتقيات والعمل على تحسين أدائهن.

مبدأ التكامل(عوض المساواة) بين الرجل والمرأة في مسودّة الدستور، والذي دافعت عنه عدد من نائبات حركة النهضة، أثار جدلا صاخبا، كيف كان موقفك آنذاك؟

أنا قيّمت أن هذا الفصل يحتوي على خطأ كبير ولكل منا الحق في التعبير عن رأيه كما يشاء. وأعتقد ان استخدام كلمة التكامل قد أثارت العديد من التأويلات، مع العلم أنه حين تم التنصيص على التكامل داخل الأسرة تم إدراج مبدأ المساواة بين المرأة والرجل في الفصل نفسه.

وبالطبع فقد واجهتنا بعض الاشكاليات خلال كتابة دستور لكل التونسيّين والتونسيّات وليس دستور الأغلبيّة، وفيما لو تم تفصيل الدستور المقبل على مقاس حركة النهضة وتوجّهاتها الإيديولوجيّة فأنا سأكون اوّل من سيصوّت ضدّه.

وقد كنت أوّل من دعا للتخلّي عن المبدأ بعد أن أثارت كلمة “التكامل” حفيظة أحزاب وجمعيّات لأنه تم تأويلها بطريقة سلبيّة تجاه المرأة. ونحن نعرف العقليّة الذكوريّة التي تسود المجتمع التونسي، وبالتالي رأى فيها البعض اعتداء على نساء تونس وعودة بهنّ إلى الوراء.

ما رأيك في رفض وزير الشؤون الدينيّة لاتفاقية سيداو(إزالة كل أشكال التمييز ضد المرأة) بحجة تعارض بعض بنودها مع تقاليد وقيم المجتمع التونسي؟

اتفاقية سيداو تم التوقيع عليها منذ سنين لكن مع بعض التحفّظات، وهذا موجود في كل الديمقراطيّات حيث يقع التحفّظ على بعض البنود التي تتعارض والقانون الداخلي للبلاد. وإذا أردنا الحديث بخصوص هذه الاتفاقية أقترح ان نطرح المسألة بعيدا عن الحسابات السياسيّة.

وبصفة عامّة هذه الاتفاقية تدعم حقوق المرأة ولا يجب رفضها جملة وتفصيلا، وفي تقاليدنا هناك ممارسات لا نقوم بها ولو وقع المصادقة على 100 اتفاقية تشرّعها، وبالتالي لا أرى أي داعي لرفض الاتفاقية لمجرّد وجود بنود تتعارض وتقاليدنا.

ما هو موقفك من التواجد الضعيف جدّا للمرأة في الحكومة الحاليّة؟

تواجد المرأة ضعيف منذ الحكومة الاولى وقد وعد ريس الحكومة المستقيل حمادي الجبالي بأنهم سيتفادون الخطأ خلال التحوير(التشكيل: المحرر) الوزاري. وكما رأينا ظروف التحوير كانت صعبة، ولكني ندّدت بهذا التواجد الهزيل للمرأة في الحكومة والمناصب العليا عامّة. وقلت أن الجميع يتشدّقون بالمساواة بين المرأة والرجل وحين يوزعون المسؤوليات تغيب المرأة وحتى إن عيّنوها فهو تعيين صوري لا غير.

بصفة عامّة كيف تقيّمين وضع المرأة بعد الثورة؟

المرأة التونسيّة متواجدة منذ النضال ضد الاستعمار، ولكن بعد الثورة أصبح هناك تواجد أكثر خاصة في الصفوف الامامية وتحطّم حاجز الخوف لديها. في عام 1991 مثلا في مسيرة ضد حرب العراق كنا 3 نساء فقط في الصفوف الاماميّة واليوم نرى العشرات. والمرأة التونسيّة أصبحت متواجدة فعليّا في المجتمع المدني وتشارك في الشأن العام.

 وبالرغم من ان المجتمع التونسي لم يتخلّص من العقليّة الذكوريّة لان الثورات تغيّر الأنظمة فقط لا العقليّات، ولكن سنناضل للارتقاء اكثر بوضع المرأة وسنطالب بالتناصف الأفقي في الانتخابات المقبلة، بمعنى أن تكون نصف رؤساء القوائم وجوبا من النساء.

ما رأيك بما ورد في مجلّة الأحوال الشخصيّة؟

مجلّة الاحوال الشخصيّة مكسب للمرأة التونسيّة دون نقاش وأتحدّى من يقول عكس ذلك، ولا يجب المساس بها. وفيما يخص بعض المبادئ كالتبنّي التي يُقال أنها تتعارض والشريعة الإسلامية فأنا أتحفّظ عن الإدلاء برأيي.

وبالنّسبة لتعدّد الزّوجات؟

أنا دون شك ضد تعدّد الزّوجات والدين الإسلامي لم يفرضه، وأرى فيه إهانة للمرأة، وعلى المرأة التونسيّة ألا تقبل بهذه الإهانة.

ما رأيك في ظاهرة حجاب الفتيات الصغيرات؟

هي ظاهرة، وكل ظاهرة إلى الزوال تؤول وأعتبر أن حجاب فتيات في سن 5و6 سنوات هو اغتصاب للطفولة.

ما كان رأيك في تصريح الحبيب اللوز (احد قيادات حركة النهضة ويوصف بالمتشدّد) الذي اكد فيه انه مع ختان البنات؟

تصريح اللوز بخصوص ختان البنات كان ردّا على سؤال وجه له، واجابته كانت مستفزّة للمرأة التونسيّة لأنه يعتبر شخصيّة عامّة وتحسب عليه آرائه. وكان يمكن أن لا يجيب على السؤال خاصة أن ختان الإناث ليس من تقاليدنا ولا من عاداتنا ولا من ثقافتنا.

ما رأيك في ظاهرة “فيمن” في تونس؟

أرى فيها اغتصاب للأنوثة وللنساء على حد سواء. ومثلما نرفض حجاب الصغيرات نرفض هذه الظاهرة البعيدة عن ثقافتنا، ولدينا 100 سلاح نحارب به وندافع عن حقوقنا به، ولذا نرفض ظاهرة التعرّي في تونس.

كيف تعاملت مع إبنك بعد ظهوره في فيديو “الهارلم شايك” المثير للجدل؟

أنا أوّلا مع التظاهرات الشبابيّة ولكن يجب تأطيرهم، ولذا أذنت لابني وابنتي بالذهاب. ولكن حصلت بعض التجاوزات وقد لمته على ذلك وأحسست أنه أحرجني. ولكن، وفي الآن ذاته كنت مقتنعة بداخلي أنه يريد نحت شخصيّته بمعزل عن صورة أمّه النائبة عن حركة النهضة في المجلس التأسيسي. وهذه حرّيته وحقّه وأنا لا اقمعها، وقد اعتذرت في وسائل الإعلام عن التجاوزات وليس عن الرقص.