بعد جولات وصولات قادها نشطاء الحراك المدني في ليبيا ومظاهرات متكررة، أفرج عن الصحفي الليبي عمارة الخطابي بكفالة مالية قدرها 300 دولار ولكنه مُنع من السفر وقامت السلطات المختصة بحجز جواز سفره.
الإفراج الذي عقدت له جلسة محاكمة استثنائية أتت بعد تنحي رئاسة هيئة المحكمة مطلع نيسان/أبريل الجاري، جاء بعد ضغط مستمر من الجميع لإيقاف الضغط الممارس على حرية الكلمة في ليبيا.
بعد جولات وصولات قادها نشطاء الحراك المدني في ليبيا ومظاهرات متكررة، أفرج عن الصحفي الليبي عمارة الخطابي بكفالة مالية قدرها 300 دولار ولكنه مُنع من السفر وقامت السلطات المختصة بحجز جواز سفره.
الإفراج الذي عقدت له جلسة محاكمة استثنائية أتت بعد تنحي رئاسة هيئة المحكمة مطلع نيسان/أبريل الجاري، جاء بعد ضغط مستمر من الجميع لإيقاف الضغط الممارس على حرية الكلمة في ليبيا.
عمارة حسن الخطابي رئيس تحرير صحيفة الأمة، الذي قبع في السجن في العاصمة طرابلس منذ مطلع كانون الأول/ديسمبر 2012 بتهمة تطاوله على القضاء الليبي ووصفه بالفاسد، كان قد نشر في أحد أعداد صحيفته التي تأسست بعد 17 شباط/فبراير، نشر قائمة بأسماء القضاة المتورطين في الفساد إبان الحقبة القذافية ونوه بحق الجميع في الرد.
على خلفية الدعوة القضائية التي قدمها القضاة المتضررين ضد الخطابي، تعرض رئيس تحرير صحيفة “الأمة” للمساءلة القانونية وفق المادة 195 من قانون العقوبات الليبي “إهانة السلطات الدستورية أو الشعبية” التي وضعها القذافي لمحاكمة من يتطاول عليه أو نظامه.
وتنص المادة على أن “يعاقب بالسجن كل من صدر عنه ما يشكل مساساً بثورة الفاتح العظيم أو قائدها، ويعاقب بذات العقوبة كل من أهـان السلطة الشعبية أو إحدى الهيئات القضائية أو الدفاعية أو الأمنية وما في حكمها من الهيئات النظامية الأخرى أو أهان علانية الشعب العربي الليبي أو شعار الدولة أو علمها”.
ازدواجية المعايير
ويرى بعض الحقوقيين في ليبيا أن سجن الخطابي شكل من أشكال ازدواجية المعايير في ليبيا ما بعد القذافي، ويستندون في ذلك على لقاءات سابقة لكل من رئيس المجلس الوطني الانتقالي السابق ووزير عدل القذافي المستشار مصطفى عبد الجليل الذي أكد مرارا ً وتكرارا ًعلى عدم نزاهة القضاء في ليبيا مطالبا ًبتطهيره، إضافة الى تكرر الاتهامات للقضاء حتى من قبل رئيس المؤتمر الوطني “البرلمان” الذي أوضح في أول ظهور إعلامي له في آب/أغسطس 2012 أن من أولويات البرلمان والحكومة العمل على تطهير القضاء.
وأثارت هذه المحاكمة الكثير من ردود الفعل الغاضبة في الأوساط الإعلامية. الكاتب الصحفي اسماعيل القريتلي أكد لـ”مراسلون” أنه من غير المقبول بأي حال أن يعتقل الصحفيين بسبب أعمالهم الصحفية، خاصة إذا تعلق الأمر بمحاربة الفساد المستشري في هيكل الدولة، فما بالك إذا كان الأمر يتعلق بالسلطة التي أوكلت لها مهمة حماية سيادة القانون وهي القضاء.
وأضاف، لايوجد في ليبيا ما يحمي الصحفيين من التشريعات والإجراءات القانونية، فضلا عن ضعف ثقافة المجتمع بدور الصحافة وما يترتب على ذلك من مسؤولية أخلاقية لحماية الصحفيين.
وأشار الصحفي الليبي إلى أهمية وعي الصحفيين بالقوانين والتشريعات التي قد تطالهم كنشر أسماء أو صور لمتهمين قبل إدانتهم بشكل نهائي وثبوت التهم عليهم، حتى لا يعود الأمر عليهم في حال تم تبرئة المتهمين من خلال رفع قضايا تشهير وتعويض ضدهم، لافتا إلى أن “الصمت الذي ساد المجتمع منذ اعتقال الخطابي ينبئ بغياب الوعي وكذلك ضعف التغطية الإعلامية لاعتقاله وإضرابه عن الطعام”.
تدخل خارجي
خالد المهير مراسل الجزيرة نت، أضاف لـ”مراسلين” أن احتجاز صحفي طاعن في السن طيلة الفترة الماضية وحبسه مع أزلام القذافي في زنزانة واحدة أمر لم يكن يتوقعه بعد الثورة مهما كانت الأخطاء التي ارتكبها الصحفي، وأضاف أنه كان على المؤسسة القضائية البحث عن آلية استثنائية لمحاكمته بدلا من جرجرته للمحاكم ووضعه في قفص الاتهام، مؤكدا أن تدخل منظمتي “هيومن رايتس ووتش” و”العفو الدولية” في قضية الخطابي أتت أُكلها بشكل سريع.
المهير لم يخفي تخوفه من تكرار تجربة الليبيين مع القذافي حيث أوضح أن السلطات القضائية الليبية قد استجابت وبشكل سريع لمناشدات المنظمات الدولية أكثر من استجابتها للمناشدات المحلية، الأمر الذي كان يحدث في حقبة العقيد.
مشهد عبثي
الإعلامي فتحي بن عيسي أوضح لـ”مراسلين” أن قضية الخطابي تختزل المشهد الليبي بعبثيته، وأن المواطن الليبي يحاكم بقوانين تجرم الشعب كله لأنه خرج على القذافي، وصحفي ينشر قائمة سوداء لأعضاء في الهيئة القضائية دون اثباتات.
وبالنسبة بن عيسى، فإن ما حدث يدعو للإسراع بإصلاح منظومة القضاء تشريعا وتكوينا وكذلك اصدار قانون ينظم العمل الصحفي والاعلامي مضيفاً أنه “كما ندين سجن الصحفي كذلك ندين استخدام الصحفي لوسيلة اعلامية لنشر اتهامات دون ذكر الادلة”.
إلا أن القضاء في ليبيا كان له رأي آخر، فقد أعربت المنظمة الليبية للقضاة عن استنكارها وأسفها الشديدين لما نشر بالصحيفة المذكورة، وحملت الصحيفة المسؤولية القانونية الكاملة المترتبة على هذا الفعل الذي وصفته بغير المسؤول وتبعاته، من الزج بأسماء رجال قضاء وصفتهم المنظمة بالشرفاء.
القاضي مروان الطشاني تحدث لـ “مراسلون” قائلاً إن على الخطابي تحمل المسؤولية القانونية وتبعات ما قامت به جريدته باعتباره رئيس تحريرها والممثل القانوني لها، وأنه كان عليه اللجوء للإدارة العامة للتفتيش القضائي وتقديم المستندات والادلة على فساد من ادعى فسادهم، كون الجهاز القضائي وحده هو من يملك محاسبة أعضائه وفقا للآليات والوسائل التي نظمتها التشريعات القضائية.
وبخصوص القرار الصادر بالافراج عن الصحفي، قال الطشاني إن “القرار سليم من الناحية الانسانية والصحية، ولا يضير العدالة استمرار المحاكمة وهو مفرج عنه ويجب توفير كافة ضمانات المحاكمة العادلة له”.