عادت من جديد الأزمات الطائفية بين المسلمين والأقباط  في الظهور علي الساحة بدءا بأزمة الخصوص ووصولا بإحداث الكاتدرائية التي أشعلت النيران في الرماد وجعلت الأقباط يشعرون بالخوف وعدم الطمأنينة داخل وطنهم مصر، الأمر الذي زاد الاحتقان بين عنصري الأمة وجعلهم يقولون أن مصر علي مشارف حرب أهلية طائفية.

عادت من جديد الأزمات الطائفية بين المسلمين والأقباط  في الظهور علي الساحة بدءا بأزمة الخصوص ووصولا بإحداث الكاتدرائية التي أشعلت النيران في الرماد وجعلت الأقباط يشعرون بالخوف وعدم الطمأنينة داخل وطنهم مصر، الأمر الذي زاد الاحتقان بين عنصري الأمة وجعلهم يقولون أن مصر علي مشارف حرب أهلية طائفية.

جوزيف ملاك محامي كنيسة القديسين والمماثلة للكاتدرائية بالقاهرة ورئيس مركز الدراسات الإنمائية وحقوق الإنسان بمحافظة الإسكندرية، يرفض الادعاءات التي تقول أن الأقباط أصبحوا يطلبون الحماية الأمريكية ويلهثون وراء الهجرة، ويقول إنهم ليسوا لاجئين وليسوا أقلية وافدة وإنما أنهم يعيشون داخل وطنهم مصر ولم يطلبون الحماية من أحد.

موقع “مراسلون” التقى جوزيف ملاك، وفيما يلي نص الحوار.

س: ما هي المشاكل التي تواجه الأقباط في عصر الإخوان المسلمين؟

ج: نحن الآن أصبحنا في دولة الإخوان والنظام الحالي لا يطبق المساواة، حيث أصبحنا  في هذا العصر مواطنين من الدرجة الثانية، وهناك اضطهاد للأقباط بشكل رسمي وممنهج على خلاف العصر السابق حيث كان الاضطهاد مستتر تحت الشعارات الرنانة بالمساواة وحقوق المواطنة.

كنا نعتقد أن دولة القانون هي التي ستود بعد الثورة وتختفي الأيدلوجية التي كان تنظر بها الدولة في عصر مبارك للأقباط علي أنهم أقلية، ولكن دولة الإخوان الآن تتعامل معنا علي إننا كفار، والكارثة أن السائد الآن هي عملية الشحن الطائفي.  

س: ما هو دور الدولة في الفتن الطائفية؟ وهل أنت راضي عنه؟

ج: دورها سلبي جدا. قد تكون الدولة متهمة بالتواطؤ في أحداث الكاتدرائية والتعتيم عليها، والواضح أن هناك تيار بعينه مستفيد من ذلك التعتيم، وبالطبع لست راضيا علي دور الدولة لأنه لا يوجد دور من الأساس.

س: هل تري اختلافا بين الأزمات الطائفية قبل الثورة وبعدها؟

ج: لا يوجد أية اختلاف، حيث أن الاختلاف فقط في الأزمات الطائفية لأنه في النظام السابق كانت الأيدلوجية مستترة وكانوا الأقباط أيضا مظلومين في كافة الحقوق، أما الآن في عصر الإخوان فالظلم مستمر وأصبح للمتهمين غطاء رسمي وشرعي و هي الدولة الاخوانية.

س: ماذا عن هجرة الأقباط بعد وصول الإسلاميين للحكم؟ وما رأيك في تلك الهجرة؟

ج: هجرة الأقباط أمر طبيعي، لأنها قديمة ومنذ زمان ولكن في ظل الظروف السياسية في الحقبة الاخوانية أصبحت طموح كل عائلة وكل شاب هو الهجرة للخارج، خاصة بعد حالات التهجير التي أصبحت علي الملأ والتي تسببت في حالة نفور قبطي وعدم طمأنينة للأقباط علي ممتلكاتهم وعلى بناتهم فأصبح الخطر يداهمهم بقوة.

لا نختلف علي أن النظام السابق كان سئ و لكن الآن أسوء وأسوء، حيث كانت زمان الهجرة إلى دول أمريكا وكندا واستراليا أما الآن فأصبحت الهجرة مفتوحة إلى الدول الفقيرة. لكن ليس فقط الأقباط هم من يسعوا للهجرة والمسلمين أيضا، ولكن مشاكل الأقباط أكبر لأنها تحت الميكروسكوب واضحة وإذا فحصنا طلبات هجرة المسلمين سنجدها أكثر.

س: ما هو عدد الأقباط المهاجرين عقب ثورة 25 يناير وتولي الحقبة الاخوانية الحكم؟

ج: لا يمكن حصر عدد المهاجرين الأقباط لان هناك هجرة شرعية يمكن حصرها وهى من خلال وزارة الخارجية، وهناك هجرة غير شرعية وهى التي يسافر فيها الشخص عن طريق فيزا سياحية وهناك يكسر الفيزا ويقيم بالدولة، مؤكدا أن هناك  كثير من الأقباط عادوا بسبب الفشل والبعد عن وطنهم الام مصر.

س: ماذا كان رد فعل البابا في أزمة الكاتدرائية ودلالاته؟ وما هو الحل لهذه الفتن من وجهه نظرك؟

ج: موقف البابا كان موقف قوي حيث أن الأقباط كانوا ينتظرون هذا الموقف الحاد، حيث خرجت الكنيسة معلقة على الأحداث ببيان شديد اللهجة موجه لمؤسسة الرئاسة ولم نرَ من قبل بيان من الكنيسة للرئاسة بهذه القوة. الأقباط الآن في مرحلة سيئة جدا بسبب النظام السابق الذي كان هو سبب ضمني في الفتنة الطائفية بشكل قوى وكان به صفقات للقبض علي المسيحيين والمسلمين في المشاكل الطائفية لإظهار دور العدالة.

ولكن الدولة الآن تعاملت في أحداث الكاتدرائية بشكل سئ. وهناك تواطؤ من الشرطة وترك عمليات الاعتداء علي الأقباط داخل الكنيسة. إننا في مرحلة خطرة وتعدينا حدود تعامل المواطن التي تستوجب حماية الكاتدرائية التي تشبه الفاتيكان باعتبارها الكنيسة المصرية.

س: هل تري أن هناك تيارات بعينها وراء افتعال أزمة الكاتدرائية؟

ج: أعتقد أن هناك غرض سياسي وراء إشعال أزمة الكاتدرائية والمحللون السياسية تحدثوا في ذلك وأنا أشعر أن هناك رسالة مبعوثة للكنيسة من خلال تلك الأحداث، مؤكدا أن هناك مستفيدين من الأزمة لكن تسميتهم متروكة للمحللين والشعب المصري وهم قادرين علي معرفتهم.

والكارثة أن افتعال الأزمة مصر بسيط لأن الشئ الوحيد الذي يقدر علي كسر البلد ويؤدي لحدوث هزة هي المشاكل بين الأقباط والمسلمين في مصر والتي قد تكون سبب لخراب البلد. وأرى أن نهاية مصر ستكون من خلال الفتنة الطائفية، مشيرا إلى أن الأزمة ظهرت في هذا التوقيت لتكون غطاء وساتر علي المظاهرات ومطالب المعارضة ومثلما كانت سياسة أمن الدولة القديمة وهي جذب الانتباه لحدث اكبر قد تكون الأقرب لتلك الأزمة.

س: ما هي المخاوف التي تهدد الأقباط في مصر الآن؟

ج: عدم الطمأنينة لأننا في هذه الفترة علي وشك حدوث حرب أهلية تكون حرب طائفية وبالتالي نحن خائفين أن نصل لتلك المرحلة، وأيضا ليس فقط الأقباط خائفين وحدهم ولكن إخواننا المسلمين المعتدلين خائفين أيضا، فهناك تيارات تكفر الأقباط الآن، وأرى أن الحرب الأهلية الطائفية قد تنهي مصر وأعتقد أن هناك مستفيدين من خارج مصر.

س: ما هي الآليات التي من الممكن أن توقف الأزمات الطائفية؟

ج: هناك آليات كثيرة أهمها أن ننشر ثقافة الاختلاف وثقافة التعارض وأن نسعى لأن  تكون المصلحة واحدة، حيث أن ما حدث في مصر هو أن كل تيار سعي لتحقيق مصالحه الشخصية فقط دون اعتبار لمصر كوطن. وأري أن  الحل هو أن الجميع يجتمع حول الوطن وأنا لا أطلب أن نقصي الإخوان من  الصورة ولكن الخوف علي مصر لابد من أجلها أن نسعى للمصلحة العامة.

س: ترددت شائعات عن زيارة السفيرة الأمريكية لقيادات الكنيسة بالإسكندرية لعرض الحماية وخدمات الدولة الأمريكية للأقباط في مصر؟ ما رأيك في ذلك؟

ج: السفيرة الأمريكية بالفعل زارت كنيسة القديسين منذ حوالي شهرين ضمن زيارة عامة للمحافظة ولم تقوم بزيارة الكنيسة الام، حيث أن ملف كنيسة القديسين كان ضمن تقرير الأمم المتحدة في القضايا المفتوحة، زيارتها كان لها بُعد سياسي ولها بُعد أخر هو هجرة الأقباط بعد انتقاد الأقباط للسياسة الأمريكية في التعامل مع الأقباط.

شملت أسئلة السفيرة الأمريكية الاستفسار عن قضية كنيسة القديسين التي تعرضت لتفجير ارهابي في مطلع ٢٠١١، وقلت لها إنه لا توجد قضية من الأساس، ثم عرضت السفيرة مساعدة أمريكا من خلال تقديم الخبرة الجنائية في معرفة كيفية حدوث الواقعة والتواصل مع الجهات المعنية ومنها وزير العدل والنائب العام لتقديم المساعدة، ولكن الحكومة المصرية رفضت العرض وأكدت أنهم قادرين علي جلب المتهمين.

لكن الأقباط لم يطلبوا الحماية من أمريكا لأننا نعيش في بلدنا ولسنا لاجئين، الأقباط ليسوا أقلية وافدة ولكن حمايتنا تأتي من العقلاء من أخواتنا المسلمين. ونرفض أي تدخل في الشئون الداخلية في مصر.

س: إلي أين وصل ملف قضية كنيسة القديسين؟

ج:  نعانى من هذه القضية منذ 3 سنوات. أنها ليست قضية بالمعنى التقليدي لأنه ليس بها متهمين، وهي قضية مرفوعة من الكنيسة ضد الدولة لكي تحرك الدولة نحو التحقيق في تلك الكارثة، مؤكدا أنه عار علي أي دولة أن أولادها يرفعوا قضية عليها من أجل حق تقديم متهمين بقتل شهداء الكنيسة. ورفعنا العديد من القضايا وقدمنا عشرات البلاغات للنائب العام والمجلس العسكري ولرئاسة الجمهورية وللداخلية، وآخر بلاغ قدمناه كان للنيابة العامة وقال لي المحامي العام نحن منتظرون أن تحدث الصدفة والمعجزة لكي نعرف من المتهم؟ أي أن القضية متروكة لمحض الصدفة.

والمشكلة الكبرى أن وزارة الداخلية لم ترسل أى تحريات ومؤخرا قدمنا بلاغا للنيابة العامة ضد حركة حماس ورئيس الجمهورية و أيمن الفايد القيادي بتنظيم القاعدة، والذي خرج عبر القنوات الفضائية يؤكد أن حركة حماس وراء تفجيرات الكنيسة واتهمنا الدولة بالتقاعس والإهمال وهناك علامة استفهام كبيرة حول الموضوع، خاصة بعد أن خرج الرئيس محمد مرسي وقال أن النظام السابق لديه معلومات عن تفجيرات كنيسة القديسين، الجميع يعلمون أن حركة حماس هي جزء من التنظيم الدولي للإخوان. كما قدمنا بلاغ للمخابرات العامة وطلبنا منه التحري في هذا الأمر .

س: في النهاية كقبطي مصري ما هي تخوفاتك وما هي متطلباتك؟

ج: أتخوف من الاستمرار  في سيطرة الإسلاميين علي مناحي الدولة وإقصاء الأخر. ومتطلباتي أن أشعر بالمواطنة والمساواة والعدل مع أخواني المسلمين وكل منا يأخذ حقه في البلد دون أي إهدار وإقصاء للأخر.