فى محافظة أسيوط البعيدة عن خطط التنمية (500 كلم جنوب القاهرة)، والتى تحظى بأعلى معدلات الفقر والجهل، حيث تبلغ نسبة الفقر نحو 63%، والأمية 32.7% وفقا للتقارير الإنمائية، يمكن أن تنشب معركة لأى سبب مهما كان تافها، وبسهولة تحصد المعركة أرواح تكون دافعًا لمعارك أخرى تستمر سنوات أحيانا وتنتهى بالتهجير فى أحيان أخرى.

شكل الأسلحة في المعارك وتطورها أخذ منحى تصاعديًا بعد الثورة، حيث اختفى النبوت والشوم في المعارك، وظهر الـ “أر بي جي” والـ “جرينوف” والقنابل اليدوية والأسلحة الآلية لتشكل هذه الأسلحة عنصر القوة والردع لدى بعض العائلات.

فى محافظة أسيوط البعيدة عن خطط التنمية (500 كلم جنوب القاهرة)، والتى تحظى بأعلى معدلات الفقر والجهل، حيث تبلغ نسبة الفقر نحو 63%، والأمية 32.7% وفقا للتقارير الإنمائية، يمكن أن تنشب معركة لأى سبب مهما كان تافها، وبسهولة تحصد المعركة أرواح تكون دافعًا لمعارك أخرى تستمر سنوات أحيانا وتنتهى بالتهجير فى أحيان أخرى.

شكل الأسلحة في المعارك وتطورها أخذ منحى تصاعديًا بعد الثورة، حيث اختفى النبوت والشوم في المعارك، وظهر الـ “أر بي جي” والـ “جرينوف” والقنابل اليدوية والأسلحة الآلية لتشكل هذه الأسلحة عنصر القوة والردع لدى بعض العائلات.

مراحل تطور الأسلحة

قديما كانت المعارك فى الصعيد تبدأ بالسباب والتشابك بالأيدى والشوم والأسلحة البيضاء، وحينما يتطور الأمر كان يظهر السلاح النارى “طبنجات وآلى”، وكان يستخدم فقط، حينما تكون المعركة بين عائلتين كبيرتين. لكن بعد الثورة الوضع تغير تمامًا. فصاحب الشومة ولاعب العصا تحول بعد الثورة إلى صورة “رامبو” حامل الـ”أر بى جى” و الـ “جرينوف” والقنابل يدوية. يدلل على ذلك الحاج أحمد محمد العسيري، من مركز أبنوب قائلاً: “زمان يا ابني كان اللي يدخل معركة، كان بيتعارك بالشومة، لكن دلوقتي الحال اتغير وظهرت بنادق آلي وجرنوف وأسلحة عمرنا مشفناها قبل كده”.

الحاج عبد العال علي عبد العال، من مركز أبوتيج، يسرد مراحل تطور السلاح في أيدي المواطنين قائلاً: في السابق الأسلحة التي كانت تستخدم في المشاجرات عبارة عن فرد خرطوش أو رصاص محلي الصنع أو بنادق خرطوش أو ألماني أو هندي، لكن مع بداية عصر الانفتاح بدأنا نري الرشاش البورسعيدي والبنادق الآلية، وبعد الثورة شاهدنا أفرادا يحملون قنابل يدوية وأر بي جي وأسلحة آلية متطورة جدًا، بسبب الانفلات الأمني.

استخدام أسلحة حديثة في بعض الوقائع

ففي عرب الكلابات تلك القرية التي تحتضن الجبل بمركز الفتح، تسببت قنبلة يدوية في إحراق 40 منزلا ونفوق العشرات من رؤوس الماشية، والمئات من الطيور واحتراق مساحات واسعة من محصول القمح، نتيجة للخصومة الثأرية بين عائلتي  “حمد”، و”الخضايرة”. عفاف كريم أحمد، إحدي شهود الواقعة، من عائلة “حمد” تقول “فوجئنا بوابل من الأعيرة النارية تحاصر منازلنا، وكرات نارية تلتهم المنازل، ونفوق المئات من رؤوس الماشية، فضلا عن احتراق جهاز العُرس الخاص بنجلتي”.

هذه الواقعة ليست الأولى من نوعها ولكن هناك وقائع أخرى شهدتها مراكز أسيوط، استخدمت فيها أسلحة متطورة كان آخرها ماحدث في قرية “خارفة” بمركز ديروط، ففى لحظات توفى 9 مواطنين وأصيب 3 آخرين فى مارس الماضى، وضبطت الشرطة مدافع جرينوف و”أر بى جى” مع المتصارعين، بسبب الخلاف علي تقسم الميراث.

حجم الجرائم تضاعف

اللواء أبوالقاسم أبوضيف، مدير أمن أسيوط، يري أن حجم الجريمة تضاعف كثيرًا بعد الثورة، وأن الأسلحة انتشرت بشكل كبير في أيدي المواطنين، بسبب عمليات تهريب السلاح الواسعة علي حدود مصر والسودان، ويضيف: “تطور الأسلحة زاد من أعباء الشرطة، وتطلب أن تكون مسلحة بأسلحة متقدمة، وهو ماتحاول فعله الوزارة حاليا، خاصة بعدما فقدت العديد من أبنائها في مواجهات مع بعض العناصر الإجرامية، وآخرها ما وقع في شهر يناير الماضي، بعد أن لقي ضابطين ومجند مصرعهم، وأصيب ضابط آخر، لدى مداهمة قوات الأمن إحدى البؤر الإجرامية التي تقوم بالمتاجرة في السلاح والمخدرات بقرية عرب الكليبات بمركز الفتح في أسيوط، واستطاع خلالها الأمن ضبط مدفع “جرينوف”، و8 بنادق آلية”.

التهريب أهم أسباب انتشار السلاح

بعض العائلات يتخذ من امتلاك الأسلحة الحديثة مدعاة للتباهي واستعراض القوة لحفظ مراكزها بين العائلات، خاصة العائلات ذوات الخصومات الثأرية، بعد أن تحولت البندقية الآلية إلى مطواة قرن غزال فى يد الجميع ولا تثير الاستغراب. هكذا يجيب هلال عبد الحميد، أمين حزب المصري الديمقراطي الاجتماعي بأسيوط، علي سؤال أسباب انتشار الأسلحة في المحافظة أسيوط، ويضيف: “السبب الآخر هو كثرة الأسلحة بسبب تهريبها عن طريق السودان وليبيا، بعد الثورات العربية، حتى وصل الأمر إلى أن القنابل اليدوية تباع وتشترى بمبالغ في متناول الجميع (400 إلي 500 جنيه) للواحدة”.

يشير محمد عبد العزيز، من قرية عرب العوامر أبنوب، إلي تنوع طرق تهريب السلاح، حيث سلك التجار طرقا وعرة لتهريبها عبر دروب الصحراء الغربية المتصلة بدولة ليبيا، وطريق الأربعين المتصل بالسودان عن طريق أسيوط، واتخذوا وسطاء لنقل هذه الأسلحة وتحميلها في سيارات تنقل فاكهة أو خضر أو طوب أو حيوانات وتهريبها إلى المكان المراد توصيلها إليه والحصول علي مبالغ مالية في نظير ذلك.

تهريب الأسلحة وثورة 25 يناير

فى نيسان/ أبريل من العام الماضى أعلن الدكتور كمال الجنزوري، رئيس وزراء مصر السابق، عن وصول نحو عشرة ملايين قطعة سلاح مهربة إلي مصر بعد – ثورة 25 يناير- أغلبها أسلحة آلية وخطيرة مثل مدافع الهاون والجرينوف، وأنها تسربت إلي أيدي الخطرين والمجرمين والبلطجية، مما ينذر بكوارث في الشارع المصري.

علق عبدالرحمن الشحات، محامي، علي الأمر قائلا: إن عملية انتشار السلاح بهذا الشكل الرهيب، أدى إلى زيادة معدلات الجريمة، خاصة فيما يتعلق بحوادث الثأر والسطو المسلح، وأصبحت الجريمة أكثر عنفا بعد الثورة، حيث زادث شهوة القتل لدى الناس لأسباب تافهة، وأخذت الجرائم شكلا أكثر عنفا من السابق، ففي الحوادث الثأرية، كان يُقتل شخص أو اثنين علي الأكثر أما الآن فيُقتل العشرات في واقعة واحدة، في ظل الغياب الأمني، وعدم تنفيذ الأحكام القضائية.

وإذا كان التهريب هو أحد أهم أسباب انتشار السلاح، فإن القضاء على طرق التهريب هو الحل العملي للحد من انتشار السلاح، كما يرى الدكتور أحمد يس نصار، القيادي الناصري، الذي يقول: “لابد للجيش والشرطة أن يقوما بالتنسيق فيما بينهما أولا بتكثيف الرقابة علي الحدود والأكمنة المرورية لمنع دخول الأسلحة إلي البلاد من الأصل، فضلا عن مداهمة أوكار الأسلحة في القري بمختلف المحافظات، من أجل القضاء علي المشكلة بشكل تدريجي”.