عادة ما يتسابق الحرفاء في كل أنحاء العالم للحصول على منتوجات من أجل جسم نحيف ورشيق.  ولكن في مدينة قفصة جنوب تونس يلقى “المسمّن الرفيع” إقبالاً كبيراً من قبل السكان، وهو منتوج مصنّع في الجزائر حسب ما هو مبيّن على الغلاف الخارجي. ويتركب هذا المسمن من خليط  من اللوز والعسل وعدة أنواع من الفواكه، وينصح به للشخص النّحيل. ولكن لا يوجد على العلبة تاريخ الصنع ولا تاريخ انتهاء الصلاحية، بالرغم من أن مكونات هذه التركيبة سريعة التلف، وهو ما يشكل خطراً على صحة المستهلك.

انتشرت بعد الثورة

عادة ما يتسابق الحرفاء في كل أنحاء العالم للحصول على منتوجات من أجل جسم نحيف ورشيق.  ولكن في مدينة قفصة جنوب تونس يلقى “المسمّن الرفيع” إقبالاً كبيراً من قبل السكان، وهو منتوج مصنّع في الجزائر حسب ما هو مبيّن على الغلاف الخارجي. ويتركب هذا المسمن من خليط  من اللوز والعسل وعدة أنواع من الفواكه، وينصح به للشخص النّحيل. ولكن لا يوجد على العلبة تاريخ الصنع ولا تاريخ انتهاء الصلاحية، بالرغم من أن مكونات هذه التركيبة سريعة التلف، وهو ما يشكل خطراً على صحة المستهلك.

انتشرت بعد الثورة

منذ سنوات طويلة انتشرت ظاهرة بيع السلع المقلدة والمهربة في مدينة قفصة، نظراً لموقعها الجغرافي وقربها من الحدود الجزائرية، وبعد 14 كانون ثان/يناير 2011 (تاريخ الثورة) انتعشت في هذه المدينة ظاهرة بيع الأدوية والمستحضرات الطبية التي تُعرض على قارعة الطريق أمام السوق المركزية بمدينة قفصة. وأغلب من اختص في بيعها هم من أصحاب اللحى، الذين يتحاشون الحديث إلى وسائل الإعلام.

“أحمد س.”، في العقد الرابع من العمر، وقف أمام طاولة لا يزيد عرضها عن المتر وارتفاعها المتر والنصف متأملاً في المنتجات التي وضعت عليها. يطلب “أحمد” من البائع الملتحي وصاحب القميص الأبيض أن يهيئ له عطراً، فيبدأ “الخبير” في تحضير المطلوب من مواد غريبة لا يُعرف مصدرها ولا نتيجة دمج هذه السوائل مع بعضها البعض. يلتقط أحمد العبوة الصغيرة، ويدفع للبائع 10 دنانير (قرابة 6 دولارات أمريكية)، ثم يغادر المكان بسرعة وكأنّه اقتنى سلعة ممنوعة.

الفياغرا “المنعشة”

سألنا البائع عن عبوة العطر التي يبلغ ثمنها عشرة دنانير؟ ابتسم وقال: “التونسي لا يزال محرجاً من شراء الحبّة الزرقاء، ولذلك يتظاهر بشراء العطر، وهو في الواقع يشتري “المنعش”(في إشارة إلى مقوٍ للقدرة الجنسية).

يتابع البائع حديثه إلينا: “هل ترغب أنت أيضاً في شراء الحبة (الفياغرا)؟ هل تريدها حمراء أم زرقاء؟” ويواصل شرحه بإسهاب، كأنه طبيب مختص: “الحبة الزرقاء صالحة لأربع وعشرون ساعة، أما الحمراء فهي تكفي لمدة أسبوع، وخمسة دنانير ثمن مقبول يكفيك لمدة أسبوع.”

صديق قدم بالصدفة إلى مكان تواجدنا، وبادرنا بالقول مازحاً: “حتى الصحافيين يحتاجون إلى الحبّة؟!” حينها افتضح أمري وتفطّن البائع لصفتي الصحفية، فرمقني بنظرة قائلاً: “الحمد للّه الذي وفقني في أن لا أتفوّه بكلام محظور!”

قبل أن يكمل حديثه وصل عدد من زملائه، فغادرت المكان حيث يتواجد عدد من الفتيات وقد تجمّعن حول أحد باعة العطورات وكريمات ترطيب البشرة.

شابّة كانت أو امرأة فشغلها الشاغل العناية بجمالها. “أميرة” مثال على ذلك، ربّما يكون اسم مستعار اختارته لتحقيق حلمها في أن تكون أميرة، وهو ما دفعها لشراء أنواع مختلفة من الكريمات، بخاصة وهي تستعد لزفافها بداية الصيف.

سألتها هل تثقين في هذه المستحضرات التجميلية والكريمات الواقية من الشمس وأقلام كحل العين وأحمر الشفاه وطلاء الأظافر؟ عن هذا تجيب أميرة: “من المؤكد أن هذه البضائع لا ترتقي إلى مستوى تلك التي تباع في المحلات التجارية، ولكن الثمن المغري يدفعنا إلى أن نتجاهل بعض الفوارق، خاصةَ وأنني لا استعمل هذه المستحضرات بشكل يومي، بل يقتصر استعمالها على بعض المناسبات الاحتفالية”.

منتجات للفقراء

يتطابق رأي  فاتن س. مع ما ذكرته أميرة، وأضافت: “السلع المقلدة قبلة الفقراء، فعشرة دنانير كافية لشراء كل ما يلزم الفتاة”.

أماني التي اكتفت بنظرة عابرة على مكان عرض هذه المستحضرات تقول: “قبل 14 كانون ثان/يناير، وبالرغم من تحفظي على شراء السلع المقلدة، إلا أنه كان هناك ارتياح نسبي لهذه البضاعة وللبائع، لكن اليوم غابت الرقابة بشكل تام وحتى الباعة تغيّروا وحتى مظاهر التديّن لا تدفع بي للثقة في هؤلاء.” وتواصل بازدراء “متشددين دينياً ويبيعون في أحمر الشفاه؟”

أيمن، شاب في العشرينات من العمر، يشرف على “نصبة” (طاولة بيع) أمام مقر السوق المركزية اختصت في بيع الكريمات والمراهم الجلدية، ومن بينها مرهم يستعمل لعلاج البرص والصدفية. المرهم منتهي الصلاحية منذ أكثر من ثلاثة أشهر. وعند السؤال كيف يبيع دواء منتهية صلاحيته، قال: “وما شأني أنا، ما تهمني هي النسبة المئوية التي أحصل عليها عن كل منتج أبيعه”.

خطر على الصحة

الدكتور نعمان يرى أن مساحيق التجميل المقلدة سواء كانت منتهية الصلاحية أم لا تشكل خطراً على الصحة العامة، وتسبّب الحساسية والتهيّج الجلدي، كما تؤدي إلى تغير لون البشرة. وهو ينصح في الوقت نفسه بعدم الإقبال على هذه المستحضرات مجهولة المصدر.

عمر العبدلي رئيس مصلحة حفظ الصحة، أكد أن وزارة الصحة تتدخل ضمن فريق كامل تابع لعدة وزارات. ويقتصر دور مصلحة حفظ الصحة على تحديد صلاحية المنتوج من عدمه، وأضاف العبدلي أنه بعد 14 كانون ثان/يناير أصبح من الصعب مراقبة وملاحقة هؤلاء الباعة. وللحد من هذه الظاهرة يؤكد محدثنا أن على كل السلطات المعنية العمل الفوري على تطبيق القانون ومراقبة الحدود للحد من تهريب هذه البضائع. ويرى أن هذه المنتجات – حتى وإن كانت سليمة – فهي بالتأكيد ستتعرض للتلف بعد عرضها تحت أشعة الشمس الحارقة.