لم يجد رامي أي حرج في الذهاب إلى مركز الشرطة للإبلاغ عن تعرضه للعنف. فقد تعرض الرجل البالغ 46 سنة إلى عنف من نوع خاص، إنه عنف من قبل زوجته التي عاش معها لأكثر من عشرين عاما. يقول رامي ” في المدة الاخيرة أصبحت زوجتي عصبية المزاج وكثيرة الصياح، وبلغ بها الأمر حد تعنيفي بتوجيه لكمة أو ركلة”.
لم يجد رامي أي حرج في الذهاب إلى مركز الشرطة للإبلاغ عن تعرضه للعنف. فقد تعرض الرجل البالغ 46 سنة إلى عنف من نوع خاص، إنه عنف من قبل زوجته التي عاش معها لأكثر من عشرين عاما. يقول رامي ” في المدة الاخيرة أصبحت زوجتي عصبية المزاج وكثيرة الصياح، وبلغ بها الأمر حد تعنيفي بتوجيه لكمة أو ركلة”.
يصمت رامي فترة، وكأنه أمام كرسي اعتراف يجمع كل قوته للإبلاغ عن أمر جلل. لقد كان صعبا في البداية أن يتحدث لنا لولا تشجيعات محاميه. ويسترسل متحدثا عن قصته ” كان بإمكاني أن أرد الفعل وأواجه العنف بالمثل، لكن في بداية الامر وجدت لها أعذارا، فهي مشتتة بين العمل ومشاغل المنزل والأولاد”. يتنهد ثم يضيف حاجتي للعيش معها بحكم أن الطلاق سيفرض علي الخروج من منزل الزوجية وبحكم تحملها لكل أعباء العائلة جعلني أتحمل في البداية على أمل أن تتغير، أما الآن فقد قررت الطلاق”.
يعتبر رامي من الرجال القلائل الذين يبلغون عن تعرضهم للعنف من قبل زوجاتهم. لقد أقنعه محاميه بضرورة تحرير محضر لدى الشرطة لأن ذلك سيحسن وضعه في عملية الطلاق، وقد يتوصل إلى الحصول على طلاق للضرر.
رامي ليس الرجل الوحيد الذي تم تعنيفه من قبل زوجته، بل مثله كثر، فحسب إحصائية قام بها الديوان التونسي للأسرة و العمران البشري (منظمة حكومية)، فإن 10 % من التونسيين يتم تعنيفهم من قبل زوجاتهم. هذه الدراسة دفعت بإحدى ضحايا العنف الأسري إلى إنشاء ملجأ للرجال المعنفين من قبل زوجاتهم، سنة 2002.
في هذا الملجأ تتم رعاية الأزواج المعنفين، من مأكل وملبس ومبيت ورعاية نفسية، إلى أن تعود الأمور إلى نصابها بين الزوجين. كما تم تأسيس جمعية تعنى بهذه الفئة، و هي “جمعية الدفاع عن الرجال المعنفين”.
“نعم أضرب زوجي”
“كان أبي يضرب أمي دائما، لا يزال صوتها راسخا في ذهني و هي تصرخ من الألم” هكذا استهلت أمال، 32 سنة، حديثها. أمال تقول أنها لم تكن تتمنى أبدا أن تصل مع زوجها إلى العنف والعنف المضاد. وبرأي أمال فإن كثرة مشاغل الحياة وعبء العائلة وصعوبة الحياة يخلق جوا من التوتر داخل المنزل. وتعترف أمال أنها عنفت زوجها وقول ” لم أكن أتصور أن تنحدر علاقتي بزوجي إلى هذا المستوى من الحوار، حين بدأ بالصياح صحت بدوري وحين رفع يده لضربي واجهته وضربته، لا أريد أن أكون نسخة من أمي”. وتضيف محدثتنا منذ صغري كنت أكره صورة المرأة الضعيفة والمستكينة”.
بدورها تعترف صليحة، 38 سنة، أم لأربع أبناء، “في بداية زواجنا، كان زوجي يضربني لأتفه الأسباب، لذلك كنت أخافه كثيرا. ولكنني قررت أن أضع حدا لهذه المهزلة، و الحل كان أن أواجه العنف بالعنف.” وتضيف صليحة “منذ تلك اللحظة، أصبح زوجي يفكر ألف مرة قبل أن يعنفني، لأنه يعلم حق اليقين أنني لن أتوانى في تسديد لكماتي وركلاتي تجاهه”.
العنف وعلم الاجتماع
اعتبر الإخصائي في علم الاجتماع، هادي العلوي، أن العنف ضد الأزواج من القضايا المسكوت عنها، موضحا أن دوافعه متعددة، ففي بعض الحالات تتولد لدى المرأة رغبة في الانتقام لأنها قد نشأت ضمن عائلة يقوم فيها الأب بتعنيف الأم، مما يولد لديها الشعور بالظلم، وعجز الأنظمة عن حمايتها في حال تعرضها للعنف المادي و المعنوي..
كما أكد العلوي أن بداية العنف ضد الزوج تكون بالعنف اللفظي (الشتائم والسباب، والإساءة اللفظية لمن يحبهم الزوج) ولا ننسى اعتماد بعض الزوجات على الصمت الذي يجعل الزوج متوتراً وفاقداً للسيطرة على نفسه، ما يشعر المرأة بلذة الانتقام، وهذا ما يسمى بالعنف السلبي. أما العنف المادي فهو الأكثر خطورة على الصحة الجسدية، قد وصل في بعض الحالات إلى سكب مواد حارقة وقطع رمز الرجولة وحدَ القتل.
وأوضح ان شخصية الرجل “الاتكالية” تجعله راضخا ومستسلما، فتتحول العلاقة بين الزوجين إلى ما يشبه علاقة الأم بطفلها، خاصة إن كانت الزوجة تتمتع بالشخصية المتسلطة. وأشار إلى أن “الإرث الثقيل” في تحقير المرأة، هو من أهم أسباب لجوء المرأة إلى العنف، إذ لا نزال نعتبرها كائنا أقل مرتبة،. وأكد أن حالات عنف المرأة ضد الرجل يكون سببها الغضب المتراكم، و اعتبر أن أسباب عنف المرأة أندر وأقوى من أسباب الرجل.
العنف ضد الرجل والقانون
ويعتبرالأستاذ ياسين البركاوي، محامي ” في حالات العنف الزوجي، تطبق نفس العقوبة حسب القانون التونسي على الزوجة التي تقوم بالاعتداء على زوجها، كما الزوج”. ويضيف “في الواقع يتم دائما التخفيف من العقوبة بالنسبة للمرأة لاعتبارات اجتماعية ( في الفصل 53 مكرر من المجلة الجنائية، تم تشريع ما يسمى بظروف التخفيف القانونية، التي تمكن القاضي من ملائمة العقوبة بالنظر إلى شخصية الجاني وظروفه الاجتماعية) و بذلك تكون الأحكام مخففة بالنسبة للمرأة، تتراوح بين خطايا مالية والسجن المؤجل”. و قد أكد الأستاذ البركاوي أن القضايا التي يرفعها الأزواج بسبب تعرضهم للعنف من قبل زوجاتهم، تكون عادة، متعلقة بقضايا طلاق رفعت مسبقا، لكي يتم التهرب من النفقة الزوجية.
تعالت الأصوات المنددة بالعنف ضد المرأة لتعبر كل الحدود، و لكن ما العمل إن صاح الرجل “أنجدوني، زوجتي تعنفني”؟