تقع قرية العديسات على بعد نحو 20 كيلو مترا جنوب مدينة الأقصر التاريخية (670 كيلو مترا جنوب القاهرة). وتتعرض القرية لهجمة شرسة من النمل الأبيض أو “الأرضة”، حيث التهمت جحافل النمل العديد من المنازل وأنشأت مستعمرات أسفلها. ولا يمكن سكان تلك القرية الفقراء إمكانيات لمقاومة الوباء، فمنازلهم المتواضعة التي شيدت بالطوب النيئ وأخشاب النخيل والأشجار تعد بيئة مناسبة لمستعمرات “الأرضة” التي دمرت أثاثات بيوتهم وأسقفها ونوافذها وأبوابها الخشبية وأجبرت بعضهم على الرحيل واللجوء لقرى مجاورة يحتمون فيها من غزواته المتتالية.

تقع قرية العديسات على بعد نحو 20 كيلو مترا جنوب مدينة الأقصر التاريخية (670 كيلو مترا جنوب القاهرة). وتتعرض القرية لهجمة شرسة من النمل الأبيض أو “الأرضة”، حيث التهمت جحافل النمل العديد من المنازل وأنشأت مستعمرات أسفلها. ولا يمكن سكان تلك القرية الفقراء إمكانيات لمقاومة الوباء، فمنازلهم المتواضعة التي شيدت بالطوب النيئ وأخشاب النخيل والأشجار تعد بيئة مناسبة لمستعمرات “الأرضة” التي دمرت أثاثات بيوتهم وأسقفها ونوافذها وأبوابها الخشبية وأجبرت بعضهم على الرحيل واللجوء لقرى مجاورة يحتمون فيها من غزواته المتتالية.

حياة بعيدة عن الأعين

يقول حسين إبراهيم الخبير الزراعي إن النمل الأبيض يعيش في المناطق والقرى المجاورة للصحراء ويتواجد بكثافة في قرى العديسات والقرنة والغريرة والطود بالأقصر، حيث يتغذى على مادة السيليولوز المتوفرة في الأخشاب والأوراق والأقمشة، كما يعيش في مستعمرات تضم أعداد غفيرة تتنوع فيها الطوائف التي تختلف في بنيتها ووظيفة كل منها.

مستعمرات النمل الأبيض تقودها الملكة حيث يوجد ملكة وحيدة في المستعمرة تعمل على توحيد صفوف أفراد المستعمرة جميعاً، ومن مهامها الرئيسية إنتاج البيض حيث تضع الملكة حوالي 6 بيضات في الدقيقة الواحدة ويعيش معها ملك واحد فقط في المستعمرة فيما تتولي الجنود مهام الحراسة وحماية المستعمرة.

ويصنع النمل الأبيض أنفاق وخنادق أسفل مستعمراته ليمر خلالها بحرية بعيدا عن الأعين حيث أن خطورته تكمن في عدم رؤيته وأن ما يشاهد مجرد آثار هجومه والدمار الذي يحدثه. وتعمر هذه الحشرة لأكثر من 15 سنة  ويمكن أن تعيش الملكة وتستمر في إنتاج البيض حتى 50 سنة.

السكان يفرون

وبسبب هجوم “الأرضة” اضطر بغدادي سعدي إلى ترك منزله وهجره بعد أن أتي النمل الأبيض علي كل أركانه وأثاثاته وتحول “مسكن الأسرة إلى أنقاض”. ومضى يقول إن شجونه تثور كلما مر على البيت حيث قضى بين جدرانه أجمل أيام حياته مع زوجته وأبنائه الخمسة.

جرب سعدي حيلا كثيرة لكي يتغلب علي مكر “الأرضة” كان من بينها إشعال النيران داخل جميع غرف المنزل حيث كان يعتقد أن الدخان الكثيف المنبعث من بين ثنايا اللهب المشتعل سيقضي على ممالك النمل الأبيض التي استوطنت أساس منزله.

عبد الحميد خليل أحد سكان القرية لجأ منذ عدة سنوات لهدم منزله القديم الذي شيده والده بالطوب اللبن وأقام بدلا منه منزلا حديثا بالأسمنت والحديد هربا من مكائد “الأرضة”، وظنا منه أنه قد أفلت من غزواتها المتكررة، ولكن خاب ظنه حيث عاد النمل الأبيض ليهاجم أثاث منزله ونوافذه الخشبية التي تحولت إلى ركام مما اضطره إلى الاستعانة بنوافذ وأثاثات حديدية.

معاناة أخرى عاشها الحاج محمد علي بشير الذي قضي النمل الأبيض على حلم ابنه الشاب الثلاثيني في “الزواج” من إحدى فتيات القرية، حيث دمرت أسراب “النمل الأبيض” الطابق الثاني من منزله المتواضع المشيد بالطوب النيئ وجذوع النخيل، والذي كان قد أعده ليكون عشا زوجيا بعد ان أبي النمل الأبيض إلا أن يكون مستعمرة جديدة من مستعمراته بالقرية.

وأدى عجز السكان عن مقاومته إلى تداول أساطير تقول إن “الأرضة” جند الجان التي تعمل على محاربة الإنس وإجباره على ترك منزله حتى يتحول المنزل إلى مسكن للجن. عبدالمنعم العديسي من سكان القرية يحكي عن هذه الأسطورة فيقول أن أهالي القرية توارثوها عن أجدادهم بعد عجزهم عن مقاومة النمل الأبيض.

تباطؤ في جهود المكافحة

في عام 2005 أرسلت وزارة الزراعة فريق متخصص في مكافحة الحشرات الضارة مزود بمبيدات النمل الأبيض استطاع أن يقضي علي أكثر من 70 % من مستعمراته بالقرية كما يقول سكانها، إلا أن زيارة الفريق المكافح لم تتكرر من حينها فعاد النمل الأبيض مجددا الي القرية وبشراسة.

وكيل وزارة الزراعة بالأقصر محمود الزغبي من ناحيته قال إن وزارته خصصت 480 لتر من المبيدات اللازمة للتخلص من النمل الأبيض المنتشر في بعض القري بالأقصر، مضيفا أن مديرية الزراعة سترسل فريقا مكبرا لمكافحة النمل الأبيض في العديسات مزودا بكافة الإمكانيات اللازمة خلال الأيام القادمة.

وهناك أنواع عديدة لمبيدات النمل الأبيض بحسب محمود الزغبي وكيل وزارة الزراعة بالأقصر تستخدم عن طريق عمل خندق حول الشجرة المصابة على بعد 50 سم من الجذع مع تكسير الأنفاق والكتل الطينية ويتم وضع المصائد العلاجية فى الخندق وتروى وتردم التربة ويتم ذلك أيضا في حالة المباني المشيدة بالطوب النيئ.

ويشدد الزغبي علي أن التنبؤ المبكر بوجود مستعمرات النمل الأبيض يساعد كثيرا فى مجال مكافحته حيث يقلل ذلك من الإصابة واستفحال الضرر مما يوفر الكثير من الجهد والوقت والتكاليف فى أعمال المكافحة.

وفى حالة هجوم النمل الأبيض لشقة سكنية ومحتوياتها من أثاثات وغيرها يتم تبخيرها بواسطة غاز المثيل بروميد مع غلقها لثلاثة أيام وعند التهوية بواسطة متخصصين يترك المكان لمدة من يومين إلى ثلاثة أيام أخرى ولايتم العيش فيه حتى الإنتهاء من عملية التهوية.