تحت تسمية ثورية طرحت قوى الاسلام السياسي الحاكمة في مصر مشروع اللجان الشعبية لاستعادة الامن، متبوعة بتصريحات للنائب العام حول أحقية أحاد الناس في تنفيذ الضبطية القضائية، مراسلون تبحث في هذا التحقيق هذه المقترحات بأبعادها الامنية والسياسية.

مصير فاشل لكذبة فاشية

تحت تسمية ثورية طرحت قوى الاسلام السياسي الحاكمة في مصر مشروع اللجان الشعبية لاستعادة الامن، متبوعة بتصريحات للنائب العام حول أحقية أحاد الناس في تنفيذ الضبطية القضائية، مراسلون تبحث في هذا التحقيق هذه المقترحات بأبعادها الامنية والسياسية.

مصير فاشل لكذبة فاشية

تسمية اللجان التي خرجت مسلحة في استعراض بمدينة اسيوط قبل شهر، باللجان الشعبية، هي تسمية تعيد للذهن ايام الثورة حين انبري الوعي الجمعي بإختراع لجان شعبية مناطقية للحفاظ على الامن بعد انهيار الشرطة في ٢٨ يناير، لكن الفارق يبدو ضخما من وجهة نظر محمد حسن عضو رابطة اللجان الشعبية المصرية، فوفقا له كانت الاولي طوعية وعفوية، لذا لم يرتكب اعضاؤها أي مخالفة حيث اتسمت بالرقي والتحضر، فيما يظهر ما يطرحه الاسلاميون الطابع الميلشاوي المنظم لتلك القوي، والذي اظهرت بعضا من ملامحه الفاشية في احداث قصر الاتحادية حين اعتقلوا وعذبوا وقتلوا المعارضين.

ويصف حسن تلك الدعوة بالمسمار الاخير في نعش دولة القانون، مؤكدا أن مصيرها سيكون الفشل، خاصة مع تراجع شعبية الاسلاميين في الشارع، فإذا كانت الثورة-وفق لقوله- قد قامت ضد ممارسات بلطجة جهاز الشرطة الرسمي ، فإن الناس لن تسمح لمواطنين لا صفة لهم بإستنساخ تلك الممارسات.

حق المواطن الذي يراد به “باطل الفوضي”

لكن ماذا عن جهاز الشرطة الذي سيتم استبداله؟ هل سيستسلم لفقد رأسماله الوظيفي؟ وما هو الظرف المواتي الذي سمح لسلطة الاسلاميين بمحاولة تنحيته؟ اسئلة حملناها إلي النقيب محمد شلبي أدمن صفحة ثورة ضباط الشرطة، وعضو ائتلاف ضباط شرطة اسيوط، والذي يري أن محاولة القوي الاسلامية السيطرة علي مفاصل الدولة ومنها الامن هي مايظهر مطالب الشرطة متضاربة، بين حقوق وظيفية وأخري تقنية، فالانتكاسة التي يعاني منها جهاز الشرطة الان سببه ممارسات السلطة نفسها، والتي تغاضت عن دراساتنا العلمية لإعادة هيكلة الجهاز وتغيير فلسفته، والتعامل مع مطالب افراد الشرطة بنفس اهما المطالب الفئوية الاخري للمجتمع، وقد غطي النائب العام مقترح القوي الاسلامية بإعادة تعريف نص قديم بالقانون الجنائي يسمح للمواطنين بإلقاء القبض علي بعضهم البعض، وهو التعريف أو التفسير الخاطئ لنص المادة ٣٧ من قانون الاجراءات الجنائية، فكما هو معرف بالقانون الخاص بحق الضبطية القضائية الذي يتيح لشهود جناية ما أن يقوموا بتسليمه إلي رجال السلطة العامة، أي انه حق لا يرقي لمستوي الضبطية القضائية، فهناك فارق بين الحق والسلطة، وهو هنا حق يراد به باطل، يتزامن مع محاولة السلطة التدخل السافر في شئون جهاز الشرطة وتكوين جهات موازية لها.

وعن اتهام القوي الاسلامية لهم بالمسئولية عن الانفلات الامني، شدد شلبي علي ان المسئولية تقع علي عاتق النظام الذي رفض مقترحات تطوير الشرطة وبناء عقيدة لها تعيد ثقة المواطنين فيها كجهاز خدمي، ملوحا بأن جهاز الشرطة سيتعامل بحسم ووفقا للقانون مع من تسول له نفسه انتحال صفة ووظيفة الشرطة أيا كان انتماؤه السياسي، اتقاءا لشر فوضي يحاولون الزج بمصر في اتونها علي حد قوله.

المعارضة تحذر من حرب أهلية

“هذا هو طريق الجحيم” هكذا يعلق حامد جابر القيادي بجبهة الانقاذ من حزب الكرامة علي أمر اللجان والضبطية، موصفا الازمة بأنها أزمة نظام يتلاعب بالقانون، فوفقا له عرفت محمكمة النقض المصرية منذ عقود حق المواطنين بإلقاء القبض علي متهمين في قضايا جنائية بما يخالف ما ابتدعه النائب العام في تصريحه الاخير، مشيرا إلي أنه لا يمكن تسمية تلك الممارسات إلا بمحاولة تفتيت الدولة بعد الفشل في الاستحواذ عليها، ملمحا إلي أن منح سلطة الضبط القضائي لشركات الامن الخاصة كما يحاول النظام الان ما هو إلا مشروع حرب أهلية مصمم بعناية.

علي المستوي الحقوقي يري جمال عيد مدير الشبكة العربية لحقوق الانسان، أن أمر اصلاح الشرطة لم يقف عند حدود مبادرات الجهاز عن نفسه فمنذ مايزيد عن العام والمجتمع المدين قدم اكثر من مبادرة لاعادة هيكلتها بشكل حقوقي وانساني، لكن سلطة الاسلاميين ولا المجلس العسكري سابقا لم يهتما بالامر، بل تفرغ الجناح وزير العدل والنائب العام المخلوع من منصبه بحكم قضائي لمحاولة ترقيع قوانين تصلح لتأسيس ميليشيات خاضعة لهم.

الاسلاميون: دعم شعبي لا استبدال

فيما يبدو اقرب للتراجع جاءت تصريحات خالد الشريف المستشار الاعلامي لحزب البناء والتنمية السلفي، حين قال لمراسلون أن ما اشيع عن مبادرة اللجان الشعبية محض افتراءات، فما حدث هو أن اجتماعهم ببعض القيادات الامنية جاء لدعمهم شعبيا، وأن اجتماعات مجلس الشوري لمناقشة القانون الذي تقدموا به بإسم اللجان الشعبية ليس بديلا عن الامن بل مساعدا له.