أثار قرار دولة قطر في شهر مارس الجاري وقف مساعداتها المالية لمصر  علامات استفهام متعددة حول طبيعة هذا القرار وتداعياته علي الدعم السياسي والاقتصادي الذي تتلقاه جماعة الأخوان من الدوحة. في الوقت نفسه تواصل حكومة الدكتور هشام قنديل مفاوضاتها مع صندوق النقد الدولي من أجل الحصول على قرض بقيمة نحو 4.8 مليار دولار، وللمرة الخامسة على التوالي تأتي بعثة صندوق النقد الدولي إلى مصر ومحصلة المفاوضات صفر.

الخبراء يختلفون حول أسباب القرار 

أثار قرار دولة قطر في شهر مارس الجاري وقف مساعداتها المالية لمصر  علامات استفهام متعددة حول طبيعة هذا القرار وتداعياته علي الدعم السياسي والاقتصادي الذي تتلقاه جماعة الأخوان من الدوحة. في الوقت نفسه تواصل حكومة الدكتور هشام قنديل مفاوضاتها مع صندوق النقد الدولي من أجل الحصول على قرض بقيمة نحو 4.8 مليار دولار، وللمرة الخامسة على التوالي تأتي بعثة صندوق النقد الدولي إلى مصر ومحصلة المفاوضات صفر.

الخبراء يختلفون حول أسباب القرار 

أعلنت دولة قطر في مطلع شهر مارس أنها ليس لديها خطط لتقديم معونات إضافية لمصر، وأوضح وزير مالية قطر يوسف كمال أن بلاده لا تنوي دعم مصر ماديًا فى القريب العاجل.

الدكتور حمدي الجمل رئيس تحرير الاهرام الاقتصادي قال تعليقا على هذا القرار “أقرأ توقف المساعدات القطرية لمصر بأنه نتيجة لتغير الموقف الدولي وخاصة الأمريكي بعد أن فشل الأخوان فشلاً ذريعاً في إدارة الدولة المصرية وعدم قدرتها علي حل وتوفير الاحتياجات الاساسية للمواطن من رغيف الخبز والسولار والأمان، ولكني أعتقد أن هذا التوقف في المساعدات لا يعني وجود خلاف بين الإخوان وقطر وإنما هي تنفذ ما يريده المجتمع الدولي وخاصة أمريكا” .

في المقابل قال محسن عادل الخبير المالي ونائب الجمعية المصرية للتمويل والاستثمار” لا أتصور أن القرار سياسي بقدر ما هو مرتبط بطبيعة الوضع الاقتصادي المصري خصوصاً وإن مصر تبحث الآن عن بدائل لتمويل عجز الموازنة من خلال مؤسسات دولية كما أن مصر حسب ما هو معلن لم تقم بطلب أي قروض أو دعم جديد من دولة قطر”.

ويرى الدكتور فخري الفقي مساعد المدير التنفيذي لصندوق النقد الدولي سابقاً أن قطر قامت بما عليها وقامت بدعم مصر بقيمة 5 مليارت دولار ولم تعلق هذه المساعدات على التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي مثلما فعلت دول أخرى. وأضاف “أعتقد أن دولة قطر أرسلت رسالة غير مباشرة مفادها أنها تريد إعطاء مصر مزيد من المساعدات والمساندات ولكن معلقة على شرط هدوء الأوضاع السياسية والأمنية في مصر، والتوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي، خاصة وأن هناك صناديق سيادية قطرية ومستثمرين يريدون الاستثمار في مصر بنحو 18 مليار دولار، ثماني مليارات في منطقة تطوير قناة السويس وعشرة مليارات في منطقة الساحل الشمالي ولكن من المستحيل أن يقوم المستثمرين بضخ استثمارات في مصر في هذ الفترة المليئة بالفوضى السياسية والأمنية”.

الاقتصاد متعثر 

وعن تداعيات قرار وقف المساعدات على الاقتصاد المصري الذي يواجه تعثرا شديدا منذ ثورة يناير، قال حمدي الجمل إن الاقتصاد المصري يعاني من أزمات شديدة وخانقة ليس بسبب توقف المساعدات لأنها لن تستمر إلى الأبد وإنما بسبب السياسية الاقتصادية لجماعة الإخوان المسلمين والتي تعتمد على القروض والودائع سواء من قطر أو تركيا أو السعودية. وأضاف “فلقد تردد في الأيام طلب مصر لمساعدات إضافية من ليبيا والعراق وهذا يعني الإسراف في طلب المساعدات من الدول المجاورة”.

ومن بين القرارات التي تدل على تخبط شديد من وجهة نظر الجمل، قرار النائب العام المستشار طلعت عبد الله بالتحفظ على أموال 21 من كبار رجال الأعمال على خلفية قضية التلاعب في البورصة، ثم صدور قرار من المحكمة بإلغاء قرار النائب العام مما زاد مخاوف المستثمرين بشدة ودفع بعض الشركات العالمية إلى الاتجاه لسحب استثماراتها من مصر نتيجة لهذا التخبط الشديدة من نظام الإخوان، حسب ما قاله الجمل.

واتفق الخبير المالي محسن عادل مع رأي الجمل في مواجهة الاقتصاد المصري أزمات شديدة ومتلاحقة نتيجة للأحداث السياسة والأمنية المتلاحقة، منتقداً حكومة سياسة حكومة هشام قنديل في إدارة الملف الاقتصادي موضحاً إن هناك قصورا في إدراك أهمية التعرف إلى مواطن الفساد في الإدارة والاقتصاد ودورها في توليد وزيادة مشاعر الإحباط لدى المواطنين، ولا سيما لدى الشباب منهم. ومضى يقول “وهذه كلها أمور تزيد من الأسباب الداعية إلى الفشل في تحقيق التوقعات وبالتالي إلى زيادة حدة اليأس”. 

للمرة الخامسة دون التوصل لإتفاق نهائي 

وقف المساعدات القطرية ليس العثرة الوحيدة التي يتعرض لها الاقتصاد المصري حاليا، فللمرة الخامسة علي التوالي تأتي إلى مصر بعثة من صندوق النقد الدولي في شهر مارس الحالي بقيادة مسعود أحمد مدير إدارة الصندوق بالشرق الاوسط لإستئناف المفاوضات مع الحكومة المصرية دون التوصل إلى إتفاق نهائي أو نتائج ملموسة حتى الآن. الدكتور فخري الفقي مساعد مدير التنفيذ لصنودق النقد الدولي سابقاً قال “الزيارة الأخيرة لبعثة الصندوق إلى مصر جاءت بعد عرض الصندوق على مصر مساعدات طارئة للاقتصاد المصري بقيمة 750 مليون دولار ورفض الحكومة لها، لذلك فزيارة الصندوق تهدف إلى توضيح رؤية الحكومة المصرية وأسباب رفضها للمساعدات العجلة التي تقدم بها الصندوق، إلى جانب مراجعة البرنامج الاقتصادي لحكومة قنديل لأنها مطالبة بالاستمرار في إجراءات الاصلاح الاقتصادي”. 

ويعتقد”الفقي” أن حكومة الدكتور هشام قنديل رفضت المساعدت العاجلة لسببين الأول حصول مصر على هذه المساعدات دون القرض الإجمالي حالياً فهذا يعني ضمنياً فشل حكومة قنديل في إقناع الصندوق والتوصل إلى اتفاق نهائي معه. ثانياً لأن هذه المساعدات الطارئة لن يأتي معها شهادة ثقة في وضع الاقتصاد المصري من الصندوق وبالتالي مصر لن تحصل بعد على المنح والقروض التي تعهد بها الاتحاد الأوروبي وعدد من المؤسسات الدولية والاقليمية والتي كان شرطها الأساسي إبرام مصر للإتفاق مع صندوق النقد الدولي، وفقا لما قاله الفقي.

وأضاف الفقي “صندوق النقد الدولي عندما وجد الشارع المصري مضطربا والأوضاع الامنية والسياسية غير مستقرة حالياً وأن هناك تأجيل للإنتخابات، فرأى الصندوق أنه من الأفضل تأجيل القرض لفترة قصيرة ولتكن من  ثلاثة إلى ستة أشهر على الأكثر، مع تقديم دعم سريع لمصر بهدف إسعاف اقتصادها المتدهور، وإذا اصرت مصر على عرض برنامجها الإصلاحي على مجلس إدارة صندوق النقد الدولي حالياً وطرحه للتصويت على مجلس الإدارة في ضوء التأييد الذي يتضاءل حالياً داخل مجلس إدارة الصندوق، فهناك احتمالات كبيرة أن مصر لن تحصل على ثلثي الأصوات داخل مجلس الإدارة في الصندوق وبالتالي سيتم رفض إعطاء مصر القرض، وفي هذه الحالة ستكون مصر فقدت المساعدات العاجلة وفقدت قرض ال 4.8 مليار دولار”.