الصحفي بوكالة رويترز للأنباء محمد صبري كان أول مدني يُحال الى محاكمة عسكرية بموجب الدستور الجديد عقب اقراره في كانون الثاني/ ديسمبر 2012.

وبحسب صبري الذي قابله “مراسلون” فإن قوة من الجيش قامت بإلقاء القبض عليه أثناء قيامه بعمل تحقيق صحفي في سيناء عن حظر تملك الأراضي في المنطقة الحدودية، حيث وجهت له النيابة العسكرية تهم التواجد والتصوير بمنطقة عسكرية دون تصريح.

الصحفي بوكالة رويترز للأنباء محمد صبري كان أول مدني يُحال الى محاكمة عسكرية بموجب الدستور الجديد عقب اقراره في كانون الثاني/ ديسمبر 2012.

وبحسب صبري الذي قابله “مراسلون” فإن قوة من الجيش قامت بإلقاء القبض عليه أثناء قيامه بعمل تحقيق صحفي في سيناء عن حظر تملك الأراضي في المنطقة الحدودية، حيث وجهت له النيابة العسكرية تهم التواجد والتصوير بمنطقة عسكرية دون تصريح.

وبالرغم من عدم وجود أية لافتة توضح هذا الحظر في مكان عمله، وشهادة أهالي المنطقة الذين قابلهم واستدعتهم النيابة للشهادة أن تواجدهم فيها غير محظور، وبعد تداول القضية بالجلسات، ينتظر صبري قرار المحكمة الذي لم يصدر حتى الآن.

عمال الميناء عسكريون؟

ثاني القضايا التي تمت احالتها للقضاء العسكري يحكي حكايتها محامي المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية حسام الجندي، حين قامت الشرطة العسكرية بتاريخ 20 آذار/مارس 2013 بفض اعتصام شباب السويس المتضررين من البطالة، وألقت القبض على 7 منهم، تم تحويلهم الى النيابة العسكرية بتهم استعمال القوه والتهديد ضد موظف عام (هم افراد القوات المسلحة) وقررت حبسهم 15 يوم على ذمه القضية رقم 51 لسنة 2013 جنايات عسكرية السويس، وذلك اثناء اعتصامهم أمام بوابه 5 بميناء بورتوفيق للمطالبة بفرص عمل.

في تفسيره لقضية صحفي رويترز، يقول المتحدث باسم القوات المسلحة العقيد أركان حرب أحمد محمد علي، أن محمد صبري “ليس صحفي وغير مقيد بنقابة الصحفيين، ويعمل لوكالة رويترز بالقطعة، وأحيل لمحاكمة عسكرية علي خلفية تواجده بمنطقة عسكرية وتصوير أماكن عسكرية محظور تصويرها، حيث تم تحريز فيديوهات علي كاميرته لمناطق عسكرية لا يجوز تصويرها وفقا للقوانين العسكرية، وتمت احالته لمحاكمة عسكرية بشكل شرعي بموجب الدستور وقانون القضاء العسكري”.

انتكاسة الصفقة الاخوانية العسكرية

لم يكن من الغريب أن يتم إحالة صبري للمحاكمة العسكرية برغم إقرار الدستور الجديد. هكذا بدأ المحامي الحقوقي ومدير الجماعة الوطنية لحقوق الإنسان أحمد راغب حديثه معنا. فوفقا له كانت مسودة الدستور الأولي التي صدرت في 11 تشرين أول/ نوفمبر 2012 تتضمن مادة واضحة تمنع محاكمة المدنيين عسكريا، وهى المادة 63.

ونصا المادة على ألا يُحاكم شخص “إلا أمام قاضيه الطبيعي، والمحاكم الاستثنائية محظورة”،  و”لايجوز محاكمة مدنى أمام القضاء العسكري”.

لكن تم إزالة تلك المادة بشكل غامض بعد انصياع أعضاء التأسيسية لإملاءات العسكر، واستبدلت بالمادة 198 بشكلها الحالي، والمادة 197، وهي مادة بحسب الحقوقي المصري “تعطي العسكر صلاحيات التدخل في التشريعات الخاصة بقوانين القضاء العسكري عن طريق مجلس الدفاع لتعلو إرادتهم على حق المواطنين في المحاكمة العادلة”.

وأكد راغب أن الدستور الحالي يمنح القضاء العسكري غطاءً شرعياً غير مسبوقاً في استمرار محاكمة المدنيين، فيصبح أي مدني أثار استياء فرد من القوات المسلحة لأي سبب عُرضة للمحاكمة عسكرياً تحت ادعاء أنه “أضر بالقوات المسلحة”، أو انه اعتدي على موظف في الدولة.

إطلاق يد العسكر في تحديد الجريمة والمتهم

تنص المادة 197 من الدستور على أن للقوات المسلحة حق التدخل في أية تعديلات تشريعية خاصة بالجيش من خلال “مجلس الدفاع الوطني” الذى يضم أغلبية من القادة العسكريين.

ويري الناشط بمجموعة “لا للمحاكمات العسكرية  للمدنيين” محمد فوده، أن مؤسسات الدولة “انحازت لصوت العسكر”، ضاربا المثال بمجلس الشعب المنحل، والذي اختار أن يتبنى مقترحات المجلس العسكري التشريعية، وتجاهل مشروع القانون الذى تقدمت به المؤسسات الحقوقية، بهدف وضع حد لتلك المحاكمات وإنصاف الضحايا، على الرغم من أن بعض نواب هذا المجلس أنفسهم كانوا ضحايا المحاكمات العسكرية في عهد مبارك.

وجاء تعديل المادة 48 من قانون القضاء العسكري لتبيح للمحاكم العسكرية الاستمرار في تحديد مجال اختصاصها بنفسها دون أي مرجعية مدنية أو دستورية، بل وبقت المادة 8 مكرر التي تتيح محاكمة الاطفال عسكريا.

كيف غسلت الرئاسة يدها من المحاكمات؟

من جانبها تقول الناشطة منى سيف أحد مؤسسي مجموعة “لا للمحاكمات العسكرية  للمدنيين”، إن اللجنة المُشّكلة من الرئاسة لفحص ملفات المدنيين المحاكمين عسكريا، بعد أن أوصت بالعفو عن أكثر من 500 مدني سُجنوا بسبب محاكمات عسكرية، تراجعت في التوصيات التالية واهتمت فقط بالعفو عن قلة من الضحايا، خاصة اللذين برزوا اعلاميا، وتجاهلت ما يقرب من ألفي ضحية –منهم أطفال- خرج بعضهم لاحقا والبعض لا يزال خلف القضبان. وتبع ذلك قرار الرئاسة بالعفو الشامل والذي شمل في توصيفه ما ينطبق على بعض ضحايا المحاكمات العسكرية.

“لكن وعلى الرغم من قرار العفو الرئاسي، تقول سيف، “تجاهل المدعي العسكري القرار كأنه لا يعنيه، وبقى من كان يرى في هذا العفو حريته حبيس السجن”.

وتؤكد سيف على موقف المجموعة الناقد لقرار الرئيس الخاص بالعفو الشامل عن جميع المتهمين والمعتقلين في أحداث مناصرة ثورة يناير، حيث ان المستفيدين من القرار هم 5 محاكمين عسكريا فقط، لذا تبقي من 1000 إلى 2000 مُحاكم عسكريا لا يزالون في السجون وغالبيتهم ضحايا حملات القبض العشوائي بعيدا عن الفعاليات الثورية.

كما لم يشمل العفو الأطفال القّصر المحاكمين عسكريا، حيث اشترط قرار العفو أن يكون قد قُبض عليهم في أحداث مناصرة للثورة، فيما كل الأطفال المحاكمين عسكريا تم القبض عليهم في أحداث القبض العشوائي.

الجيش يؤكد تراجع المحاكمات العسكرية

من جانبه، أكد المتحدث باسم القوات المسلحة العقيد أركان حرب أحمد محمد على إن المادة 189 من الدستور تبيح المحاكمات العسكرية للمدنيين ولكن ليس بشكل مطلق، و”انما فقط في القضايا التي يكون الخصم فيها القوات المسلحة أو احد العسكريين”، مثل قضايا الاعتداء على ضباط القوات المسلحة أو الاعتداء علي وحدات خاصة بالجيش أو مناطق عسكرية.

وتابع أن المحاكمات العسكرية “تراجعت بشكل واضح” بعد تسليم السلطة للرئيس المدني المنتخب، وعدد القضايا اصبح أقل كثيرا من الفترة التي تولى فيها المجلس العسكري السلطة.

مضيفا أن “وضع هذه المحاكمات الآن اصبح مقننا بموجب الدستور المصري والقوات المسلحة ملتزمة بنص الدستور في حالة محاكمتها للمدنيين”.