“كشفت لي هذه الآثار عالما كنت أظنه لا يوجد إلا في الكتب الأدبية، وكأني انتقلت فجأة إلى عالم الروايات ويتملكني شعور بأني أسبح وأحلق فوق أتلانتس حقيقية”
بهذه الكلمات يلخص الكاتب و الأديب الفرنسي كلود سانتس نتائج مشاركته في أعمال التنقيب عن الآثار في ليبيا خلال عقد الثمانينيات من القرن الماضي.
وذلك ما تؤكده الدراسات التي أُجريت من قبل بعض الباحثين الغربيين عن غنى الساحل الليبي بالآثار المغمورة والغارقة في قاع البحر كالسفن و الموانئ، وبمدن غرقت نتيجة للهبوط الذي حدث في القشرة الأرضية بفعل الحركات التكتونية، و الزلازل، و العوامل البيئية الأخرى.
“كشفت لي هذه الآثار عالما كنت أظنه لا يوجد إلا في الكتب الأدبية، وكأني انتقلت فجأة إلى عالم الروايات ويتملكني شعور بأني أسبح وأحلق فوق أتلانتس حقيقية”
بهذه الكلمات يلخص الكاتب و الأديب الفرنسي كلود سانتس نتائج مشاركته في أعمال التنقيب عن الآثار في ليبيا خلال عقد الثمانينيات من القرن الماضي.
وذلك ما تؤكده الدراسات التي أُجريت من قبل بعض الباحثين الغربيين عن غنى الساحل الليبي بالآثار المغمورة والغارقة في قاع البحر كالسفن و الموانئ، وبمدن غرقت نتيجة للهبوط الذي حدث في القشرة الأرضية بفعل الحركات التكتونية، و الزلازل، و العوامل البيئية الأخرى.
مراسلون التقى رئيس قسم الآثار الغارقة بمراقبة آثار بنغازي عبد الحفيظ نجم، والذي شارك كغطاس في عمليات اكتشاف إحدى المدن الغارقة على الجزء الشرقي من الساحل الليبي، وحاوره حول هذه الاكتشافات.
مراسلون: شاركت في عملية اكتشاف الكنوز الغارقة بمنطقة رأس التين الواقعة شرقي مدينة درنة، هل يمكن أن تحدثنا عن ذلك؟
عبد الحفيظ نجم: منطقة رأس التين لازلت بكراً منذ إعلان إشهارها في الموقع الرسمي لإحدى المؤسسات الإيطالية في نابولي عام 2009،وهي إحدى الكنوز الغارقة والمهملة في ليبيا.
ومن خلال المعاينة الأولية لها يعتقد أنها مدينة رومانية ترجع للقرن الثاني، إلا أن إثبات هذا الأمر يحتاج إلى دراسة ومدة عمل تقارب 50 عاماً.
هل نستطيع أن نقول بأن هناك مدناً ليبية لها بقايا غارقة تحت الماء؟
بالتأكيد إن المدن الأثرية الساحلية من رأس جدير وحتى امساعد لها بقايا غارقة تحت الماء كأساسات الموانئ، والموانئ ذاتها كمدينة لبدة الكبرى و صبراتة وسوسة و طلميثة وتوكرة والبريقة وكذلك طرابلس وبنغازي، فجميعها لا تخلو من الأدلة الأثرية الغارقة.
بل أن الساحل الليبي على طول امتداده يعد الأكثر ثراء عالمياً بالتراث الإنساني، وما الاكتشافات الحديثة للمدن الغارقة كتيبودا وتمثال زوارة (في غرب ليبيا)، ورأس التين (شرقي درنة) إلا قليل من كثير.
هل بإمكانك تحديد عمر الآثار الغارقة تحديداً، وهل وضع البلاد حالياً يؤثر سلباً عليها؟
علم الآثار المغمورة (الغارقة) هو أحد العلوم الحديثة النشأة فلا يزيد عمره عن قرنين من الزمان حيث بدأ الاهتمام به في أوائل القرن العشرين. وإني أرى ومن خلال عملي كغطاس أن وضعية المدن الأثرية قد تسوء إذا تركت بدون اهتمام، لاسيما في ظل الفوضى التي تعاني منها البلاد.
لكنني متفائل لأن على الأرض حركات شبابية أكثر انفتاحا ستفسح المجال لغرس أهمية الأشياء الأثرية تدريجياً في المجتمع، وأن خيال أي باحث في الآثار الغارقة يرى ليبيا كالجنة، وكأنها شيء أسطوري.
حدثنا عن أهمية هذه الآثار المغمورة من الناحية التاريخية والثقافية؟
بالتأكيد لها أهمية تاريخية وثقافية، فهي دليل قائم على وجود أناس عاشوا في عصور سابقة، وعن حضارات ازدهرت في المنطقة، و قدمت للبشرية أسساً علمية لما أتى لاحقاَ، ولعل ما يكشف أوجه الشبه بين حياة أولئك القوم وحياتنا الحالية هو اكتشاف تلك المدن الغارقة.
هل هناك قوانين تحمي التراث الإنسانس تحت الماء وتنظم ملكيته؟
للأسف لا يزال التراث الإنساني تحت الماء خارج حماية القانون، نظراً للنقص في التشريعات أوعدم أتساق القوانين واللوائح السارية مع متغيرات العصر، حيث تشكل الآثار الكامنة تحت الماء فضولاً علمياً ومادياً على المستويين الوطني والدولي.
وأدت عمليات نهب التراث الإنساني الثقافي المغمور إلى زوال متاحف حقيقية، أو وجودها بحالة خطرة ما ترتب عليه انشطار الثروات الوطنية، لذا يتوجب أن نفكر في سبل لحماية الآثار خاصة موقع رأس التين الذي يتبع إدارة المجلس المحلي درنة، أملاً أن يوضع تصور من قبل المجلس لحماية الموقع وينظم حركة السباحين والصيادين.
هل يمكن أن يتم حصر الآثار الموجودة تحت الماء في ليبيا بهدف حمايتها؟
لايمكن حصر الآثار في ليبيا لأنها من أغنى دول العالم، والآثار الموجودة فيها قديمة جداً فأقدم مومياء في العالم موجودة في ليبيا وتسمى”المومياء السوداء”، كما أن الآثار التي في أعماق البحار تكون أصعب اكتشافاً، لأنها بيئة تختلف تماما عن بيئتنا الطبيعية.
هل كانت الدولة مساهمة إبان حكم القذافي في إهمال الآثار؟
نعم فمجال الآثار مهمل مثله مثل باقي المؤسسات، وآلية قطاع السياحة كانت عقيمة، والنظام كان السبب في ذلك.
ليبيا لم تكن مفتوحة على العالم، كما أن خريجي الآثار لم يجدوا المكان الذي يستوعبهم، فأغلبهم يمتهن عملاً حراً أو في القطاع الخاص، باستثناء بعض المستفيدين الذين تحصلوا على بعثات دراسية، واستطاعوا أن يفتحوا من خلالها قنوات فساد لبيع وتجارة الآثار.
هل كان للباحث الليبي دور بارز في مجال الآثار أم أن الدور الفاعل كان مقتصراً على الباحث الأجنبي؟
للأسف الآثار الغارقة كانت حكراً على الباحث الأجنبي، والباحث الليبي يكون بمثابة عامل معه، رغم وجود كوادر لطالما افتقدت للدعم والأجهزة المتطورة، كجهاز السونا الذي يأخذ قراءات للأعماق.
في عام 2006 كنت أعمل غطاساً وكنا في منطقة مابين درنة وطبرق، وأثناء غوصي تحت الماء قابلتني بعض الأواني الفخارية القديمة ومصابيح الإنارة على حواف المنطقة الشرقية، وتحدثت مع العديد من المهتمين عن هذا الأمر حتى يكون لنا السبق في الاكتشاف، ولكن للأسف لم يهتم أحد بالأمر.
من هي برأيك الجهة المعنية بحماية الآثار؟
أرى أن مصلحة الآثار هي التي من حقها حماية الآثار، وهذا لن يحدث إلا بوجود شرطة سياحية خاصة بالآثار تكون بقوة الجيش.
كذلك الوعي الآثاري مهم جداً ونلاحظ أن منظمة اليونسكو تعتمد تدريس منهج عن الوعي الآثاري للصفين الإعدادي والثانوي، ولقد قمت مع مجموعة من المتطوعين بسحبه من الانترنت وتوزيعه على بعض المدارس حتى يكون لدى الطالب حس بالآثار، وهذه مسؤولية تقع على وزارة التعليم أن تتبنى هذا الأمر.