في ركن غرفة متواضعة بمكتب بريد قرية امساعد الواقعة أقصى الشرق الليبي على الحدود الليبية المصرية، يتناوب ثلاثة شبان الجلوس على كرسي بلاستيكي، ليقدموا عبر الأثير برامج راديو القرية المحلي.

فريق الراديو الذي أطلق أول إشارة بث له على الموجة القصيرة (FM) في شهر رمضان الماضي وبقرار رسمي من المجلس المحلي امساعد، يعمل بإمكانيات محدودة لا تتعدى جهازي حاسوب و سيرفر و ناقلي صوت، ويذيع برنامجه العام ببث تسجيلي ومباشر.

في ركن غرفة متواضعة بمكتب بريد قرية امساعد الواقعة أقصى الشرق الليبي على الحدود الليبية المصرية، يتناوب ثلاثة شبان الجلوس على كرسي بلاستيكي، ليقدموا عبر الأثير برامج راديو القرية المحلي.

فريق الراديو الذي أطلق أول إشارة بث له على الموجة القصيرة (FM) في شهر رمضان الماضي وبقرار رسمي من المجلس المحلي امساعد، يعمل بإمكانيات محدودة لا تتعدى جهازي حاسوب و سيرفر و ناقلي صوت، ويذيع برنامجه العام ببث تسجيلي ومباشر.

أما مداخلات المستمعين فيتم تمريرها بطريقة بدائية بوضع الهاتف النقال على ناقل الصوت ليمرر صوت المتصل على الهواء مباشرة، ليستمع إليه الجمهور ابتداءً من بلدة القعرة – خمسة و ثلاثين كيلو متر شرق طبرق – شرقاً، حتى يتجاوز الحدود الليبية المصرية غرباً.

نصر الله حسين أحد أعضاء الفريق يقول لمراسلون “لقد تنادينا لنؤسس إذاعة تكون صوتنا في مخاطبة أهالي القرية، ووسيلة للرقي بثقافة الناس، و بث الروح الوطنية”.

 زميله غانم اجويدة يرى أن “وجود إذاعة محلية ضرورة مُلحة للتواصل مع الناس بالخبر و المعلومة والإرشاد والتوعية”، و هنا بالذات بحسب تعبير اجويدة “تكمن أهمية الراديو الذي نطالب بتفعيله”.

غرفة متواضعة

الغرفة التي يتخذ منها نصر الله حسين وزملاؤه مقراً للراديو، معدة أصلاً لأجهزة إرسال وإعادة بث القناة الليبية الرسمية، وهي غير آمنة، فتوصيلات الكهرباء تمر من كل جوانبها.

وفي الركن المخصص للراديو داخل الغرفة وُضعت طاولة خشبية متهالكة، أمامها ثلاثة كراسي بلاستيكية، وفوقها تتم كل العملية الإذاعية من تقديم و تنفيذ هندسي وإخراج، وغالباً ما يقوم المذيع نفسه بالتنفيذ وهندسة الصوت، فيما يوزع الشبان الثلاثة الوقت بينهم حسب خارطة البرنامج العام في بثهم التجريبي.

اليوم الإذاعي

يصل بث الراديو التجريبي مسافة 80 كم، وينحصر في أربع ساعات يومياً من الساعة الخامسة مساء إلى التاسعة مساء، ويبدأ وفق التقاليد الإذاعية بشارة البث والنشيد الوطني الذي تليه تلاوة ما تيسر من القرآن الكريم.

أغلب ساعات البث تكون مباشرة على الهواء وتطرح خلالها قضايا للنقاش، يتخللها اتصالات الناس، واستضافات لمسؤولين، وفواصل منوعات وأغانٍ وطنية من المكتبة المسموعة المتوفرة بمجهودات ذاتية.

وعند نهاية كل يوم إذاعي يعكف الشبان على أرشفة المواد بشكل بسيط في ملف مخصص للأرشيف بجهاز الحاسوب.

موظفون جدد

في 17 فبراير الماضي (2012) خاض الراديو أول تجربة نقل مباشر من موقع حفل أقيم في البلدة بمناسبة العيد الثاني للثورة الليبية، لكن البث تعثر ولم يستمر سوى ثلث ساعة فقط، بسبب عدم وجود هاتف أرضي خاص بالراديو، وعدم دعم السيرفر المتوفر للربط مع الهاتف النقال.

ورغم محدودية الإمكانيات يقول نصر الله حسين إنهم يعتزمون الإعلان عن قبول مذيعين ومعدي برامج من أبناء البلدة، ليتلقوا دورة تدريبية تؤهلهم للعمل، معبراً عن مدى حاجتهم للمشاركة مع وكالات الأنباء ومصادر الأخبار المعتمدة حتى يتمكنوا من أداء دورهم الإعلامي على أكمل وجه.

فيما يقول زميله عياد ابسيس المذيع بالراديو “مطالبنا بسيطة تكمن في مقر صغير ومعدات تساعد على أداء العمل، وتظافر الجهود من أبناء امساعد”.

خصوصية

يفتخر أهل بلدة امساعد البالغ عددهم عشرة آلاف نسمة بانتمائهم لها، ويبادرون دائماً إلى إطلاق اسمها على أي مشروع يجري فيها، لذلك حمل أول راديو في تاريخ البلدة اسمها.

ولم يلبثوا أن كونوا علاقة خاصة مع الراديو، ويعتبر الكثير منهم  أنه يمتلك “خصوصية لا يمكن لكل الفضائيات والقنوات أن توفرها”.

 يقول المواطن حسين مؤمن “افتتاح الراديو في البلدة بادرة تستحق الدعم لأنه يهتم بمشاغل وهموم المواطنين عن قرب”.

فيما يرى فرحات عبد الرازق مدير مستشفى امساعد القروي ضرورة دعم الراديو “لتحقيق الأهداف المرجوة منه، والآمال المعلقة عليه من أهالي البلدة” بحسب قوله.

آلية واضحة

في حين يقول عضو المجلس المحلي امساعد المهندس ادريس سعد “إن دعمنا لراديو امساعد أمر مفروغ منه، والدليل قرار المجلس بشأن تشكيل اللجنة التأسيسية، لكننا فقط نحتاج إلى آلية واضحة الملامح لكي نقف بجانب الشباب و نجسد حلمهم إلى واقع”.

وأضاف “نترقب استلام نظام أساسي مكتوب يُبين رؤية وأهداف الراديو، ويوضح  خطة عمل أو أفكار تبين جدية وقدرة الشباب على تسيير راديو امساعد، حتى نُترجم ذلك إلى جدول عمل حقيقي”.

في وجود الجدول الذي تكلم عنه سعد قد يتحقق حلم امساعد، البلدة المنسية على الحدود، والتي ترزح تحت ضغط العابرين من ليبيا وإليها محملين بمشاكلهم ومخالفاتهم ومهرباتهم وأمراضهم أحياناً، في أن تخرج من الصمت الذي خيم عليها طويلاً بالرغم من دورها المهم جغرافياً واقتصادياً، ولا شك أمنياً.