يستفيق كل صباح، يقف في شرفة الغرفة المطلة على البحر يستنشق أولى جرعات الاكسجين، ينظر إلى زرقة البحر الممتد في هدوء تحت ربوة القصر، يلتفت يمينا وشمالا، ربما لاشيء يوحي بأن الشعب غاضب، وأن أهداف الثورة لم تتحقق، وأن المحافظات المنتفضة لا تزال ترزح تحت خط الفقر.

يقول في نفسه “لا بأس ما زلت رئيسا لتونس وسيكتبني التاريخ كأول رئيس بعد الثورة وستذكرني أجيال وأجيال”.

هكذا ينظر كثير من معلّقي صفحات الفيسبوك لرئيس دولتهم المؤقت، المختفي – كما يقولون- عن المشهد السياسي عند كل أزمة سياسية أو اقتصادية تعصف بالبلاد.

 يستفيق كل صباح، يقف في شرفة الغرفة المطلة على البحر يستنشق أولى جرعات الاكسجين، ينظر إلى زرقة البحر الممتد في هدوء تحت ربوة القصر، يلتفت يمينا وشمالا، ربما لاشيء يوحي بأن الشعب غاضب، وأن أهداف الثورة لم تتحقق، وأن المحافظات المنتفضة لا تزال ترزح تحت خط الفقر.

يقول في نفسه “لا بأس ما زلت رئيسا لتونس وسيكتبني التاريخ كأول رئيس بعد الثورة وستذكرني أجيال وأجيال”.

هكذا ينظر كثير من معلّقي صفحات الفيسبوك لرئيس دولتهم المؤقت، المختفي – كما يقولون- عن المشهد السياسي عند كل أزمة سياسية أو اقتصادية تعصف بالبلاد.

أمير العاطلين

محمد المنصف المرزوقي، المناضل الحقوقي والمعارض لنظام بن علي ومؤسس حزب “المؤتمر من أجل الجمهورية”، اتخذ من نظّاراته الشهيرة شعارا لحملته الانتخابية، فدخل قصر الرئاسة منذ 23 تشرين أول/ أكتوبر 2011 بعد أن حصل على سبعة آلاف صوت في دائرة نابل.

لكن النظارات الطبية باتت تفقد كل معانيها وأبعادها الرمزية، بدءا من اليوم الذي أعلن فيه ارتباطه بحركة “النهضة”، فالرئيس بحسب إحدى صفحات الفيسبوك المعارضة “لا يرى ولا يسمع ولا يتكلم”، يكتفي بالمهام المحدودة التي خولها له القانون المنظم للسلطات العمومية أو ما يسمى بـ “الدستور الصغير”.

ورغم محدودية الصلاحيات والدور التواضع الذي يلعبه الرئيس على الساحة السياسية يخرج بين الفينة والأخرى عن صمته بخطابات أو مواقف تثير جدلا أكثر من الصمت ذاته.

وتتحول خطاباته القليلة إلى مادة للتندر عبر شبكات التواصل الاجتماعي وحتى لدى عامة الشعب. حتى أن إحدى الصفحات لقبته بـ “أمير العاطلين عن العمل”، رغم أنه يعيش اليوم في قصر ويتقاضى ثلاثين ألف دينار شهريا (20 ألف دولار) ويحيط به ثمانين مستشارا.

الصباط والكلسيطة

فضلا عن النظارات الطبّية والعباءة التقليدية البنيّة التي يرتديها فوق البزة الرسمية، تميّز الرئيس المؤقت بخطاباته الخارجة عن النص. أشهرها ما يعرف بخطاب “الصباط والكلسيطة” (الحذاء والجوارب) الذي جاء تعليقا على الاحتجاجات المطلبية.

ففي هذا الخطاب شبه المرزوقي الدولة بالأب الذي يملك حذاء وجوارب، وشبه الشعب بولدين لهذا الاب وعلى كل منهما أن يختار بين الحذاء والجوارب. وأثار طرح هذا المثال كثيرا من السخرية لدى التونسيين على المواقع الاجتماعية.

لكن أشهر ما يميز الرئيس التونسي هو صمته عند الأزمات. فوسط غليان وصدمة الشارع التونسي بعد اغتيال السياسي شكري بلعيد والفشل في تشكيل حكومة جديدة كان الشعب ينتظر من الرئيس المؤقت خطابا أو موقفا شجاعا يهدئ من حالة الاحتقان.

وتكهن البعض أن المرزوقي سيعلق على الأحداث، بل ربما يفك ارتباطه بحركة النهضة، غير أن هذا الأخير فاجأ الجميع بإصداره يوم 13 شباط/ فيفري الماضي بيانا  يدين فيه التجربة النووية الكورية الشمالية.

من تونس إلى كوريا

وفي الوقت الذي كان فيه التونسيون ينتظرون من رئيسهم موقفا من العنف السياسي في البلاد، والدعوة على غرار باقي القوى الديمقراطية لحل ما يسمى بـ “رابطات حماية الثورة”، خرج ليدعو إلى عقاب الأنظمة “المارقة” على الشرعية الدولية، وإلى اتخاذ الإجراءات اللازمة لوقف أي انزلاق نحو مزيد من انتشار السلاح النووي.

وقال التونسيون وقتها بتندر أن الرئيس صوته لا يسمع من قرطاج إلى القصبة (مقر رئاسة الوزراء) فكيف له أن يسمع من تونس إلى كوريا.

لكن آخر ما تداولته المواقع الاجتماعية المشغولة بالرئيس، كتابا وهميا ألفه أحد الساخرين وعنوانه “بيع نفسي”.

ويقول المؤلف الذي ينتحل شخصية المرزوقي إن الأخير ولد في الجمهورية في “قالب غلطة”، “عاش طفولة أليمة خلفت له عقداً نفسانية عميقة و حادة”، “درس الطب في فرنسا.. وعرفه طلبة كلية الطب بسوسة بتشنج أعصابه و تشوش أفكاره”.