إنها مناسبة التنحي الشهير للرئيس السابق التي استدعت استنساخا مضاعفا لزمن أمن مبارك، بل ما يفوق عصره من جهة حجم وطبيعة الانتهاكات.

إنها مناسبة التنحي الشهير للرئيس السابق التي استدعت استنساخا مضاعفا لزمن أمن مبارك، بل ما يفوق عصره من جهة حجم وطبيعة الانتهاكات.

70 قتيلا وعشرات من حالات الاختفاء القسري، 1100 معتقلا بينهم 200 طفل، جغرافيا منوعة للمعتقلين من الاسكندرية إلي القاهرة إلي القناة والصعيد والدلتا، وجهاز قضائي رفض الافصاح عن اماكن الاحتجاز أو زيارة محامين. هكذا يحصر المحامي الحقوقي عمر إمام من “مركز هشام مبارك” للقانون حجم الهجمة الامنية، متوقعا أن يتجاوز العدد الفعلي تلك الأرقام، في ظل رفض جهاز النيابة الافصاح عن أماكن احتجاز بدت للمرة الاولى جديدة علي مادرج سابقا من جغرافيا القمع المباركي.

وجهت لنحو 400 من المعتقلين تهم إثارة الشغب والتجمهر وقطع الطرق واهانة موظفين عموميين، منهم نشطاء حقوقيين، اودع معظمهم بمعسكرات صحراوية تابعة للامن المركزي بما يخالف قانون الاجراءات الجنائية لشروط الحبس الاحتياطي، بل وبمخالفة الدستور الجديد نفسه، وتعرض معظمهم للتعذيب الشديد وفقا لحالتهم ساعة التحقيق وأقوالهم المثبتة.

اغتصاب في الصحراء

بلغت حالات الاختفاء القسري نحو مئة حالة، ظهر منهم تباعا عشرات شهدوا كيف تم اختطافهم عشوائيا من مناطق التظاهرات، بعضهم تواجد بالصدفة وجرى تعذيبه، بل ووقع اعتداء جنسي على نحو 21 مواطنا تقدموا ببلاغات للنائب العام. حدث هذا في قسم مدينة القاهرة الجديدة التي لم يعرف عنها -وفقا لإمام- أنها من أماكن الاحتجاز، فيما بلغت حصيلة الإصابات المسجلة نحو 1500 مصابا بطلق الخرطوش، واستقبلت المستشفيات 70 جثة.

المدهش في تكنيكات القبض، كان مشاركة مواطنين مدنيين ملتحين في القبض على المعتقلين، بل ومصاحبتهم إلى اماكن الاحتجاز، على عكس زمن مبارك الذي كانت اجهزة أمن الدولة مختصة بذلك، أما عن الجثث فقد توزعت أماكن وجودها بين بعض المناطق الصحراوية، أو جوانب المصارف.

وتشير كل المؤشرات إلى ان المعتقلين والمصابين والقتلي في معظمهم من مواليد التسعينيات.

اعتقال الاطفال جريمة دولية

هاني هلال الأمين العام للائتلاف المصري لحقوق الطفل يرصد ظاهرة مفزعة هي القبض على 200 طفل، فيما يعد انتهاك لقانون الطفل الذي ينص على ضرورة وضعهم بمراكز للاحداث، فيما شهدت الحملة الاخيرة احتجازهم بمعسكرات الامن المركزي، فيما يعد “جريمة دولية مكتملة الاركان”، رسالة ترهيب إلى اسرهم بأن اي تواجد حتى في محيط السياسة سيترتب عليه اعتقال وتعذيب وقتل خارج القانون.

وتحكي الناشطة افرونيه عازر منسق مجموعة “لا للمحاكمات العسكرية” مشهد الحملة بالاسكندرية، حيث جري اعتقال 150 مواطنا، أخلي سبيل 113 منهم ويتبقى 36 بينهم 22 طفلا. الاطفال بين سنّ 12 و16 سنة، احتجزوا في قسم شرطة برج العرب ومديرية الامن، وبينهم الطفل محمود عادل المصاب بالسرطان، والذي رفضت النيابة ادخال الادوية له إلا بعد حملة اعلامية وحقوقية ضخمة.

قسوة تفوق زمن الارهاب

هل اختلف المشهد عن عصر مبارك، أم أن الحملة الاخيرة ذات طابع خاص؟ المحامي بالنقض حمدي الاسيوطي يصف الحملة بالأشرس منذ احداث مذبحة السائحين في الاقصر منتصف التسعينيات، والتي للمفارقة شنت ضد الاسلاميين بإسم الارهاب.

“الفارق أنه في زمن مبارك وحبيب العادلي وزير داخليته كان الحقوقيون يحصلون على أعداد المعتقلين وأماكن احتجازهم، كما أن تلك الفترة لم تشهد عمليات تصفية جسدية واسعة النطاق كما جرى بالأحداث الاخيرة، خاصة مع تعنت النيابة في الكشف عن اماكن الاعتقال”، يقول المحامي.

مقتل الشاب محمد الجندي عضو حزب التحالف الشعبي يقدّم نموذجا على مشاركة النيابة في القتل، بحسب الأسيوطي، “فقد اخفوا مكان اعتقاله، فيما كان يعذب في معسكر الجبل الاحمر للأمن المركزي حتى لقي حتفه”.

الشرطة والاخوان: تشويه لتطبيق القانون

“لا صحة لمزاعم منظمات حقوق الانسان” يردّ اللواء ناصر العبد من قسم العلاقات العامة في وزارة الداخلية حين واجهناه بهذه الاحصاءات والشهادات. ويضيف أن قوات الامن “كانت تطبق القانون”، واصفا كل ما تقدم “بالافتراء والتحريض على مؤسسات الدولة”، مؤكدا أن لا صحة في قيام قوات الأمن باعتقال اطفال او احتجازهم.

علي نفس المنوال نفى د. احمد عارف المتحدث الاعلامي لجماعة الاخوان المسلمين تلك الادعاءات عن حكومة حزب الحرية والعدالة.

وفيما تذرّع في البداية بعدم ضرورة التعليق ىملف أمني وقانوني يخضع للتحقيق، أردف تاليا أن دور الأمن يقتصر على الدفاع عن مؤسسات الدولة من التخريب، نافيا ان يكون لجماعته أو أعضائها اي دور في الاحتجاز أو الاعتقال، واصفا تلك الادعاءات بمحاولة “التشويه”، وأنها “جزء من مناخ تشيعه المعارضة لتلويث التحول الديمقراطي الذي تشهده مصر”.