لا يزال جهاز الشرطة في مرمى سهام المنتقدين الذين يتهمونه بأنه عصا السلطة والنظام، سواء أيام مبارك أو أيام مرسي. وتعالت أصوات عديدة تطالب بإعادة هيكلة الشرطة وإصلاحها. “ائتلاف الضباط الأحرار” هو ائتلاف يضم ضباط عاملين في الشرطة يسعون للقيام بالإصلاح المطلوب من الداخل، لكن جهودهم لا تحظى بدعم وزارة الداخلية.

هيكلة وزارة الداخلية

لا يزال جهاز الشرطة في مرمى سهام المنتقدين الذين يتهمونه بأنه عصا السلطة والنظام، سواء أيام مبارك أو أيام مرسي. وتعالت أصوات عديدة تطالب بإعادة هيكلة الشرطة وإصلاحها. “ائتلاف الضباط الأحرار” هو ائتلاف يضم ضباط عاملين في الشرطة يسعون للقيام بالإصلاح المطلوب من الداخل، لكن جهودهم لا تحظى بدعم وزارة الداخلية.

هيكلة وزارة الداخلية

“لابد من إعادة هيكلة وزارة الداخلية” يقول الدكتور محمد محفوظ، ضابط شرطة سابق وخبير أمني في الإسكندرية، واصفا الوزارة بأنها “تائهة حائرة وبصمات النظام السابق مطبوعة عليها”.

محفوظ الذي كان يشغل منصب مدير العلاقات العامة والإعلام بمديرية أمن الإسكندرية في عام 2008 وتمت إقالته علي يد العادلي إثر قيامه برفع دعوى قضائية للمطالبة بحق ضباط الشرطة في الانتخاب، يضيف أن وزارة الداخلية “ماتزال تسير على نهج وخطى نظام مبارك، ولكن بثوب جديد وهو الثوب الأخواني، حيث تقمع التظاهرات وتقبض على الثوار”.

ويؤكد محفوظ، أن مهمة الأمن هي حماية المتظاهرين السلميين، غير أن الداخلية تتعامل مع الشعب وكأنه هزمها يوم 28 كانون ثاني/ يناير على حد تعبيره، أو كأن هناك “خصومة ثأرية” بينها وبين الشعب. مؤكدا أن الشرطة يتحينون الفرصة في أي موقف ليستعيدوا نفوذهم المفقود.

ويواصل محفوظ حديثه قائلا “لكي تعاد هيكلة وزارة الداخلية لابد أولا أن يكون وزيرها مدنيا من الشعب وليس رجل شرطة، بالإضافة إلى إحالة كل الضباط الذين تنفسوا سياسة العادلي للمعاش والدفع بالأجيال الجديدة والضباط الصغار لان هولاء هم من يحملون الفكر الجديد”.

إصلاح الشرطة واجب وطني

دعوات اصلاح الداخلية تتعالى أيضا من قبل معسكر الناشطين. أحمد المصري، الناشط السياسي وعضو ائتلاف ثوار الإسكندرية، يرى أن “هيكلة وزارة الداخلية المصرية أمر ضروري للغاية لأنها مازالت تمارس المخالفات ومازالت تنتهج التعذيب ومازالت تعمل علي أنها يد النظام وعصا السلطة في قمع الثورة والثوار ومازالت تسحل المواطنين وتنتهك حرماتهم وتلفق التهم”.

ويضيف المصري أنه “لابد من  هيكله الإدارة الشرطية، وتغيير علاقة كبار الضباط فيه بباقي أعضائه والالتفاف حول مصلحة الوطن، التي تتطلب الإفصاح عن معلومات للمواطنين وليس إخفاء الحقائق عن الشعب، ولابد من تطوير العمل الشرطي لتحقيق الأمن المفقود على أسس جديدة أولها إعادة النظر في قانون هيئة الشرطة”.

ويوافقه في الرأي محمد سليمان، ناشط حقوقي وعضو بائتلاف الثوار بالإسكندرية، ويضيف أن “عملية إصلاح القطاع الأمني في مصر مرتبطة بجملة من الأهداف التي تخدم المواطن والوطن، منها مراقبة عمل الأجهزة الأمنية في كافة المجالات، وتحقيق الضبطية القضائية على عمل الضباط وخاصة داخل السجون وأقسام الشرطة وإقصاء كافة القيادات الأمنية المتورطة في أعمال قتل الثوار لتهدئة الرأي العام مع اتخاذ إجراءات عاجلة لعزل واتهام ومحاكمة كل من يثبت اشتراكه في القتل والتعذيب والفساد”.

ائتلاف الضباط الأحرار

وفيما لم تسفر الاجراءات المتعلقة بإحالة بعض الضباط إلى المعاش، والتي اتخذت بعد الثورة، لم تسفر عن تحقيق الإصلاحات المنشودة، قامت مجموعة من ضباط الشرطة بتكوين ائتلاف أطلقوا عليه اسم “ائتلاف الضباط الأحرار”، يسعون من خلاله لتحقيق إصلاحات داخل جهاز الشرطة، وتحفيز زملائهم الضباط على مراعاة حقوق المواطنين خلال عملهم.

“نحن مجموعه الضباط قررنا عقب ثورة 25 يناير تدشين أول ائتلاف شرطي بمحافظة الإسكندرية تحت مسمي ائتلاف ضباط الإسكندرية الشرفاء وانضم فيه نحو مائتي ضابطا، وذلك كان هدفه الرئيسي هو تغيير وجهه نظر المواطنين عقب الثورة والتأكيد علي أن مازال بوزارة الداخلية شرفاء”، يقول المقدم فادي التهامي، رئيس الائتلاف لـ “مراسلون”.

ويطالب التهامي وزارة القوى العاملة بالسماح بتأسيس أول نقابة لضباط الشرطة المصريين، بحيث تكون موازية للنقابات المهنية الأخرى والتي تضمن حقوق عامليها. ويوضح التهامي أن “قرار اعتزامنا تدشين أول نقابة مهنية لضباط الشرطة في مصر جاء بعد أن شعرنا بإهدار حقوقنا وحقوق أسرنا المالية والمهنية، فضلا عن شعورنا بأننا أقل من أي مهنة في الدولة”.

ويوافقه في الرأي محمد علي، أحد الضباط، ويقول “رفضنا أن نكون عصا السلطة والنظام وقررنا إلا نقف للشعب وللمتظاهرين السلميين بعد محاولات الزج بنا في صراعات النظام الحالي”الاخواني” والدفع بنا من جديد في الدخول في مواجهات مع الشعب مثلما حدث في ثورة 25 يناير”.

ويضيف علي، أنهم مجموعه من الضباط هدفهم “إصلاح وزارة الداخلية من خلال رفض استخدامهم في مواجهات مع الشعب والعمل على خدمة المواطن وحماية ممتلكات الدولة والعمل على مبدأ جهاز الشرطة الأساسي وهو تفعيل الأمن وتوصيل الأمان لكل الشعب وحمايته من المندسين الذين يحاولون دوما في الوقيعة بين الشعب والشرطة”.

وزارة الداخلية لا تعترف بالائتلاف

أفكار الائتلاف لا تحظى بقبول لدى وزارة الداخلية، التي تحظر قوانينها قيام أي اتحادات أو ائتلافات شرطية.

اللواء عبد الموجود لطفي، مدير أمن الإسكندرية، يقول “الائتلافات الشرطية غير قانونية لإن القانون الشرطي يمنع التظاهر من قبل رجال الشرطة، لأنهم عصا القانون التي تنفذه فلا يمكن لضابط الشرطة أن يخترق القانون لأنه مثال له، فبالتالي تكون جميع الائتلافات التي تخرج من رحم وزارة الداخلية غير قانونية وتعتبر مخالفة للقانون”.

لطفي يحترم ضباط الإئتلاف ويؤكد أنهم خرجوا في تظاهرات عقب تولي حقبة الإخوان المسلمين الحكم للتأكيد منهم على أنهم لن يكونوا عصا النظام والسلطة وأنهم فقط سيقومون بواجبهم بحماية المنشآت والمباني الهامة والمواطن. لكنه في الوقت نفسه أنه لا يمكن لوزارة الداخلية دعم هذه الائتلافات لأنها تعتبرها مخالفة للقانون واللوائح الشرطية التي تمنع الضابط من المشاركات في الحياة السياسية والتصريحات لوسائل الإعلام.

الائتلاف مستمر

وردا على موقف وزارة الداخلية أكد العقيد فادي التهامي، رئيس ائتلاف ضباط الإسكندرية الأحرار، أنهم مستمرون بعملهم داخل الائتلاف رغم معارضة الوزارة لهم، والظلم الذي يتعرضون إليه من قبل الوزارة لكنهم مستمرون في خدمة وطنهم وخدمة المواطنين الشرفاء، مؤكدا أن الائتلاف لم يلغَ بعد أن أعلنت وزارة الداخلية عدم اعترافها به وأنهم مستمرون في “النقد البناء” و”الوقوف أمام أي أحد يحاول أن يضعهم في مواجهات مع الشعب”.

وأضاف التهامي أن كل الضباط الذين انضموا للائتلاف هم من الضباط الشرفاء الذين رفضوا الظلم ورفضوا أن يكونوا أداء في يد النظام أي كان “وليس معنى ذلك أن الضباط الذين لم يشاركوا في الائتلاف مختلفين او غير شرفاء، لكن قناعاتهم جعلتهم لا يشاركون في الائتلاف لأسباب ما”، يختم التهامي كلامه.