كنت في إحدى العيادات الطبية في طبرق لإجراء فحوصات طبية لشقيقتي التي تعاني مشاكل مزمنة في الجهاز الهضمي والتهابات حادة في القولون (قولون عصبي)، فنصحني الأطباء بعد عدة زيارات بالسفر بها إلى مصر أو تونس.

ونظراً لكون هذا الاقتراح معتاداً جداً في بلدي التي يتدهور فيها وضع القطاع الصحي باستمرار، قررت أنا وشقيقتي السفر إلى مصر – الأقرب والأقل كلفة –، بمجرد بدء عطلة نصف السنة التي تنتهي يوم 2 شباط/ فبراير، فشقيقتي معلمة رياضيات بإحدى المدارس الابتدائية، وجدولها الدراسي لا يحتمل غياب يوم واحد.

كنت في إحدى العيادات الطبية في طبرق لإجراء فحوصات طبية لشقيقتي التي تعاني مشاكل مزمنة في الجهاز الهضمي والتهابات حادة في القولون (قولون عصبي)، فنصحني الأطباء بعد عدة زيارات بالسفر بها إلى مصر أو تونس.

ونظراً لكون هذا الاقتراح معتاداً جداً في بلدي التي يتدهور فيها وضع القطاع الصحي باستمرار، قررت أنا وشقيقتي السفر إلى مصر – الأقرب والأقل كلفة –، بمجرد بدء عطلة نصف السنة التي تنتهي يوم 2 شباط/ فبراير، فشقيقتي معلمة رياضيات بإحدى المدارس الابتدائية، وجدولها الدراسي لا يحتمل غياب يوم واحد.

بحثت عن عناوين عيادات وأطباء في الاسكندرية وقررنا السفر أول أيام العطلة، وعليه تقدمت بطلب للحصول على تأشيرة لي من القنصلية المصرية بمدينة بنغازي في السابع عشر من كانون الثاني/ يناير.

وبعد عشرة أيام تحديداً في 27 من الشهر نفسه تلقيت الرد بعد اتصالي بالمكتب الوسيط في بنغازي، وكان الرد: “بكرة انشالله”، مع العلم أنني أُبلغت بأن موعد استلام التأشيرة يكون بعد أسبوع واحد فقط من تقديم الطلب، ولكن هذا الوعد تكرر مراراً دون جدوى.

سمعت طبعاً نصائح كثيرة من نوع “اذهب إلى المنفذ الحدودي وحاول إيجاد مخرج – غير قانوني بالطبع – من هناك، حيث أنه بالإمكان  باستخدام الرشاوى والتزوير الدخول حتى بدون جواز سفر”، كما أكد لي الكثيرون.

اتصلت بعدها بصديق يعمل في المركز الطبي بطبرق عله يعطيني تقريراً طبياً  لشقيقتي يخولني بمرافقتها دون تأشيرة نظراً لسوء وضعها الصحي، فنصحني بصرف النظر عن الموضوع لأن إجراءات التقرير الطبي تستغرق وقتاً وجهداً أكثر من التأشيرة الرسمية.

مكاتب وسيطة

وعن طريق أحد الأصدقاء تمكنت من التنسيق مع مكتب وسيط آخر في بنغازي، طلب مني مبلغ 120 دينار ليبي (حوالي مئة دولار أمريكي) مقابل الحصول على تأشيرة بصلاحية أربع أسابيع، تكلفتها الرسمية في السفارة المصرية 28 دينار ليبي فقط.

لكنني وافقت لأنه لم يكن لدي خيار، فأنا لا أستطيع تحمل تكاليف إقامة أسبوع كامل في بنغازي، إضافة لأنني لم أكن واثقاً من مواعيد وكلام السفارة منذ البداية، فأرسلت جواز السفر والمبلغ المالي لبنغازي مع سيارة أجرة بالرغم من أهمية هذا المستند.

واتفقنا على موعد استلام بعد أسبوع واحد، ولكن هذا – أيضاً – لم يحصل، فبعد كل هذا الانتظار والمحاولات امتنعوا عن منحي التأشيرة دون الكشف عن السبب.

قرار فرض التأشيرة على الشباب الليبيين – الذكور فقط بين عمر الثامنة عشر والخامسة والأربعين –، صدر بطلب من ليبيا زمن المجلس الوطني الانتقالي برئاسة مصطفى عبدالجليل ورئيس مكتبه التنفيذي محمود جبريل.

وكان السبب الذي صرحوا به في ذلك الوقت هو منع “المطلوبين” من الهروب لمصر، وكأن هؤلاء المطلوبين من أمثال أحمد قذاف الدم والطيب الصافي وغيرهم ممن صدر من أجلهم هذا القرار متوقفون على التأشيرة من السفارة المصرية وقنصليتها في بنغازي.

تقصير حكومي

الواقع اليوم يقول بحسب التصريحات الإعلامية أنه هناك مليون ليبي في تونس ومليون في مصر، بينما أنا وكثر أمثالي ممن يحتاجون للسفر لمصر من أجل العلاج أو كمرافقين لذويهم من قاصدي العلاج، يقضون أوقاتهم على الطريق الصحراوي من بنغازي وإليها.

لو افترضنا أن الحكومة المصرية لها يد في الموضوع لدوافع اقتصادية كما يُشاع، لماذا على الأقل لا تبادر حكومتنا بفتح مكتب قائم بأعمال السفارة المصرية في طبرق، تغطي معاملات سكان المناطق الشرقية البعيدة عن بنغازي، أم هي مركزية داخل مركزية يا بنغازي؟.

في عهد القذافي كان عندنا قنصلية إيطالية في طبرق ونستطيع الحصول على تأشيرة تشنغن فقط بركوب سيارة أجرة لمدة خمس دقائق بكلفة دينار واحد، بينما في عهد الثورة نقطع كل هذه المسافات وندفع كل هذه المصاريف لنحصل على إذن دخول دولة كنا قبل عامين نعامل فيها معاملة الملوك. هذا دون التطرق إلى سوء المعاملة في الجمركين الليبي والمصري فالله ستار حليم.

من حق الحكومة المصرية أن تفرض الإجراء الذي تراه يخدم مصالحها، ولكن أن يتم تجاهل الوضع المعقد الذي وضعت فيه الحكومة الليبية مواطنيها طوال هذه المدة فهو أمر محزن جداً.

وفي الوقت الذي يتشدق فيه الكثيرون في الشرق الليبي وبنغازي تحديداً بضرورة القضاء على المركزية التي تمارسها طرابلس على باقي المدن الليبية، نحن في طبرق صرنا نعاني من مركزية بنغازي.

طبرق ليست قرية ولا منطقة صغيرة، هي أكبر أقرب مدينة لمصر ويوجد فيها حركة تجارية وصناعية ناشطة جداً، وفيها جالية مصرية كبيرة، ناهيك عن العلاقات الوطيدة بين سكان طبرق ومدن الغرب المصري المجاورة لليبيا من مصاهرات وقرابات وتجارة.

ولو أضفنا لها مدناً كدرنة والقبة وضواحيهما بوصفهما أقرب لطبرق منهما لبنغازي، لاجتمعت لدينا رقعة جغرافية شاسعة تمتد لأكثر من 300 ألف كيلو متر، وعدد سكانها يناهز عدد سكان بنغازي نفسها أي حوالي 400 ألف نسمة، ما عدا الأجانب والجالية المصرية تحديداً.

لذلك أنا لا أطالب بأكثر من فتح مكتب قائم بأعمال السفارة المصرية في مدينة طبرق يسهل إجراءات المواطنين، ويقطع الطريق على مكاتب خدمات السفر التي تتاجر بأوقات الناس وصحتهم وظروفهم.