ماذا بعد النفط؟.. سؤال يغيب ليظهر من جديد على الساحة الليبية، فاتحاً الباب أمام التفكير في البدائل الطبيعية المنتجة اقتصادياً، والتي من أهمها مصادر الطاقة النظيفة.

فليبيا، رابع أكبر بلد افريقي من حيث المساحة التي تقدر بـ 1,7 مليون كم مربع، تعتمد في اقتصادها بشكل رئيس على إنتاج النفط منذ ستينيات القرن الماضي، في حين أن ميزاتها الجغرافية تؤهلها لأن تلعب دور المنتج والمصدّر للطاقة النظيفة بما تمتلكه من “تركيز شمسي عالي” بحسب الخبراء.

ماذا بعد النفط؟.. سؤال يغيب ليظهر من جديد على الساحة الليبية، فاتحاً الباب أمام التفكير في البدائل الطبيعية المنتجة اقتصادياً، والتي من أهمها مصادر الطاقة النظيفة.

فليبيا، رابع أكبر بلد افريقي من حيث المساحة التي تقدر بـ 1,7 مليون كم مربع، تعتمد في اقتصادها بشكل رئيس على إنتاج النفط منذ ستينيات القرن الماضي، في حين أن ميزاتها الجغرافية تؤهلها لأن تلعب دور المنتج والمصدّر للطاقة النظيفة بما تمتلكه من “تركيز شمسي عالي” بحسب الخبراء.

ويرى رجب خليل وكيل وزارة الاقتصاد أن البلد القابع على الضفة المقابلة لمصادر استهلاك الطاقة يمكنه أن يعتمد في نسبة كبيرة من اقتصاده على الطاقة البديلة استناداً للعديد من التقارير العلمية.

شركات ألمانية

وحين يقول خليل لـ “مراسلون” إن الحكومة الليبية “مهتمة بمجال الطاقة البديلة”، فإنه يكشف النقاب عن اجتماعات تجري مع مستثمرين أجانب في هذا الخصوص، فالحكومة “اجتمعت مع شركتين ألمانيتين قامتا بمسح وإعداد برامج لإنتاج الطاقة، وزارتا بعض الأماكن التي يوجد فيها تركيز شمسي كبير”.

ويضيف “إنهم يتساءلون عن ملكية الأراضي و يرون أن ليبيا المكان المناسب لهذا الاستثمار إذا توفر الأمن والاستقرار”.

لكنه يستدرك “لم تُبرم أية عقود مع شركات أوربية خاصة أن الاتفاق على الاستثمار في مجال الطاقة الشمسية يعني منح قطع أراض بمئات الهكتارات حتى يتم نصب خلايا الطاقة الشمسية عليها، بالإضافة إلى عدم وجود اتفاقيات بربط خلايا شمسية بالشبكة الكهربائية”.

ظروف مهيأة 

نظرياً تبدو الظروف مهيأة لليبيا لتكون سباقة في مجال استثمار الطاقات البديلة. و يؤكد الدكتور فرج هويدي المتخصص في الطاقات المتجددة، أن الطاقة البديلة “أمر لا بديل عنه بسبب كثرة الانبعاثات المضرة للبيئة من النفط والغاز التي أضرت بالتوازن البيئي العالمي”.

بالإضافة إلى أن “مصادر الطاقة التقليدية ليست متجددة، وبالتالي أصبح الاهتمام العالمي بها في تزايد ما يوجب على ليبيا الاستفادة من هذا الاهتمام باعتبارها إحدى الدول المنتجة لأهم نوع من الطاقات المتجددة ألا وهي الطاقة الشمسية” يقول هويدي.

ويضيف في حديث لـ “مراسلون” أن الشركات العالمية في صراع قوي على إنتاج أفضل وأرخص المعدات لاستغلال الطاقات المتجددة، باعتبار استثمار الطاقة الشمسية الآن يسد نسبة 25 % كحد أقصى من الاستهلاك العالمي، والباقي سيتم تعويضه بمصادر الطاقة الأخرى مثل الطاقة النووية.

ويعتبر هويدي أن ليبيا “تمتلك من مقومات الدخول في هذا السوق ما يميزها عن بلدان أخرى”.

مراكز بحوث

ومع غياب أي خبرات أو تجارب ليبية كبيرة في مجال الطاقة الشمسية يعتقد الدكتور العارف عبد المولى مدير مركز بحوث ودراسات الطاقة الشمسية “أن الفرصة مواتية من أجل الاستثمار في البحث العلمي في مجال الطاقة الشمسية، على اعتبار أن السوق العالمي بدأ يتكون للتو وبالتالي علينا أن نكون السباقين في تصنيع وتطوير كل ما يتعلق بالطاقة الشمسية”.

ويقول عبد المولى أن مركزه قدم مقترح مشروع استثماري بحثي لوزارة التخطيط، يتطلب تخصيص إحدى قطع الأراضي من أجل استثمار الطاقة الشمسية، والقيام بالمسوحات والأبحاث اللازمة لتطوير هذه الصناعة في ليبيا.

ويضيف “مركز البحوث هذا يجب أن لا يكون المركز الوحيد المتخصص في مجال الطاقات المتجددة، مثل ما حدث لليبيا في مجال البحوث النفطية، التي أصبحنا غرباء عنها، بالإضافة لأننا لم نستثمر أرباح النفط في مجال البحث العلمي، وفي إنشاء مراكز بحثية أو مدارس ابتكار لنقوم بالتصدير بدل الاستيراد”.

حجر عثرة

وفيما تحتاج الدولة الليبية للاستفادة من التجارب العالمية في مجال إنتاج الطاقة الشمسية وتصديرها بتكلفة تنافس تكلفة استخراج وتصدير النفط والغاز، فإن هناك العديد من العقبات التي تقف حجر عثرة أمام تسهيل فرص الاستثمار، ومنها – بحسب خليل – كيفية ربط إنتاج الطاقة مع شبكة الكهرباء، والذي يحتاج للعديد من التشريعات من أجل تسهيل فرص الاستثمار.

كما أن تصدير الطاقة التي يتم إنتاجها للدول المستهلكة، والدول التي ستمر من خلالها كوابل نقل الطاقة، يستلزم وجود اتفاقيات ثنائية ودولية، لذلك يرى خليل أنه من المهم جداً عقد مشاورات ومباحثات مع الدول المعنية بهذا الأمر.

ويوضح خليل أن “الحكومة الليبية تعمل على تنقيح القوانين واللوائح الخاصة بإنتاج وتصدير الطاقة البديلة، وتقديم مشروع قانون بخصوصها عند صياغة الدستور”.

وطالما أن ليبيا تمتلك الموقع الجغرافي، وتمتلك المال لاستثمار هذه الطاقة، فإن ذلك سيشجع المستثمرين الأجانب على طرق الأبواب مبكراً من أجل الحصول على العقود، في حال تم التغلب على تحديات البنية التحتية وتوفير الأمن، بحسب خبراء الطاقة.

لكن المطلب الأهم بالنسبة لخليل وغيره من الخبراء حتى يكون هناك إجابة حقيقية عن سؤال ليبيا ما بعد النفط هو “سن تشريعات جديدة من أجل تسهيل الاستثمار في مجال الطاقة المتجددة”، خصوصا وأن الشركة العامة للكهرباء لا زالت تحتكر السوق الليبي في مجال الطاقة.