أشخاص معروفون وآخرون يتخفون وراء أسماء مستعارة على شبكات التواصل الاجتماعي ينشطون منذ تسلم حكومة النهضة مقاليد الحكم في شتم وتهديد كل من يعارض السلطة.

ضحايا التهديدات في الغالب هم ممن يعرفون اليوم في تونس بـ “المعارضين الدائمين”. أولئك الذين شهدوا الملاحقة أو الاعتقال على يد نظام بن علي القمعي، ويواصلون اليوم اصطفافهم إلى جانب المعارضة ضد سياسات حكومة “النهضة”الإسلامية.

نزيهة رجيبة


أشخاص معروفون وآخرون يتخفون وراء أسماء مستعارة على شبكات التواصل الاجتماعي ينشطون منذ تسلم حكومة النهضة مقاليد الحكم في شتم وتهديد كل من يعارض السلطة.

ضحايا التهديدات في الغالب هم ممن يعرفون اليوم في تونس بـ “المعارضين الدائمين”. أولئك الذين شهدوا الملاحقة أو الاعتقال على يد نظام بن علي القمعي، ويواصلون اليوم اصطفافهم إلى جانب المعارضة ضد سياسات حكومة “النهضة”الإسلامية.

نزيهة رجيبة

السيدة المعروفة بكنية “أم زياد” التي كانت من أشرس المناوئين لنظام الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي، واحدة من النماذج التي تصلح للحديث عن التهديدات الذي يتعرض لها الصحفيون في تونس الجديدة.

عملت “أم زياد” أستاذة اللغة العربية بأحد المعاهد الثانوية بتونس العاصمة، وقدمت استقالتها من التدريس في 2003 بسبب المضايقات البوليسية التي عاشتها. وقد أسست الصحفية المعروفة مع المنصف المرزوقي (الرئيس الحالي) حزب المؤتمر من أجل الجمهورية وشغلت منصب الكاتب العام للحزب، لكنها استقالت منه في تموز/ جويليه 2011 اي بعد الثورة ببضعة أشهر، وذلك بسبب عدم رضاها عن أداء الحزب المنتمي للترويكا الحاكمة في البلاد.

“أم زياد” لم تتردد في نقد الحكومة ومواقف المسؤولين بدءا من الوزراء وصولا الى الرؤساء الثلاثة، بل لم تتردد حتى في نقد راشد الغنوشي، رئيس حزب النهضة الحاكم، الذي يحظى بتقدير كبير من مناصريه يصل حدود التبجيل، فكانت النتيجة أن شنت عليها بعض الصفحات الفيسبوكية، الموالية لحزب “النهضة” حملة شرسة طاولت مسيرتها السياسية والشخصية، على حد قولها.

وتعتبر “أم زياد” أن ما تقوم به بعض الصفحات الفيسبوكية من تشويه لشخصها أو لبعض المناضلين “طرق رخيصة تعكس الخور الاخلاقي الذي تعتمده بعض الاحزاب الحاكمة”. وتضيف “أنا ضحية استقلاليتي وموقفي الواضح من حركة النهضة تحديدا ومن الترويكا عموما”، وتشير إلى أنها من القلائل الذين دافعوا عن الاسلاميين ضد الاضطهاد الذي لحق بهم في عهد الرئيس المخلوع.

الغريب في الأمر أن نزيهة رجيبة “ليست محبوبة” كذلك من قبل حزب نداء تونس خصم الترويكا الحالية، وتقول إن السبب هو “رغبة بعض الاطراف بتشويه صورة مناضلي الأمس الذين كانوا حاضرين بقوة ضد بن علي في محاولة لإنكار دورهم عندما كان الآخرون غائبين”.

عبد الستار بن موسى

من بين الشخصيات المعارضة الأخرى التي تتعرض لنقد وهجوم واسع من طرف الحكومة الحالية ومناصريها، عبد الستار بن موسى، وهو أوّل رئيس للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان بعد 14 كانون الثاني/ جانفي 2011.

كان بن موسى يترأس الهيئة الوطنية للمحامين، وعلى امتداد رئاسته الهيئة لم يلتقِ بن علي ولو مرة واحدة. وحين شرع نظام بن علي في معركة “كسر عظم المحامين” والسيطرة عليهم، تصدى العميد بن موسى ورفاقه لوزير العدل البشير التكاري وأعلنوا الاعتصام ودخلوا في إضراب جوع احتجاجي بداية من 27 أيار/ماي 2006 .

بعد سقوط النظام، صرح عبد الستار بن موسى لوسائل الإعلام أن غياب استقلالية القضاء وحرية الاعلام وحيادية الادارة من أجل ضمان انتخابات شفافة ونزيهة سوف “يقبر مشروع الانتقال الديمقراطي في مهده وتكون العدالة الانتقالية مجرد شعار زائف”، وهو تصريح جعل منه خصما دائما لبعض القائمين على السلطة في تونس.

في تصريح لـ”مراسلون” قال بن موسى “لم يتغير شيء.. كنا نحارب بن علي ونتعرض للصد واليوم ننبذ من طرف السلطة وأتباعها”، وأكد أنه لا يعير اهتماما “للسخافات” التي تنشرها عنه بعض المواقع المحلية والصفحات على الفيسبوك.

نجيبة الحمروني

تتعرض رئيسة النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين منذ أشهر لحملة محمومة من طرف انصار النهضة وصلت الى حد وصفها بنعوت عنصرية بسبب لون بشرتها السمراء.

الحمروني كانت سنة 2008 عضو المكتب التنفيذي المنتخب لأول نقابة للصحفيين التونسيين وقد تم الانقلاب على هذا المكتب المعروف باستقلاليته والذي رفض إمضاء عريضة مساندة لاعادة ترشيح بن علي للرئاسة.

وعرفت نجيبة الحمروني وعدد من زملائها عدة مضايقات من طرف بوليس بن علي، وكانت ضحية حملة تشويه من قبل صحف صفراء كانت تنشر مقالات يتم تحريرها داخل أسوار وزارة الداخلية آنذاك.

اليوم تعيش نقيبة الصحفيين الوضع نفسه على حد قولها، وتضيف لـ “مراسلون” إن “من العار أن يدافع عن الحكومة صفحات فيسبوكية أو جرائد مشبوهة تسيء للحكومة بمستوى الطرح والألفاظ المستعملة”.

وترى أن الصفحات التي تدافع عن الحكومة على شبكات التواصل الاجتماعي “تنتهج نفس الأساليب التي كان التجمعيون يدافعون به عن حزبهم الاوحد”.  وأكدت أنها “صفحات يتخفى وراءها عنصريون يتجاوزون القانون التونسي والمعاهدات الدولية الخاصة بحقوق الإنسان”.

كلثوم كنو

من الشخصيات التي تتعرض يوميا لحملات تشويه كذلك القاضية كلثوم كنو رئيسة جمعية القضاة التونسيين، التي طالما تعرضت لمضايقات من قبل النظام السابق. دفعت كنو ثمن استقلاليتها ونزاهتها بنقلها تعسفيا من المحكمة الابتدائية بالقيروان (وسط) إلى المحكمة الابتدائية بتوزر (جنوب)، وذلك ضد رغبتها المتمثلة في العودة إلى تونس العاصمة مقر إقامتها. وكان النقل التعسفي جاء على إثر الانقلاب الذي قادته السلطة زمن بن علي ضد المكتب الشرعي لجمعية القضاة عام 2005، بسبب مواقف كنو ومطالبتها باستقلالية قطاع القضاء.

صارت ثورة في تونس وتغيرت الحكومات لكن مطلب كلثوم كنو لم يتغير: “لا لتدجين القضاء” وهي تشدد على أن لا وجود لعدالة انتقالية ولا لديمقراطية مادامت الحكومة تضع يدها على القضاء.

الناصر العويني

مطلب الاستقلالية هو القاسم المشترك بين جل المغضوب عليهم سواء كانوا اعلاميين او حقوقيين او قضاة أو محامين. ومن بين هؤلاء، المحامي الناصر العويني، الذي عرف بجرأته في معارضة حكم بن علي.

العويني قال لـ “مراسلون” إن “ما نعيشه اليوم أتعس مما عشناه في الفترة السابقة”. واعتبر ان الشتم الذي يتعرض له هو وعدد من زملائه “ليس سوى ممارسات لجبناء متخفين وراء أسماء مستعارة في عالم افتراضي”.

وأكد أن حملة التشويه التي تطاوله هي “بإيعاز من أطراف سياسية في الحكومة تسعى إلى تقييد الحريات والعودة بالمجتمع إلى الوراء”. لكن العويني اعتبر أن ما يحصل طبيعي “مادمت نفس المنظومة التي كانت تنتج الفساد موجودة، فقط تغيرت الأسماء والألوان”.