في قلب الصحراء الغربية وعلى بعد 500 كم من مدينة أسيوط و200 كم من مدينة الداخلة تقع قرية “ابو منقار” على كتف إحدى المرتفعات. ويقطنها حوالي ستين أسرة معظمهم من قبيلة الشرارات البدوية، لهم قصة طويلة مع النزوح والترحال.

فسكان القرية كانوا قد استوطنوا منذ حوالي ثلاثين عاما بواحة باريس ثم انتقلوا إلى قرية بغداد ومنها نزحوا إلى الخرطوم، وعندما بدأ توزيع الأراضي في قرية “ابو منقار” جاؤوا آملين في العثور على أرض جديدة دون تعقيدات روتينيه تساعدهم فيها الدولة على بدء مجتمع جديد على الأقل يجدون فيه احتياجاتهم المعيشية.

في قلب الصحراء الغربية وعلى بعد 500 كم من مدينة أسيوط و200 كم من مدينة الداخلة تقع قرية “ابو منقار” على كتف إحدى المرتفعات. ويقطنها حوالي ستين أسرة معظمهم من قبيلة الشرارات البدوية، لهم قصة طويلة مع النزوح والترحال.

فسكان القرية كانوا قد استوطنوا منذ حوالي ثلاثين عاما بواحة باريس ثم انتقلوا إلى قرية بغداد ومنها نزحوا إلى الخرطوم، وعندما بدأ توزيع الأراضي في قرية “ابو منقار” جاؤوا آملين في العثور على أرض جديدة دون تعقيدات روتينيه تساعدهم فيها الدولة على بدء مجتمع جديد على الأقل يجدون فيه احتياجاتهم المعيشية.

لكن القرية بقيت تعاني من سوء الخدمات ونقص المياة والانقطاع شبه التام للتيار الكهربائي، إلى أن جاءت شركة أجنبية بمشروعٍ لانتاج الطاقة البديلة غيّر من حياة السكان.

مشكلة “أبو منقار”

أهالي قرية “ابو منقار” وتحديدا في منطقة “بئر أربعة” لديهم مشكلات كباقي القرى المصرية تتلخص في نقص المياه والبنية الأساسية والكهرباء تحديدا.

ويقول المهندس الزراعي عبد الناصر محمد إن أهالي القرية يعانون من انقطاع الكهرباء المتواصل طوال أشهر العام حيث يعتمد المولد الكهربائي الوحيد الموجود في القرية على السولار الذي غالبا ما لا يتوافر في الوقت الحالي بشكل طبيعي، ويقوم بتشغيل الكهرباء لمدة أربع ساعات فقط في اليوم، الأمر الذي جعل أهالي القرية يطلبون من المسئولين ضمهم إلى شبكة الكهرباء الموحدة الخاصة بمدينة الفرافرة. لكن جهاز المحافظة لم يستجب بسبب التكلفة المادية العالية لخطوة كهذه، لأن القرية تبعد نحو 120 كلم عن الشبكة الموحدة.

التفكير في الطاقة البديلة

ومن إطار الجهود المبذولة لحل مشكلة الكهرباء، تقدمت شركة شنايدر اليكتريك بمشروع تقديم محطة توليد كهرباء بالطاقة الشمسية كهدية، لتغذية المنطقة بالتيار الكهربائي.

وتم اختيار منطقة “بئر أربعة” بقرية “أبو منقار” قبل الشركة التي تعد من أكبر الشركات العالمية في مجال إدارة الطاقة في العالم لتطبيق فكرة الطاقة البديلة، حيث تدير الشركة برنامجا مستداما تحت مسمى بيب بوب أو business investment and People at the Bottom of the Pyramid ، يسعى لتوفير الكهرباء النظيفة الآمنة للفئات الأكثر فقراً في جميع أنحاء العالم وتأتي إنارة “قرية أبو منقار” كإحدى الخطوات نحو تحقيق هذا الهدف.

الشركة قامت ببناء المحطة بتكلفة وصلت إلى نحو مليون جنيه مصري (150 ألف دولار أمريكي)، وتبرعت بكامل قيمة المشروع بما فيها الأجهزة والمعدات والخبرات البشرية كجزء من اهتمامها بتوفير الطاقة النظيفة والمتجددة للمساهمة في الحفاظ على البيئة ومجابهة ظاهرة الاحتباس الحراري كما يقول مسؤولوها، على أن تؤول المحطة بعد ذلك إلى الدولة المصرية.

اختيار موقع محطة الطاقة البديلة جاء بسبب نسبة سطوع الشمس العالية، فكما يقول محافظ الوادي الجديد طارق المهدي تتمتع منطقة الوادي الجديد بكميات سطوع شمس جيدة خلال العام تصل نسب السطوع يوميا إلى أكثر من عشر ساعات، وأضاف “إننا نعمل على استغلال ذلك في توليد الكهرباء خصوصا في المناطق النائية ومناطق الاستصلاح الحديث التي لا تتوفر بها كهرباء الشبكة الموحدة مثل قرية “أبو منقار” وهو ما دعانا لدعوة الشركة لتطبيق التجربة هنا كمشروع قومي يهدف لإحياء مفهوم استخدام الطاقة الشمسية النظيفة فى توليد الكهرباء فى مصر والمنطقة”.

محطة الطاقة الشمسية

تعمل المحطة التي تم افتتاحها فى “أبو منقار” بمحافظة الوادى الجديد بطاقة إجمالية قدرها 108 كيلووات ساعة/ يوم على مساحة 170 متراً مربعاً وهى تكفي للوفاء بكافة الاحتياجات الأساسية للمنازل والمرافق الأساسية في القرية من مدرسة وجامع وغيرها من خدمات.

وتتميز بانخفاض تكاليف التشغيل والصيانة لأنها تعتمد على الطاقة الشمسية المتجددة في منطقة تسطع فيها الشمس على مدار العام.

وقامت الشركة بتركيب وتشغيل وإضافة أنظمة إنارة داخل المنازل بالإضافة إلى مدرسة وجامع باستخدام مصابيح موفرة للطاقة كما قامت الشركة بتدريب القائمين على القرية على الأسلوب الأمثل لصيانة وتشغيل المحطة.

ويقول وليد شتا رئيس قطاع تطوير الأعمال والتسويق بشركة “شنايدر الكتريك مصر” وشمال شرق افريقيا إن الشركة تتطلع إلى نمو الاستثمارات الموجهة للطاقة النظيفة والمتجددة وتخطط الشركة لبناء عشر محطات جديدة فى الوادي الجديد وجنوب سيناء بطاقة إنتاجية للمحطة الواحدة تبلغ 150 ميجاوات.

وأوضح شتا أن نجاح الشركة فى إنشاء أول محطة كهرباء بالطاقة الشمسية فى قرية “أبو منقار” في محافظة الوادي الجديد دفع باقي المحافظات للتعاون مع الشركة في إقامة محطات مشابهة لتوليد الطاقة النظيفة.

وذكر أن الطاقة الشمسية بإمكانها المساهمة بقوة فى تنفيذ خطة قطاع الكهرباء المصرى لإنتاج 3500 ميجاوات عن طريق الطاقة الجديدة والمتجددة بحلول عام 2017.

بين النجاح والفشل

على الرغم من إعلان محافظ الوادي الجديد عن نجاح التجربة إلا أن مشكلات أهالي منطقة “بئر أربعة” مع الكهرباء لم تحل بشكل نهائي، فهم لا يزالون يعانون جراء انقطاع التيار المستمر.

يقول المواطن حسن مرزوق “كانت الكهرباء لا تأتي إلا لمدة أربع ساعات يوميا إذا تواجد السولار، وجاؤوا الينا بمحطة الطاقة الشمسية لكي تنير باقي اليوم لكنها لا تكفي سوى أربع ساعات أخرى ليصبح لدينا ثمان ساعات نستطيع فيهم استخدام الكهرباء فيما يتبقي 14 ساعة كاملة من اليوم دون كهرباء”.

مضيفا أن المشكلة الأكبر التي وجدوها في كهرباء الطاقة الشمسية أنها عاجزة عن تشغيل الكثير من الأجهزة وهو ما تسبب في إتلاف أجهزة كالثلاجات والتلفاز.

وحول ذلك يقول المهندس هاني إبراهيم مدير تسويق الطاقة الجديدة والمتجددة في شركة “شنايدر اليكتريك” إن المحطة كافية لإنارة الشوارع والمنازل وأيضا بعض الأجهزة الكهربائية كالتلفزيون والثلاجة.

وقد قامت الشركة بتركيب إنارة موفرة للطاقة ومن المفترض أن تعمل خلال الساعات التي لا تعمل بها محطات كهرباء الديزل.

وطالب المهندس إبراهيم بترشيد الاستهلاك لتحسين أداء المحطة لأن استخدام الأحمال الكهربائية الكبيرة يستهلك كامل طاقة المحطة، ونصح بتوزيع الاستهلاك مثل تقليل استخدام الأجهزة الكهربائية كالغسالات في أوقات الليل حيث يزداد الاستهلاك.

عوائق تواجه توليد الطاقة البديلة

مشروع استخدام الطاقة الشمسية لتوليد الكهرباء لا يزال إذن يخطو خطواته الأولى في الصحراء الغربية، ولايزال التوسع في استخدامات المحطات الشمسة يواجه عوائق أهمها توفير المساحات الكافية من الأراضي، حيث إن إنتاج 1000 ميجاوات يحتاج إلى 200 فدان، مما يرفع كلفة إنتاج المحطات الشمسية. لكن الخبراء في مجال الطاقة يرون أن ارتفاع الكلفة يوفر في النهاية في كمية المحروقات والانبعاثات الناتجة عن توليد الكهرباء بالطرق التقليدية.

توسيع التجربة

محافظة الوادي الجديد التي تمتلك نحو 67 بالمائة من مساحة مصر قررت تكرار تجربة محطة “أبو منقار”، وقال اللواء طارق مهدى محافظ الوادى الجديد إن المحافظة بدأت حاليا فى تجربة إنارة الشوارع والأماكن العامة بنظام الطاقة الشمسية بدلا من الكهرباء وذلك لترشيد استخدام الطاقة، والتي بدأ تطبيقها بشكل جزئى وتجريبى بحي السلام بمدينة الخارجة بهدف قياس مستوى نجاح التجربة تمهيدا لتعميمها على مستوى المحافظة فى حالة ثبوت فعاليتها.

وأضاف مهدي أن محافظة الوادى الجديد لديها ما يجعلها من أفضل محافظات مصر لتكون مثالا لتطبيق تجربة استخدام الطاقة الشمسية بدلا من الطاقات الأخرى وأن فكرة إنارة أعمدة الإنارة بالشوارع والميادين بتلك الطاقة البديلة فى حالة نجاحها ستكون بداية حقيقية لانتشار هذا النوع من الطاقات وخاصة بعد أن نجحت فكرة استخدام الطاقة الشمسية فى إنارة عدد من المنازل بإحدى قرى المحافظة المحرومة من التيار الكهربي.