وصل التونسي رشيد النايلي عشية السبت 19 كانون الثاني/ جانفي 2013، إلى قرية قصر أولاد دباب من ولاية تطاوين (جنوب شرق تونس). لقد كان من بين الرهائن الذين تم تحريرهم على يد قوات الجيش الجزائري في عين أمناس (جنوب الجزائر) بعد احتجازهم من قبل مجموعة مسلحة تنتمي إلى تنظيم “القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي” جاءت على الأرجح من شمال مالي. 

وتتبع المنشأة النفطية التي تعرضت للهجوم لشركة بريتش بتروليوم البريطانية وتقع على بعد 40 كلم عن مدينة عين أمناس بولاية إليزي الجنوبية.

وصل التونسي رشيد النايلي عشية السبت 19 كانون الثاني/ جانفي 2013، إلى قرية قصر أولاد دباب من ولاية تطاوين (جنوب شرق تونس). لقد كان من بين الرهائن الذين تم تحريرهم على يد قوات الجيش الجزائري في عين أمناس (جنوب الجزائر) بعد احتجازهم من قبل مجموعة مسلحة تنتمي إلى تنظيم “القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي” جاءت على الأرجح من شمال مالي. 

وتتبع المنشأة النفطية التي تعرضت للهجوم لشركة بريتش بتروليوم البريطانية وتقع على بعد 40 كلم عن مدينة عين أمناس بولاية إليزي الجنوبية.

موقع “مراسلون” زار الرهينة المحرّر في منزله وكان معه الحوار التالي: 

س: من هو رشيد النايلي ولماذا يقع اختطافه من جماعات مسلحة؟

ج : أنا من مواليد القرية الصحراوية قصر أولاد دباب 1982، متزوج منذ سنة ونصف. تحصلت على شهادة مهندس في البتروكيمياويات. التحقت قبل أربع سنوات بالعمل في إحدى الشركات البترولية بالجزائر. 

لم أتخيل يوما التعرض لهذا الموقف. كانت لحظات مرعبة وعصيبة من الصعب نسيانها. لمدة أربع سنوات لم تسجل المنطقة التي أعمل بها أي نوع من أنواع الاقتحامات أو الاشتباكات بين مجموعات مسلحة والجيش الجزائري.

س: أين كنت لحظة الهجوم؟ ماهي التفاصيل التي تتذكرها من الحادثة؟ 

ج : يوم الإربعاء 16 جانفي، كنت في المكان المخصص لإقامة الأعوان والكوادر العاملين في المنشأة النفطية. الساعة السادسة إلا ربع تحديدا، انطلق فجأة قصف عشوائي على المكان بوابل من الرصاص في جميع الاتجاهات. لم يجرأ أحد على الخروج ولازمنا جميعا بيوتنا حتّى اكتشفنا أنّ مجموعة إرهابية سيطرت على مكان السّكن. 

كنّا تقريبا بين الخمسمائة والستمائة عامل تمّ احتجازنا جميعا وبصفة خاصّة الأجانب (الأوروبيين). بالنسبة لي ألتزمت مكاني مع الأشقّاء من الجزائر وبقينا محتجزين ليوم كامل في قاعة كانت تخصص للاجتماعات. 

لم نسمع في ذلك الوقت سوى تبادل لطلق النار بين المجموعة المسلحة والجيش الذي حاصر بدوره المكان. بقينا نتأرجح بين الحياة والموت في موقف مفزع تواصل إلى غاية يوم الخميس. انقطع فيه اتصالنا الكلي بالعالم الخارجي. كانت حالة من الفوضى والرعب لا مثيل لها. كان عددنا كبير والمكان ضيّق جدا ممّا جعلنا أنفاسنا تضيق، وتضاعف ذلك مع الشعور بالخوف لازدياد الطلق الناري المتواصل ودار حديث بيننا  “توفي شخص للتو” ونحن لا نعلم إن كان الأمر صحيح أم لا.. ثم تواصلت الاشتباكات العنيفة يوم الخميس ولم ننفك على استماع صوت الرشاشات وأيقنا وقتها فعلا أننا نواجه موتا حتميا لا مفرّ منه.

س: بعد شبه التأكد من مصيركم واليأس من تحرير المحتجزين، ماهو القرار الذي اتخذتموه؟ 

ج:  قررنا عندها الخروج من هذا المكان فنحن كنّا سنموت سواء بقينا أو خرجنا.. كان المهم أن نغادر هذه العلبة الضّيقة التي احتجزنا داخلها. لكن لحظة الخروج والاستسلام للأمر الواقع تفاجأنا بوجود قوات الجيش الجزائري التي كانت تستعد لدخول القاعة من أجل تحريرنا. ثم وقع تأمين سيرنا إلى مكان آمن بعيدا عن الاشتباكات المسلحة. لم أنتظر كثيرا وسارعت بالتواصل مع عناصر القيادة الميدانية للجيش وأخبرتهم إنني تونسي الجنسية وشرحت له جميع التفاصيل. 

قبل نقلنا إلى مدينة إيناميناس التي تبعد  حوالي ستين كلم عن العاصمة الجزائرية، تم عرضنا على الكشف الطبي وتلقينا كلّ الرعاية الطبية والنفسية اللازمة. بعد ساعات استوعبت إني أصبحت في مأمن من المجوعة المسلحة وصرت بيد قوات الجيش التي تعاملت معي بطريقة مماثلة لبقية الزملاء الجزائريين. كان من الضروري الإدلاء ببياناتي وشهادتي حول الحادثة المرعبة لفائدة فريق التحقيق التابع للوحدات الخاصة بالجيش الجزائري. ما استنتجه من عملية الهجوم المسلح، استهداف عمال ومهندسين من جنسيات أوروبية وأميركية، من اجل الانتقام من بلدانهم لعدة أسباب. 

س: كيف كانت العودة إلى تونس؟  

ج: خرجنا صبيحة يوم الجمعة من مدينة ايناميناس في اتجاه العاصمة الجزائرية. عندها اتصلت بي السلطات التونسية للاطمئنان (السفير التونسي في الجزائر والقنصل التونسي )، كما انّ الشركة التي اعمل بها لم تنقطع عن الاتصال بي والاستفسار عن حالتي وكذلك السلطات الجزائرية التي آمنت كلّ شيء من أجل الوصول إلى التراب التونسي. كما حظيت باتصال هاتفي من رئيس الحكومة حمادي الجبالي الذي اطمئن عن حالي الصحية والنفسية ورحب بعودتي سالما إلى أرض الوطن. أحس وكأنني عائد من الجحيم.

س: هل قررت مواصلة العمل في منشأة معالجة الغاز بتيقنتورين؟ 

ج: المهم أنا الآن بخير والحمد لله، فقط أريد أن أنعم ببعض الراحة مع عائلتي التي سررت برؤيتها مجددا وبيتي الذي لم أكن أتوقّع أن اعود إلية بالمرّة. ثم سأستأنف عملي مجددا لثقتي في الحكومة الجزائرية وقدرة قوات الجيش على حماية المنشآت النفطية وتأمين حياة العاملين فيها. 

س: تحدثت في التلفزة الوطنية دون الكشف عن وجهك. ومازلت تمتنع عن التقاط صورا لك، بماذا تبرر هذا؟ 

ج: أنا قررت الالتحاق بعد أسابيع بعملي في ذات الشركة، وهو ما سيتطلب مني السفر إلى الجزائر والصحراء، والكشف عن وجهي في الصور سيجعلني عرضة لعمليات انتقامية من طرف الارهابيين خاصة أن وسائل الإعلام المحلية تحدثت عن بعض تفاصيل الإفادة التي أدليت بها لفائدة فريق التحقيق التابع للجيش الجزائري.